الطَّريقُ إلى سامراء..

4 0 0
                                    

الطَّريقُ إلى سامراء..

بَعْدَ أَنْ أَعْلَمْتُهُ مَنْ هِي، وَكَشَفَتْ لَهُ عَنْ حَقِيقَتِهَاومن تكون، عَرَفَ بشرُ النَّخَاسُ أَنَّهُ يَحْمِلُ أَمَانَةٌ ثَقِيلَةٌ جداً، وأنَّ الإمام الهَادِي عليه السلام قَدِ اسْتَوْدَعَهُ أَخْطَرَ الأسرارِ، فَازْدَادَ قَلَقُهُ مستشعراً خُطُورَةَ الْمُهِمَّةِ الْمَنُوطَةِ به.
كَانَ الطَّرِيقُ مِنْ بَغْدَادَ إلى سامراء (١) عَاصِمَةِ الدَّوْلَةِ الْعَباسِيَّةِ آنذاك مليئاً بِالْعَسَاكِرِ وَجلاوزةِ بَنِي الْعَبَّاسِ، لَمْ يَكُنْ الْانْتِقَالُ بِالْمَهَمَّةِ الشَّاقَةِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَحْفُوفًا بِالْمُخَاطِرِ خَشْيَةَ انكشافِ شَخْصِيَّةٍ مَلَكِيَّةٍ ذَاتِ مكانة عظيمة جداً بِوَزْنِ حَفِيدَةٍ مَلِكِ الرُّومِ، لِأَنَّهُ سَيُعْتَبَرُ جَائزة كُبْرَى لِخَلِيفَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَانْتِصَاراً مُؤْلِـما عَلَى مَمْلَكَةِ رُومَا، كَانَ الْخَوْفُ أَنْ يَتَسَرَّبَ خَبَرُ وُقُوع حَفِيدَةِ الْقَيْصَر فِي الْأَسْرِ،
فَخَبَرٌ بِهَذَه الخُطُورَةِ والحَجْم لا يمكنُ ضَبْطُهُ أَوْ سَتْرُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، إِذْ سَتَبْدَأُ الْأَلْسُنُ بِتَنَاقُلِهِ حَتَّى يَصِلَ إلى بلاد الْعَرَبِ وَعَاصِمَتِهِمْ، وَقَدْ زَادَ الْقَلَقَ الْخَشْيَةُ أَن تبوح بَعْضُ جواري الأميرةِ المُقَدَّسَةَ الْلَوَاتِ خَرَجْنَ بِرِفْقَتِهَا ووَقُعْنَ فِي الْأَمْرِ مَعَا بِشَخْصِيَّةِ الأميرةِ الْحَقِيقِيَّةَ، وَذَلِكَ تَحْتَ ضَغْطِ الْإِكْرَاءِ أَوْ الطَّمَعِ لِنَيلِ الْحُظْوَةِ عِنْدَ سَادَتِهِنَّ الجدد، ما يعني انقلاب الأوضَاعِ رَأْساً عَلَى عَقِبٍ فِي ملَكَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ بَحْثاً عَنْهَا، فَكَانَتْ هِمَّةُ بِشْرِ الأنصاري أَنْ يَقْطَعَ سَرِيعا أَيَّ أَثَرٍ لَهَا مَعَ سُوقِ النَّخَاسِينَ الْمَكَانِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْأَميرَةَ، كَيلَا يَسْتَدِلَّ أَحَدٌ عَلَيْهَا وفِي أَي جِهَةٍ سَارَتْ أَوْ إلى أي بَلَدَةٍ قَصَدَتْ، وَلِذَا خَرَجَ مَعَ هَذَا الثقلِ الْعَظِيمِ مُسْرِعاً مِنْ بَغْدَادَ نَاحِيَـة سامراء، كَيْ يُوْصِل وَدِيعَتَهُ بِكُلِّ حِفظ وَصَوْنٍ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(۱) تقع مدينة سامراء في العراق في شمال مدينة بغداد، و تبعد عنها ۱۲۰ كيلومتر، أما اسمها فيُرجع حسب بعض المصادر إلى الاسم الأصلي سُر من رأى بنى مدينة سامراء المعتصم العباسي خلال مدة حكمه التي استغرقت ما يقارب تسع سنوات و ذلك خوفا من العمليات الانقلابية ضده، ولغلاظة جنوده الاتراك خلقت مشاحنات كثيرة مع أهالي بغداد مما سبب نفورا عاما منهم وكثرت عمليات إغتيالهم، فأقترح البعض عليه لهذه الاسباب وغيرها بنقل جنده و عاصمته، فأشار عليه الخبراء ان يختار سامراء لأنها تتمتع ببعض المميزات الاستراتيجية، وبعد بنائها صارت عاصمة الحكم العباسي من سنة ۲۲۱ هجرية حتى سنة ٢٧٩ هجرية و تناوب عليها ثمانية من خلفاء بني العباس، وقد وجدت بعض الآثار تشير إلى أن سامراء قد استوطنت في العصر الحجري الحديث قبل ٥٠٠٠ سنة من الميلاد. المصدر / مجلة سر من رأى العدد ١٠

الأمـيرة المـقدسة👑💕حيث تعيش القصص. اكتشف الآن