نهاية القيصر..
وقد تزامن ذلك مع اسْتَفْعَال الخلافِ مَع رَأْسِ الكنيسة، مما حَدَا بِالقَيصَرِ إِلى عَزْلِهِ، وَنَصَّبَ رَئِيسَ أَسَاقِفَةٍ جَدِيداً(١) فَنَشَبَ خِلافُ كَبِيرٌ، تَمَّ عَلى إِثْرِهِ تَبادُلُ الحُرُمُ الكَنَسِي (٢) وَقَدْ تَدَخَلَ بَابَا الكَنِيسَةِ الغَرِبِيَّةِ اللاتينية فِي الصِّرَاعِ صَابَا الزَيْتَ عَلى النَّارِ، فَالطَّرَفَـانِ يُعْتَبَرَانِ مِنْ خُصَمَائِهِ (٣) وَمِن مَصْلَحَتِهِ إِضْعَافُهُ، وَلَا زَالَتْ تِلكَ الخِلافَاتِ في أَوْجِهَا إلى أن قُتِلَ القَيْصَرُ فِي انْقِلاب مُدَبَّر قام به أحدُ رِجَالَاتِ القَصْرِ وَبِهِ دَخَلَتِ الإمبراطورية الرُّومِيَّةُ مَرحَلَةٌ جَدِيدَةٌ مَعَ سُلَالَةٍ جَدِيدَةٍ من ملوك الروم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) لقد كان الملوك هم من يعينون البطارقة - رئيس الاساقفة و البابوات في مناصبهم، ويخرجونهم منها ، ويدعون المجالس الكنيسية إلى الانعقاد وينظمون شئون الكنيسة بقوانين تنها الدولة، وينشرون آراءهم وتوجيهاتهم الدينية على رجال الدين. ولكن ثمة ما يحد من سلطان الأباطرة الديني المطلق في العالم المسرحي الشرقي وهو سلطان الرهبان، ولسان البطريق واليمين التي يقسمها الملك حين يُتوجه البطريق ملكاً بأن لا يبتدع بدعة ما في الكنيسة قصة الحضارة / الفصل الرابع عصر الايمان / ص ٥١٧٧ . و نحن اذ ننقل احيانا فيما يخص الصراع بين القيصر و رأس الكنيسة من کتاب (قصة الحضارة)، و لكن ينبغي ان لا يغيب عن اذهاننا ان مؤلف هذا الكتاب (ول) ديورانت) هو رجل يهودي له اجندته اليهودية الخاصة، ولذا ننقل منه بحذر شديد، وما لا يخالف السياقات العامة و التحاليل لما هو موجود في رواياتنا وكتبنا الشيعية، اذ لا يغفل حصيف و متبع ان هذا اليهودي كان يمرر بين فينة وأخرى ما يخدم هدفه و رسالته كيهودي
(٢) نوع من انواع التلاعن ومنع الرحمة والمغفرة عند المسيحيين.(٣) لم تكن الكنيسة اللاتينية على وئام مع الكنيسة اليونانية والاختلاف بينهما يزداد هوة، إذ أخذت الهوة بين المسيحية اللاتينية واليونانية تزداد بسبب ما كان بين المذهبين في هذه القرون من اختلاف في اللغة والطقوس والعقائد... فقد كانت الطقوس، والأثواب الكهنوتية، والآنية، والزخارف المقدسة في الكنية اليونانية أشد تعقيداً، وأكثر زخرفاً، وأعظم عناية بالناحية الفنية من مثيلاتها في الغرب، فكان ذراعا الصليب اليوناني مثلاً متساويتين، وكان اليونان يصلون وهم ،وقوف، أما اللاتين فكانوا يصلون راكعين، وكان اليونان يعمدون أطفالهم بأن يغمر وهم في الماء المقدس، أما اللاتين فكانوا يرشون الماء عليهم، وكان الزواج محرماً على القساوسة اللاتين ومباحاً للقساوسة اليونان؛ وكان القيسون اللاتين يحلقون لحاهم، أما اليونان فكانوا يرسلونها إرسالاً نقلا عن كتاب قصة الحضارة صفحة رقم: ٥١٧٨