الفصل الرابع

72.4K 2.7K 389
                                    

" لقد حررنى الله .. فليس لأحد ان يأسرنى "

خطت بساقها اليمنى المرتعشة تعبر الخط الفاصل ما بين الظلام والنور بتوجس كطفل صغير يخطو أولى خطواته بقدميه الصغيرة المهتزة ويخشى السقوط ، أو كالعاجز الذى طال قعوده ولم يعد يتذكر أين موطأ قدمه فمد ساقه على استحياء يتأكد أولاً من ثبات الأرض أسفله ، بينما عادت برأسها للخلف تنظر إلى أعلى حيث السماء الملبدة بالغيوم حاجبة عن أعينيها أشعه الشمس الذهبية ، قبل أن تطبق بجفنيها مستقبله قطرات الماء المتساقطة بخفة فوق وجهها وتتحسس بلسانها شفتيها متذوقة طعم الماء العذب والذى حُرمت منه أشهر طويلة بينما هبت ريح خفيفة داعبت وجنتها وأنفها محمله برائحة المطر الفاتنة الممزوجة برائحة الأرض ، أنها الجنة كما تخيلتها ومنتهى غايتها خلال الأيام  الغابرة  ، أما على الطرف الأخر كان يقف فى أستقبالها كلاً من شقيقها مصطفى وشقيق والدها فؤاد ، وغفران ، صديقتها المخلصة والتى أكتسبتها فى أيامها العجاف ، كان شقيقها هو أول من ركض نحوها يحتضنها بين ذراعيه الهذيلة والابتسامة السعيدة تملئ وجهه بالكامل ، أحاطته رحمة بذراعيها هى الأخرى فى حين بدءت دموعها بالأنهمار تأثراً بتلك اللحظة والتى طالما حلمت بها ، وبعد الكثير من عبارات الترحيب والامتنان والشكر همست متوجهة بالحديث لشقيق والدها الأصغر :
-(( عمى .. لو سمحت ينفع تاخدنى أزور قبر ماما ؟! )) ..

سارع شقيقها يجيب بديلاً عن عمه بأعتراض بعدما لاحظ ملامحها المنهكة :
-(( قبر أيه دلوقتى يا رحمة بس !! خلينا نروح البيت أرتاحى شوية وبعدها أنا بنفسى بكرة هاخدك ونروح نقرالها الفاتحة سوا )) ..

اجابته رافضة بهدوئها المعتاد بعدما ألتفت برأسها نحوه :
-(( معلش يا مصطفى مش هرتاح غير لما أزور قبرها .. عشان خاطرى أعملولى اللى أنا عايزاه )) ..

أطاعها عمها قائلاً بأستسلام :
-(( ماشى يا رحمة .. اللى تطلبيه رغم ان رأيى من رأيى مصطفى بس هعمل اللى يريحك )) ..

مدت ذراعها الحرة تحتضن كفه حيث كانت الاخرى متمسكه بيد شقيقها تخشى أفلاتها حتى لا يذهب بعيداًعنها ثم قالت بأمتنان حقيقى :
-(( ربنا يخليكم ليا .. أنتوا الحاجة الحلوة اللى باقيالى فى دنيتى )) ..

أحضتنها عمها هو الاخر محاوطاً جسدها بحماية ثم بدءا فى التحرك حيث وجهتهم التالية أما عن غفران فقد قررت العودة إلى منزلها بعدما قطعت وعداً بمهاتفة  رحمة فى المساء للاطمئنان عليها

****************

هتفت علياء مستفسرة من خلف باب غرفة والدها الموصد بينما كفها يطرق بخفوت فوقه :
-(( بابا .. حضرتك صاحى أدخل ؟! )) ..

أجابها والدها بصوته الحنون الأجش :
-(( تعالى يا تاج راس أبوكى .. أنا صاحى متخافيش )) ..

في لهيبك احترق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن