الفصل السادس والثلاثون ( الجزء الاول )

3.5K 193 13
                                    

كان يقود سيارته بملامح شديدة الوجوم .. لا يصدق حتى الآن ما حدث وكيف كادت أن تصدمها السيارة بسببه ..
كلا هو ليس مذنبا .. هو تصرف بالشكل الصحيح وهي التي تصرفاتها بغيضة لا أخلاقية ..
توقف عند إشارة المرور يزفر أنفاسه بتعب يتأمل هذا الصباح المشرق والذي يتناقض مع عتمة روحه ..!!
نظر الى الساعة فوجدها تجاوزت الثامنة صباحا ليتسائل داخله اذا ما كانت حياة ذهبت الى الجامعة أم ما زالت في الشقة ..؟!
استدار الى الخلف يتأمل تلك التي تنام بعمق غير واعية لأي مما يدور حولها حيث فقدت وعيها بعدما كادت أن تصدمها السيارة دون أن يعلم اذا ما فقدت وعيها خوفا من الموقف  ام لكونها كانت مخمورة تماما لكنه سارع يحملها ويتأكد من سلامتها ومعه السائق ليطمئن إن السيارة بالفعل لم تصدمها حيث كانت على وشك فعل ذلك لولا إن السائق تلافى الأمر في اللحظة الأخيرة ..
حملها بعد ذلك دون أن يعرف الى أين يذهب بها بعدما وجد هاتفها مغلقا ولا يوجد في حقيبتها اي شيء يدل على مكان إقامتها ..
لم يرغب في الذهاب الى المشفى فوضعها في سيارته وحاول إفاقتها بعدما جلب قنينة من المياه لكنها بالكاد تملمت وهي تأن بتعب وآثر الكحول يسيطر على عقلها كليا ..
انتبه الى اشارة المرور التي أصبحت خضراء ليدير مقود سيارته متجها الى شقته وهو يدعو ربه أن تتفهم حياة الأمر وتستوعب ما يحدث ...
اوقف سيارته امام العمارة التي يسكن فيها فقادها نحو الكراج حيث اوقف سيارته هناك وهبط منها ليفتح الباب الخلفي ويحملها بين ذراعيه وهو يتأفف بصوت مسموع ..
شعر بعا تتململ بين ذراعيه فهتف بخفوت ورجاء :-
" استيقظي بالله عليك واذهبي الى منزلك ..."
نظر الى السماء يشعر بمدى حظه العاثر وهو لا حل أمامه سوى الذهاب بها الى شقته حيث لا يعرف أين يذهب بها ؟!!
صعد بها الى شقته بعدما طلب من احد حراس العمارة أن يتبعه ليفتح له الباب ..!!
فتح الحارس له الباب فشكره ممتنا وهو يدلف الى الشقة ليزفر أنفاسه بتعب ثم يتأمل المكان حوله بحيرة مفكرا أين يضعها ..
نظر الى الكنبة وهم بوضعها هناك لكنه تراجع وهو يرى حجم الكنبة الغير مناسب ..!
تأفف مجددا وهو ينظر إليها متمنيا لو بإمكانه رميها خارجا دون إهتمام لكن لا يوجد في اليد حيلة ..
حسم أمره واتجه بها نحو غرفة حياة حيث وضعها على السرير وأخذ يتأملها بضيق وهو يحيط خصره بذراعيه وشعور التعب قد سيطر عليه فهو لم ينم طوال الليلة السابقة ..!
تثائب بتعب ثم عاد ينظر إليها مفكرا في ردة فعل حياة اذا ما جائت ورأتها ..
عليه أن يبقى مستيقظا حتى تأتي ويشرح لها كل شيء قبل أن تنصدم بوجودها في غرفتها ..
خرج من الغرفة واغلق الباب خلفه ثم اتجه نحو الكنبة يجلس عليها ينتظر قدوم حياة فينظر الى الساعة التي لم تتجاوز التاسعة بعد...
زفر أنفاسه بإرهاق تمكن منه وهو مفكرا إن الوقت ما زال مبكرا بالطبع على إنتهاء محاضراتها ..!!
