الفصل الخامس والاربعين ( الجرء الثالث)
ملحوظة / اعذروني على قصر الفصل لكن وضحت اليوم انشغلت في حفلة الزواج وكنت ناوية اكتب اكثر بس للاسف الانترنت ينقطع عدنه بعد ساعة بسبب امتحانات البكالوريا فكان لازم انزل الفصل حاليا 💔
ان شاءالله الاسبوع هذا ثلاث فصول طويلة بدلا من فصلين واسفة مرة ثانية 💔
كانت ممددة فوق سريرها تشعر بالغثيان المستمر عندما دلفت همسة الى جناحها وهي تحمل معها الحساء الدافئ ..
وضعت همسة الصينية أمامها وقالت لها :
" تناولي الحساء يا جيلان .."
أشاحت جيلان بوجهها بعيدا وقد إزداد شعور الغثيان لديها عندما رأت الحساء لتهمس :-
" لا أريد .. لا أريد تناول أي شيء .."
هتفت همسة بقلق :-
" أنت لم تتناولِ شيئا منذ الصباح ..."
" لا أستطيع يا همسة .. "
قالتها جيلان بنبرة مرهقة لتتأملها همسة بشفقة قبل أن تسمع صوت طرقات على الباب يتبعها دخول توليب التي تأملت جيلان للحظة قبل أن تهمس :-
" دكتورة منى في الخارج .."
هتفت جيلان بدهشة :-
" دكتورة منى جائت عندي .."
دلفت منى وهي تبتسم لها مرددة :-
" مساء الخير حبيبتي .."
ردت جيلان وهي تبتسم رغم تعبها :-
" مساء النور دكتورة .."
همت جيلان بالنهوض لكن منى أوقفتها بسرعة :-
" لا تنهضي حبيبتي ..."
ثم أشارت نحو السرير :-
" سأجلس جانبك ..."
نهضت همسة من مكانها ترحب بها قبل أن تشير الى توليب بعينيها لتتحرك الإثنتان خارج المكان تاركين الطبيبة مع جيلان ..
" كيف حالك يا جيلان ..؟!"
سألتها منى وهي تبتسم لها لتجيب جيلان بتنهيدة مرهقة :-
" انا مريضة قليلا .."
هزت منى رأسها بتفهم وقالت :-
" أنا أتيت لأطمئن عليك وأتحدث معك أيضا .."
قالت جيلان بعفوية :-
" أعتذر عن عدم قدومي الفترة السابقة ولكنني كنت مريضة جدا .."
ابتسمت منى مرددة بنفس التفهم :-
" لا داعي للإعتذار حبيبتي ... أساسا كنت سأتحدث معك بشأن هذا التعب .."
رمشت جيلان بعينيها مرددة بحيرة :-
" تفضلي دكتورة ..."
تحدثت منى بتأني :-
" انت صغيرة يا جيلان .. وجميلة ... فتاة مميزة ..."
صمتت للحظة ثم قالت :-
" لقد تحدثنا مسبقا عن الميزات التي تمتلكينها وكيف عليكِ إستغلالها وتحدثنا عن المستقبل وما ينتظرك فيه .."
قالت جيلان بضعف :-
" نعم وأنا وعدتك أن أفكر في مستقبلي بشكل جدي وأسعى للإهتمام بدراستي حتى أحصل على معدل عالي وأدخل كلية الصيدلة .."
رددت منى بصدق :-
" ستفعلين جميع هذا بإذن الله .."
أكملت تشجعها :-
" أنتِ قوية وذكية يا جيلان .. تستطعين تجاوز أي شيء مهما بلغت صعوبته ..."
هزت جيلان رأسها موافقة وهي تبتسم لها بأمل عندما ظهر التوتر على ملامح منى وهي تضيف :-
" لذلك ستعديني أن تكوني قوية مهما حدث ... "
قالت جيلان وهي تبتسم بصدق :-
" أعدك يا دكتورة ..."
ابتسمت منى بنفس التوتر عندما همست لها :-
" إسمعيني إذا ... هناك شيء ما يجب أن تعرفينه ولكن قبلها تذكري إنك وعدتني بأن تبقي قوية مهما حدث ...!!"
أضافت وهي تقبض على كفيها بدعم شديد :-
" تذكري إننا جميعنا معك وجانبك .. نريد سعادتك وراحتك ..."
