كبرياء و عناد

1.8K 113 16
                                    

الفصل الخامس و العشرون
كبرياء و عناد
انطلق حازم كالسهم يبحث عنها و قلبه يخفق بجنون و دموع تنزل على وجنتيه دون أن يشعر بها!
بكى من اجل امراة يزعم أنه لا يحبها؟ ماذا لو كان يحبها إذن؟؟
وصل المكان الذي اخبرن حاس الأمن أن سيارة الأجرة سلكته..
و يحاول معاودة الاتصال بها و قلبه يدعو بخشوع ان يجدها بخير و سلامة.
ترجل من السيارة يبحث عن اي دليل فهذا المكان الخالي من البشر في التلك الساعة .. ركض في الأزقة الضيقة بسرعة يبحث .. اوشك على الانتهاد و كاد يركب السيارة ليحاول البحث في مكان أخر ..
فجأة سمع صوت نشيج خافت بحث عن مصدره حتى وجدها مختبىة خلف احد حاويات القمامة .. تحاول إخفاء نفسها و تضم جسدها بذاعيها و بدنها كل يرتعش و يختض بالبكاء..
في ثانية كان جثى بركبتيها أمامها و سحق أضلعها بعناق اطمىن به هو أكثر منها .. كانت تبكى بقوة و قلبها يخفق من الرعب وقلبه هو يثبث داخل أضلعه بجنون و كانها ضل وجد أخيرا المرسى.. و لسانها يردد "الحمد لله"
ابعد وجهها قليلا عن صدره بينما يضمه بكفيه هاتفا بقلق:.
-انتي كويسة؟؟
اومأت برأسها و دمعها يتساقط .. و قبل ان تتفوه بحرف هتف هو بلهفة:..
-مش مهم اي حاجة دلوقتي .. أنتي بخير دا كفاية حاليا..
وقبل ان تعترض حملها بين ذاعيه نحو السيارة، اسكانت بين يديه و يديها تلتف حول رقبته و تدفت رأسها في صدره..
لا تصدق أنها كانت كانت ستتعرض للاختطاف للمرة الثالثة لولا ستر الله و الصاعق الكهربي الذي كانت تحمله في حقيبتها!
*****************
-خير يا أسامة؟؟ مالك ؟؟
وقف أسامة ينظر لها بتفحص و ظهره يستند للطاولة التي أمامه ..من هذه الذي امامه و تتعامل بكل هذا البرود؟ لا مريم عدوته .. و لا مريم صديقته .. و مريم الفتاة الشجاعة التي أحبها؟؟ فمن تكون؟!!
-انتي مش شايفة إن فيه أي حاجة؟
جلست على الاريكة بتعب قبل تردف بهدوء:.
-بصراحة لأ ... محصلش حاجة خالص تخليك شغال ع النغمة دي..
اقترب منها مستندا على مقعد الاريكة، اقترب وجهه من وجهها حد الخطر قائلا بجمود يستتر خلفها الكثير من العصبية..
-هي دي المشكلة؟ مفيش حاجة .. مفيش حاجة خالص بتحصل.. الناس ماشية واحنا محلك سر .. مفيش بنا أي شيء نهائي!! وانت بتخرجي و لا بتقوليلي و لا كأني جوزك.. بشوفك بالقطارة .. و كل تصرفاتك من دماغك... مفيش اي احترام ليا و لا كاني موجود..
-انا كدة يا أسامة و أنت عارف و كنت عادي معندكش مشاكل..
استقام هادرا بانفعال:.
-لا طبعا فيه فرق كبير .. زمان كنا زمايل و صحاب مليش أي حقوق عليكي إنما دلوقتي انا جوزك .. ليا الف حق.. و لا أنتي مش عارفة الفرق ده نقطة و من أول السطر .. نقطة و من أول السطر يا مريم .. كفاية اني عديت كلامك الغبي عن انك مش عايزة حمل بمزاجي .. اكتر من كدة اقسم بالله رد فعلي ما هيعجبك أبدا!!
