Part 60

1.8K 99 28
                                    

حوريتى الجليدية .. زوجتى الجميلة .. اعلم أنك تسخرين منى الأن ولكن .. تلك حقيقة .. انت اجمل ما حدث لى يوما.. لا الومك على السخرية منى .. ولا الومك أن مزقتى أوراقى واحرقتها كما احرقنى قلبى باحتقارك لى ونفورك منى .. كل ما أحاول فعله هو طلب الصفح والمغفرة منك على اغفر لنفسى .. اعلم انى لا أستحق الصفح لذلك قررت كتابة مذكراتى علها تشفع لى عندك .. علك تفهمى من شريف .. ذلك البحار الضائع الذى لم يعرف للوطن معنى .. حتى وجد حورية زرقاء علمته ان الوطن حيث يرتاح قلبه .. حيث يجد الدفء والحنان .. علمته ان الوطن حضن ام .. وحب زوجة .. وانا اضعت الاثنان .. ارجوك .. تعرفى على شريف الحقيقى علك تغفرى لى .. علك تشفعى لما فعلت .

لا أعلم من اين ابداء .. اعتقد ان البداية كانت حين قرر رجل غنى عجوز شراء إمرأة شابة فى مقتبل العمر .. اشتراها بامواله بحجة تربية طفله .. وقبلت هى بحجة الفقر .. باعت جمالها وشبابها بحفنة من النقود .. ولم تكتفى بما أخذته لتنجب طفل ليثبت اقدامها بحياته وتزيد حصتها من المال .. هذا الطفل هو انا .

منذ صغرى وانا اسمع الجميع يتهامس على أمى .. عمتى واعمامى .. أصدقاء العائلة وشركاء والدى .. الجميع يتهامس عن طمعها وجشعها .. كم هى لئيمة ومتسلقة .. انتهازية .. لم أكن افهم معنى كلماتهم .. لكن نظراتهم كانت كفيلة لفهم ما يعنوه .. كفيلة ان تجرحنى وتؤذينى .. لم يُهون على عذاب طفولتى غيره .. مؤنس .. اخى الكبير الحبيب .

طفل فى السابعة من عمره يبكى بصمت بعد ان ترك كعكة عيد الميلاد ، والمهرج ، والساحر لينزوى فى زاوية بعيدة عن عيون الأقارب والأصحاب التى تعريه وتلتهم سيرته وسيرة أمه الطامعة ، بينما يضحكون فى وجهها كاصدق الاصدقاء خوفا من بطش والده الرجل الكبير ذو الهيبة ؛ حين قطع عليه بكائه صوت ساخر يعرف صاحبه .. مؤنس أخوه صاحب الخامسة عشر عام يجلس بالقرب منه .

مؤنس بسخرية : لماذا يبكى المدلل !

شريف ببكاء : لست مدلل وابكى لأنى لا اريد الحفل .. لا أحب الحفل .

مؤنس بسخرية : بلا .. مدلل يا ابن أمك ، كما انك تحب الحفل .. لكن تكره من بالحفل .. انا أيضا اكرههم جميعا .. كما يؤذوك يؤذونى .

شريف ببكاء : لا احد يؤذيك .. لا احد يذكر أمك الميتة .

مؤنس بكراهية : بلا .. يذكرون أمى الخائنة .. المرأة التى خانت زوجها وتركت أبنها لأجل عشيقها .. المرأة التى أنكرت امومتها لأجل مشاعر مراهقة لا تليق بأم وزوجة .. أقله انت ابن أبى المدلل .. لكن انا .. الجميع يشكك اننى أبنه .. حتى هو .

شعرت يومها بمرارة مؤنس ، رغم سخريته الدائمة منى ونعته لى بالمدلل .. يومها شعرت أنه اخى .. مثلى .. وقفت أمسح دموعى واقتربت منه اطوق رأسه الكبير بذراعى الصغيرة واربت على ظهره بهدوء كما تفعل أمى حين أبكى .. مؤنس لم يبكى .. لكنى سمعت بكائه الصامت .. مؤنس ليس قاسى كما اعتقدت .. بل يحمى نفسه بحدته و جبروته .

ملكة الجليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن