الفصل الحادي عشر
( الجزء الثاني )
عاد الى شقته فورا بعد حديثه الطويل معها والذي أرهق روحه كثيرا ...
يشعر بألم حاد في قلبه كلما يتذكر رحيلها عنه .. رحيلها الذي لن يتبعه عودة بالتأكيد ..
هي خرجت من حياته تماما برحيلها كما أراد وكما أخبرها ...
من المفترض أن يرتاح لما حدث لكنه في الواقع يتألم بشكل هو نفسه استغربه ...
كان يعلم إن رحيلها سوف يزعجه فهو وجد معها شعورا مختلفا ومميزا لكنه لم يكن يدرك إنه سيتألم هكذا ..
بعد مدة من الزمن كان ممددا على سريره واضعا ذراعه خلف رأسه وعيناه ترتكزان على سقف الغرفة بينما الأفكار تنهش عقله بلا رحمة ...
اغمض عينيه بإرهاق مزيحا أفكاره تلك جانبا حتى غفا بلا وعي منه ..
بعد مدة من الزمن ...
فتح عينيه على صوت رنين جرس الباب ..
نهض من مكانه بتعب مفكرا في هوية الشخص الذي يزوره الآن ..
نظر الى الساعة المعلقة على الحائط في طريقه فوجدها قد تجاوزت الخامسة عصرا ..
فتح الباب ليراها أمامه تنظر إليه بملامح ثابته تختلف عن تلك التي رأها بها منذ ساعات ..
ربما هو يحلم خاصة وهو لن ينفك عن التفكير بها منذ رحيلها قبل ساعات قليلة ...
" حياة ..."
قالها بعدم تصديق وهو لا يدرك اذا ما كان هذا حلما أم حقيقة ..
لحظات مرت وهو لا يصدق إنه يراها أمامه ولا يعرف ماذا يقول لكن ما يعرفه إن السعادة تسللت لا إراديا ما إن رأها أمامه وفكرة إنها ترفض تركه أسعدته كثيرا ...
انتفض نديم من مكانه فجأة لينظر حوله بدهشة قبل أن يستوعب إنه كان يحلم ...
تنهد بتعب وهو يمسح على وجهه بكفيه قبل أن ينهض من فوق سريره متجها خارج الغرفة ..
دلف الى المطبخ ليتناول الماء ثم خرج بعدها نحو صالة الجلوس ليجد غالية هناك فهتف قائلا :-
" هل قررتِ الإستقرار هنا يا غالية ..؟!"
ضحكت برقة وقالت :-
" انا هنا لأطمئن عليك ... كيف حالك اليوم ...؟!"
أجابها بنبرة هادئة :-
" أفضل بكثير ..."
" تبدو مرهقا ..؟!"
سألته بإهتمام ليجيب بإختصار :-
" قليلا .."
سألته بحماس :-
" ما رأيك أن نخرج ونتناول الطعام في احد المطاعم ..؟!"
لا إراديا تذكر ظهر اليوم حيث كان من المفترض ان يتناول طعامه مع حياة لكن للإسف انتهى اللقاء بينهما قبل أن يبدأ ..
" لماذا لا تجيب ..؟!"
سألته غالية بضيق ليجيب بجدية :-
" لا أستطيع اليوم .. اساسا سأتناول العشاء مع وسام حيث سنلتقي في المطعم كي نتحدث بشأن المشروع الذي أفكر فيه ..."
قاطعته غالية بحماس :-
" حقا ..؟! هذا رائع ..."
ابتسم دون أن يعلق لتتنهد بصوت مرتفع ثم تقول :-
" ستخرج ليلى غدا من المشفى ..."
هز رأسه مرددا بهدوء :-
" جيد .."
" تريد الطلاق لكن عمار يرفض تطليقها ..."
نظر إليها بصمت دون أن يعلق لتسأله بتردد :-
" ألن تقول شيئا ..؟!"
