الفصل الثالث والعشرون«مــامــا»

1.3K 62 5
                                    

كومنتات كتير يا كاريزما😾🥰
--------------------------------------
تسمى صفقة الشيطان
أغواها الشيطان وجعلها توافق على صفقة ستجعلها تندم طيلة حياتها
وللأسف هي لا تشعر بذلك..بل تظن أن تلك الصفقة ستحقق أحلامها
التفتت عين تجاه رفقة عاقدة ما بين حاجبيها بريبة عند أن وجدت«رفقة» تجلس ولا تتفاعل معهما كأنها ليس معهم بالغرفة بل ظلها فهتفت بقلقٍ انتابها:
_ رفقة مالك؟! هو الدكتور قالك حاجة؟
طرحت عدة أسئلة في لحظة واحدة بقلق ممزوج بخوفها الشديد عليها، فالتفتت لها رفقة محاولة إظهار عكس ما يدور في ذهنها ونفسها:
_مفيش، الحكاية بس إن الدكتور كلمني ولاقى حد متبرع ليونس.
وزعت عين أنظارها مع استبرق بحيرة، فـتنهدت استبرق محاولة الاستفسار هاتفة:
_تبرع!! زي إيه يعني؟!
ازدردت ريقها ببطء محاولة اختراع كذبة تناسب موقفها وتنقذها منهما:
_لاقى متبرع ليونس وقالي ينفع يسافر بكرا علشان يبدأ جلسة علاجه.
_بجد!!
صاحت عين بابتهاج يغمرها وكأنها حققت أخيراً حلم من أحلامها،
البلهاء صدقت كلمات رفقة الكاذبة...
تظن أن الحياة وردية وبدأت تحقق لها أحلامها وأحلام أصدقائها ولا تعرف إن الحياة بدأت تهلكها دون أن تدرك
بينما استبرق لم تؤثر بها تلك الكلمات فهي تعرف جيدأً إنه لا يوجد متبرع ليونس من خلال الطبيب
ولكن كيف تغير الحال فجأة وظهر هذا المتبرع؟!
طالعتها بشكٍ مغمغمة بتردد يحتلها:
_غريبة بس الدكتور دائماً بيقول مفيش متبرع إيه اللي أتغير فجأة كده؟!
تجاهلت رفقة سؤالها قاصدةٌ متحاشية النظر إليها مردفة بارتباكٍ:
_عموماً أنا لازم أروح البيت علشان أجهز كل حاجة.
ابتعدت عين عنهما ووقفت أمام خزانة ملابسها، متمتمة مع نفسها بكلمات غير مفهومة، وانتشلت حقيبتها من داخل الخزانة، ثم اقتربت من رفقة وجذبتها من ذراعها بلهفة:
_أيوه عندك حق، لازم نعرف يونس بالخبر ده.
لم يكن أحد غيرها مُتحمس بتلك الطريقة
فهي تعتبر يونس ابنها الصغير
نعم ابنها..!!
لم ترى يوماً يونس شقيقها او علاقتها به علاقة أخت باخ..
بل أم بابنها..
علاقة جميلة لا تشعرها إلا معه هو فقط،
جذبت رفقة ذراعها من عين بتوتر جلي، فعقدت الأخرى ما بين حاجبيها بغرابة ثم تمتمت:
_إيه مش هتروحي وألا إيه؟!
نفت برأسها متمتمة:
_لأ طبعاً، قصدي يعني انهاردة فرحك، ولازم تجهزي نفسك للفرح مش تطلعي معاية وتسيبي الفرح كله علشاني.
زفرت عين بضيقٍ قاطعه إياها بضجر:
_فكك هو أنتِ صدقتي إن ده فرح بجد، ده لعب عيال.
تحركت عين نحو الباب وجذبت رفقة رغماً عنها خلفها، فاعترضت استبرق طريقهما هاتفة بانزعاج امتزج بغضبها:
_هو أنتِ بتهزري يا عين؟! أنتِ عايزة الناس تقول عليكِ إيه.. إنك سيبتي فرحك وروحتي مع صحبتك، ساعتها كل حاجة بنحاول نعملها هتهديها فوق رأسنا. 
وافقتها رفقة كأنها وجدت أخيراً من ينقذها من عين، فجذبتها هي تلك المرة من ذراعها وأجلستها على المقعد أمام المرآة محتضنة إياها من ظهرها:
_انهاردة يومك إنتِ وبس يا عين.
_بس أنا عايزة...
وضعت الأخرى سباتها على شفتيها قاطعه عبارتها الأخيرة:
_شش!
زفرت بحرارة مستسلمة لها، مُردفة بقلة حيلة وهي تخاطب صورتها بالمرآة:
_طب هتحضري الفرح، صح؟!
ربتت على كتفها وهي تنظر على صورتها بالمرآة مردفة بنبرة حزينة وعيناها يلمعمان ببريق غريب:
_أنا لازم أكون قاعدة، لازم!
ابتسمت «عين» لصورتها بالمرأة على الرغم إنها شعرت بشيء غريب بعد آخر كلماتها ولكنها تجاهلت ذلك قاصداً حتى لا تعكر مزاجها
--------------------------------------
_أوه!! كل ده حصل أنا وبوصل سهيل الطيارة؟! يارتني كنت قعدت!
قهقه جاسم ضاحكاً على طريقة شقيقته مردفاً:
_وأكتر وحياتك!
سرد لها كل شيء حدث في غيابها وإن والدهم كان رافض ارتباطه بعين لولا وقوف عمتهما حسناء بجوارهما وأقنعت والدهم بطريقة ما،
احتضنت إياه بحنوٍ بالغ متمتمة:
_المهم طمني على ضهرك دلوقتي؟!
_الحمد الله، المهم عملتي إيه مع سهيل؟! 
نبس تلك الكلمات دفعة واحدة منتظراً إجابتها، رامقاً إياها بشكٍ فـ تنهدت هي مجيبةٍ إياه بضيقٍ:
_مفيش وصلته المطار هو واونكل محسن وبعد كده كل واحد راح لحاله.
لم يستطيع كتم ضحكته أكثر وانفجر ضاحكاً على طريقة كلامها وألفاظها الغريبة التي لا يعلم من أين تأتي بها، فـأضافت بنبرة شبه حزينة وهي تتذكر كل لحظة كانت معه:
_مشى مفكرش في حد!
كانت تقصد نفسها في أخر كلماتها
فهو رحل وتركها دون أن يلتفت للخلف كأنه وجد الفرصة أخيراً ليهرب ويتركها للأبد
تنهد الأخير تنهيدة ساخنة عاقباً على آخر كلماتها وهو يشعر بالإشفاق على ابن عمه:
_عنده حق مفيش حد يستحمل يقعد في مكان خسر في إخوة وأمة!!
_زيك كده؟!
ألقت جملتها الأخيرة بتلقائية، فـ طالعها جاسم بدهشة من سؤالها الأخير فعقب على حديثها بهدوء غريب:
_تفتكري أنا سافرت ليه؟!
إجابته بارتباك:
_علشان مش متقبل أمي تكون أمك!
أومأ برأسه ولم يستطيع الاعتراض..
فكيف يقول لها إنه رحل لسبب ثاني وليس لهذا السبب الضعيف..؟!
فهو كان يمكن أن يتقبل كوثر والدته يوماً ما
ولكن بعد فعلتها الشنيعة لن ولم يتقبلها أمهُ حتى إذا كانت نهاية العالم تقف عليه
السبب الحقيقي الذي جعله يسافر هو إنه لم يستطيع العيش مع من قتلت امه بيداها!!
لم يستطع!! لذلك هرب..هرب للخارج..
من أجل أن يتعافى من صدمته؛ فالتعافي بالبُعد وليس بالقرب!
&&~~~~~~~~~~~~~~~~~&&
كانت مستلقية على فراشها الذي أصبح جزء منها، احتضنت كف ابنها بحنان متملك، تودع إياه بكلماتٍ أخيرة كأنها تشعر أن نهايتها اقتربت في هذا المنزل وفي هذه الدنيا بالتحديد:
_اسمعني كويس يا جاسم ومتقطعنيش أبداً، أختك مهرة تكون عيونك اللي بتشوف فيهم  متسبهاش أبداً يا حبيبي، دي مهمة كانت وحيدة مالهاش حد، مهرة هتكون هي حياتك أحميها مهما حصل فهمت.
جذب يده من يداها وهو يكفكف دموعه مغمغماً بسخط وغضب يتملكه لأول مرة:
_دي مش أختي أنا معنديش أخوات، دي بنت مرات أبويا.
_أخرس يا ولد!!
