الفصل الثانى والعشرون

71.8K 2.6K 651
                                    

‏" فلما تلاقينا وقد طال صدُّنا
صمتنا طويلًا والعيون نواطقُ

فكم من كلام ظلَّ في القلب كامنًا
وكم من عيونٍ بالكلام سوابقُ " .

فى نهاية هذا الطريق المجهول ، والذى يسيران داخله بكامل سرعتهم ، ومن دون هدى ، سيجد نفسه أمام أحتمالين لا ثالث لهما ، أحدهما يجعل الأدرينالين يندفع إلى سائر جسده حماساً ، والأخر يرفض عقله رفضاً باتاً حتى التطرق إليه ، بل يظل يدفعه عائداً إلى تخيل السيناريو الأول ، وما يجب عليه فعله وقت رؤيتها ، فهل يظل واقفاً مكانه أم يركض نحوها ، هل يخبرها بكم الذعر الذى عايشه خلال الأثنا عشر ساعة الماضية فى غيابها ؟! ، أم يومأ برأسه فى تحية بسيطة ويأجل أى أعترافات لوقتً أخر ؟! ، هل يخبأها داخل أحضانه وبين أضلعه ؟! ، أم يكتفى بأبتسامة مقتضبة خالية ؟! ، مئات المشاهد والأفكار ، قفزت إلى مخيلته وأحتلت تفكيره ، حتى وجد نفسه يقف أمامها ، معمياً عن حالها بجذوة الغيرة ، التى أوقدها داخله منافسه بأقترابه منها ، ولم ينتبه إلى جسدها المرخى ، وحالتها المذرية ، إلا بأبتعاد الأخير عنها وطلب قريبه القلق :
-(( طاهر شوف رحـــ..... )) ..

خطوة واحدة ، كانت مجمل الحركة التى خطتها ساقيه فى أتجاهها ، أما ما تبقى من طريقه ، فقد قطعه زاحفاً على ركبتيه ، بعدما هوى جسده أرضاً منهاراً أمام بدنها الشبه مفارق للحياة ، هاتفاً برئتين تكاد تنفجران من شدة الأختناق والرعب ، بعد أن ضم جسدها الساكن بين ذراعيه :
-(( رحمة !! .. رحمة أفتحى عينيك )) ..

تلمس بكفه المرتجف فى إيقاع متزامن مع مضغتة الشمالية الثائرة ، بعدما حرر عينيها وفمها المُكمم ، جبهتها المشتعلة ، هبوطاً إلى أطرافها الباردة ، مستأنفاً فى طريقه إنهاء تكبيل ذراعيها هى الآخرى ، قبل أن يخرج من جيب سترته الداخلى رذاذاتها الطبية ، يدفع مرة بعد مرة السائل إلى داخل فمها متمتماً ومتوسلاً بعجز :
-(( رحمة أفتحى عينيك .. عشان خاطرى أفتحى عينيك .. جبتلك الدوا معايا .. أفتحى عينيك !! .. أنا معاكى )) ..

واصل الضغط بهيستيريا فوق مكبس البخاخ الطبى الموضوع داخل فمها حتى أنهى المحتوى بأكمله ، بعدما خلع سترة بذلته ودثرها بها ، ضاماً جسدها الغير مستجيب إليه ، فى محاولة منه لبث الدفء إليها ، مغمغاً بهلع :
-(( أبوس أيديك أفتحى عينيكى .. أنتى لأ .. متسبنيش زيهم .. مينفعش تسبينى )) ..

صرخ بعجز عندما لم يصله أى إجابة منها ، فى جواد الذى أنشغل بمحاصرة عدوهم وتلقينه درس :
-(( جـــواااااد !! .. رحمة مبتفتحش عينيها .. ونبضها ضعيف .. بتروح منى أعمل أييييييييه )) ..

صاح الأخير يقول مستنكراً بلاهته بلهفة :
-(( مستنى أيــــه !! .. أطلع بيها على أقرب مستشفى )) ..

في لهيبك احترق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن