الفصل التاسع والعشرون ( الجزء الثاني )

4.1K 192 10
                                    

الفصل التاسع والعشرون ( الجزء الثاني )
شهقت بفزع بعدما استوعبت ما حدث .. لقد فقدت سيطرتها كليا على مقود سيارتها حتى اصطدمت بإحدى السيارات القادمة اتجاهها .. كانت الدموع ما زالت تغطي وجهها والرؤية مشوشة قليلا عندما تمالكت أعصابها أخيرا وحاولت أن تسيطر على الوضع وترى ما أصاب سيارتها ..
فتحت الباب بخفة وهمت بالنزول عندما وجدت شخصا يندفع نحوها بملامح غاضبة مخيفة ..
من ملامح وجهه فهمت إنه صاحب السيارة التي صدمتها او هو صدم سيارتها لا تعلم لإنها كانت فاقدة لتركيزها تماما ...
ظلت متجمدة مكانها عندما وقف أمامها يصيح بغضب :-
" ماذا فعلتِ ..؟! إذا لا تجيدين القيادة فلماذا تقودين سيارة من الأساس ..؟! هل أعجبكِ ما حدث ..؟! لقد دمرتِ سيارتي ... انا لا أفهم كيف تقودين بهذه الطريقة ومن هو الغبي الذي منحك شهادة قيادة من الأساس .."
في تلك اللحظة تحديدا لم تتحمل حديثه وكلماته التي شعرت بها مهينة مع نبرة صوته الغاضبة وملامحه العصبية للغاية ..
انتفضت من مكانها تصرخ به وقد فقدت كل هدوئها وتعقلها في تلك اللحظة :-
" كيف تسمح لنفسك أن تتحدث معي هكذا ..؟! انا لا اسمح لك ، هل فهمت ..؟!"
رد بعجرفة جعلتها ترغب في تهشيم ملامحه الوسيمة :-
" بسببك سيارتي تدمرت كليا .. هذه السيارة التي دفعت بها ثمنا لا أظن إنك تمتلكين عشره حتى ... لقد جلبتها خصيصا من الخارج وانا الوحيد الذي أمتلكها في هذه البلاد وبسببك وسبب تهورك تحطم جزئها الأمامي كليا .."
" عفوا ..؟! من تلك التي لا تمتلك عشر مبلغها ..؟! هل تعرف مع من تتحدث ..؟!"
رد بعدم اهتمام :-
" لا يهمني أن أعرف .. ما يهمني هو ما حدث بسبب "
صمت قليلا يردد من بين أسنانه :-
" يا إلهي .. لا أريد أن أتحدث بكلمات مسيئة ..."
صاحت بتحدي :-
" بل تحدث .. قل ما تريد من كلمات مسيئة وحينها ستجد الرد المناسب .."
" اسمعي يا مدام او انسة لا أعلم .."
توقف قليلا عندما لاحظ شحوب وجهها بعدما شعرت أخيرا بسائل في الجزء العلوي من رأسها فمدت أناملها تلمس المكان لتتفاجئ بالدماء تغطي المكان وهو بدوره انتبه أخيرا الى الدماء التي تدفقت فوق شعرها الأشقر من الأعلى ..
هتف بضيق :-
" يجب أن تذهبي الى المشفى حالا كي تتأكدي من عدم إصابتك بأي ضرر في رأسك .."
ردت بسخط :-
" لا تتدخل فيما لا يعنيك .. "
هتف بعدم تصديق :-
" عفوا ..!!"
أضاف بقوة وهيمنة :-
" معك حق ، لن أتدخل فيما لا يعنيني لكنني سأطالب بحقي .. "
" ماذا تعني ..؟!"
سألته بعدم إستيعاب ليرد بفظاظة:-
" تفضلي معي الى مركز الشرطة لأقدم بلاغا فيك وليكن بعلمك لن أرتاح حتى يتم سحب شهادة السواقة منك بل وتدفعين التعويضات الكاملة لسيارتي هذا اذا كنتِ تمتلكين المبلغ من الأساس ...انت للإسف لا تعرفين مع من تتعاملين لكنكِ ستعرفين بالتأكيد عندما نذهب الى هناك .."
" هل تهددني ..؟!"
سألته بعصبية لكنه تجاهلها وهو يجري اتصالا مختصرا بأحدهم بعدما ابتعد عنها قليلا قبل أن يشير إليها مجددا متجاهلا نظراتها المشتعلة :-
" هيا يا انسة ، الى مركز الشرطة من فضلك ..."
أضاف فجأة :-
" انتظريني لحظة .."
تأملته بأعصاب على وشك الإنفجار عندما وجدته يتجه نحو سيارته ويفتحها لتتأمل السيارة والتي إستوعبت نوعها والتي تدل على مكانة صاحبها ومدى ثراءه الفاحش ..
أفاقت من تأملها لسيارته عندما وجدته يتقدم نحوه وفي يده علبة مناديل جلبها من سيارته ليمدها نحوها يخبرها :-
" رأسك ينزف ... هذه المناديل ربما تساعد في توقيف النزيف قليلا .."
همت بالرفض لكنها تراجعت وهي تسحب العلبة وتأخد منها عدة مناديل تضعها فوق المنطقة العلوية من رأسها تضغط عليها بخفة لتشعر بألم متوسط هناك ..
ظلت تضغط عليها بخفة بينما يتأمل وجهها وهو يقف أمامها مباشرة عاقدا ذراعيه أمام صدرها حيث بدت ملامحها أوضح وقد لاحظ آثار الدموع التي ما زالت واضحة على وجهها ويبدو إنها سبب الحادث ..
" هل ما زلت تصرين على عدم الذهاب الى المشفى ..؟!"
ردت وهي تعيد العلبة له :-
" أخبرتك مسبقا ، لا تتدخل فيما لا يعنيك .."
" اذا هيا بنا الى مركز الشرطة ..؟!"
قالها بتحدي لتشمخ برأسها وهي تهتف بقوة بينما كفها ما زالت تضغط على قمة رأسها من الأمام :-
" وانا مستعدة لذلك .."
.................................................................
دلفت ليلى الى مركر الشرطة بشموخ يتبعها هو بملامح جامدة عندما تقدم نحو احد الضباط يسأله :-
" أين يمكنني تقديم بلاغ من فضلك ..؟!"
كانت ليلى تتأمل المركز الذي دخلته منذ أيام معدودة بضيق بينما سأل الضابط :-
" بلاغ بخصوص ماذا ..؟!"
أجاب الشاب بضيق :-
" أين الضابط المسؤول هنا ..؟! أريد التحدث معه .."
علا صوته قليلا عندما صدح صوت من خلفه يهتف ببرود وقوة :-
" انا الضابط المسؤول هنا .. نعم تفضل .."
التفتت ليلى بسرعة كما التفت الشاب لتتأمله ليلى بتجهم فيهتف فادي بعفوية :-
" انتِ مجددا .."
سأل الشاب بتهكم :-
" يبدو إنها معتادة على ارتياد مراكز الشرطة ... "
هتفت تحذره بحنق :-
" انا لا اسمح لك .. انا لم أدخل مركز شرطة في حياتي سوى مرتين وهذه المرة الثانية .."
هتف فادي بغلظة :-
" تفضلا الى المكتب لأفهم ما يحدث بالضبط .."
ثم تقدم قبلهما يسير نحو مكتبه تتبعه ليلى وخلفها الشاب ..
جلس فادي على مقعده بينما هتف الشاب بجدية :-
" الانسة صدمت سيارتي ... وانا أريد تقديم بلاغ ضدها .."
هتفت ليلى بحنق :-
" مدام ولست آنسة .."
" عفوا ..؟!!"
هتف بها الشاب بعدم استيعاب قبل أن يهتف بتهكم وبخفوت :-
" ومدام أيضا .. كان الله في عون زوجك عليك .."
استدارت نحوه بنظرات حارقة بينما هتف الشاب مشيرا الى فادي :-
" اريد تقديم بلاغ من فضلك .. السيارة تدمرت تماما وعليه يجب أن تتم معاقبتها وسحب رخصة القيادة منها .."
" لم كل هذا ..؟! سأدفع لك ثمن تصليح السيارة .."
قاطعها بنزق :-
" تتحدثين وكأنكِ تمتلكين ثمن تصليحها اصلا ..؟!"
ردت من بين أسنانها :-
" أمتلك أضعافه ... انت لا تعرف مع من تتحدث .."
صاح فادي بصرامة :-
" حسنا يكفي .."
قال الشاب بحنق :-
" لا ترفع صوتك من فضلك .. انا لا أقبل أن يرفع أي أحد صوته في وجهي .."
رفع فادي حاجبه مرددا بتهكم :-
" انت هنا تقف امام ضابط تتشاجر مع الآنسة عفوا المدام وكأنكما في الشارع ويزعجك ارتفاع صوتي .!!"
" يا سيادة المقدم ، انا اريد تقديم بلاغ وانت تماطل .."
قالها الشاب بجدية ليصيح فادي بإنفعال :-
" أنا من أماطل أم أنتما من تماطلان بما تفعلانه ..؟!"
أضاف بنبرة آمره بعدما أشار لأحد الضباط أن يدخل لتسجيل البلاغ :-
" هاتا هوياتكما ..!!"
زمت ليلى شفتيها بعبوس قبل ان تفتح حقيبتها لتخرج الهوية بينما تقدم الشاب وأعطى الهوية لفادي الذي ما إن قرأ الإسم حتى قال بدهشة خفية :-
" أثير حاتم محمود الهاشمي ...؟!!!"
أضاف يسأله بتدقيق :-
" حاتم محمود الهاشمي ..؟! هل هو نفسه ..؟؟"
قاطعه أثير ببرود :-
" نعم هو ..."
وضعت ليلى هويتها أمام فادي الذي حملها يتأملها قبل أن يهتف بجدية :-
" إذا أنت مصر على تقديم البلاغ يا أثير بك مع إنه يمكنك أن تكتفي بدفع التعويضات .."
قاطعه أثير بجدية :-
" التعويضات لا تهمني .. انا إشتريت السيارة منذ أيام قليلة والمدام بسبب مشاكلها الشخصية وعدم تركيزها أثناء القيادة دمرت السيارة تماما .."
إندفعت ليلى تصيح بغضب :-
" انا لا اسمح لك أن تتحدث عني هكذا .. ولا علاقة لك بمشاكلي التي لا وجود لها من الأساس .. ما حدث شيء عادي يحدث مع الكثير ..."
أضافت تشير الى فادي بتحدي :-
" سجل البلاغ سيادة المقدم من فضلك وانا سأتحمل كافة العواقب .."
تنهد فادي ثم أشار لأثير بجدية :-
" أرى إنه لا داعي لتقديم البلاغ من الأساس ... حينها ربما يتم سحب الرخصة منها ومن الظلم حدوث ذلك .. قد تكون اخطأت لكن الجميع يخطأ يا أثير بك .."
زفر أثير أنفاسه بضيق بينما هتفت ليلى معترضة :-
" من فضلك سجل البلاغ .. انا لا أريده أن يتنازل .."
" حسنا لا تسجل شيئا .. انا لن أقدم بلاغا فيها .."
قالها أثير فجأة لتلتفت ليلى نحوه تردد بتحدي :-
" وانا أريدك أن تقدم بلاغ ولن أرضى بتنازلك .."
ضرب فادي على سطح المكتبة بعصبية قائلا :-
" حسنا يكفي .. أثير بك تراجع عن البلاغ وانتهى الأمر الى هنا .. يتبقى فقط أمر التعويض وهذا يتم تسويته بينكما .."
رد أثير بلا مبالاة :-
" حتى التعويض لا أريده .."
استدارت نحوه تسأله بحدة :-
" طالما لا تريد أي شيء ، لماذا أتيت بنا الى هنا ..؟!"
أجاب ببرود :-
" كي تتعلمي من اخطائك وتتعلمي احترام الشارع الذي تقودين فيه و الناس بسيارتهم حولك ..."
" انا سأدفع التعويض كاملا حتى لو رفضت .."
قالتها بإصرار ليضحك بإستخفاف ويقول :-
" انا بإمكاني أن أجلب غدا صباحا نفس السيارة التي رأيتها دون الحاجة الى اصلاح الحالية .."
التفت نحو فادي يخبره :-
" سآخذ هويتي وأغادر يا سيادة المقدم .."
حمل فادي هويته وأعطاها له ليستدير أثير نحو ليلى يمنحها إبتسامة سخيفة قبل أن يغمز لها بخفة وهو يغادر ليشتعل غضبها اكثر ..
هتف فادي بجدية وهو يرفع هويتها :-
" هل تتفضلين وتأخذين هويتك وتغادرين أنتِ الأخرى أم تفضلين الإتصال بزوجك اولا ليأتي ويأخذك ..؟!"
ردت وهي تسارع تلتقط الهوية منه :-
" في هذه اللحظة كل ما أريده المغادرة من هنا قبل أن أنفجر في جميع من حولي .."
" أتمنى ألا نراكِ مجددا في المركز يا مدام ... حاولي السيطرة على مشاكلك كي لا تزورينا إسبوعيا .."
ردت بتجهم :-
" بالطبع لست سعيدة لدخولي هذا المكان أساسا .."
هتف فادي بإستخفاف :-
" بالطبع فهو مكان المجرمين والسرقة والقتلة .."
استدارت بجسدها تهم المغادرة عندما عادت تلتفت نحوه تسأله بجدية :-
" ذلك الشاب .. ماذا كان إسمه ..؟!"
رد بهدوء :-
" أثير حاتم الهاشم .. والده سيادة الوزير حاتم الهاشمي .."
رددت بدهشة :-
" وزير ..!!"
ابتسم فادي بطريقة مستفزة وهو يردد :-
" نعم وزير ولا داعي أن يؤنبك ضميرك بشأن ما أصاب سيارته بسببك فهو يستطيع شراء ثلاثة غيرها .."
منحته نظرة جامدة وهي تستدير مجددا متحركة خارج المكان تتابعها نظرات فادي الساخرة والذي أخذ يهز رأسه بتعب مما أصبح يراه في عمله في الآونة الأخيرة ..
.............................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن