كانت تجلس أمام والدتها التي وصلت أخيرا بعد رحلة طويلة دامت لساعات حيث إستقبلتها حياة مع كلا من مايكل وجينا قبل أن تصر جينا على أن تأتي والدة حياة معهما في شقتهما بينما كانت والدتها قد قررت الإقامة في فندق خلال الأيام القادمة لكن إصرار جينا جعلها تتراجع عن موقفها وتوافق على المكوث في شقتها بعدما خجلت من أن تستمر في رفضها لطلب الفتاة التي ترحب بها بسعادة حقيقية وتصر على إستضافتها في شقتها ...
وصلت بعدها الى الشقة لتجد إن جينا قد جهزت لها غرفة خاصة بها لتدلف إليها وهي تجر حقيبتها متوسطة الحجم خلفها تتبعها حياة التي سألتها إذا ما تريد مساعدة لكن أحلام رفضت ذلك وطلبت منها الجلوس لتتحدثان قليلا وها هما تجلسان أمام بعضيهما وحياة تلتزم الصمت الذي قطعته أحلام بسؤالها المتوقع :-
" ماذا حدث يا حياة ..؟! ما سبب هذا الطلاق المفاجئ والسريع ..؟!"
ردت حياة بجدية وقد جهزت جوابها مسبقا :-
" لم نتفاهم ... لا يمكننا أن نستمر سويا ... "
" لماذا لم تتفاهما ..؟! أساسا أنتما لم تقضيا مع بعض الوقت الكافي حتى تقررين إنه لا يمكنكما أن تكونان سويا ... "
قالتها أحلام بنفس جدية إبنتها وهي تضيف بتروي :-
" كما إنه دائما في بداية الزواج تحدث مشاكل بسبب إختلاف الزوجين وعدم قدرتهما على التفاهم في الكثير من الأشياء لكن مع مرور الوقت يستطيعان أن يصلا الى نقطة معينة يتفاهمان عندها ويتجاوزان أي خلافات موجودة وأي إختلافات مهما كانت ..."
همست حياة :-
" صدقيني الطلاق هو أفضل حل .. ما بيننا لا يمكن أن ينتهي ..."
سألتها أحلام بقوة :-
" وما هو الذي بينكما ..؟!! "
إلتزمت حياة الصمت لتضيف أحلام بإصرار :-
" أريد أن أعرف ما جرى يا حياة ودفعكما لإتخاذ قرار سريع وصادم كهذا ..."
" لا يوجد شيء ما أقوله عدا السبب الذي ذكرته ..."
قالتها حياة بجدية لتهتف أحلام :-
" بلى يوجد .. أخبريني الحقيقة .. لماذا تطلقتما ..؟!"
كانت تتأمل والدتها بسكون .. ترفض الحديث ..
تأبى الإفصاح عما حدث وأدى إلى طلاقها ..
" تحدثي يا حياة من فضلك .."
همست برفض :-
" أخبرتكِ إنه لا يوجد ما أقوله .."
تسائلت والدتها بحنق :-
" بل ستقولين .. يجب أن أفهم لماذا تطلقت..؟! "
ردت ببرود :-
" لقد تطلقت وانتهى .. "
أضافت بتهكم مقصود محاولة أن تقلب دفة الحديث :-
" يُفترض أن تكوني سعيدة الآن فأنتِ كنت ترفضين هذه الزيجة بقوة .."
قالت أحلام بهدوء :-
" حتى لو لم أكن راضية عنها لكن هذا لا يعني أن أتجاهل طلاقك بعد مدة قصيرة كهذه دون أن أسمع سببا مقنعا على الأقل .. "
هتفت حياة بنفس البرود :-
" كل ما سأقوله إن هذا أفضل لكلينا ...!"
" هكذا .. بكل بساطة ..."
رددتها والدتها بذهول لتهز حياة كتفيها تهمس ببساطة مفتعلة :-
" نعم .. عندما يكون الزواج خاطئا والعلاقة بين الطرفين ليست سليمة فالإنفصال هو الحل المثالي..."