لم يتحمل اكثر فنهض من مكانه متجها الى غرفته مقررا النوم لساعتين ثم يستيقظ بعدها قبل أن تأتي ليكون في إستقبالها عندما تأتي ويسارع في شرح القصة لها ..!!
................................................................
بعد اقل من ساعة ..
فتحت حياة الباب ودلفت الى الداخل .. أغلقت الباب خلفها ثم سارعت تتجه نحو غرفتها بعدما ألقت حقيبتها على الكنبة متأملة المكان الفارغ ففهمت إن نديم لم يعد بعد !!
فتحت الباب ودلفت الى الداخل حيث بدأت في فك أزرار قميصها دون أن تنظر ناحية السرير ..
كانت مستمرة في فك أزرار القميص حيث إلتفتت نحو الجهة الأخرى لتتجمد مكانها مما تراه ..
فتاة نائمة فوق سريرها بعمق وكأن الغرفة غرفتها والسرير لها ..
بالكاد أفاقت من صدمتها وبدأت تغلق أزرار قميصها وهي تتمتم العديد من الكلمات الغاضبة الحانقة الغير مفهومة ..!!
خرجت من غرفتها متجهة الى غرفة نديم حيث فتحت الباب بعنف لتجده نائما بعمق هو الآخر ..
" كم تبدو مسالما وبريئا ..؟!!!!"
قالتها بتهكم وهي تتأمل ملامحه الساكنة تماما قبل أن تندفع نحوه وتهزه من كتفه وهي تصيح عليه بصوت عالي ..
كانت تهزه بعنف وهي تنادي عليه صارخة لينتفض من مكانه بفزع ..
" استيقظ يا بك .."
قالتها بغضب مخيف وملامح مشتعلة ليفرك عينيه بتعب فتصيح بقوة :-
" انت من جلبت تلك الفتاة بالطبع ..؟!"
وأخيرت بدأ يستوعب ما يحدث وهو الذي لم يغفُ لمدة ساعة على الأقل ..!!
اعتدل في جلسته مرددا قبلما يتثائب حيث وضع يده على فمه :-
" دقيقة يا حياة .."
" كيف تسمح لنفسك بهذا ..؟!"
سألته بإنفعال واضح فمسح على وجهه بتعب فارتفع صياحها :-
" لماذا لا تجيب ..؟!"
نهض من مكانه يقف أمامها ويقبض على ذراعها مرددا بقوة :-
" هل يمكن أن تهدئي وتفهمين ما حدث اولا ..؟!"
" ماذا تقول انت ..؟! تريدين مني أن أهدأ بعدما رأيته .."
قالتها بعدم تصديق قبل أن تضيف :-
" فتاة لا أعرفها .. في غرفتي .. وفوق سريري .. انا لا أصدق هذا .."
" سأشرح لك يا حياة .."
قالها بهدوء وجدية لتقاطعه مرددة بجنق :-
" ماذا ستشرح يا نديم ..؟! من تلك الفتاة ..؟! وكيف تجلبها الى هنا بل تضعها في غرفتي ..؟! كيف سمحت لنفسك بهذا ..؟!"
" لو تصمتين لدقيقة واحدة فقط كي أخبرك كل شيء ..."
قالها بنفاذ صبر لتتأفف بحنق قبل أن تردد وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها :-
" تحدث هيا ..  أسمعك .."
تنهد بصوت مسموع ثم قال :-
" تلك الفتاة لا أعرفها .. إلتقيتها في احد البارات .."
قاطعته بعدم استيعاب :-
" بارات ..؟! هل تسهر في البارات يا نديم ..؟!"
رد بجدية :-
" دعيني اشرح لك اولا واتركينا من هذا الأمر ..؟!"
نظرت له بخيبة سارعت تخفيها فأضاف بجدية :-
" انا لا أعرفها لكنها كانت ملتصقة بي طوال الليلة ..!! قررت المغادرة عندما حل الصباح بعدما نفذ صبري وقد كانت هي حينها مخمورة تماما .. "
تنحتح مضيفا :-
" لحقتني تلتصق بي مجددا فدفتعها بغضب في نفس الوقت التي تقدمت به سيارة نحوها .."
