في صباح اليوم التالي
خرج الطبيب من غرفة العناية المشددة التي يمكث فيها احمد والد ليلى لتنهض كلا من ليلى ومريم بسرعة تتبعهما والدتهما بملامح مرهقة فسألت مريم بقلق :-
" كيف حاله يا دكتور ..؟!"
رد الطبيب بجدية :-
" لقد استقر وضعه الحمد لله .."
تنفست ليلى الصعداء بينما ارتخت ملامح مريم ووالدتها عندما سألت ليلى بجدية :-
" ماذا سنفعل الآن ..؟! هل سيبقى في العناية المشددة ..؟!"
رد الطبيب :-
" بل سننقله الى غرفة عادية الآن فورا ..."
" حسنا ، أشكرك كثيرا .."
قالتها ليلى بإمتنان قبل أن تتنهد بصوت مسموع ثم تتجه وتحتضن والدتها وهي تردد :-
" سيكون بخير ان شاءالله .."
أغمضت مريم عينيها تكتم دموع الخوف داخلها عندما شعرت بليلى تتقدم نحوها فإرتمت بين أحضانها تغالب دموعها بينما أخذت فاتن تتابعهما بدموع لاذعة ..
بعد مدة من الزمن كانت فاتن تجلس بجانب سرير زوجها تنتظر إستيقاظه بجانبها تقف مريم وعلى الجانب الآخر تتحرك ليلى تجيب على الإتصالات التي تطمئن على والدها بصوت منخفض ..
انتبهت فاتن الى زوجها الذي بدأ يفتح عينيه فإنحنت بسرعة نحوه تهمس بقلق :-
" أحمد .."
تقدمت مريم بسرعة نحو والدها بينما أغلقت ليلى الإتصال سريعا واتجهت نحو سرير والدها تهمس متسائلة :-
" هل إستيقظ حقا ..؟؟"
فتح أحمد عينيه بصعوبة وهو يلتقط أنفاسه ليجد زوجته جانبه وكذلك ابنتيه فهمس بصعوبة :-
" فاتن .."
همست فاتن وهي تقبض على كفه :-
" انا هنا .. بجانبك يا أحمد .."
ابتلع ريقه بصعوبة بينما سألت مريم بتوتر :-
" بابا ، هل أنت بخير ..؟!"
همست ليلى وهي تتجه خارج الغرفة بسرعة :-
" سأنادي الطبيب حالا ..."
ليأتي الطبيب بسرعة ويبدأ في فحصه حتى انتهى من فحصه كاملا ليهتف به وهو يتأمل ملامحه التي بدأت تستقر وتنفسه الذي عاد طبيعيا :-
" الحمد لله على سلامتك أحمد بك .. عليك أن تنتبه على صحتك أكثر بعد الآن ..."
أضاف وهو يشير الى زوجته :-
" أحمد بك سيبقى في المشفى عدة أيام حتى نطمئن عليه بشكل كامل ونجري فحوصات جديدة ثم يخرج بعدها وطبعا سيحتاج الى عناية مستمرة حتى بعد خروجه .."
قالت ليلى بسرعة :-
" لا تقلق يا دكتور .. نحن دائما بجانبه ..."
خرج الطبيب بينما نظر أحمد الى زوجته وهمس بصوت متعب جدا:-
" سامحيني يا فاتن ... "
هتفت فاتن بسرعة :-
" لا تتحدث الآن يا أحمد .. أنت مريض وبحاجة الى الراحة .. "
أيدتها ليلى على الفور :-
" كن مرتاحا فقط يا أبي وكل شيء سيكون بخير .."
لكن أحمد كان مصرا على التحدث حيث أضاف بلهجة بطيئة منخفضة :-
" سامحيني يا ليلى أنتِ ومريم .. لقد خذلتكما كما خذلت والدتكما .. سامحوني جميعا .. انا آسف .."
أضاف بآلم إحتل كيانه :-
" لقد أخطأت في حقكم كما أخطأت في حق نفسي قبلكم .."
قالت ليلى بسرعة وهي تنتحي نحوه تربت على كتفه :-
" لا تقل هذا من فضلك .. انا سامتحك منذ مدة وحتى مريم وماما .."
اتجه احمد بأنظاره نحو مريم التي وجد عيناها تدمعان بقوة فهمس بضعف :-
" مريم .."
تقدمت نحوه تحتضنه باكية وهي تردد :-
" لقد خفت عليك كثيرا ..."
تأملت فاتن حالة مريم بقلق فهي للمرة الأولى تنهار بهذا الشكل عكس حالتها الصلبة القوية دائما ...
" انا بخير حبيبتي .. لا تبكي يا مريم .."
قالها أحمد وهو يربت على ظهرها ومريم بين أحضانه لتهتف ليلى وهي تحاول إبعادها عنه :-
" لا تتعبي بابا كثيرا يا مريم .."
ابتعدت مريم وهي تكفكف دموعها عندما همس أحمد وهو يشير الى فاتن :-
" أريد أن أتحدث معك يا فاتن .."
قالت فاتن بسرعة :-
" هذا ليس الوقت المناسب أبدا يا أحمد .. الحديث سيتعبك .."
قاطعها برجاء :-
" من فضلك .. انا أحتاج للتحدث معك أكثر من أي شيء ...."
همست ليلى لمريم :-
" دعينا نغادر الغرفة ..."
سارتا كلا من ليلى ومريم خارج الغرفة بصمت بينما همست فاتن بجدية :-
" تحدث يا أحمد ، أسمعك ..."
سعل أحمد بقوة ثم قال :-
" سامحيني يا فاتن .. انا ألمتك كثيرا .. أذيتك وأخطأت في حقك .. "
قاطعته بجدية :-
" أخبرتك إن هذا الوقت غير مناسب على الإطلاق .. "
رد بقوة :-
" كلا يا فاتن .. طوال الأيام الفائتة أنا أتعذب .. أتعذب في بعدك وأتعذب أكثر لإنني تسببت بكل هذا الألم لك .. أعلم إنك لن تسامحيني أبدا لكنني أطمع في عطفكِ وسعة قلبك .."
" انت فقط كن بخير لأجل بناتك وابنك .."
قالتها بتوسل قبل أن تضيف بخفوت :-
" من فضلك .. ليلى ومريم تحتاجان وجودك وطفلك صغير ويحتاجك .."
ابتسم بخيبة قبل أن تفتح الباب وتدلف منه سوسن وبقية أخواته لتتقدم سوسن وهي تهتف بقلق :-
" الحمد لله على سلامتك يا أخي .."
نهضت فاتن وخرجت مسرعة من المكان فهي لا تريد أن ترى أي واحدة منهن وخاصة سوسن لتجد ابنتيها في الخارج ومريم تتحدث قائلة ؛-
" ادخلي انتِ لهن يا ليلى .. انا لا أطيقهن وسأنفجر بهن من الغضب إذا دخلت .."
قالت ليلى مرغمة :-
" حسنا ابقي انتِ في الخارج وسأدخل أنا لهن .. لا حل آخر أمامي .."
ثم دلفت الى الداخل حيث عماتها لتستقبلهن وتتحدث معهن مرغمة بدافع الواجب ..
........................................................................
بعد مدة من الزمن ...
خرجت ليلى من عند والدها تاركة والدتها ومريم معه ..
أخذت نفسا عميقا وهي تستند على الحائط خلفها تشعر بتعب شديد فهي منذ البارحة في المشفى ولم تنم لحظة واحدة ..
فجأة وجدته يتقدم نحوها وهو يحمل باقة ورد لتتسع عيناها بقوة غير مصدقة جرأته ووقاحته ..
وقف أمامها يهتف بجدية :-
" حمد لله على سلامة أحمد بك يا ليلى .."
سألت بغضب مكتوم :-
" ماذا تفعل هنا يا عمار ..؟!"
رد مبتسما بلطف :-
" جئت لتأدية الواجب عندما علمت ما أصاب والدك .. أنا متأسف حقا لما حدث معه وأتمنى له السلامة بسرعة .."
قدم باقة الورد لها لتأخذها بعنف منه وهي تردد من بين أسنانها :-
" نشكرك حقا على مجيئك الذي لا داعي له من الأساس .. والآن يمكنك المغادرة .. "
" ماذا حدث يا ليلى ..؟! كوني أكثر هدوئا من فضلك وأكثر لباقة ... "
قالها ببرود لترد وهي تتمنى لو تضربه على وجهه بباقة الورد التي جلبها :-
" هل انت مجنون ..؟!سأصاب بالجنون بسببك ... اذهب من فضلك .. بي ما يكفيني ارجوك ... "
" حسنا ، اهدئي سأذهب .. كما أخبرتك لقد جئت بدافع الواجب لا أكثر .. لا تنسي إن الرجل في الداخل كان حماي يوما ما .."
" كان .. كان وانتهى .. لم يعد حماك .."
قالتها من بين أسنانها وهي تعتصر باقة الورد بين أناملها ليبتسم بخفة وهو يهتف بمكر :-
" لا أحد يعلم ، ربما يصبح حماي مجددا ..."
اشتعلت النيران داخل عينيها وكادت أن تجنن وهي تصيح بصوت ارتفع قليلا :-
" ماذا تقول انت ..؟!"
توقفت عن حديثها وهي ترى زاهر يتقدم نحويهما وهو يرمي عمار بنظراته الضيقة قبل أن يهتف :-
" مرحبا .."
ثم أشار الى ليلى متسائلا :-
" كيف حال عمي أحمد يا ليلى ..؟!"
ردت ليلى وهي تبعد أنظارها المحتقنة عن عمار :-
" أفضل الحمد لله .. وضعه يتحسن ..."
تطلع زاهر الى عمار للحظة ثم عاد ينظر الى ليلى يتسائل بجدية :-
" هل هناك مشكلة ما ..؟!"
ردت ليلى بسرعة وهي ترمق عمار ذو الملامح المتهكمة بطرف نظراتها وتقول :-
" كلا ، لا توجد اي مشكلة .. لقد جاء عمار للاطمئنان على والدي وسيذهب الآن .."
أضافت بجدية وهو تشير الى الداخل :-
" دعنا ندخل عند والدي .."
تقدم زاهر الى الداخل بينما تطلعت عمار الى ليلى قبل أن ترمي الباقة في وجهه وتتبع زاهر عندما تابعهما عمار وهما يدخلان الى الغرفة ليردد بينه وبين نفسه مبتسما بسخرية بعدما إلتقط الباقة :-
" يبدو إن هناك حب جديد يلوح بالأفق .. آسفي عليك يا نديم .."
تأمل الباقة وهم بالمغادرة عندما وجد الباب تُفتح ومريم تخرج من الغرفة عندما اتسعت عينيها مرددة بعدم تصديق :-
" ماذا تفعل أنت هنا ..؟!"
تسائل بسخرية بدوره :-
" هل كلما رآني أحد سيسأل نفس السؤال .،؟!"
تقدمت نحوه تردد وهي ترفع إصبعها في وجهه :-
" ألا تخجل من نفسك ..؟! كيف تأتي الى هنا بعد كل ما فعلته ..؟!"
رد ببرود ولا مبالاة :-
" إذا كنتِ تقصدين بما فعلته أختك فأنا طلقتها وأنهيت جميع المشاكل السابقة بيننا وإذا كنت تتحدثين عنكِ أنت فأنا قدمت معروفا كبيرا لك عندما أنقذتك من اولئك الخاطفين وتلقيت رصاصة بسببك .."
ردت بتحدي :-
" أنقذتني من الخاطفين الذين أرسلتهم بنفسك لخطفي .. يا لك من شهم .. وتلك الرصاصة التي تتحدث عنها .. انا متأكدة إنها ليست حقيقية .."
أشار الى كتفه مرددا :-
" يمكنك فحصها بنفسك اذا اردت ..."
أكمل بخبث :-
" لكن بالطبع المكان هنا ليس مناسب أبدا .. ربما دورة المياه ستكون مناسبة للفحص .."
" اذهب من هنا .."
قالتها بحزم ليبتسم ملأ فمه وهو يردد :-
" سأذهب يا مريم لكن قبلما أذهب سأقول شيئا .."
صمت لوهلة ثم قال :-
" لا تنسي وأنتِ تتحدثين معي ما لدي ضد أختك .. لا تنسي أمر الشيكات ولا تنسي إن مصير أختك بين يدي لذا كوني أكثر حذرا بالتعامل معي لإن صبري بالعادة ليس طويلا أبدا .."
أنهى كلماته وغادر تاركا إياها تحترق من شدة الغيظ والغضب ..
.....................................................................
في داخل غرفة احمد ..
جلس زاهر يطمئن على زوج عمته عندما دلفت مريم الى الداخل مجددا بملامح معتمة ...
جلست بجانب ليلى تتابع الحديث الدائر بين والدها وزاهر قبل أن تُفتح الباب ويدخل كلا من خالها وزوجته واللذان جائا بدورهما للاطمئان على والدها ..
تقدم خالها جمال من والدها يحييه ويطمئن عليه تتبعه زوجته التي احتضنت فاتن تواسيها ...
نهض زاهر من مكانه يفسح المجال لوالده بالجلوس ووالدته جانبه ..
أخذ الجميع يتحدث قليلا قبل أن ينهض جمال ومعه زوجته مقررين المغادرة ليرتاح المريض ..
أشار جمال الى فاتن قبل خروجه لتتبعه هي وليلى وخلفهما زاهر بينما بقيت مريم مع والدها ..
وقف جمال أمام أخته يردد بضيق :-
" هل رأيت ما حدث ..؟! الرجل كاد أن يخسر حياته بسبب قرارك .."
" ما هذا الكلام يا جمال ..؟! انا لا علاقة لي بالأمر .."
قالتها فاتن بجدية ليرد جمال بعصبية :-
" لقد اتخذت قرار الطلاق بمفردك وبلغتني كأنني شخص غريب دون حتى أن تهتمي برأيي والنتيجة زوجك و والد ابنتيك مريض في المشفى وكاد أن يفقد حياته بسبب جلطة قلبية ..."
" حسنا يا جمال .. هذا ليس الوقت المناسب لكلام كهذا .."
قالتها زوجته محاولة تهدئته بينما تدخلت ليلى في الحوار مدافعة عن والدها :-
" لحظة يا خالو ... ماما لا دخل لها .. لقد أصيب والدي بتلك الجلطة بسبب زوجته الثانية التي أتت الى الشركة وتشاجرت معه .."
قاطعتها فاتن بقوة :-
" لا تبرري يا ليلى .. اما انت يا جمال فإسمعني جيدا .. انا حرة في قراري أيا كان وما فعلته رد فعل طبيعي على تصرفات زوجي ... زوجي الذي تزوج بل وأنجب دون علمي .. انا لم أرتكب خطئا في قراري ولولا ما حدث لكنت نفذته وتطلقت دون رجعة .."
" إذا أنتِ تراجعتِ عن قرارك ..؟!"
سألها جمال بسرعة لترد فاتن بحذر:-
" سأوقف إجراءات الطلاق حاليا ولا أدري ما سيحدث فيما بعد .. سأنتظر حتى يستعيد أحمد كامل صحته وبعدها سأقرر ما سأفعل .."
" هذا أفضل قرار حاليا يا فاتن .."
قالتها زوجة جمال وهي تربت على كتف زوجها تحذره من الإستمرار بالتحدث عندما جاءت صباح أخيرا لتجد كلا من أختها وأخيها وزوجته وكذلك زاهر وليلى ...
ألقيت التحية واحتضنت فاتن تطمئن عليها وعلى أحوال زوجها قبل أن تحيي ليلى التي ردت عليها بجمود ...
همست زوجة جمال له :-
" دعنا نذهب الآن يا جمال ونعود مساءا .. "
ثم اتجهت تودع فاتن بينما همس جمال لأخته صباح :-
" تحدثي مع أختك ودعيها تتعقل قليلا .. الرجل كاد أن يموت بسبب تصرفاتها .."
هزت صباح رأسها قبل أن يتجه جمال ويودع أخته على وعد بزيارتها مجددا مساءا ..
هتفت زوجة جمال بولدها :-
" ألن تغادر يا زاهر ..؟!"
رد زاهر بسرعة :-
" سأغادر بعد قليل .."
منحته والدته نظرة غير راضية قبل أن تغادر المكان مع زوجها بينما دلفت صباح الى الداخل مع فاتن ..
نظر زاهر الى ليلى وسألها بإهتمام :-
" هل أنت بخير ..؟! تبدين متعبة للغاية ..؟!"
ردت ليلى بصوت مرهق :-
" سأموت من التعب .. منذ البارحة وانا في المشفى لم أتحرك خطوة واحدة ..."
هتف بجدية :-
" لم لا تذهبين الى المنزل وترتاحين قليلا ..؟!"