تأملت نظرات جيلان البريئة التائهة بألم عندما نطقت بنفس التروي :-
" أنت تزوجت مهند يا جيلان .. بالطبع تتذكرين ..؟!"
أجابت جيلان بعفوية :-
" لكنني تطلقت .."
اومأت منى برأسها مرددة :-
" أعلم ذلك ولكن قبل حدوث الطلاق هناك شيء ما جرى ..."
تنهدت ثم قالت :-
" أنتما كنتما زوجين ... والزواج ربما ينتج عنه أطفال ..."
توقفت للحظة تراقب تغضن ملامح جيلان عندما أكملت متمهلة:-
" يعني بما إنك تزوجت لفترة فمن الطبيعي أن تحملي طفلا داخلك ..."
همست جيلان بتساؤل متعثر :-
" هل تقصدين إنني أحمل طفلا الآن ..؟!"
ثم شردت ملامحها بتفكير امتد لثواني لتضيف بنبرة مرتجفة :-
" هل مرضي وتعبي بسبب الحمل ..؟!"
هزت منى رأسها دون رد لتتسائل جيلان مجددا بشفتين مرتعشتين :-
" كيف حدث هذا ...؟! "
" جيلان ... حبيبتي .."
قالتها منى وهي تضغط على كفها لتبدأ دموع جيلان بالتساقط بشكل جعل منى تتوسلها :-
" اهدئي من فضلك ..."
همست جيلان بصوت بالكاد يسمع :-
" هذا مستحيل .. انت تكذبين .. انا لست حاملا .. هذا كذب .."
إرتفع صوتها أكثر وهي تهز رأسها بنفي عنيف بينما تردد :-
" انا لست حامل ... هذا كذب .. أنت تكذبين .. هذا مستحيل ..."
حاولت منى إحتضانها لكن جيلان دفعتها بقوة قبل أن تنتفض من فوق السرير وهي تصرخ بهلع من الفكرة المخيفة بالنسبة لها :-
" انت كاذبة ... انا لست حاملا ... "
ثم همت بفتح الباب لتتفاجئ بوجود زهرة أمامها وجانبها همسة لتحاول زهرة التقدم نحوها وهي تهمس :-
" جيلان صغيرتي .."
لكن جيلان بدت وكأنها تحولت لشخص ثاني لا يستوعب سوى شيء واحد فقط .. إنها تحمل طفلا داخلها وكم بدا هذا الأمر مريعا لها ...
عادت جيلان الى الخلف تصرخ بهما بلا وعي :-
" إبتعدا عني .. إتركاني ... لا تقتربا مني .."
حاولت منى تهدئتها عندما تقدمت نحوها من الخلف لكن جيلان عادت تدفعها وهي تبتعد عنها بدورها تصيح بها :-
" وأنتِ أيضا إبتعدي عني ... إتركيني .."
كانت دموعها ما زالت تتساقط عندما صاحت باكية :-
" أنا لا أريدكم ... لا أريد أيا منكم .. إبتعدوا عني ... إتركوني ..."
قالت منى تحاول تهدئتها :-
" جيلان فقط اسمعيني ..."
قاطعتها جيلان تصرخ بها :-
" لا أريد سماعك .."
ثم توقفت عندما سمعت صوتا مألوفا يصدح بإسمها لتلتف بنظرها نحو الباب فتجد عمار أمامها يتأملها بضعف سيطر على ملامحه بالكامل ...
توقفت عن البكاء بينما وقفت مكانها تنظر إليه بوجهها المبلل بسكون عندما أشارت منى لزهرة وهمسة أن يتبعانها نحو الخارج قبل أن تهمس الى عمار بكلمات غير مسموعة ليهز عمار رأسه بصمت فتربت منى على كتفه قبل أن تغادر المكان ...
ما إن غادر الجميع حتى قال عمار مجددا :-
" جيلان ..."
رمشت بعينيها للحظات قبل أن تهمس بتساؤل :-
" من أنت ...؟!"
هتف بنبرة مترددة :-
" انا عمار .. أخوك يا جيلان ..."
" كلا أنت لست أخي ..."
قالتها وتلك القسوة في عينيها كانت وليدة اللحظة أم ربما هي نتاج تراكمات لن تزول ...
" جيلان صغيرتي .."
حاول إستعطافها لكنها لم تبالِ ...
كل شيء بها تحطم ... روحها ماتت وقاتلها واقف أمامها يطلب العفو الذي لا رجاء منه ...
" أنت السبب ..."
قالتها بصلابة وهي تكمل وكل كلمة تنطقها تنغرس كخنجر داخل قلبه :-
" انت سبب كل شيء ... لولاك ما كان ليحدث معي كل هذا .. انا تحطمت بسببك ... تعرضت للاغتصاب بسببك ... تزوجت مجبرة بسببك .. زوجي نالني رغما عنك بسببك والآن أنا أحمل طفلا داخلي بسببك ..."
حاول أن يقترب منها مجددا لكن تلك النظرة في عينيها أوقفته مكانه لتضيف بثبات لا يشبهها :-
" ماما كانت دائما تخبرني إنك سندي بعدها .. دائما كانت تطمئني إنك موجود ... وإنه مهما حدث ستبقى انت معي وجواري .. "
أضافت والدموع تلمع بعينيها :-
" وأنا صدقتها .. بكل أسف صدقتها .. بنيت آمالا عليك .. ظننتك ملاذي والحضن الدافئ الذي سيحتويني لكنك كنت جلادي يا عمار ... كنت ذنبي الذي لم يغفره القدر لي ..."
ترقرقت الدموع داخل عينيه لتكمل بنبرة باكية ؛-
" لقد ترجيتك يا عمار .. ترجيتك ألا تتركني هنا .. ألا تزوجني منه .. توسلتك ..هل تتذكر .. لكنك رفضت بكل تبجج كعادتك .. وزوجتي منه .. رميتني هنا ولم تسأل عني ..."
إسترسلت وهي تبتسم بمرارة :-
" وما الجديد ..؟! منذ متى وأنت كنت تهتم بي وتسأل عني ..؟بعد وفاة بابا تركتني منبوذة في تلك الشقة الكئيبة مع مربيتي وعندما حدث ذلك الحدث قررت أن ترميني لعمي وتحت وصاية أبنائه .. دائما ما كنت تبحث عن طريقة للتخلص مني وكنت تنجح في كل مرة بينما انا كنت أفقد جزءا من نفسي في المرة ذاتها ..."
كتمت شهقاتها وهي تكمل ؛-
" ما أصابني بسببك .. انت المسؤول عن كل شيء ... "
" جيلان اسمعيني من فضلك ... سنجد حلا .. أعدك بهذا .."
قالها بتوسل لتصرخ به :-
" لا تكذب مجددا ... توقف عن الكذب .. مرة واحدة توقف عن خداعي ..."
أكملت ودموع المرارة تساقطت فوق وجنتيها :-
" كيف ستحل الأمر هذه المرة ...؟! هل ستقتل الطفل وهو داخلي أم ستنتظر ولادته وترميه لوالده كما رميتني من قبل ..؟!"
تقدمت نحوه هي هذه المرة تتسائل بإصرار :-
" كيف ستحل الأمر يا عمار بك ..، أخبرني ...؟!"
" جيلان ارجوك ..."
قاطعته وفي تلك اللحظة لم تعد تطيق حقا رؤيته :-
" اخرج من هنا ... اتركني وشأني .. انا لا أريدك ولا أطيقك .. انا اكرهك .. اكرهك يا عمار .."
حاول أن يستجديها وهو يتقدم نحوها فعادت تصرخ به بصوت عالي جهوري :-
" اخرج من هنا ... اتركني .. لا أريدك ..."
" جيلان .."
عاد يكررها بهمس باكي وهو يحاول جذب كفها ليتفاجئ بها تضربه على صدره بعنف مخيف وهي تصيح بشكل مسبب للذعر :-
" أنا أكرهك .. أنت دمرتني ... أنت السبب .. لا أريدك في حياتي ..."
فجأة إندفع مهند من الخارج وكأنه أتى من العدم وإنقض عليه يدفعه بقوة صارخا به :-
" إبتعد عنها ..."