" ماذا ..؟!"
همست برعب ليهتف مكملا :-
" لكن السائق إستطاع أن يسيطر على سيارته في اللحظة الأخيرة فلم يصدمها لكنها فقدت وعيها .. حاولت إيقاظها عدة مرات دون فائدة فكانت مخمورة تماما لذلك احترت أين أذهب بها وانا لا أعرف عنها شيئا حتى اسمها .."
أكملت نيابة عنه :-
" فقررت أن تجلبها هنا في شقتنا وتضعها فوق سريري .."
قال متأسفا :-
" لم يكن أمامي حل آحر .. حتى هاتفها وجدته مغلقا .."
" انا لا أصدق .. تسهر في البارت .. وتجلب فتاة من هناك .. ماذا بعد يا نديم .. ؟!أخبرني .."
سألته بنرفزة واضحة ليرد بجمود :-
" لقد أخبرتك كل شيء بصراحة تامة .. اما عن موضوع سهري في البارات فهذا شيء يخصني ولا يحق لك أن تتحدثي عنه .."
هتفت ببرود:-
" نعم ، اعلم إنني فقدت جميع حقوقي منذ قرار الطلاق .."
" بالضبط .."
قالها بجدية لتهتف وهي تشير الى الخارج :-
" حسنا ، تفضل من فضلك أيقظها ودعها تغادر ..."
" هذا ما أريده أنا ايضا .."
قالها بجدية قبل أن يهتف بتردد :-
" ولكن انت من ستفعلين ذلك .."
" ماذا تعني ..؟!"
سألته بعدم فهم ليرد شارحا :-
" افهميني يا حياة .. تلك الفتاة تلتصق بي ... أخاف أن تستيقط وتراني فتلتصق بي مجددا .. لذا انا سأغادر وانت دعيها تستيقظ وتغادر .."
" ماذا تقول انت ..؟!"
هتفت بصدمة لتجده يجذب هاتفه ومفاتيح سيارته وهو يردد :-
" سأعتمد عليك في هذا الأمر ..."
" ماذا تقول انت ...؟! ستذهب وتتركني مع فتاة غريبة لا أعرفها .. ماذا سأفعل انا ..؟!"
" تصرفي انت .."
قالها برجاء لتهتف بغضب مكتوم :-
" كيف سأتصرف أنا ..؟!"
" انظري سأذهب الآن حسنا .."
قالها وهو يهم بالتحرك عندما قبضت على ذراعه توقفه وهي تردد بضيق :-
" أين ستذهب وتتركني معها ..؟! "
هتف بتوسل :-
" بالله عليك تصرفي معها يا حياة .. لا أريدها أن تستيقظ وانا هنا .."
" ما علاقتي انا بهذا ..؟! أنت من جلبتها أم أنا ..؟!"
سألته بغضب شديد ليرد بجدية :-
" ليس مهما من جلبها .. المهم أن أتخلص منها .. انظري سأغادر الآن وانت أيقظيها ودعيها تغادر وحينها اتصلي بي كي أعود .."
انطلق بسرعة قبل أن يسمع كلمة اخرى بينما اخدت تصيح هي عليه دون فائدة قبل ان تهتف بعدم استيعاب :-
" اللعنة .. ماذا سأفعل أنا لوحدي معها ..؟! كل يوم مصيبة جديدة تقع فوق رأسي .. ما هذا الحظ ..؟!"
نظرت الى الباب المفتوح لتأخذ نفسا عميقا قبل ان تتجه نحو غرفتها مقررة إيقاظها والتخلص منها بسرعة ..!!
.......................................................
دلفت حياة الى غرفتها فأخذت تتأمل الفتاة حيث شعرها الأسود الفاحم وسمرتها الخفيفة وملامحها شديدة الفتنة ..
ملابسها المكونة من شورت اسود قصير فوقه تيشرت قصير يظهر جزءا صغير من بطنها المسطحة ذو حمالات رفيعة بينما ترتدي حذاء من نفس اللون الأسود ذو كعب شديد العلو ...
تقدمت نحوها اكثر فشمت رائحة عطرها النفاذة للغاية ..
كانت تضع عطرا رائحته قوية جدا رغم إنها محببة ..
زفرت أنفاسها بضيق قبل ان تنحني نحوها تهمس بتردد جانب اذنها :-
" يا انسة .. استيقظي من فضلك .."
لم تبدِ الفتاة اي ردة فعل فتأففت بصمت قبل ان تهزها من كتفها بخفة وهي تنادي عليها بصوت منخفض قليلا ..
لحظات وبدأت الفتاة تتململ في نومتها قبل أن ترمش عينيها عدة مرات ..
فتحت عينيها البنيتين أخيرا لتجد حياة تنظر إليها بوجوم فإنتفضت من مكانها تصيح لا إراديا :-
" من انت ..؟!"
تراجعت حياة الى الخلف مجيبة ببرود :-
" مرحبا .. انا حياة .. زوجة نديم .. الشاب الذي كنت تلتصقين به طوال ليلة البارحة ..!!"
ابتلعت الفتاة ريقها تردد بعدم استيعاب :-
" نديم !!"
أضافت تتسائل بحيرة :-
" هل تقصدين الشاب صاحب العيون الزرقاء ..؟!"
" نعم هو بنفسه .."
قالتها حياة بتهكم لتزفر الفتاة أنفاسها بتعب ثم تمسح على وجهها بكفيها وهي تردد :-
" أفزعتني حقا .."
" أعتذر حقا .."
قالتها حياة بنفس النبرة المائعة تقلدها متعمدة لتنظر الفتاة إليها للحظات ثم ترسم إبتسامة على شفتيها وهي تنهض من مكانها تردد معرفة عن نفسها :-
" مرحبا .. انا ماذي .."
ثم مدت كفها نحوها تحييها لتتأمل حياة كف الفتاة قبل ان تلتقطه وهي تردد :-
" اهلا ماذي .. "
ابتسمت ماذي وقالت :-
" تشرفت بمعرفتك .."
ردت حياة بإقتضاب :-
" الشرف لي .."
مررت ماذي أناملها داخل شعرها ثم وضعت كف يدها فوق فمها تتثائب قبل ان تهتف بعدها :-
" أشعر بصداع شديد ..؟! "
تأملتها حياة للحظات قبل ان تردد على مضض :-
" سأجلب لك  دواء للصداع .."
قالت ماذي بسرعة:-
" لا أريد مضايقتك حقا .. "
أضافت تتسائل بحذر :-
" أين نديم ..؟! "
سألتها حياة بحدة لا إرادية :-
" مالذي تريدنه من نديم ..؟!"
ردت ماذي ببرود :-
" أريد رؤيته وشكره على ما فعله معي .."
ثم اندفعت خارج الغرفة تبحث عنه لتتبعها حياة بغضب تنادي عليها قبل ان تقبض عليها من ذراعها توقفها وهي تهتف بحنق :-
" ماذا تفعلين انت ..؟!"
رد ماذي وهي تمط شفتيها :-
" أبحث عن نديم .."
قاطعتها حياة بغضب مكتوم :-
" نديم ليس هنا .."
" هل خرج وتركني لوحدي ..؟!"
قالتها ماذي بإحباط لترد حياة ببرود :-
"'الرجل لديه اعمال .. هل سيترك أعماله لأجلك .."
توقفت عن حديثها وهي تراها تضع يدها فوق رأسها وتوازنها بدأ يختل فقبضت حياة على كفها تتسائل بقلق :-
" هل انت بخير ..؟!"
ردت ماذي بصوت مرهق خافت :-
" أشعر بدوار شديد .."
" اجلسي هنا هيا .."
قالتها حياة وهي تتجه بها نحو الكرسي لتجلس ماذي وهي تضع رأسها بين كفيها لتتسائل حياة بإهتمام :-
" متى آخر مرة تناولت بها الطعام .؟!"
ردت ماذي دون أن ترفع رأسها :-
" لا أتذكر .. تقريبا صباح البارحة تناولت فطوري .."