وقفت في مواجهته هاتفة:..
-أنا قولت ناجل بس مقولتش مش عايزة اخلف بس انت اللي مسبتليش فرصة أكمل .. طفل ايه يا أسامة؟ ناس بظروفنا تخلف زي هربي إزاي و نهتم إمتى؟ و لا اصل نقدر نحميهم!!
-طبعا انتي مش عايزة حاجة تعطل نجاح مريم حجازي الأسطورة .. مريم العظيمة تخلف و تسيب الشعل تهتم بأولاد زي اي ست..
-اسيب الشغل قول كدة .. انا كنت صح يا أسامة؟ انتي عايز مريم الصديقة اللي بتريحك الشجاعة اللي تقف في ضهرك بس في صورة مريم ست البيت اللي تربي العيال و تطبخ و تمسح ..
-وفيها إيه؟ فيها إيه؟؟ ما كل الست بتربي و تهتم .. ما فداهية الشغل اللي مش مناسب ليكي اصلا..
-ميفعش يبقى عندك كل حاجة يا سيادة الرائد ..... إلا الشغل يا أسامة .. و دا ابدا مش طلب؟؟
قالت جملتها الأولى بسخرية و الثانية بتهديد.. نظر لها باحتقار ثم قال بخيبة أمل:.
-كانت ديما بسأل نفسي .. إنتي اتجوزتيني ليه؟ لحد ما دلوقتي فهمت .. انتي كمان كنتي بتدوري عالكمال .. الصداقة و الشغل و رضا جدك و النجاح و الحرية وانا كنت وسيلة لده .. يخسارة يمريم!! كنت حاسس بأمل إن حبي ليكي يكون نار و عشق متبادل .. بس ..
لم يتابع جملته و تركها غامضة لتترجمها هي في عقلها قبل أن يغادر الشقة صافعا الباب خلفه..
...........
فركت مريم رأسها بتوتر بعد أن حررت شعرها القصير، أخذت تفرك رأسها تحاول تهدئة الصداع الذي ينخر رأسها بقوة و هزت قدمها بعصبية و أخذت تعد الارقام حتى العشرة .. لكن توترها زاد قاومت حتى لا تأخذ شريط المنوم بأكملها و كان هكذا ستحل مشاكلها بالنوم ..
اتصلت بالرقم السابق مجددًا هاتفة بعصبية:..
-الله يخدك يا شيخة .. أنتي مجنونة و انا متخلفة إني مشيت وراكي يا دكتورة المجانين إنتي!!
ضحكت رباب من الهاتفة بصخب قبل ان تقول باستفزازها المعتاد:..
-متعودة ع الكلام دا مجبتيش حاجة جديدة يعني؟؟
-ربااااب زفت ... عايزاااة انااااام .. دماغي هتنفجر ..
-منمتش بقالك أد إيه؟؟
-من ساعة اخر مرة كلمتك.. بغفل احلم بكابوس و اصحى .. هتجنن فعلا لو فضلت كدة؟
-نفذتي تعليماتي كلها !!
-ايوة!بس بلا نتيجة بصي هاخد قرص واحد.
هتفت رباب بتحذير:.
-مريم! انتي دلوقتي سرقاكي السكينة مس حاسة بالمشكلة اللي اثرت عليكي .. أنتي حياتك ماشية بالقهوة و المسكنات ... جهازك العصبي هيتدمر.. خولي تمشي ع تليمات قهوة يوك " لا" مهدىات منومات يوك .. ممكن مرة واحدة شاي ف اليوم بس شاي اخضر .. و هدي نفسك وطمني نفسك انا في حضن جوزي مش هيحصل حاجة .. زي ما فهمتك!!
-مش هعرف .. اتخنقنا و سبلي البيت!!
