لقاء غير مرتقب ..
وَمَرَّت الأيام تطوي، ولِضَرْبِ مِنَ الحِكْمَةِ لم يلتق الحبيبان، فالظروف المتوترة والقاهرة تقتضي ذلك، والسَّيِّدَةُ حَكِيمَهُ عليها السلام قَائِمَةٌ عَلَى تَعْلِيمِ هَذَا الْمَلَاكِ الطَّاهِرِ الْفَرَائِضَ والأحكام والسُّنَنَ وَآدَابَ الْعِشْرَةِ وِفْقَ تعاليم أهْلِ الْبَيْتِ عليهم السلام ، حَتَّى اسْتُكْمِلَتْ الْمُدَّةُ.
وَبَعْدَ مُضِيٌّ بُرْهَةٍ مِنَ الزَّمَنِ فِي يَوْمٍ مَا، قَامَ الإِمَامُ أَبو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ الْعَسْكَرِيُّ عَليه السلام بِزِيَارَةِ عَمَّتِهِ السَّيِّدَةِ حَكِيمَةَ حَيْثُ تَعَيشُ الأميرةُ الْمُقَدَّسَةُ فِي سِتْرِهَا، هُوَ لَمْ يشَأُ المُخَالَفَة عَلَى أَبِيهِ، فَإِلى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَأْتِهِ إِذْنٌ مِنْ والده في لقاء حَبيبَتِهِ وَمَنْ أُعِدَّتْ أَنْ تَكُونَ زَوْجَالَهُ، وَلكِنْ شَاءَتْ الأقدارُ شَيْئًا آخَرَ ، إِذْ صَدَفَ فِي زِيَارَتِهِ لِعَمَّتِهِ أَنِ الْتَقَيا وَجْهُ أَن مُحمدٍ ووَجْهُ الأميرة المُتَخَفية بجلباب الجواري والإماء، وَجهَا لِوَجْهِ وَلَأُولِ مَرَّةٍ وَبِلَا اتفاق ، عَرَفَتْهُ وعَرَفَهَا، كَيْفَ لَا، وَطَيْفَاهُمَا كَانَا يَلْتَقِيانِ في الأحلام ولسنينَ، لَكِنَّ اللَّقَاءَ هَذِهِ الْمَرَّةَ كَان عَيَانَا، وفي عالمِ اليَقَظَةِ، عَرضَاً كانت الصدفة، فكَسَا وَجْهَيْهِمَا احمرار الحياء والخجَلِ، كَانَا كَمَلَاكَيْنِ طَاهِرَيْنِ وَقَلْبَاهُمَا مُعَلَّقَانِ يَطُوفَانِ بِعَرْشِ السماءِ، لَمْ يَكُنْ حُبُّهُمَا مِنْ سِنْخِ حب أهل الأرض، وقد عمد هذا الوداد المهمة التي أَنيطَتْ بِهِما وهي من أعظم مَهَامَ الرَّبِّ ادَّخَرَهَا فِي عَالَمِ الأنـوار.
