'' ثمة صوتٌ لا يستخدم الكلمات ..
فأنصِتْ ''
-جلال الدين الرومي.تعلقت عيناه بمقبض الباب يراقبه بأنفاس ثقيلة مترقباً أستدارته، يعد الثوانِ منتظراً خروج الطبيبة التى طلت متنهدة من خلف الباب الموصد بعد فترة من الأختفاء تخبره بشئ من الأرتياح :
-(( الحمدلله الأنسة بخير .. كانت نوبة ربو شديدة بس عدت )) ..تمتم من بعدها فى خفوت:
(( الحمدللــــ..... )) ..أنتبه لكلمتها كما أنتباهه لحاجته الملحة فى تحرير أنفاسه التى ظلت حبيسة داخل صدره دون وعى منه ، يتسائل متخبطاً ، هل قالت "أنسة" للتو أم تلك هواجس عقله البائس ! ، تحشرجت أنفاسه متسائلاً ومردداً من خلفها فى عدم تصديق ، راغباً فى توضيح أكبر يريح قلبه قبل عقله :
-(( أنسة ؟! )) ..طالعته الطبيبة أولاً بأندهاش ممزوج بأشفاق ثم قالت فى نبرة ذات مغزى :
-(( أيوة أنسة .. مرات حضرتك لسه بنت يا أستاذ طاهر .. وزى ما قلت هى نوبة ربو مع حمى عملتلها كل المشاكل دى )) ..توقفت أذناه عن العمل عند كلمة " طاهر" أسمه الذى نطقته كتهمة ، كتشكيك فى قدراته ، تجاهلها وتجاهل معها تلميحها المبطن وكل ما يليه من حروف ثرثر بها فمها ، فهو الان أمام حدث أكبر وأهم ، فرضية جديدة أطاحت بجزء من تحليلاته ومعتقده الراسخ والذى منذ لحظات مضت كان لا يقبل الشك ، جملة واحدة ، قلبت موازين ثباته رأساً على عقب وتركته مشوشاً ، مجبراً عقله على إعادة ترتيب المشهد من جديد بطريقة أوسع وأعمق من الأولى ، أراد التأكد منها ، التيقن أن قوقعة أذنه لم تخذله ولازالت تعمل بكامل كفائتها ، أما عنها هى التى كانت تراقب تباين ردود فعله ومشاعره المنعكسة بوضوح على ملامح وجهه ، يبدو أنها أخطئت تفسيرها فمالت نحوه هامسه على أستحياء :
-(( أستاذ طاهر .. لو فى مشكلة ما .. أتمنى بعد ما الأنســ .. قصدى مدام حضرتك تتحسن تزرونى فى العيادة )) ..حدجها بنظرة جامدة جعلتها تردف بعدما تنحنحت فى حرج :
-(( عمتاً حمدلله على السلامة .. أنا كتبتلها شوية أدوية تتاخد بأنتظام لحد مراجعة طبيب مختص فى حالتها .. أما عن البخاخ اللى عطتهولها .. فده وقت اللزوم بس .. وياريت تبعد عن أى أنفعال نفسى أو عضوى الفترة دى لحد ما الحالة تستقر )) ..أومأ برأسه موافقاً فى نفاذ صبر فأستطردت تقول وهى تمد يدها فى أتجاهه :
-(( أتفضل الروشتة .. ومش هأكد على حضرتك تانى .. مرض الأستاذة مزمن وخطير وأهماله ممكن يسبب توقف القلب ووفاة زى ما كان على وشك الحدوث من شوية .. فياريت تهتموا بيه أكتر وربنا معاكم )) ..سحب الورقة من يديها بجمود ثم اعطاها لمديرة منزله التى ظهرت جواره من العدم متسائلة فى قلق :
-(( طمنى .. خير ؟! )) ..
أنت تقرأ
في لهيبك احترق
Romanceما بين قدر نصبُ إليه ، وآخر يطاردنا هناك طريق محدد علينا السير به حتى نصل إلى غايتنا ، مسيرين كنا أم مخيرين لا يهم فالنتيجة واحده وفي النهاية سنقف في مواجهة أحدنا الآخر لنرى من منا سيحترق في لهيب الآخر أولا .