-حقه الله يكون ف عونه..
-نعم!!
-قصدي معلشي ربنا يرجعوا بالسلامة .. كلمينى بكرا سلام دلوقتي .
اغلقت رباب الخط .. فارتمت مريم على الأريكة تدفن وجهها ف الوسادة!
.............................
-الله الدور تحفة يا عصام اوي .. ذوقك يجنن!!"
ابتسم لها بصفاء ثم قال:.
جهزي نفسك مسافرين ف طايرة الفجر .. خذت اجازة و فضيلك ..
صفقت بريهان بيديها بجزل و هي تشعر انها سعيدة سعيدة جدا بحب رجل كهذا!
"في كلام مهم عايز اقولهولك جوا..
لم تفهم غايته الخبثة فشعرت بالتوتر و سألت:.
-خير حصل حاجة؟
تصنع الجدية قائلا:
-و انتي على بالك حاجة .. دا حصل و حصل وحصل..
اثنان و ثالثهما الحب.. و لا شيء غير الحب!
..........................
في شقة حازم الجديدة،،
جلست جنى على الأريكة، حرر لها حازم شعرها و جلب لها العصير من المبرد و ناولها إياه بيد و اليد الأخرى تمشط شعرها البني القصير بحنان، جعله تشربه كله ثم سألها بوجل:.
-هاه أحسن دلوقتي؟
اومأت برأسها و همست برغبتها في أن ترتاح،  أدخلها غرفتها و اجلسها على الفراش .. و تركها تنام وجلس هو جوارها يمسد شعرها و ينظر لها بحنان..
..........................
دخل حسين غرفة مكتب محمد متسللًا حتى لا يشعر به أحد.. الغرفة منتظمة بترتيب كما اعتاد هو أن يفعل اثناء حياته، جلس على الكرسي و اخذ يتأمل المكتب بعينيه و يتلمسه بيديه.. الكتب الذي كان يفضلها و كانها مازالت تعبقى براىحته المسكية.. لما على الأشياء الجميلة ان ترحل باكرًا!!
دمعت عيناه و هو يرفع كتاب تفسير القرآن العظيم لابن كثير -هذا الكتاب بالذات كان محمد يحبه كثيرا و يقرأ فيه كثيرا ..
و اخرج كتاب اخر ف الأدب الشعري الجاهلي فتحه حسين ولاحظ بعض الابيات المفضلة لمحمد مزينة بلون هاديء..
اخرج أخر كان راوية لإحسان عبد القدوس..
ذوقه المختلف الفريد الهاديء الذي طالما سخر منه .. آه لو يعود فيخبره أن ذوقه فريد يشبه شخصه النادر المحب!!
لكننا لا ندرك قيمة الأشياء إلا بعد فوات الأوان!
"بتعمل ايه هنا يا حسين"
"""""""""""""""""""""""
على الهاتف بين عصمت و عزة.
-هو انتي قريبة عيلة حجازي من قريب و لا من بعيد .. اصلك مش شبهم خالص!!
ارتبكت عزة و لم تعرف ماذا ترد لكنه تابع:.
-تعرفي إني كنت هخطب مريم؟
-ايييه؟!!!
-اه بصراحة ذكية و مهذبة و شجاعة بس محصلش نصيب .. اضايقتي؟
-أنت على طول صريح كدة؟
ابتسم حسن بصدق و قال:.
-على طول.. مبحبش اللف و الدوران .. و الكذب .. بحب أكون واضح للشخص اللي قدامي و هو كذلك ..
ازدردت ريقها بتوتر و سألتها لغرض ما:.
-طب لو حد خبى عليك حاجة تاخد نفس فكرة الكذب..
-طبعا يا عزة .. اسمى تجميل ..تخبى .. تلفي .. تتدوري كل ده عندي تحت مسمى الكذب!
صمتت و لم تجد إلا الصمت..
