بُشْرَى بِشَرَفِ الأَبَد!

4 0 0
                                    

بُشْرَى بِشَرَفِ الأَبَد!

.. وَأَخِيراً وَصَلَتِ الأمِيرَةُ الْمُقَدَّسَةُ عليها السلام إلى مَدِينَةِ سامراءَ حَيْثُ بَيْتُ الْإِمَامَةِ، وَقَدْ كَانَ أَهْلُهَا الجددُ مَسْرُورِينَ بِهَا، أما هِي فَقَدْ كَانَتْ لَا يَقُرُّ لهَا قَرَارٌ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ، وفِي غَايَةِ الْبَهِجَةِ وَالسَّعَادَةِ، لقد آن للقديسة أن تُلقي عن كاهلها أثقال الغربة، فقد وصلت إلى عُشْـها حيثُ تَحِنُّ الروح.

ثُمَّ إِنَّ الإمامَ الْهَادِيَ الله - والد زوجها المُرْتَقَبِ أَحَاطَهَا بِحَنَانِهِ الأَبَوِيِّ، وَسَأَلهَا عَنِ الْعَجَائِبِ الَّتِي رَأَتْهَا وعَنْ رِحْلَتِهَا وأَحْوَالِهَا، قَالَتْ وَهِي تَتَكَلَّمُ بِاحْتِرَامٍ بَالِغِ
معَ سَيْدِهَا وَوَالِدِ حبيبها :
كَيْفَ أَصِفُ لَكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ - مَا أَنْت
َ أعْلَمُ بِهِ مِني !
فَقَالَ لَهَا الإِمَامُ الهَادِي عليه السلام:
     فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُكْرِمَكِ، فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكِ :
     عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، أَمْ بُشـْرَى لَكِ بِشـَرَفِ
     الأبـد؟
تَلَهَفَتْ الأميرة بما يريد إكرَامَهَا به، فقَالَتْ:
     بَلِ الْبُشْرَى.
فقال لها الإمام عليه السلام :
أبشري بِوَلَدٍ يَمْلِكُ الدُّنْيَا شَرْقاً وغرباً،
يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلًا، كَما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً(١).

لَقَدْ بَشَّرَهَا الإمامُ الهَادِي عَلَيه السلام بِمَوْلُودٍ يُولَدُ لَهَا، يَمْلِكُ الأَرضَ ، ويُخْرِجُ كُنُوزَهَا، وَيَرْفَعُ الظُّلْمَ وَالْآثَامَ، ويَدِينُ لَهُ الْعَالَمُ، وَهُوَ الَّذِي يَنْزِلُ لَهُ الْمَسِيحُ عيسى عليه السلام، ويَجْتَمِعُ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ بِتَقْدِيمِهِ لِلصَّلَاةِ، وَيَنْصُرُهُ عَلَى جَبَابِرَةِ الأَرضِ، وَفِي زَمَانِ مُلْكِهِ لَا يَبْقَى مَرِيضٌ وَلَا ذُو عَاهَةٍ، وَلَا فَقِيرٌ، حَتَّى أَنَّهُ يَحْشو الْمَالَ حَشْوَا، فَيُصْبِحُ كُلُّ النَّاسِ أغنياء أثرياء، فَلَا تَجِدُ مُحتاجًا ولَا صَاحِبَ زَكَاةِ، حَتَّى أَنَّ السُّرُورَ يَدْخُلُ عَلَى طُيُورِ السماءِ وَحِيتَان البحار، وتضطَلِحُ السَّبَاعُ مَعَ البهائم، وَيَرْعَى الذَّنْبُ فِي أَيَّامِهِ مَعَ الْغَنم، ويَنْطَفِى الظُّلْمُ فِي الْمَعْمُورَةِ، ويسود السلامُ، فَيَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ الأرض وَسَاكِنُ السَّمَاءِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) دلائل الامامة، أبن جرير الطبري، ص٤٩٥

الأمـيرة المـقدسة👑💕حيث تعيش القصص. اكتشف الآن