أضافت بنبرة مقصودة :-
" انت بالذات يجب أن تفهميني جيدا .. لقد تصرفت بنفس الطريقة منذ سنوات .. الزمن يكرر نفسه يا والدتي العزيزة ولكن لأسباب مختلفة .. هل تعلمين أين الفرق الوحيد في ما حدث بين الماضي والحاضر ..؟!"
تأملتها والدتها بملامح شاحبة لتلوي فمها وهي تكمل :-
" إنني لم أترك ضحايا خلفي بسبب قراري هذا .. ضحايا أبرياء لا ذنب لهم بقرارات غيرهم الخاطئة ..."
إسترسلت بعينين تراكمت العبرات فيهما :-
" ربما تصرفي تسبب بالأذى لنديم .. لكنني متأكدة إنه سيتجاوز هذا الألم ... أثق بقوته وقدرته على التجاوز .."
أنهت حديثها بنبرة معذبة :-
" سيتخطى هذه العلاقة وسوف ينسى ما حدث وينساني أنا أيضا .. بالتأكيد سيفعل .."
ورغما عنها كانت تتألم لفكرة أن يتخطاها وينساها ..
نهرت نفسها على أنانيتها هذه عندما سمعت والدتها تهتف بحزم متجاهلة ما تفوهت به منذ لحظات رغم إنه أصاب قلبها ألما :-
" لا تتحدثي يا حياة لكنني سأعلم ما حدث .. انت ابنتي ويحب أن أفهم ما يحدث معك بالضبط .."
أنهت حديثها وقد عقدت العزم داخلها على رؤية زوج إبنتها أو من بات طليقها ..
ستتحدث معه حتى لو كان هذا سيزعج حياة الماثلة أمامها ..
ستتحدث معه وستحاول أن تفهم منه فهو بالطبع لن يفعل كما تفعل إبنتها العنيدة ..
رغم كل شيء فهو شخص هادئ ورزين وستعرف كيف تتفاهم معه وتفهم منه ما يحدث ..!
قالت حياة ببرود :-
" لا يوجد شيء معين ستعلمينه .. "
" فقط أريد سببا مقنعا ... سببا واحدا يقنعني بصحة قرارك ... سببا واحدا يجعل إستمراركما سويا مستحيل ... "
تشنجت ملامح حياة لتضغط أحلام أكثر تحاول قراءة ما يدور داخلها :-
" أخبربني عن السبب وأعدك إنني لن أفتح فمي بكلمة واحدة إذا وجدته مقنعا حقا ..."
نطرت حياة إلى والدتها وقد تجمعت الدموع داخل عينيها لتتأملها والدتها بألم وهي تسألها :-
" ماذا حدث يا حياة ..؟! حياة أنت تبكين ... أخبريني ماذا يحدث يا إبنتي .. تحدثي وأخبريني فأنا والدتك .. والدتك التي ستقف بجانبك وتدعمك في قرارك أيا كان لكن لأعرف السبب أولا ..."
نطقت حياة أخيرا بصعوبة :-
" لم يحبني ..."
نظرت لها أحلام بدهشة لتضيف حياة وهي تمسح دمعة خائنة كادت أن تتسلل من عينيها المليئتين بالدموع :-
" ألم تكوني تريدين معرفة السبب ..؟! هذا هو السبب ... هو لم يحبني ... انا لست حبيبته ... ولن أكون ..!!"
أنهت كلماتها لتنهض بسرعة مندفعة نحو الحمام تكتم شهقاتها المتألمة بصعوبة ..!
أنت تقرأ
حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح )
Romanceهو رجل يشبه الظلام .. رجل طعنه القدر بقسوة ولم يتبقَ منه سوى بقايا روح ترفض الحياة .. أما هي فأتت وإخترقت حياته المظلمة بالصدفة البحته .. بقلب نقي بريء وروح لا ترغب بشيء سوى الأمان وجدت نفسها عالقة بين ظلماته المخيفة .. وأخرى لم تدرك شيئا سوى إنها ت...