الفصل الثلاثون ( الجزءالثاني )

3.9K 209 30
                                    

الفصل الثلاثون
( الجزء الثاني )
" عريسك موجود الآن مع خطيبته السابقة في الحديقة الخلفية في منزله ... بإمكانك الذهاب بنفسك ورؤيتهما سويا هناك .."
رسالة وصلتها على هاتفها أثناء عمل خبيرة التجميل التي بدأت تضع اللمسات الأولى على وجهها بعدما انتهت من تسريح شعرها ...
أغلقت الهاتف ووضعته أمامها بعنف وملامح وجهها تشنجت تماما فأخذت تتأمل وجهها في المرآة حيث كانت في الغرفة التي خصصتها صباح لها لوحدها كي تتزين وترتدي فستانها وتتجهز كاملا بينما ذهبتا كلا من مي وحنين في غرفة مجاورة ...
نهضت من مكانها تهمس بلا وعي وهي تحمل هاتفها في يدها :-
" دقائق وسأعود .."
ثم خرجت بسرعة من المكان متجهة الى الحديقة الخلفية والتي لم ترها مسبقا فإكتشفت إن الفيلا يوجد بها حديقة خلفية معزولة قليلا عن بقية المكان واسعة للغاية ومليئة بالأشجار والورود الرائعة مما جعلها أشبه بمزرعة صغيرة من الواضح إن هناك من يعتني بها بإستمرار وإهتمام شديد ..
وقفت خلف مجموعة من الأشجار الكثيفة تنظر إليهما من بعيد وهما يتحدثان ..
لم تستطع أن تتبين ملامح ليلى لإنها توليها ظهرها لكن ملامح نديم كانت واضحة نوعا ما وليس بشكل شديد بسبب بعد المسافة ..
لاحظت جمود ملامحه في بداية الأمر ثم تغضنها وتشنجها وأخيرا شيء من الضعف ثم الوجع بل شعرت إن ملامحه تحمل ندما واضحا ..
هو يندم على فراقه لها ... الأمر أصبح واضحا ..
لكن ما حدث بعدها جمدها كليا حيث وجدته يجذبها نحوه في عناق استمر لثواني ..
شعرت في تلك اللحظة بألم شديد يحرق روحها وكأن هناك سكين حادة اخترقت قلبها المسكين ..
تجمعت الدموع داخل عينيها وهي تعتصر الهاتف في يدها بلا وعي تتابعهما بعدما إبتعدت عنه وودعته لتتراجع الى الخلف فتنصدم بجسد أحدهم الذي قبض على خصرها فورا يعيد لها توازنها ..
انتفضت بعيدا باكية قبل أن تنتبه الى ذلك الشخص الذي همس لها بإهتمام :-
" اهدئي .."
رفعت وجهها لتجد عمار أمامها يطالعها بهدوء قبل أن يضيف بجدية :-
" تعلمي ألا تبكي على من لا يستحق دموعك .."
هتفت فورا من بين دموعها التي خذلتها وتساقطت على وجنتيها :-
" انت من فعلت هذا ..؟! انت من أرسلت تلك الرسالة ..؟!"
اومأ برأسه يجيبها ببرود :-
" نعم انا من فعلت .. أرسلت تلك الرسالة كي تأتي بنفسك وتشهدي على خيانته لك .. كي تدركي جيدا حقيقة الرجل الذي ستتزوجينه .. كي تستوعبي إن نديم ليس كما يبدو لك .. ليس ذلك الرجل المثالي الخلوق ... "
هتفت تسأله بعدم إستيعاب :-
" ألا تلاحظ إنك تتحدث عن زوجتك أيضا ..؟! كيف تتحدث عنه وفقط وتنسى إن من كانت معه هي زوجتك ..؟!"
رد بلا مبالاة :-
" لإننا منفصلين منذ مدة وطلاقنا أصبح حتمي وسيتم خلال أيام .. "
أضاف بنبرة ذات مغزى :-
" وهذه نقطة مهمة يجب أن تنتبهي إليها فليلى بعد أيام ستصبح حرة تماما ..."
تراجعت الى الخلف بملامح مبعثرة قبل أن تستدار الى الخلف لا إراديا فتجده يجلس على الأرجوحة الموضوعة في ركن الحديقة مخفضا وجهه نحو الأسفل واضعا رأسه بين كفيه وقد غادرت ليلى المكان ..
عادت تنظر الى عمار فوجدت إبتسامة على ثغره لم تفهم معناها لكنها شعرت إن هذا الرجل أخطر مما تظن ...