هنفت حياة بضيق :-
" وتناولت الكثير من الكحوليات بالطبع ومعدتك فارغة .. يجب أن تتناولي شيئا ثم تشربين دواءا للصداع ..."
أضافت وهي تتجه نحو المطبخ :-
" سأعد الفطور سريعا .. ابقي مكانك ولا تتحركي .."
رفعت ماذي وجهها تتأملها وهي تتجه نحو المطبخ بصمت قبل أن تعود بجسدها الى الخلف وهي تتنهد بتعب ..!!
..............................................................
بعد مدة من الزمن ..
كانت حياة تجلس أمامها تتأملها وهي تتناول الفطور بشهية شديدة فإرتشفت قليلا من الشاي خاصتها بصمت تتابعها وهي تتناول طعامها بأريحية مدهشة ..
انتهت ماذي اخيرا من تناول طعامها فهتفت تشكرها :-
" أشكرك حقا على هذا الفطور الرائع .. لقد كنت جائعة لدرجة كبيرة ولم أعِ ذلك حتى رأيت الطعام أمامي .."
ابتسمت حياة بتصنع وهي تهتف :-
" بالهناء والعافية على قلبك .."
ثم نهضت وهي تتجه خارج المطبخ لتعود بعد لحظات وهي تمد يدها بحبة من الدواء لماذي تخبرها :-
" اشربي هذه الحبة .. ستخفف صداعك باذن الله .."
ابتسمت ماذي بإمتنان ثم اخذت الحبة وتناولتها مع الماء بينما بدأت حياة تلملم المائدة ..
نهضت ماذي بعدما وضعت قدح المياه جانبا لتهتف بجدية :-
" سأساعدك .."
قالت حياة وهي تلتفت نحوها بسرعة :-
" كلا ارتاحي انت .. انا سأنهي كل شيء بسرعة .."
قالت ماذي :-
" سأحمل الصحون عنك على الأقل .."
ثم اتجهت تسارع بحمل  الصحون ووضعها فوق المغسلة لتبدأ حياة بتنظيفها فتقوم ماذي بتنظيف المائدة بعدما انتهت من حمل الصفوف ..
انتهت حياة اخيرا من غسل الصحون والأكواب والملاعق فإلتفتت نحو ماذي تتأملها وهي تتقدم نحوها وتغسل يديها فتردد :-
" شكرا يا ماذي .. لم يكن هناك داعي أن تتعبي نفسك .."
ردت ماذي بإبتسامة لطيفة :-
" لا تشكريني .. انا من يجب أن أشكرك أساسا .. شكرا على إستضافتك لي في شقتك وعنايتك بي .."
" فعلت ما يتطلبه الواجب لا اكثر .."
قالتها حياة بجدية لتهتف ماذي مبتسمة :-
" انت لطيفة حقا .. نديم محظوظ بزوجة مثلك ..."
بالكاد إستطاعت حياة أن تبتسم ما إن ذكرت سيرة نديم لتضيف ماذي بخفوت :-
" منذ زمن بعيد لم أتعرف على شخص مثلك ..."
قالت حياة بسرعة :-
" انت تبالغين .. انت حتى لم تتعرفي علي جيدا بعد .."
ردت ماذي بجدية :-
" لا داعي للتعرف أكثر كي أحكم عليك .. اي واحدة مكانك تجد فتاة نائمة في شقتها لسارعت تجرها من شعرها وتلقيها خارج الشقة .. لا يمكن ان تتصرف اي واحدة مثلك .. توقظني وتعد الفطور لي وتجلب الدواء ..."
قاطعتها حياة :-
" لإنني اعرف سبب وجودك هنا .."
" حتى لو .. هذا لا ينفي مدى كرمك ولطفك ..."
هتفت حياة محاولة تغيير الموضوع:-
" اذا ، هل تحتاجين لدواء آخر ..؟!"
قاطعتها ماذي :-
" كلا ولكن هل يمكن أن تعدين القهوة لي .. أحتاجها كثيرا فهي تساعدني للغاية في وضع كهذا ..!!"
