خـارج القصـر:
كان لابد لهذا الحفل أن يظهر عظمة المملكة، خارج القصر في كل الطرقات علقت الأعلام، وكذا على شرفات البيتوت، وقد كساها من الزينة واشجارها ما حول المدينة إلى جنة أرض زاهية تبهر أنظار الضيوف القادمين، وفي الشوارع انتشرت سرايا من عشرات آلاف الجند بأسلحتهم وراياتهم، وهم يهتفون بروح القيصر ويتغنون، وناسها ثملون يتعانقون سكارى، لا تسمع إلا صديح كؤوسهم تتكاسر وقد انتشوا بصرخاتهم وزعيقهم، فعجيبة هي الحياة عندما تريد تقهر الصديقين، تملأ أزقتها صخبا كي تطفىء تراتيل القديسين، لكن رغم تلك الجلبة فقد كان يشق عجيجها صدى ناعم لصوت مرهق راكع يدعو: رب إني مغلوب فانتصر، هكذا توجهت بقلبها المكمد نحو بارئها وخالقها، وفوضت أمرها إليه واستسلمت.
داخـل القصـر:
في باحة القصر أبواق الجوقات العسكرية شتت الهدرء فأفزعت عصافيره وحماماته، فطارت محلقة بعيداً تاركة حدائقه الخضـراء يحتلها العساكر،
أما في الداخل فلا تسمع إلا همهمات الضيوف وقد اصطفوا صفوفا، كل بحسب مكانه اللائق به والمعد له سلفا، فقد جمع الملك عظما سلطانه ومن جاوره وعلية قومه والملأ من ناسه وكما خطط له وزياده، وقد أبرز من بهي ملكه عرشا مصاغا من أصناف الجوهر والذهب ما يبهر العيون ويخطف الأبصار، وقد رفعه عاليا فوق أربعين مرقاة(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 51 ص7