هذا الرجل يريد تدمير حياة أخيه دائما وبكل الطرق الممكنة ..
دفعته بقوة تتجه الى الفيلا مجددا عندما اندفعت الى نفس الغرفة تتجه نحو حقيبتها لتضع بها أغراضها فتتقدم غالية نحوها والتي علمت من إحدى الخدم إن العروس غادرت غرفتها فجأة فجائت تريد الإطمئنان عليها ..
" ماذا تفعلين يا حياة ..؟!"
توقفت حياة عن جمع أغراضها ورفعت وجهها الذي تلتصق به آثار دموعها ترد عليها :-
" سأغادر .."
سألت غالية بتوتر :-
" ماذا يعني ستغادرين ..؟! ماذا تقصدين ..؟!"
ردت ببرود تخفي به وجع روحها :-
" سأغادر المكان وحياة نديم بالكامل .. انا لن أتزوجه ... لا يوجد زفاف اليوم .. أبلغي الجميع بهذا ..."
حاولت غالية إستجماع نفسها وفهم ما يحدث فأشارت الى خبيرة التجميل أن تخرج قبل أن تتجه وتغلق الباب بأحكام وتتقدم نحو حياة التي جلست على السرير بتخاذل ...
" ماذا حدث يا حياة ..؟! هل فعل نديم لك شيئا ..؟! هل ضايقك ..؟!"
سألتها غالية بإهتمام لترد بصوت مبحوح :-
" لا أريد الزواج .. لم أعد أريده .. كل شيء سينتهي الآن .."
" لا يمكن ذلك .. هناك حفل زفاف .. وهناك والدتك وأختك ونحن .. بالله عليك استوعبي ما تقولينه ولا تستعجلي بردد أفعالك .."
انتفضت حياة من مكانها تصيح باكية :-
" انا لا أستعجل .. انا أنقذ نفسي .. أنقذ قلبي وروحي من زيجة كهذه .. أحمي نفسي من هذا الزواج الذي سيدمرني حتما .."
سألتها غالية بعدم فهم :-
" ماذا حدث ..؟! لماذا تقولين هذا ..؟! مالذي فعله نديم لتتراجعي عن قرار الزواج فجأة وفي يوم كهذا ..؟!"
ردت حياة باكية :-
" ربما عليكِ أن تسأليه بنفسك ..."
" ماذا فعل ..؟!"
سألتها غالية بتوجس لتهتف حياة بحسم :-
" اذهبي بنفسك وإسأليه وهو سيخبرك بالطبع .. "
" حسنا انتظري هنا من فضلك .. انتظري لدقائق ولا تقومي بأي تصرف بتاتا .. لأجل خاطر والدتك على الأقل .."
قالتها غالية بتوسل قبل أن تندفع خارج الغرفة تركض نحو غرفة نديم فتفتحها لتجدها خالية ..
أخرجت هاتفها تحاول الإتصال به لكنه لم يجب فخرجت تتجه نحو الخادمات تسألهن إذا ما رأينه ..
شعرت بقلبها يهوى أسفل قدميها وقد سيطرت عليها عدة تخيلات كأن يكون نديم من تراجع عن الزواج او ترك حياة وهرب لكنها نهرت نفسها بسرعة متراجعة عن أفكارها فأخيها لا يقدم على تصرفات كهذه مهما حدث ..
توقفت أنفاسها داخل صدرها عندما فتح الباب الداخلي ودلف نديم لتجد ملامحه ليست طبيعية إطلاقا وهو الذي حاول أن يستجمع نفسه بعد تلك المواجهة المرهقة مع ليلى والتي إستنفذت مشاعره تماما فبقي في الحديقة لدقائق يحاول إستجماع نفسه والسيطرة على مشاعره المضطربة كليا ..
" نديم اين كنت ..؟!"
سألته وهي تتقدم نحوه بلهفة ليسألها :-
" ماذا حدث يا غالية ..؟!"
ردت بسرعة وتوتر نادرا ما يظهر عليها :-
" حياة يا نديم .. حياة ليست بخير ولا أعلم ما بها .."
تجاهل بقية حديثها عندما اندفع متجها نحو غرفتها تتبعه غالية ليتوقف أمام الغرفة فيستدير نحوها يخبرها :-
" سأدخل إليها وأفهم ما يحدث .."
ثم دلف الى الداخل تاركا غالية تدعو ربها أن يمر اليوم على خير وأن يتم زفاف أخيها بهدوء ودون مشاكل كما تتمنى ..!

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن