أَعِرْنِي سَمْعَكَ..

6 0 0
                                    


أعِرْنِي سَمْعَكَ .... اطمأنت الأميرةُ المُقَدَّسَةُ أَنَّ الشَّيْخ الكَبير عقل ثقة الإمام عليه السلام ، وإلا لما أَرْسَلَهُ لاستنفاذِهَا، فَأَرَادَتْ أن تَتَعَطَّفَ وَتَتَكَرَّمَ عَلَيْهِ فَتَكْشِفَ لَهُ جُزْءًا مِنْ سِرهَا وَمَنْ تكونُ فَقَالَتْ لَهُ :

     إنَّكَ لَضَعِيفُ الْمَـعْرِفَةِ بِمَـحَلُ أَوْلَادِ الْأَنـْبِيَاءِ،
     أَعـِرْنِي سَمْـعَكَ، وَفَرِّغْ قَلْبَكَ، أَنَا مَلِيكَةُ بِنْتُ
     يشوعا ابْنِ قَبْصَر(١َ) مَلِكِ الرُّومِ، وَأُمِّي مِـن
    ْ وُلْدِ الْحَوَارِثِينَ، وَنَسَبِي مُتَصـِلٌ إِلـى وَصـِي
   َّ الْمَسـِيحِ شَمْـعُونَ أُنْبِئُكَ بِالْعـَجَبِ أَنَّ جَـدِّي
    قَيْصَرَ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَنِي مِنْ ابْنِ أَخِيهِ، وَأَنَا مِنْ
     بَنَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَة (٢)...

فَأَخَذَتْ تُذِيعُ لَهُ مَا كَتَمَتْهُ مِنْ سِرهَا، فَسَرَدتُ عَلَيْهِ تَمامَ قِصَّتِهَا، مُنْذُ أَنْ نَوَى جَدُّهَا أَن يُزَوِّجَهَا مِنَ
ابْنِ أَخِيهِ، وما حدثَ مِنْ انهيارِ الْعَرْشِ، وَمَا رَأَتْهُ مِنْ رُؤْيَا السَّيِّدِ الْمَسِيحِ عليه السلام وحَوَارِيهِ، وَخِطْبَةِ الرَّسُول صلى الله عليه وآله إِيَّاهَا لِوَلَدِهِ الإمام الْحَسَنِ الْعَسْكَرِي عليه السلام ِّ ، وقِصَّةِ اسْتِبْصَارِهَا وَهِدَايَتِهَا عَلَى يَدِ السَّيِّدَةِ الزهراء وَمَرْيَمَ العذراء عليهن السلام ، وزيارة الامام أبي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ عليه السلام لَهَا طِيلَةَ سَنوَاتٍ فِي مَنَامِهَا، وَمَا أَمَرَهَا بِهِ حَتَّى وَقَعَتْ أسيرة بيد طلائع جيش المُسْلِمِينَ إلى وُصُوا لِسُوقِ النَّخَاسِيْنِ ثُمَّ خَتَمَتْ بِالْقَوْلِ:
حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِي مَا رَأَيْتَ وَشَاهَدتَ، وَمَا شَعَرَ بِأنَي ابْنَةُ مَلِكِ الرُّومِ إلى هَذِهِ الْغَايَةِ أَحَدٌ سِوَاكَ، وَذَلِكَ بِإِطْلَاعِي إِيَّاكَ عَلَيْهِ، وَلَقَد سألني الشَّيحُ الَّذِي وَقَعْتُ إِلَيْهِ فِي قِسمِ الْغَنِيمَةِ عَنْ اسْمِي، فَأَنْكَرْتُه وَقُلْتُ: نَرْجِسُ. فَقَالَ: اسْمُ الجَوَارِي(٣).
وَكَانَ تَمْوِيهَا عَنِ اسْمِهَا الْحَقِيقِيِّ «مَلِيكَة» سَبَباً لِعَدَم مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهَا، وَسَيْرَافِقُهَا هَذَا التَّمْوِيهُ لِآخِرِ حَيَاتِهَا، وَهُوَ وَإِن كَانَ غَلبَ عَلَيْهَا اسْمُ نَرْجِسَ، إلا أَنْهَا
تَسَمَّتْ لَاحِقَا بِعِدَّةِ أَسماءٍ كَرَيْحَانَةَ، وَصَقِيلَ، وَسَوسَـنَ.. وَهَكَذَا تَعَدَّدَتْ هَـا الأسماءُ لِيُضْرَبَ عَلَيْهَا طُوقٌ مِن السَّيْرِ حِمَايَةٌ لها، وَلِإِخْفَاءِ أَمْرِهَا وَشَخْصِهَا عَنْ سَلاطين بَنِي الْعَبَّاسِ، حَيْثُ كَانُوا يَبْحَثُونَ عَنْهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كان القيصر جدها هو الحاكم التنفيذي والملك الحقيقي، اما الإمبراطور وهو ملك الملوك فقد كان شاباً طائشاً و كان مكانه تشريفيا آنذاك في أواخر حكم هذه السلالة الرومية، فهو يملك ولا يحكم كما هو شأن مقام الملك في بريطانيا وأسبانيا اليوم.

(۲) دلائل الإمامة ابن جرير الطبري، ص ٤٩٢ - بتصرف.

الأمـيرة المـقدسة👑💕حيث تعيش القصص. اكتشف الآن