دلف راغب خلفه مسرعا ومعه فيصل عندما انتفض عمار منقضا على مهند بينما انكمشت جيلان بعيدا :-
" أيها النذل الحقير ... أنت سبب كل شيء .. سأقتلك ... "
وقف راغب في وجهه يباعد بينهما عندما صاح مهند بدوره :-
" أنت آخر من يتكلم عن النذالة .. أنت دمرت أختك يا هذا .. مهما فعلت أنا فلن أصل لدنائتك وقذارتك..."
حاول عمار يهجم عليه مجددا وهو يسبه بأفظع الكلمات عندما صاح راغب بحزم :-
" يكفي توقفا ..."
بينما تبعه فيصل يصيح وهو يتجه راكضا نحو جيلان التي فقدت وعي ليحملها بين ذراعيه فيتجه عمار نحوها تاركا مهند خلفه متناسيا ما كان يحدث بينهماقبل ثوان..........................................
...........................
غرقت جيلان في نومها بعدما أعطتها منى تلك الحقنة المهدئة وتركتها برعاية همسة التي قررت المبيت معها ...
مر الوقت وهمسة تراقبها بملامح حزينة حتى سطع ضوء الصباح فسمعت همسة صوت الباب يفتح لتتفاجئ بمهند يدلف الى الداخل بملامح مرهقة فنهضت من مكانها تهمس له مؤنبة :-
" ماذا تفعل هنا يا مهند ...؟!"
رد مهند بصوت منخفض :-
" جئت لأطمئن عليها ..."
قالت همسة بتردد :-
" إخرج قبل أن تستيقظ وتراك ... "
قاطعها بنبرة مرهقة :-
" من فضلك يا همسة ، انا متعب بما يكفي .."
حل الصمت المطبق بينهما عندما نطق بتردد :-
" فقط سألقي نظرة عليها وأغادر .."
لمحت الندم في عينيه فشعرت بالشفقة عليه فرغم كل شيء يبقى هو مهند ابن خالتها وصديق طفولتها ومن كان دائما بمثابة شقيقها ..
ابتعدت عنه بصمت ليتقدم نحوها فيتفاجئ بها وقد فتحت عينيها الخضراوين تنظر له بملامح جامدة ..
تلعثم وهو ينطق إسمها فزادت دهشته وهي تعتدل في جلستها بنفس الجمود ..
وجد نفسه ولأول مرة عاجزا عن الحديث ...
لا يعرف ما يجب أن يقوله ....
إتجهت جيلان بأنظارها نحوه .. تأملته بجمود دون أن ترمش عينيها ..
شعر في تلك اللحظة بإنه صغير .. صغير جدا ...
نظراتها كانت مبهمة وهذا أسوء ما في الأمر ..
أراد منها أن تصرخ .. تنتفض .. تبكي وتلعنه كما فعلت في أخيها لكنها لم تفعل ..
بقيت على وضعها عندما نطقت همسة وهي تتقدم نحوها :-
" حبيبتي ، هل أنت بخير ...؟!"
تجاهلتها جيلان ونهضت من مكانها تتجه نحوه فتلاقت عينيه بعينيها ..
نطق أخيرا :-
" جيلان .. نحن يجب أن نتحدث .."
واقعيا لم يكن في باله أن يتحدث لكن في تلك اللحظة لم يكن يعرف ما يقوله فوجد نفسه يتحدث بهذه الجملة دون وعي منه ..
تفوهت جيلان بدورها بهدوء مريب :-
" تحدث ... أسمعك ..."
تأملتهما همسة عندما وجدت مهند يشير لها بعينيه أن تتركهما فنظرت له بطريقة تخبره عن قلقها من المغادرة لكنه منحها نظرة مطمأنة فإضطرت أن تخرج على مضض ...
عادت جيلان تكرر حديثها الهادئ :-
" أسمعك .."
أخذ مهند نفسا عميقا ثم قال :-
" انا اسف .... أنا أتحمل مسؤولية ما حدث ..."
عقدت ذراعيها أمام صدرها وسألته بنفس اللهجة :-
" وكيف ستتحمل المسؤولية ..؟! ماذا ستفعل مثلا ..؟!"
كان سؤالا منطقيا وهو بدوره لم يمتلك إجابة محددة فهتف بجدية :-
" هذا الطفل مسؤوليتي .. تحملي الشهور القادمة حتى تنجبيه ثم ..."
