مـا الحيلـة؟

5 0 0
                                    


ما الحيلة؟

هُنَا لَمْ يَعُدْ يُطِيقُ الحديث، انكسرت نبرة الإمام الهادِي عليه السلام وأَخَذَتْ تَتَقَطَّعُ كلماتُهُ مِنَ الألم الْمَكْبُوتِ فِي صَدْرِهِ، بَانَتْ رسمة الْغبَنِ فِي شَفَتَيْهِ، تَوَقَّفَ قَلِيلاً وَقَدْ احَمَرَّتْ عَيْنَاهُ عليه السلام، وَتَجَمَّعَ مَاوْهَا، فَغَصَّتْ كلماته، وَغَالَبَتْها الدموع، فتحادرت تُسَابِقُ أَحْرُفَهُ، كَأَنَّهُ يُدَحْرِجُ أَلْفَاظَهُ بِصُعُوبَةٍ بَالِغَةِ، يُتَأْتِي مِنْ غيرِ عَيِّ، لحَظَة..
تَأَوّهَ حسْرَةً، ثُمَّ قَالَ عليه السلام:
فَيَقُولُ بَعْضُ الْمُبْتَاعِينَ: عَلَيَّ بِثَلَائِمِائَةِ دِينَارٍ فَقَدْ زَادَنيِ الْعَفَافُ فِيهَا رَغْبَةً، فَتَقُولُ لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ لَوْ بَرَزُتَ فِي زِيٌّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَى مِثْلِ سَرِيرِ مِلْكِهِ، مَا بَدَتْ لِي فِيكَ رَغْبَةٌ، فَأَشْفِقْ عَلَى مَالِكَ (۱).
أخذ الإمام الهادي عليه السلام يُكَفِّكف دموعه بِكُمْهِ، ثم استطرد في كلامه يُخاطب بشر الأنصاري، فقال له:
حينها ستسمعُ النَّخاس يقول للجارية: يــا جارية، فما الحِيلَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِكِ ؟
فَتَقُولُ: وَمَا الْعَجَلَةُ وَلَا بُدَّ مِنِ اخْتِيَارِ مُبْتَاع يَسْكُنُ قَلبي إلى أَمَانَتِهِ وَوَفَائِهِ وديانيه). فَعِنْدَ ذَلِكَ قُمْ إِلى عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ النَّخَاسِ وَقُلْ لَهُ: إِنَّ مَعِي كِتَاباً لطيفاً لِبَعْضِ الْأَشْرَافِ كَتَبَهُ بِلُغَةِ رُومِيَّةٍ وَلَفْظِ رُومِي، وَوَصَفَ فِيهِ نُبْلَهُ وَكَرَمَهُ وَوَفَاءَهُ وَسَخَاءَهُ، فَنَاوِلْهَا لِتَتَأَمَلَ مِنْهُ أَخْلاقَ صَاحِبِهِ، فَإِنْ مَالَتْ إِلَيْهِ وَرَضِيتُهُ فَأَنا وَكِيلُهُ فِي ابْتِيَاعِهَا مِنْكَ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(۱) دلائل الإمامة ابن جرير الطبري، ص ٤٩١
(۲) روضة الواعظين وبصيرة المتعظين الفتال النيسابوري، ج ١ ، ص ٢٥٢ .
(٣) كمال الدين وتمام النعمة،
الشيخ الصدوق ج٢،ص ٤١٩

الأمـيرة المـقدسة👑💕حيث تعيش القصص. اكتشف الآن