جلست بالصالة بوجل تتأمل جلسته المهيبة فى صمت مقدس فوق مقعد خشبى بالشرفة يلفحه هواء الشتاء القارس دون أن يرمش .. شعرت بالبرد يغزو اوصالها لرؤيته فقط ومتابعة حركة أفرع الأشجار حولها ، وهو كصنم لا يشعر غافلة عن ناره الداخلية الحارقة .. يحتاج الهواء البارد عله يضفئ احتراقه .. مهانة ومذلة لم يشعر بها يوما .. حتى يوم علم بما فعلته امه وابنة عمه لم يشعر بهكذا مهانة .. خيانة اجل لكن مهانة !! .. احتقرته .. استصغرته ووضعته بمكانة وضيعة تليق بفعلته .. واجهته بحقيقته التى غفل عنها فى نوبة جنونه العاتية بالحب كما قال .. وكما أجابت ببرود ثلجى
" امثالك لا يعرف الحب"
تذكر حين دخل عليها كيف وجدها جالسة بشموخ كعادتها وزاد عليها كبر وترفع كملكة تواجه عبد .. تقريع وتوبيخ بهدوء وبرود أشعل كل خلية بجسده عاجز عن صدها لأنها للأسف .. لم تخطئ بحرف .. خان الأمانة وطارد طفلة بعقل اجرامى مُحنك حتى ورطها به .. أفكاره سحبته ليورطها ثم يعلمها كيف تحبه .. لم تنفك تهينه وتذكره بكل أفعاله المشينة من ابتزاز وتهديد وسطوة عليها .. أغلق عيناه بألم يتذكر تهديدها له لينساها .. كيف ينساها وهى تسللت لروحه وكيانه كله ! .. مرض استوطن خلاياه واستئصاله يعنى موته .. سارة مرض قبِل به ولا قِبل له بهجره .. زفر أنفاس بركانية بفعل نيران صدره المشتعل منذ مواجهته للقاسية عديمة المشاعر التى امرته بالابتعاد ببرود وكأنها تنهاه عن شرب الماء .. بقدر بساطته بقدر تعقيده .. يحقد عليها ويكرهها وفى الوقت ذاته يتفهم شكوكها بنواياه .. هو نفسه أصبح يخشى نفسه .. يخشى اقترابه منها ورغبته الملحة فى امتلاكها .. يؤلمه انها ليست له .. ليست باسمه .. ليست موسومة برائحته وختم شفاه فوق كل انش بجسدها .. وهى بريئة بغباء لدرجة عدم فهم ما يُعتمل داخله من حرب نفسية يخوضها كل ثانية بقربها ليعيدها ولا يخطفها لنفسه ويخفيها للأبد .. اغمض عيناه يشعر بلسعات الهواء البارد المحمل برذاز المطر فوق جلده .. رذاز خفيف يلطف من ناره المستعره .. عليه الإبتعاد لأجلها هى .. الإبتعاد لعدة ايام حتى يعيد ترتيب أفكاره وتفنيد اوراقه من جديد .. اخذ خطوات أخرى ليعيدها .. فتح عيناه تلمع بقوة وإصرار يرويهم المطر .. معرفة رؤية بالأمر لا تهمه فهى بطريقة او أخرى كانت لتعلم .. بل هو بنفسه كان ليُعلمها ويُعلم الجميع بعشقه لها .. الخطوة القادمة عليها ان تكون حازمة وقوية .. خطوة تربك سارة اكثر لتسقط .. بين يديه وهو لن يفلتها ابدا .. ابدا .
-------------------
تحرك بنزق يجلس فوق مقعده على رأس الطاولة .. حركات عصبية لم تفت احد عدا الشاردة فى ملكوت اخر وكأنها رحلت عنهم بعقلها .. عيناه العصبية ارسلت إليها آلاف الشرارات الحارقة دون استجابة .. أفكارها سحبتها منه .. تنزلق من بين يديه بشكل مخيف .. مؤذى .. يتذكر كيف هربت امس منه تحتمى بغرفتها اللعينة التى تناسى أمرها .. سيغلقها .. سيغلق كل غرف الجناح حتى المرحاض سيفسد رتاجه حتى لا تحتمى به .. ارسل شرارة أخرى لا مجيب لها يضرب بيده الصحن لينكسر وتتسارع شهقات سارة وآدم المصدومة ونظرة متعجرفة مستنكرة من خالد .
أنت تقرأ
ملكة الجليد
Romanceلعنها الجميع بقسوة فتحول ربيعها لشتاء قارس .... ذبلت ازهارها ، لكنه اقسم ان عطرها يفوح واعاده لنفسه القديمة ... هجر قسوته لأجلها ، ووعد نفسه أن يعيد بعشقه لها ربيعها الفائت .