'' أقولُ أمام الناس لسـتِ حبيبتـي ، وأعرف في الأعماق كم كنتُ كاذبا
وأعلـنُ في شكل غبـيّ براءتـي ، وأذبح شـهواتي وأصبـح راهبـا
وأقتـل عطـري عامداً متعمـّدا ، وأخرج من جناتِ عينيكِ هاربـا
أقوم بدورٍ مضحـكٍ يا حبيبتـي ، وأرجع من تمثيـل دوري خائبـا
فـلا الليل يخفي لو أراد نـجومه ، ولا البحر يـخفي لو أراد المراكبا ''
-نزار قبانى .ماذا لو أتخذ الأن ، وتحديداً تلك اللحظة تاريخاً جديداً لميلاده ، ثم أستيقظ فى صباح الغد كالطفل الوليد ، بصفحة فارغة ، بيضاء كلياً ، دون ماضٍ مؤلم ، أو مستقبلٍ مبهم ، ووجد أن سنواتهِ العجاف قد أسمنت ، وأن زهرة عمرهِ الذابلة أيعنت ، وأن أفرع أيامه المائلة ، قد أزهرت ثمراً فوق الأشجار ، ثم أتخذ من جبهة سارقة راحة عينيه وطناً ، ومن أهدابها مخبأً ، ومن أنفاسها رئتاً ، ومن شعرها ليلاً ومن بسمتها نهاراً ، محرراً بتلك الفكرة ، شفتيها المشتعلاتان من بين خاصته ، ثم راح يتأمل بأنفاس متأججة حدقتيها الزائغتان فى جحريهما ، ونهر خصلاتها الأسود الثائر، المنساب فوق كتفيها ووجهها بعشوائية ، بفعل يده ، مشدوهاً ومبهوراً بحمرة وجهها ، وجرأته فى غزو شفتيها ، فأخر ما يعيه ، هو رغبته البائسة فى تذوق كرزتيها الناضجتين ، وما أن أكتملت الفكرة فى مخيلته ، حتى بادر جسده دون وعى منه العمل بأرادة منفصلة ، فى تنفيذ ما تمناه يأساً ، أما عنها هى " رحمة " فبعدما أستعاد عقلها جزءاً من رجاحته ، سارعت بدفع جسده من أمامها بكفيها المرتعشتين ، تفك حصاره من حولها ، قبل فرارها هاربة بساقيها الهلاميتين إلى حيث غرفتها تتخذ منها حصناً وملجأً ، مستندة بثقل جسدها فوق باب الغرفة ، بعدما تأكدت من غلقه خلفها جيداً ، تضغط بقبضتها المتكورة فوق مضغتها الثائرة ، إلى أن هدئت قليلاً وأستطاعت التنفس براحة ، بعدها توجهت إلى مضجعها ، تجلس فوقه بضياع ، وتفتح بأطراف أناملها دفترها السرى ، وتخط بأحرف مرتعشة حائرة
(( مذكرتى العزيزة :
هناك شئ خطير ، خطير للغاية يحدث لى ، أخشى التفكير به ، الأستماع له ، أو الألتفات إليه ، حتى أننى أخشى تدوينه ، شئ يذكرنى بواحدة من قصص الأطفال الخرافية ، حيث أعتادت والدتى ألقائها كل مساء فوق مسامعى ، عن تلك النعجة الساذجة ، التى وقعت فى حب ذئبها الوديع ، بعد أن ألقاههم القدر فى طريق أحدهما الاخر ، وعلى عكس طبيعتهم المتناقضة ، أتفقا على تجاهل هويتهم المعادية ، والبقاء على صداقتهم التى تشكلت خلال ليلة واحدة ، والمحاربة للحفاظ على مشاعرهم المتنامية ، وما لم تأخذه النعجة الصغيرة فى الحسبان ، هو أصابة ذئبها فى حادثه ، فقد على أثرها ذاكرته وكل ما يتعلق بها ، ووقتما سارعت بالذهاب إليه ، غلبته غريزته الباقية ، وبينما كانت الشاه الصغيرة تقف أمامه بثقة شعوره نحوها ، كان يخطط هو لأسرها داخل مملكته لألتهامها ، حينها تأكدت صغيرة النعج من فشل محاربتها ، وأن مهما جمعتهم من مشاعر أو أشياء مشابهة ، يبقى الذئب ذئباً ، وتبقى هى الصغيرة الضعيفة ، الوحيدة المتضررة )) ..
أنت تقرأ
في لهيبك احترق
Romanceما بين قدر نصبُ إليه ، وآخر يطاردنا هناك طريق محدد علينا السير به حتى نصل إلى غايتنا ، مسيرين كنا أم مخيرين لا يهم فالنتيجة واحده وفي النهاية سنقف في مواجهة أحدنا الآخر لنرى من منا سيحترق في لهيب الآخر أولا .