يمكن لأي شخص أن يختارك في توهجك، لكني أنا سأختارك حتى حين تنطفىء
تأكد بأني وإن رأيت النور في غيرك سأختار عتمتك.-شمس الدين التبريزي.
في حياة كل منا هناك سنوات عجاف، تتعاظم على قلبك بها المصائب، وتصارع بها روحك الصعائب، تفقد بها العزيز ويأتيك الغدر من أقرب الأقارب...
ثم تمضي مسيرتك مثقل الكاهل في فترة مرهقة تسمى بـ"الابتلاء"، مليئة بالخير ولا يفوز بها سوي السعداء
وتسمي تلك الهبة بالـ. "العوض"....
العوض هو الشيء الوحيد الذي يستحق الصبر، في الحقيقة هو الشعلة المضيئة في آخر طريقنا المظلم، وهو النفق الذي ينتهي به دربنا المعتم، هو تلك الهبة القادرة على شفاء الروح والأبدان، وصرف كل ما أصابنا من غموم وأشجان، فالله بعباده رحيم، وإن أراد لهم الخير، أغدقهم بكل ما هو عظيم، كل ما يتحتم علينا هو الرضا، حتى يكافئك الغفور الكريم...نطقتها بابتسامة مرتعشة ثم صمتت في رهبة وكأنها تُجبر عقلها على التصديق رغم علمها المسبق بالنتيجة، ولكن التوقع شيء والتأكد نعيم أخر، ارتجفت ووصلت ذبذبتها إلي أعماق روحه فارتجف في المقابل وقد ألجمته صدمة الخبر المدوية، كل ما راح يفعله هو تمرير عدستيه الزائغة بين وجهها وأسفل بطنها، بينما انفرج فمه في بلاهة حيث قُبضت رئتيه فأخذ يتنفس منه كبديل لإتمام أهم عملياته الفسيولوجية، وحذا حذو رئتيه باقي أعضاء جسده، فحتى عضلات وجهه أخذت تنبسط وتنقبض في عنف دليل على ما يمر به من جنون المشاعر....
بينما ترقرقت عدستاه بدموع الارتياح، يكاد من فرط الانفعال ينهار أرضًا وقد اُستجيبت دعواته حَقًّا!...
رفع رأسه ينظر إلى الأعلى في امتنان غمره من خصلات شعره حتى أخمص قدميه، ومن قبل تغمد روحه وفكره المعذب، وقد أُزيل عن كاهله ما أرّقه لأشهر طويلة والآن عليه الاعتراف بسوء ظنه في خالقه بل والتوبة إليه..
فمع مأساة زواجه الأول وبعد اكتشافه الفخ الذي نُصب له وسار هو إليه بكامل إرادته رفض رافضًا تَامًّا إنجاب أي طفل منها قد تشاركه صفاتها ويحمل طباعها، حتى أنه أخطأ وفي لحظة ضعف دعا الله أن يحرمه الذرية كي لا يربط بينه وبينها أي عامل مشترك، ثم ندم بعد ذلك أشد الندم على حماقته وبقيت ذكرى دعاء السوء تُعذب روحه، وقد تفاقم إحساسه بالقلق والندم بعد اجتماعه ب"رحماه"، وصار كل ما يخشاه أن يُحرم من الأبناء كما تمنى ودعا من قبل، ولكنه رب رحيم، أكرمه ومنّ عليه دون تأخير...
أما بالنسبة إليها وعندما لم يأتيها أي رد فعل منه ومع ملاحظتها تشنج جسده بالكامل، همست تقول اسمه وهي تقطع المسافة الفاصلة بينهم، بينما يدها لازالت تقبض على جهاز اختبار الحمل وكأنه كنزها الثمين :
-(( طاهر؟! ))..أخفض في بطء رأسه يواجهها بعيون تتلألأ بالعبرات الشفافة، يفتش داخل وجهها عن التأكيد وكأنه غير قادر على التصديق، فهمست من جديد تقول في تفهم ونبرة مشجعة :
-(( حبيبي أنا حامل ومن فترة كمان ))..
أنت تقرأ
في لهيبك احترق
Romanceما بين قدر نصبُ إليه ، وآخر يطاردنا هناك طريق محدد علينا السير به حتى نصل إلى غايتنا ، مسيرين كنا أم مخيرين لا يهم فالنتيجة واحده وفي النهاية سنقف في مواجهة أحدنا الآخر لنرى من منا سيحترق في لهيب الآخر أولا .