" حسنا سأعدها .."
قالتها حياة بجدية قبل أن تبدأ في إعداد القهوة تحت انظار ماذي التي سألتها :-
" منذ متى وانت متزوجة من نديم ..؟!"
ردت حياة :-
" منذ مدة قصيرة .."
ابتسمت ماذي وهي تردد :-
" تليقان ببعضيكما كثيرا .. بالتأكيد تزوجتما عن حب .."
تجمدت ملامح حياة للحظات وقد لاحظت ماذي ذلك قبل ان ترد بإختصار :-
" شيء كهذا ..."
" كم عمرك ..؟!"
سألتها ماذي مجددا لترد حياة بجدية :-
" اثنان وعشرون عاما ..."
" أووه صغيرة جدا .."
التفتت حياة نحوها تسألها بدورها :-
" لماذا ..؟! كم عمرك انت ..؟!"
ردت ماذي بجدية :-
" تسعة عشر عاما وسأنهي عامي العشرين بعد إسبوعين ..."
" ظننتك أكبر مني بكثير .."
قالتها حياة بسخرية لترد ماذي بجدية :-
" تفاجئت لإن عمرك صغير على الزواج .."
ردت حياة بصوت غير مسموع :-
" يبدو إنه بالفعل كذلك ..!!"
حملت القهوة وصبت في الكوب خاصتها وكوب آخر لماذي التي حملت الكوب وهي تبتسم بخفة فهتفت حياة :-
" دعينا نتناولها في الشرفة .."
جلستا على الطاولة في الشرفة ترتشفان القهوة لتهتف ماذي بإستمتاع :-
" الجو رائعا اليوم وقهوتك أروع ..."
ابتسمت حياة بصمت لتضع ماذي كوبها على الطاولة وهي تهتف بتردد :-
" حياة .. هل يمكنني قول شيء ما لك ..؟!"
" بالطبع .. تفضلي .."
هتفت بها حياة بتوجس لتهتف ماذي :-
" في الحقيقة انا شعرت بالراحة اتجاهك .. لقد مر وقت طويل لم أقابل شخصا مثلك.. شخص يجعلني أرغب في التعرف إليه بشدة .. أعلم كيف هي نظرتك اتجاهي .. فتاة تقضي ليلها في البارات .. مخمورة تماما .."
قاطعتها حياة بجدية :-
" انا لا أنظر إليك بأي طريقة لإنني لا أعرفك عن قرب .. وانا من عادتي ألا أحكم على شخص دون التعرف عليه بشكل جدي وعن قرب ..."
ابتسمت ماذي قبل ان تهتف بصوت مبحوح والألم ظهر داخل عينيها :-
" انا لا اعرف لماذا اقول هذا .. ربما لإنني في هذه الوقت تحديدا  وحيدة اكثر من أي وقت آخر ..."
هتفت حياة بجدية :-
" أتفهم شعورك .. لقد عايشته لفترة بعد وفاة والدي وربما ما زلت أعايشه بالفعل لكن الفرق إنني تأقلمت نوعا ما .."
" انا أعايش هذا الشعور منذ سنوات .. منذ أن ولدت ربما .."
قالتها ماذي بشرود لتتسائل حياة بإهتمام :-
" لماذا ..؟! يعني مالذي يجعلك تشعرين بهذا ..؟!"
غمغمت ماذي بخفوت :-
" إنها قصة طويلة .. هل انت مستعدة لسماعها ..؟!"
تأملتها حياة بصمت للحظات قبل ان تهز رأسها بصمت لتهتف ماذي بجدية :-
" لكن عليك ان تعلمي إن ما أقوله لا يعلمه سوى القليل جدا .. لا أعلم لمَ سأخبرك بهذا وانا بالكاد تعرفت عليك منذ ساعة لكن هناك شعور غريب تملك مني تجاهك يجعلني أشعر بالحاجة للبوح لك انت تحديدا .."
ابتسمت حياة تطمأنها لتبادلها ماذي إبتسامتها قبل أم تبدأ بالتحدث وحياة تستمع لها بإنصات ...
...................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن