لاَ تَحْسَبَنَّ الْهَوَى سَهْلًا ؛ فَأَيْسَرُهُ
خَطْبٌ لَعَمْرُكَ لَوْ مَيَّزْتَهُ جَلَلُ
يَسْتَنْزِلُ الْمَلْكَ مِنْ أَعْلَى مَنَابِرِهِ
وَيَسْتَوِي عِنْدَهُ الرِّعْدِيدُ وَالْبَطَلُ ._محمود سامي البارودي .
يقول العارفين أن العين مرآة القلب ، ففي أنعكاس حدقتيها نرى مكنوناته الخفيه بوضوح ، ويؤكد العلماء بأن العين صورة العقل ، ومن خلالها نستدل على ما فى الوجدان دون الحاجة إلى البوح ، بينما يظن الشعراء أنها دلالة على ما تشتهيه الروح ، أذاً ، فماذا لو أتفق ثلاثتهم ؟! ، القلب والعقل والروح ، مباركاً البصر تحالف البصيرة ؟! ، هل تعتبر إشارة كافية على ما تجاهلته لأيام ؟! أم يجب عليها أنتظار المزيد ؟! ، ضغطت فوق عينيها بقوة هاربة من صورته التى حاصرتها ، فهى حقاَ جاهلة فى أمور الحب ، لا تعلم ولا تدري عنه ، وأن سألها عابر سبيل عن تعريفه ، ستتعلثم وتحتار ، ولن تخرج بأجابة واضحة ، كافية ، شافية ، أما الأن وبمجرد التفكير بماهيته فلا يمكنها ألا أن تراه يقفز متجسد بأدق تفاصيله ، عندما تغلق الأجفان ، وحتى بعدما فتحت عينيها بفزع عندما لطمتها الحقيقة المفاجئة متمتمة بذهول :
-(( مينفعش .. صح .. مينفعش )) ..لم تكن الوحيدة المندهشة فى الغرفة فلقد شاركتها غفران تعجبها عندما رفعت رأسها تسألها بتوجس ضاغطة على أحرف سؤالها الأستفهامى :
-(( أنتى قلتى مين ؟!!! )) ..حركت علياء رأسها يميناً ويساراَ كأنها تفتش عنه فى الأركان قبل أن تستأنف هذيانها مغمغمة بضياع :
-(( اللى بعمله ده غلط صح ؟! )) ..رفعت عينيها تناظر الواقفة أمامها وتحدق بها بأعين خاوية ، ثم أردفت تقول بهمس مبحوح :
-(( مينفعش أخدعه صح ؟! .. مادام عرفت مينفعش )) ..فتحت غفران فمها وأغلقته مرة وأثنان وربما عشرة ، تحاول القبض على صوتها الهارب لأسدائها نصيحة ستقلب موازين العائلة رأساً على عقب ، مقاطعاً شجاعتها عندما همت فى الحديث ، طرقة خفيفة فوق باب الغرفة يليها صوت ذكورى أجش يمتاز برنة جذابة ، يسأل من خلف الباب المغلق فى وجهه :
-(( علياء .. أنا أستأذنت بباكى أطلع أسلم عليكى .. لو سمحتى ينفع أدخل ؟! )) ..شهقة خفيفة صدرت عنها بمجرد سماعها صوته ، جعلت غفران التى بادرت بالتحرك لأعطائهم المساحة الشخصية الكاملة تلتفت عائدة إليها مرةً أخرى ، تتأملها للحظات والشك يتوغل بداخلها خاصةً وهى ترى نظرة الأخرى وملامحها الشاحبة ، وكأنها تستجديها بنظرة عينيها الصامتة أن تجد حلاً لمعضلتها ، فأومأت الأخيرة برأسها مشجعة ثم أنسحبت للخارج بعدما فتحت الباب على مصراعيه مرحبة بالضيف الغائب ، وبعد تأكدها من دخوله وخلو الممر من حولها ، سارعت تُخرج الهاتف بنية مهاتفته منتظرة أجابته بلوعة كمن يقف على جمرات من اللهب ، وبمجرد سماعها الأجابة قادمة من الطرف الأخر ، هتفت تسأل بريبة :
-(( يحيى .. هسألك سؤال وتجاوب عليا بصراحة .. أنت فى حاجة بينك وبين علياء أخت جواد ؟! )) ..
أنت تقرأ
في لهيبك احترق
Romansما بين قدر نصبُ إليه ، وآخر يطاردنا هناك طريق محدد علينا السير به حتى نصل إلى غايتنا ، مسيرين كنا أم مخيرين لا يهم فالنتيجة واحده وفي النهاية سنقف في مواجهة أحدنا الآخر لنرى من منا سيحترق في لهيب الآخر أولا .