ردت وهي تتجه نحو احد الكراسي وتجلس عليه :-
" لا يمكنني المغادرة الآن .. هم يحتاجون وجودي بالتأكيد .."
جلس بجانبها وهو يهتف بجدية :-
" لا بأس .. المهم إنه سيكون بخير ان شاءالله .."
تنهدت وهي تردد :-
" اتمنى ذلك حقا .."
سألها بجدية :-
" عمار ذلك .. ماذا كان يفعل هناك ..؟!"
ردت بنفور ظهر على ملامح وجهها :-
" دعك منه .. هذا شخص مجنون ويفعل أي شيء لإزعاج جميع من حوله .."
التفت نحوها يهتف بقوة :-
" اذا حاول إزعاجك مجددا أخبريني .. يمكنني التصرف معه كما ينبغي ..."
تأملته للحظات بصمت غريب قبل أن ترد بإبتسامة خافتة :-
" أشكرك حقا يا زاهر .. لا تقلق علي .. لا أحد يعرفه بقدري ولا أحد يعرف كيف يتعامل معه مثلي .. "
" أعلم ذلك .. ولكن بعد كل هذه السنوات وبعدما بذلته من مجهود كبير بسببه تحتاجين الى من يقف في وجهه معك .."
قالها بجدية لترد بحذر :-
" انا وعمار انتهينا يا زاهر .. ما يجمعنا بضعة أعمال وشراكات ستنتهي لا محالة .. يعني ما يجمعنا الآن هو العمل لا غير .."
سألها :-
" ألا يمكن لذلك العمل أن ينتهي أيضا ..؟؟"
ردت بتمنى :-
" ليته يمكنني فعل ذلك لكن للآسف هناك إلتزامات عديدة بيننا ..."
شردت في أمر الشيكات والتي لا تعرف كيف تتصرف بها عندما شعرت به ينهض من مكانه وهو يقول :-
" سأعود بعد قليل ..."
ثم اتجه بعيدا عنه لتجد مريم تخرج من الغرفة تتقدم نحوها وهس تردد :-
" خالتك تلك انا لا أطيق وجودها ..."
لم تجبها ليلى بينما أكملت مريم بإختناق داهمها وهي تتذكر حديث عمار :-
" سأخرج الى حديقة المشفى فأنا أشعر بالإختناق الشديد.."
هزت ليلى رأسها بتفهم ثم استندت بظهرها على الحائط خلفها وأغمضت عينيها وهي تحاول طرد كافة الأفكار السلبية من رأسها علها تنجح في تخفيف إرهاقها ..
بعد مدة قصيرة شعرت بزاهر يقف أمام وهو ينادي عليها لتفتح عينيها وتعتدل في جلستها سريعا ليسألها :-
" هل غفوت ..؟!"
ردت بسرعة :-
" أبدا ، فقط أغمضت عيني وإسترخيت في جلستي .."
" تفضلي ..."
قالها وهو يمد لها كوب القهوة الكبير حلوة المذاق وقطعة الكرواسون المحشوة بالجبن كما تفضلها فهمست تشكره وهي تأخذ القهوة والقطعة منه :-
" أشكرك كثيرا .."
جلس بجانبها مجددا بينما ارتشفت هي القليل من القهوة ثم قضمت قطعة من الكراوسون وهي تردد :-
" لطالما فضلت الكرواسون المحشو بالجبن .."
قاطعها :-
" والقهوة شديدة الحلاوة .."
نظرت له تهمس بتعجب :-
" انت تتذكر ما أفضله .."
رد مبتسما :-
" لم أنسه كي أتذكره ..."
ابتلعت لقمتها بسرعة تتبعها برشفة من القهوة قبل أن تبتسم بحذر ثم تنظر بتركيز الى كوب قهوتها وقطعة المعجنات في يدها ورغما عنها شردت في كلماته ..
...........................................................................
أنت تقرأ
حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح )
Romanceهو رجل يشبه الظلام .. رجل طعنه القدر بقسوة ولم يتبقَ منه سوى بقايا روح ترفض الحياة .. أما هي فأتت وإخترقت حياته المظلمة بالصدفة البحته .. بقلب نقي بريء وروح لا ترغب بشيء سوى الأمان وجدت نفسها عالقة بين ظلماته المخيفة .. وأخرى لم تدرك شيئا سوى إنها ت...