صرخت به تقاطعه :-
" أتحمل الشهور القادمة ثم ماذا ..؟! ماذا ستفعل ..؟! كيف يمكنك أن تتحدث بهذه البساطة ..؟! ألا تشعر بحجم المصيبة التي وقعت بها ..؟! كيف يمكنك أن تتحدث بهذه السهولة ..؟!"
" جيلان .."
تمتم بخفوت لتكمل بثرثرة غاضبة سوداوية :-
" حياتي كلها ستتغير بعدما حدث .. كل شيء سيتغير نحو الأسوأ وأنتم السبب .. أنت وعمار والبقية .."
أكملت وهي تشير الى نفسها بوجع :-
" انا لا أريد هذا الطفل .. لا أريد أن أحمل .. "
إسترسلت ببؤس :-
" انا صغيرة .. لا يمكنني تحمل هذا.. لا أستطيع ..."
قال مهند بصدق :-
" لهذا سأعفيك من هذه المسؤولية ... سأتحمل انا مسؤولية الطفل ما أن يولد وأنت يمكنك أن تعيشي حياتك كما تريدين .."
صرخت باكية :
" بعد ماذا ..؟! بعدما أنجبه ..؟! بعدما أصبح أما في هذا العمر ..؟! انت لا تفهم حجم ما أعيشه وما ينتظرني في المستقبل .."
أضافت والدموع أخذت طريقها فوق وجنتيها :-
" لماذا فعلت بي هذا ... ؟! انا لم أؤذيك يوما ولم أجبرك على شيء لكن أنت فعلت كل شيء .. حاسبتني على ذنب لم أرتكبه أو ربما إرتكبته دون قصد .. عاملتني بأسوء طريقة والآن تتحدث بكل بساطة .. تخبرني أن أنتظر عدة شهور ثم أتخلص من هذا الحمل الذي بليتني به ..."
توقفت عن حديثها وقد بدأت بالبكاء فإنتفض بدوره من مكانه مرددا وهو يحاول التقدم نحوها :-
" جيلان ارجوك .."
لكنها إنكمشت على نفسها بنفس الطريقة وهي تردد من بين دموعها :-
" أنت دمرت حياتي ومستقبلي .. أنا أكرهك .. أكرهك وأكره هذا الطفل الذي تكون داخلي بسببك .. لولاك أنت ولولا هذا الطفل اللعين ما كان ليحدث هذا .. بسببك انت وهو تدمرت حياتي وانتهى مستقبلي قبل أن يبدأ .."
لم يتحمل ما يسمعه فعادت فورة غضبة تسيطر عليه عندما صرخ بها منفعلا :-
" ماذا تريدين أن أفعل ..؟! هل أقتل نفسي كي ترتاحين ..؟! أم أمنحك سلاحا تقتليني به ..."
أكمل وهو يصيح بصوت أكثر علوا :-
" أنت تدمرت حياتك .. ولكن ماذا عني ..؟؟ هل تعتقدين إنني سعيد .. انا ايضا حياتي تدمرت وسأتحمل مسؤولية طفل لا أريده ولا أرغب به ..."
ارتفعت شهقاتها فتضاعف غضبه ليتجه نحو احدى الفازات ويرميها أرضا بإنفعال شديد ...
في تلك اللحظة سيطرت عليه شخصيته المعتادة بكل عصبيتها وحدتها المخيفة لتتجه جيلان بخطوات لا إرادية نحو الخلف حتى سقطت بجسدها فوق السرير بينما أخذ هو يصرخ ويحطم كل شيء يراه أمامه ..
......................................
كانت ساكنة تماما ...
تجلس ووجها منخفض نحو الأسفل ...
صامتةولم تتفوه بكلمة واحدة حتى طوال موجة غضبه التي سكنت أخيرا بعدما حطم الكثير وصياحه وصل الى أبعد نقطة ..
كان هو يحرر غضبه الكامن داخله منذ أيام بينما هي كانت شاردة في ملكوت آخر وكأنه ليس موجودا حولها ولا يفعل ما يفعله ..
وأخيرا إنتهت موجة الغضب وساد السكون التام وشرودها كما هو ..
تأملها بعدما هدأت أعصابه ..
وجهها المنخفض أرضا تغطيه خصلات شعرها البنية الناعمة الطويلة من الجانبين ..
فستانها الأبيض الرقيق والذي يبرز إنتفاخ بطنها الضئيل االذي لاحظه للمرة الأولى ...
كفيها المعقودان بتشابك فوق فخذيها ..
زفر أنفاسه بتعب وحيرة وهو لا يعرف ماذا يقول ...
هو فعليا لا يجيد التعامل معها ولا يظن إنه سيفعل ...
يحاول أن يبحث عن أمل صغير في وضعهما المزري .. عن شعاع نور ولو كان ضئيلا لكنه لا يجد سوى العتمة تبتلعهما سويا دون فكاك ..
" جيلان .."
همس إسمها أخيرا بترقب عندما رفعت عينيها الخضراوين نحوه لتصدمه تلك النظرة في عينيها ..
نظرة إستنجاد خالصة ...
هي تستنجده هو ... تستغيث به ... فهل سيلبي ندائها ...؟!
نطقت أخيرا ونظرتها ما زالت كما هي بينما شفتيها ترتجفان والكلمات تخرج من فمها متقطعة :-
" خلصني منه ...."
إتسعت عيناه بصدمة عندما أكملت وهذه المرة الدموع ملأت عينيها :-
" لا أريده .."
بالكاد إبتلع غصته وكتم إنفعاله الذي يشي بنوبة غضب جديدة قادمة وهي التي تحطمه في كل مرة تتحدث بها وتقيده بذنبه في حقها أكثر...
هو مقيد بذنبها من رأسه حتى أخمص قدميه ..
قيد لا فكاك منه ...
ولأول مرة ينطق بهكذا هدوء وصدق عصف بعينيه الزرقاوين اللتين تحملان داخلهما مزيج من المشاعر العاصفة :-
" لو كان بيدي لفعلتها .. لو لم يكن الأمر يتعلق بحياتك لقتلته قبل أن يولد لكن هذا قدركِ وقدري أنا أيضا ... حياتك باتت متعلقة بحياته وأنا لا يمكنني المجازفة بك يا جيلان .."
أنهى كلماته وغادر يهرب منها .. من ذنبها الذي يقيده كليا ..
اما هي فتسافطت دموعها بوجع وخوف غريزي ..
لم تعرف ماذا تفعل ..
شعرت إنها وحيدة بحق ..
نعم هي كانت وحيدة دائما لكنها المرة الأولى التي تشعر بها إن تلك الوحدة تبتلعها دون هوادة ...
نهضت من مكانها ودون وعي منها جذبت حقيبة صغيرة ووضعت بها بعض الملابس والأموال التي كانت بحوزتها ..
ارتدت ملابس سريعة مكونة من بنطال جينز وتيشرت ذو أكمام قصيرة ..
ألقت نظرة على هاتفها فأرادت آخذه لكنها تراجعت وهي تتحرك خارج الجناح بسر في هذا الوقت المبكر من الصباح حيث الجميع ما زال نائما ومهند لا تعرف أين غادر بينما همسة عادت الى جناحها على ما يبدو ..
تحركت بسرعة تهبط نحو الطابق الارضي ومنه خرجت الى الحديقة لكنها توقفت تتأمل الحرس الذين يقفون عند بوابة القصر فزفرت أنفاسها بضيق ...
لم تعرف ماذا تفعل فبقيت مكانها للحظات حائرة فيما ستفعله ...
تأملت الحارسين بتردد استمر لثوان قبل أن تتحرك عائدة الى الداخل عندما اتجهت نحو المطبخ الخالي من الخدم لتأخذ احدى القداحات تنظر لها بتردد سرعان ما إختفى وهي تتجه خارجا من جديد وقد حسمت أمرها ..
ستهرب لا محالة وهذه الطريقة الوحيدة المتاحة أمامها ..
يتبع ..
أنت تقرأ
حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح )
Romanceهو رجل يشبه الظلام .. رجل طعنه القدر بقسوة ولم يتبقَ منه سوى بقايا روح ترفض الحياة .. أما هي فأتت وإخترقت حياته المظلمة بالصدفة البحته .. بقلب نقي بريء وروح لا ترغب بشيء سوى الأمان وجدت نفسها عالقة بين ظلماته المخيفة .. وأخرى لم تدرك شيئا سوى إنها ت...