معركة عمورية:

28 7 0
                                    



بعد أن عد عدته، سار الخليفة العباسي بنفسه إلى عمورية في جحافل ضخمة فلما انتهى إلى موضع يسمى (سروج)(1) قسم جيشه إلى فرقتين إحداهما بقيادة إفشين التركي(2)، وكان معروفا بشدته وبطشه، والفرقة الثانية بقيادة المعتصم نفسه وكانت وجهتهما أسقاط أنقرة أولا ومنها الاتجاه جنوبا نحو عمورية، على أن يسلك كل منهما طريقا غير الآخر، وذلك للتمويه على الروم وبعثرة قواهم. 

اتخذ جيش إفشين المسار المؤدي إلى نهر اللامس بالقرب من طرسوس (3) وفي الطريق التحم مع الجيش الرومي الذي كان يقوده نفس الإمبراطور توفيل وحدثت بينهما معركة شرسة انتهت بهزيمة الروم، وفرار توفيل نحو القسطنطينيه،وقد وصلها وسط شائعات تقول بمقتله،مما جعل الأمور تضطرب فيها وتتعقد عليه، فأنشغل الإمبراطور بسيطرة على الوضع في عاصمته بدلاً من التفكير بمواجهة الجيش القادم من العرب.

كانت تلك الأخبار ككرة ثلج تتدحرج وتكبر وسط الفوضى العارمة وتقدم طلائع جيش المسلمين نحو أنقرة، إذ فعلت الهزيمة النفسية فعلتها ففر حاميتها وهرب معهم أهلها، فسقطت تلقائيا دون أي مقاومة تذكر، فدخلها المعتصم عفوا وأستفاد مما فيها من مؤونة وأسلحة مما قوى جيشه كثيرا

لم يتماهل إذ أتجه بجحافله جنوبا نحو عمورية، وكان لهذه المدينة الكبيرة أربع وأربعون برجا بهيئة حصون متلاصقة فيما بينها بأسوار تحيط بالمدينة، وعلى كل برج قائد مع عساكره، يذدود عنه ويدافع عن أسوارها، ورغم اتساع رقعتها الجغرافية أستطاع جيش المسلمين أن يطبق عليها الحصار من جهاتها الأربع.

لم يكن في وسـع إمبراطور الروم فعل أي شيء مطلقاً لنجدة عمورية فهو مشغول بإخماد الفتنة الداخلية ضده في عاصمتة القسطنطينيه، فما كان منه إلا أن بعث رسولا للمعتصم يعتذر له عما حصل لملطية وزبطرة (4) وأن ذاك لم يكن منه وتم بخلاف أوامره،وأنه مستعد أن يرجع السبايا والأسرى، وأن يعيد بناء ما خربه جيشه من مدن وضياع، لكن المعتصم رفض هذا العرض ولم يكتف بذلك بل أسر الرسول وجعله يؤى عملية الحصار بأم عينه.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقع اليوم في الجنوب التركي وتبعد ١٠ كم إلى الشمال الشرقي من مدينة عين العرب السورية وأغلب سكانها اليوم من الأكراد.

(2) لقبه إفشين وأسمه حيدر بن كاوس.

(3) طرسوس هي اليوم مدينة تركية تقع جنوب البلاد على ساحل البحر الابيض المتوسط، تابعة لمحافظة مرسين، وتبعد حوالي ١٥كم عن مدينة مرسين و٤٠كم عن مدينة أضنة.

(4) كان الإمبراطور توفل أوقع بأهل زبطرة وهي كانت حصن من أقرب الثغور لبلاد الروم زمن الخلافة العباسية، فأسرهم وخرب بلدهم ومضى من فوره إلى ملطيه فأغار على أهلها وأهل بعض الحصون من المسلمين وسبي فيما قيل أكثر من ألف امرأة ومثل بمن صار في يده من الرجال وسمل أعينهم وقطع آذانهم وآنافهم. تأريخ الطبري ج٧ ص٣٦٣.



الأمـيرة المـقدسة👑💕حيث تعيش القصص. اكتشف الآن