كلما طال غيابها زاد جنونه .. اوقات يتناول الخمر ويذهب للعاهرات عله ينساها ولو قليلا .. قليلا فقط .. لكن لا أمل .. ذكرى اخر ليلة بينهما سم دسته فى اوردته حتى ما عاد جسده يشتعل سوى لها .. تعب من الصراخ .. من الجنون .. من الاشتياق الذى هد قوته حتى ما عاد قادر على دخول غرفتها .. ورغم هذا يدخل ليروى عيناه المشتاقة بلمحة من وجهها الشاحب .. يستمع لصوتها الهادئ الاذع ليصدمه الصمت .. الفراغ .. الموت .
مر شهر منذ اخر مرة لمح عيناها ذات اللون الأزرق المطعم بالأبيض المزرق بشكل مُبهر كمكعبات ثلج صغيرة كثيرة داخل محيط كبير لا أحد قادر على عبوره دون الغرق على يد حورية البحر قاسية القلب جاحدة الضمير .. اغمض عيناه بألم ودمعات تتسلل بحياء من بين جفناه المطبقان وراسه تميل إلى كفها البارد يقبله بتوسل العودة .. العودة ولو لدقائق تروى قلبه .. يفهمها انه لم يقصد .. انه يحبها ويعشقها فقط كبريائه الغبى من منعه الاعتراف .. منعه التمتع بدفء شواطئها راضيا بعواصفها ونواتها المخيفة .
" عودى .. عودى ارجوك .. عودى "
توسل علها ترحمه وتفتح عيناها اخيرا مُعلنة انتهاء عقابه .. عقاب يعترف انه استحقه .. لكن .. للان لم تكتفى ! .. اى قسوة اكتنفت قلبها وخدرت ضميرها لتستبيح عذابه !
توسل وتوسل حتى تحولت توسلاته لصراخ آمر وهزات عنيفة لجسدها الساكن علها تستجيب .. علها تستيقظ وتشعر بعذابه ، لكن كعادتها قاسية تتفنن فى اغضابه واحراق اعصابه وقلبه .. لم يشعر بمحاولة الممرضة لابعاده .. لم يشعر بصراخه العالى الذى جذب والدته وأخوه ليبعده بالقوة ويلقى به خارج الغرفة
" حذرتك ان تنسى مكان غرفتها .. لا تجبرنى على طردك من المنزل حتى ارتاح من جنونك "
صرخ فى وجهه مهددا وعاد لغرفته تاركا بكائه يغرق وجهه كطفل صغير يحتاج امه .. هو يحتاج امه التى لم تبخل عليه بحنانها لتضمه إلى صدرها ليبكى بقهر قلة حيلته .. لأول مرة يريد شئ ما ولا يناله .. لأول مرة ما يريده ويحتاجه أمامه وعاجز عن لمسه .. لأول مرة يشعر بالحرمان .
------------------
نوبات الجنون لم تتوقف على الصراخ عليها بانفعال فقط .. بعض الأحيان يكون جنون من نوع آخر .
دخل الغرفة متلصصا على أطراف اصابعه بعدما تخلص من حذائه ليستمع الممرضة تتحدث فى هاتف الغرفة مع أحدهم .
" اجل اجل زوجها .. لكنه مجنون تماما .. مرة يصرخ ويكسر ويوشك على قتلها ، ومرة يتحدث معها ويروى لها نكات ويقراء لها كتبها المفضلة .. ومرة أخرى يتناول طعامها المفضل فى فراشها ويصر على أن تشاركه .. لقد تعبت وافكر فى ترك هذا العمل "

أنت تقرأ
ملكة الجليد
Romanceلعنها الجميع بقسوة فتحول ربيعها لشتاء قارس .... ذبلت ازهارها ، لكنه اقسم ان عطرها يفوح واعاده لنفسه القديمة ... هجر قسوته لأجلها ، ووعد نفسه أن يعيد بعشقه لها ربيعها الفائت .