تطير القيصر تطيراً شديداً واستشاط غيظاً في آن
واحـد، فغريمـة يسـدد طعنـة نـجـلاء لخاصرته، ويقلـب الأوضـاع عليـه، ويؤلـب كـبـار مملكتـه ضـده، والحـدث يجـري معاكسـاً لـما أراده، وخلافا لما خطط له، بـل ازداد الأمـر سـوءا، إذ بانـت عليـه لوهلة علامات الإرتبـاك والخوف، لكنـه سرعـان مـا تظاهـر بعـدم الاكتراث، وكأن ما وقع لا يعدو كونه صدفة، فاستجمع قواه واستخف بكبير الأساقفة، وقـال بنـبرة يتظاهـر بهـا ثقـةً رافضـاً كلامه:.. أقيمـوا هـذه الأعمدة، وارفعـوا الصـلبـان
وأحضروا أخـا هـذا الـمدبر العاثر الـمنكوس
جده، لأزوجـه هـذه الصبية فيدفع نحوسة
أخيــه عـنـكـم بـسـعـوده).
فأقـام حـرس الشرف الأمير المغمى عليه، وأخرجوه
مـن القـضـر ذليلا مرئيا كالفرخ الخائف، قد أخرسه
الذهـول لا يلـوي عـلى كلمـة، وعادوا يخادعـون أنفسهم ويغالبـون أحاسيسهم وظنونهم، فيتظاهرون بتصديـق مقولة قيصرهـم أن مـا وقـع محض صدفة ليس إلا ...