أزمة ثقة

6.1K 175 19
                                    

الفصل الأول

دعونا نسافر شمالًا، نسير أميالاً ، نتوقف أحيانا و نستمر أحيانًا أخرى، حتى نصل في النهاية إليها !

إلي عروس البحر الأبيض المتوسط، العروس ذات الدلال!

الدلال فقط ؟؟ كلا بل ذات الدلال و الكبرياء كذلك !

هناك في منزلها الجديد، تجدها قابعة على كرسيها الوثير متمددة ، يهتز بها للأمام تارة و إلي الخلف تارة بأريحية، لكن عقلها بعيدًا عن الراحة كل البعد.

في الواقع الكرسي كان هديتها المفضلة منه، تستريح بفضل تصميمه من أعباءها ، ابتسمت بخفة إذا علم أنها تستغل هديته لتتأمر ضده سيصعق بالتأكيد! لكن ماذا تفعل ؟ هي أبدا لا تريد العودة لتلك المدينة بكل مآسيها و ذكرياتها العفنة . لقد تحججت حتى الآن بذريعتين خلال الأسبوعين الفائتين، فماذا ستفعل بعد ؟إن لم تكن حجة مقنعة قاطعة، سيصدق أنها أعذار واهية ليس أكثر، و بعدها قد يظن أنها مازالت لا تثق به و قد يعودا ليدورا في نفس الطاحونة بدون أمل في الخروج .

فماذا تفعل ؟! بالله ماذا تفعل ؟

بينما تغوص في ذكرياتها، لمست يد كتفنا الأيسر، فانتفضت على الفور دونما إرادة منها !

نظر وائل لها بخيبة، بينما عيناه تفيض بالوجع.

إلي متى ؟ لو فقط يعرف متى تنتهى العقوبة ؟ و يحصل على الصفح ; لصبر! مر عامان حتى هذه اللحظة و لا يبدو هناك أمل لقرب حصوله على صك الغفران .

أدار رأسه يخفى عتاب عينيه من كبريائها الذي قضى على صبره، ثم هتف :..

-جهزي نفسك هنسافر خلاص خلال يومين ؟ قدمتي على أجازة؟ هنعتبرها فسحة جنب الشغل تمام ؟

لعنت غبائها، ماذا تفعل مع كبريائها الغبي و جسدها الأغبى منها الذي يتعاون معه دون أخذ رأيها في عين الاعتبار ! و ماذا فالأمر لقد تعذبت ثماني سنوات لا ضير من تعذيبها القليل من الوقت !

القليل من الوقت !! عامان تطلق عليهما القليل من الوقت !

لا فائدة رباب ستبقى كما هي رباب أبدًا لن تتغير !

ابتسمت بسخرية على جملته الأخيرة ! نزهة ! هذه أبدًا لن تكون نزهة بل كربة تدعو بكل جوارحها كي تنزاح :..

-معنديش أجازات خالص مش هينفع .. نأجلها شوية و خلاص .

و يبدوا أن وائل فهمها لعبتها هو الأخر، فابتسم بسماجة هاتفا :..

-مش مشكلة يا بيبي ..بدلي زي زمان في مستشفى القاهرة و أكيد دكتور ممتاز مش هيرفض .

كزت على أسنانها و تمتمت بسخرية :..

-بيبي .. قال بيبي قال ..

تركها واقفة مكانها في الشرفة لتعود لكرسيها الهزاز ، و ذهب ليعد نفسه للمغادرة جالبًا مفاتيحه و نظاراته الشمسية من على الطاولة التي تجاور الباب، تذكرا أمرا ما فأجلى من صوته حتى تسمع :..

أسطورة البطل بقلمي أسماء علامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن