قَدْ أَحْدَثَ اللَّهُ فِيكَ أَمْراً..
كَانَ لشَهَادَةِ السَّيِّدِ مُحَمَّد عليه السلام عَلَى قَلْبِ أَخِيهِ زَوْجٍ الأميرةِ الْمُقَدَّسَةِ وقُعُ الصَّاعِقَةِ، فَقَدْ افْتَدَى السَّيْدُ مُحَمَّدٌ أَخاهُ بِنَفْسِهِ، وَعَرَّضَهَا لِلْمُخَاطَرَةِ حتى استشهد في سبيل الحفاظ عليه..
وَقَد ذكر التَّارِيخُ صُورَةٌ عَجِيبَةٌ مِنْ صُوَرِ افتجاع الْإِمَامِ الْعَسْكَرِيَّ عليه السلام اللهِ بِأَخِيهِ السَّيِّدِ مُحَمَّدٍ عَليه السلام ، حَيْثُ تَرْوِي بَعْضُ الْكُتُبِ أَنَّهُ بَينَمَا كَانَ يُجَهَّزُ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ عليه السلام لِلْغُسْلِ والتَّكْفِينِ وَقَدْ كَانَ مُسَجَّى فِي إِحْدَى غُرَفِ الْبَيْتِ، وَكَانَتْ قَدْ فُرِشَتِ الْبُسُطُ فِي صَحْن دار الإمام الهادي عليه السلام، وَوُجُوهُ بَنِي هَاشِمٍ وَسَائِرُ النَّاسِ جُلُوسٌ حَوَالَيْهِ، إِذْ دَخل الإمام الْحَسَنُ الْعَسْكَرِيُّ عليه السلام وهُوَ مَشْقُوقُ الجَيْبِ (۱) ، حَتَّى قَامَ عَنْ يَمِين وَالِدِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ الهادي عليه السلام بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ قِيَامِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ،
أَحْدِثُ اللَّهِ شُكْراً (٢)فَقَدْ أَحْدَثَ فِيكَ أمراً (٣)
فَبَكَى الإمامُ الْحَسَنُ عَلَيْهِ وَاسْتَرْجَعَ فَقَالَ: الْحَمْدُ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَإِيَّاهُ أَسْأَلُ تَمَامَ نِعَمِهِ عَلَيْنَا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، ج ۲، ص: ۳۱۸
(۲) إن الأمر بالشكر جاء في سياق الحزن الشديد الذي ظهر على الامام العسكري لفقد أخيه، وقد فهم البعض غلطاً ان الأمر هو أمر انتقال الامامة اليه من أخيه، ولعله التيس عليهم بسبب تمويه الامام الهادي على بني العباس حينما دفع ابنه السيد محمد في الواجهة سترا على الامام العسكري عال، وهذا الفهم الخاطئ ناشئ من عدم الاطلاع على الروايات التي تثبت ان الامامة منصبة و باسماء الائمة من زمن رسول الله و الائمة السابقين، ومن تلك الروايات الرواية المشهورة بلوح فاطمة عليه.
(٣) الكافي للشيخ الكليني، ج ١، ص ٣٢٦ ،
ح ٤ و ٥.
(٤) الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد الشيخ المفيد، ج ۲، ص: ۳۱۸