فاي كلام قد يقال بعد ما قاله؟؟ ملذا سيفعل بعد ان يعرف انها ليست تقرب من تلك العائلة من بعيد او قريب!!
ما كان عليها ان تحلم بالحب و تفرد جناحيها حتى تصل للقمة و منها إلي أسفل سافلين!!
....................................
استيقظت جنى على كابوس بشع فأنقذها منه حازم بحنان..
-حازم انا تعبت أووي .. مش ممكن ابقى هتخطف ٣ مرات .. هو انا فيا مغناطيس للخطف؟؟!
لولا دموع عينيها لظنها تمزح .. مسح دموعها و سألها عما حدث فسردت له كيف ركبت سيارة أجرة عندما لم يسمح لها بدخول مكتبه، لم ترتب لشيء ف البداية لكنها لاحظت أن السائق يتخد طرق غريبة عنها، و كيف انتهزت فرصة توقفه لبرهة لتصعقه بالكهرباء و تركض بلا توقف إلي حيث وجدها ف النهاية.
قبل رأسها فور أن انتهت و قال باعتزاز متغلبًا على كبرياءه الحقير كقول أمه:.
-انا آسف دا حصلك بسببي.
نظرت له بعيونها البريئة كبيرة الحجم نسبيا، تنظر له بهيام فتزاد في حبه عشقًا!!
تأمل وجهها الصغير بافتتان و خصوصا طابع الحسن في ذقنها و كأنها المرأة الوحيدة في الكون..
و فجأة انتقلت القبلة من جبهتها لخدها ثم خدها الأخر ثم ثغرها .. ثم ...
وقع المحظور و احتضنت القلوب المحبة بعضها و لا عزاء لكبرياء أبله يظن نفسه متغلبا على قلوب تعلقت ثم عشقت فالتحمت..
فهل للكبرياء و العند رأي أخر..
"""""""""""""""""""""
استيقظت جنى من نومها خجلى جدا .. لم تجد حازم جوارها فحمدت الله سرًا لم تتصور أبدً ان تصبح زوجته قولا و فعلا ..
لكنها تحزم أنها فعلا تهيم به عشقًا..
انتظرته طثيرا أن يأتي لكنه تأخر فهتفت لنفسها بمرح:..
ايه معقول بيحضرلي فطار رومانسي و هيفطرني ف السرير .. شكله مرهف المشاعر وأنا اللي كنت ظلمها..
و الدقاىق توالت و لم يظهر، تسلل القلق لقلبها فنهضت بسرعة اغتسلت و ارتدت قميص نوم وردي و روب طويل جدا و خرجت تبحث عنه فلم تجده .. لم تجده في الشقة بأكملها..
جلست على الأريكة هامدة الجسد.. تنتظر و تنتظر !!
ساعة تلت أخرى .. فثالثة ورابعة!
عادت إلي فراشها بقلب مهزوم و دموع تتسابق على الجفون .. رمت نفسها فوق فراشها تنعى عروسا ابدا لن تهنأ مع عريسها!
ارتحت يا قلبي! نمت قرين العين و تركتنى مجروجة و مهانة .. مهدرة الكراكة مكسورة الخاطر!!
للأسف لقد انتصر كبرياءه و عناده على قلبه!!
""""""""""""""""""""""
-هدرب الدفعة الجديدة يا فندم .. مش غريبة ؟؟؟
-لا مش غريبة .. قررنا إنك هتكوني مسئولة مع مجموعة من الأساتذة عن اختبارات و تاهيل الدفعة الجديدة من طالبات الكلية العسكرية!!
صاحت مريم بتعجب:.
-طالبااااااااات!!!
-ايوة طبعا .. بالتوفيق يا مقدم مريم انصرف.
و في داخلها بدأت تندب حظها.... طالباات!!!!!!
توقعاتكم بقلمي أسماء علام 

أسطورة البطل بقلمي أسماء علامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن