غَايَتُهَا مِن السُؤال..
أَرَادَتْ الأَمِيرَةُ أَنْ تَزْدَادَ يَقيناً وَاطْمِئنانَا، كَمَا كَان منْ شَأْنٍ نَبِيِّ الله إبراهيم عليه السلام حينما طَلَبَ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يُرِيَهُ كيف يُحيي الموتى قالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنُ قال بلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبي (١)، فَأَرَادَتْ الأميرةُ المُقَدَّسَةُ أَنْ يَطْمَئِنَّ قلبها، وهي الْعَارِفَةُ بِالجَوَابِ سَلَفاً، لِأَنَّ جَوَابها كَانَ يُرَافِقَهَا طِيلَةُ سِنِينَ، وَهُوَ الذي لَمْ يُفَارِقُهَا طَيْفُهُ لَيْلَةٌ وَاحِدَةً، فَسَأَلَتْ الإمامَ الهَادِيَ عليه السلام عَنْ وَالِدِ وَلَدِهَا هَذَا مَنْ يَكُونَ؟ مَنْ ذَا الَّذِي سَيُنْجِبُ مِنهَا مُخلص آخر الزَّمَانِ؟!!.
عَلِمَ الإمامُ الْهَادِي عَلَيه السلام مَرَادَهَا وغَايَتِهَا مِنَ السُّوَالِ، فَأَخَذَ يُخبرُهَا بِقِصَّةِ رُؤْيَاهَا،
وَحَدَّدَ لهَا فِي أي لَيْلَةٍ وشَهْرٍ وَفِي أَي سَنَةٍ رُومِيَّةٍ كَانَتْ، وَكَأَنَّهُ كَانَ مَعَهَا في تِلْكَ الرُّؤْيَا، وَبَعْدَ كُلِّ تِلْكَ التَّفَاصِيل، أخذا يَتَجَاذَبَانِ هُوَ وَهِي أَحْدَاثَ قِصَّتِهَا بِتَفَاصِيلِهَا الدَّقيقَةِ.. كُلِّ منهُمَا يُكْمِلُ لِلآخر إلى أَنْ أَخْبَرَهَا بطلب الرَّسُولِ الأكرم ﷺ يَدَهَـا لابنه العسكري عليه السلام، فَسَأَلَهَا سُؤَالًا إقْرَارِيَّا يُوحِي بمعرِفَتِهِ الْإِجَابَةَ، فَسَأَلها عن رسولِ الله ﷺ ،
ممن طَلَبَ يَدَهَا ؟!
فأجابت وقالت:
منَ الْمَسِيحِ وَوَصِيَّه عليهما السلام.فقال عليه السلام:
فَبمَّنْ زَوَّجَكِ الْمَسِيحُ وَوَصِية ؟!.هنا أَطْرَقَتْ حَيَاءٌ، ثم قَالَتْ:
مِن ابْنِكَ أَبي مُحَمَّدٍ عليه السلام
فسألها الإمام عَلَيه السلام :
فَهَلْ تَعْرِفِينَهُ؟!
فأجابت عليها السلام :
وَهَلْ خَلَوْتُ لَيْلَةٌ مِنْ زِيَارَتِهِ إِيَّايَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ الَّتِي أَسْلَمْتُ فِيهَا عَلَى بيدِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ أُمه عليها السلام(٢).كان حوارها هذا مع الإمام الهادِي عليه السلام ، وَكَأَنَّهُ كانَ شَاهِداً مَعَها في ذاكَ المَوْقِفِ وَتَفَاصِيلِ خِطْبَتِهَا، أَن جَعَلَ الأَمِيرَةَ تَزْدادُ يَقِيناً إلى يَقِينِهَا وَيطمئنُ قَلْبُهَا، أَنَّهَا
حَصَلتْ على ضَالَّتِهَا وَبَلَغَتْ مَقْصُودَهَا وَوَصَلَتْ مُرَادِهَا وَأَنَّها عَلَى أَعْتابِ دارِ الحَبِيبِ.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة البقرة آية ٢٦٤.
(٢) كمال الدين و تمام النعمة الشيخ الصدوق، ج ۲، ص ٤٢٣ .