سألها بدوره بنبرة باهتة :-
" ماذا سأقول ..؟!"
سألته بصراحة :-
" ألا يهمك أمرها حقا أم إنك تدعي عدم الإهتمام ..؟!"
عقد حاجبيه يردد بضيق :-
" كم مرة علي أن أخبرك إن أمرها بالفعل لا يهمني ...؟!"
ترددت وهي تردف :-
" لكنها ستتطلق من عمار قريبا .. هل ستقول بعد طلاقها نفس الكلام ...؟!"
زفر أنفاسه وقال :-
" انظري الي يا غالية ... انتِ تعرفينني جيدا .. انا لست بحاجة لأن أكذب أو أدعي عكس ما اريده ... ليلى جمعنا بها ماضي طويل ... لا أظن إنني سأنساها يوما لكنني سأتجاوزها لإنني أدرك جيدا إن عودتنا مستحيلة .. وإن قلبي لن يغفر لها تخليها عني يوما ما مهما حدث ..."
صمتت تتأمله بحزن ونبرته المشبعة بالألم أوجعتها ..
حاولت أن تخفي شفقتها وهي تردد بضحكة مصطنعة :-
" لا تقلق .. ستنساها وستجد من تعوضك عنها وقريبا جدا أيضا ..."
أنهت جملتها بغمزة من عينها لتسمعه يهتف بصوت جاد :-
" وهذا الموضوع أيضا ستنسيه تماما .. ما تفكرين به لن يحدث .. لقد تحدثت معها وأنهيت كل شيء ..."
فرغت فاهها تسأله بصدمة :-
" بمَ تحدثت معها ..؟! ماذا قلت لها يا نديم ...؟! "
تنفس بصعوبة ثم أجاب بجدية :-
" أخبرتها ألا تضع آمالها علي ... ألا تربط نفسها برجل مثلي ... أخبرتها إنني لا أناسبها ولن أجلب لها سوى التعاسة ..."
نهضت من مكانها تصيح بلا وعي :-
" أنت تمزح بالتأكيد .. قل إنك تمزح بالله عليك ... "
ظل على نفس وضعيته وهو يجيب ببرود أغاظها :-
" كلا انا لا امزح .. هذا هو الأفضل لها يا غالية ..."
" لست انت من تحدد الأفضل لها يا نديم ...!!"
قالتها بقوة ليهتف بتعب من هذا الحديث الذي لا يجلب له سوى الألم :-
" لا تكوني أنانية يا غالية .. لا تحاولي إستغلالها كي تنسيني ليلى ... لا تفعلي ذلك .."
هزت رأسها نفيا تحاول ابعاد تلك التهمة عنها تردد بصدق :-
" انا بالطبع لا أفعل هذا .. من المستحيل أن أسعى لإستغلالها لأجلك ... لكنني مشفقة عليها مثلما أشفق عليك ... ربما جرحتها بكلامك دون أن تدري ... ماذا ستفعل حينها ..؟!"
أجاب بفتور وهو ينهض من مكانه :-
" أجرحها الآن أفضل بكثير من أن أجرحها فيما بعد ..."
تركها متجها الى غرفته بينما زقرت غالية أنفاسها بضيق وهي تشعر بالألم لأجل أخيها المستمر في ضياعه ولأجل حياة التي تشعر بأنها تكن شعورا خاصا جدا لأخيها ..
...................................................................
أنت تقرأ
حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح )
Romanceهو رجل يشبه الظلام .. رجل طعنه القدر بقسوة ولم يتبقَ منه سوى بقايا روح ترفض الحياة .. أما هي فأتت وإخترقت حياته المظلمة بالصدفة البحته .. بقلب نقي بريء وروح لا ترغب بشيء سوى الأمان وجدت نفسها عالقة بين ظلماته المخيفة .. وأخرى لم تدرك شيئا سوى إنها ت...