عنفته بقوة، وجذبته من كتفيه مردفة بمشاعر صادقة ممزوجة بحنانها:
_مهرة ملهاش ذنب في أي حاجة، مهرة أختك اللي أنا مخلفتهاش، لو بتحبني بصحيح أحميها وحطها جوا عينيك. أنا بقولك الكلام ده علشان أنا خلاص مفضليش كتير!
توقفت عن الحديث فجأة وإصابتها نوبة سعال فجائية قوية، فأسرع جاسم وقرب كأس الماء من فمها لتشرب هي
وبعدها وضع الكأس فوق الطاولة ثم عاد احتضن كفها بين يداه وهو يبكي بقهر مردفاً ببراءة امتزجت برجائه الطفولي:
_خلاص يا ماما متتعبيش نفسك بالكلام، اوعدك أن أختي مهرة هتكون في عينيا بس وحياتك نامي أنتِ وارتاحي دلوقتي.
مدت يدها المرتجفة وغرزت أناملها بشعره ثم انزلت يدها تدريجياً على وجهه وهي تتحسس كل إنش بوجهه متمتمة ودموعها تنهمر غصباً عنها، متأملة إياه أخر مرة:
_أنا واثقة إني سايبه راجل!
تنحنحت من فوق الفراش مردفة بصوت ضعيف من أثر مرضها:
_قرب مني يا جاسم!
اقترب منها ببطء ودموعه تهبط كالشلالات على وجنتيه، فهمست والدته بجوار إذنه بكلماتٍ أخيرة تودع إياه:
_بـحبـك!!
وفي ذات الوقت اقتحم عليهما زهران، وجذب عنها جاسم بشدة هاتفاً محاولاً ايقناع ابنه المتشبث بوالدته المريضة الابتعاد عنها حتى لا تسوء حالتها:
_يلا يا جاسم يا حبيبي مينفعش كده لازم نسيب ماما شوية ترتاح، إحنا كده بنتعبها أكتر
تركت والدته يداه موافقة كلمات زهران بينما هو مازال متمسكاً بأناملها رامقاً إياها بشوق ممزوج بخوفه الشديد الغير مبرر
يخشى أن يكون هذا أخر لقاء بينهم
يخشى كثيراً..!!
بينما هي اشاحت بوجهها جانباً هاربة من نظرات ابنها المتوسلة، ودموعها تهبط كالشالات على وجنتيها،
تشعر بالضعف أكثر كلما تسمع صوته وهو يصرخ يناجي إياها..
أخرجه والده من الغرفة–بقوة– تماماً وقبل أن يغلق الباب خلفه نظرت والدته له نظرة أخيرة مبتسمة لها تطمن إياه بأنها ستكون بخير طالما هو بخير
وبادلها «جاسم» تلك النظرة الأخيرة محاولاً الإشباع من وجهها لآخر مرة وابتسامتها الجميلة التي ورثها هو منها
وسريعاً انغلق الباب ولم يستطيع الإشباع من ملامحها كثيراً، ولكن مازالت تلك البسمة في عقله
وستبقى للأبد في عقله!!!
حتى ينتهي العالم ويذهب إليها!
--------------------------------------
_روحت فين يا باشا!!
لم يرد عليها فهو كان غارقاً في ذكرياته القديمة فأخرجته منها شقيقته بمرحها المعتاد مردفه:
_إيه بتفكر فيها وألا إيه؟! على فكرة انا ممكن أصورها وابعتلك الصور بس كله بفلوس يا باشا. 
انتبه لها أخيراً محاولاً رسم بسمة زائفة على ثغره هاتفاً:
_واللهِ؟! طب يلا لو سمحت برا عايز أجهز نفسي لفرحي وعروستي.
_براحتك واللهِ أنتَ الخسران!
_طب مع السلامة ياستي متشكرين مش عايزين حاجة منك
دفعها للخارج واغلق الباب بوجهها، فـ صاحت هي في الخارج بغيظ كبير:
_كله بحساب
كركر ضاحكاً عليها بعدما استمع لقولها الأخير، ارتمى بعدها بجسده فوق الفراش وأغمض جفنيه ليستعيد هدوءه كما أمره طبيبة بفعل تلك الطريقة كلما تراوده  ذكريات الماضي..
ولكن سرعان ما عاد يغرق في ذكرياتة مرة أخرى، بعد أن حاول مراراً وتكراراً نسيانها ولكن بالأخير فشل!!
&&~~~~~~~~~~~~~~~~~&&
ألقى حقيبته المدرسيـة جانباً وهرول نحو والده وهو يسأله بخوف شديد بدى في نبرة صوته المرتجفة:
_حصل حاجة يا بابا؟!
_أنت عارف يا حبيب إن كل حاجة في يد ربنا، صح؟!
طالعه جاسم بحيرة متمتم بقلقٍ:
_هو في حاجة حصلت؟!
بلع زهران ريقه بارتباك محاولاً التمهيد لابنه الصغير:
_بص يا حبيبي ساعات ربنا بياخد ناس عشان بيحبهم ومفيش أحسن لما يحبنا ربنا!
_هو ماما حصلها حاجة؟!
طرح جاسم  سؤاله مرة أخرى بخوف وعيناه تبحث على كل شيء بالمنزل، فقرر زهران أن يواجه جاسم بالحقيقة ويكفيه هرباً أكثر، يعلم أن بعد تلك الكلمات ستسوء حالة ابنه الصغير ولكن لا مفر من الحقيقة فقرر الاعتماد على الله واخراج قنبلته:
_ماما راحت لربنا يا حبيبي!! 
سـاد الصـمـت لثوانٍ..وظل الآخر متصنماً منتظراً رد فعل ابنه أو حتىٰ أي حركة تصدر منه
ولكن لا شيء..
بمعنى لا شيء!!
وضع زهران يده على كتف ابنه مردفاً بهلع:
_أنت كويس يا حبيبي؟!
ازاح ابنه يده عنه ودفعه بقوة صائحاً بانهيار:
_أنت كذاب ماما أكيد نايمة في الاوضة.
ثم ركض سريعاً نحوَ غرفتها فلحق به زهران وهو يمنعه من التقدم فدفع الأخر الباب بقوة غير مهتماً بصياح والده خلفه..
وهنا كانت الصدمة..
كانت والدته ملفوفة بشال أبيض تجاهل هذا كأنه لم يرى شيء..
ونظر إلى جهاز القلب ليتفقد نبضها كما اعتاد
ولكن لا شيء.. خط مستقيم فقط بالشاشة لا غيره
وهذا معناه شيء واحد فقط..!!
إنها ماتت وتركته وحيد.. يحترق بين نيران والده وزوجته
تقدم منها بقدماي مرتجفان وعيناه مصوبة على جسدها الساكن غير مصدقاً إنها ماتت ورحلت!!
ازاح عنها الغطاء الأبيض وهزها بعنف عفوياً متوسلاً إياها أن تفيق وتثبت عكس هذا للجميع
ولكن لا شيء!!
_ماما، والنبي يا ماما اصحي وصدقيني هعمل أي حاجة أنتِ عايزاها مني، بس أنتِ اصحي علشان خاطري.
جذبة زهران من ملابسه ليخرجة من الغرفة فقاوم جاسم بقوة وهو يصرخ بنهيار ممزوج بحسرته:
_سبني اروح لماما.. سبني والنبي.. طب علشان خاطري سبني!!!!
--------------------------------------
انتفض من فوق الفراش بفزع وقلبه يخفق بقوة
كأنه سيخرج من مكانه للحظاتٍ
عادت لها تلك الذكريات مرة أخرى وازداد كرهه لزهران أكثر وأكثر
خرج من غرفته مغلقاً الباب بهدوء وفي ذات الوقت كانت تصعد حسناء على درجات الدرج قائلة بخفوت له:
_ جاسم، أنتَ لسه مجهزتش نفسك!
أجابها باقتضاب قبل أن يهبط درجات الدرج بسرعة البرق:
_لسه بدري!
رمقته حسناء بحيرة وضربت كفيها ببعضهما:
_لا حول ولا قوة إلا بالله، ربنا يهديك يا بني!
--------------------------------------
اقتحم داخل غرفة مكتب والده، وانفجر في والده دفعة واحدة:
_أنا عايز حقي من ورث أمي!
رامقه زهران ببرود وهب واقفاً من فوق مقعده، ولف حول المكتب ووقف أمامه متمتماً بسخرية لاذعة:
_ورث إيه بالظبط؟!
رد عليه جاسم باقتضاب:
_ورث أمي ، وصية أمي كانت بتقول إني لو اتجوزت أقدر آخد نص ثروتها لوحدي وأنا خلاص كام ساعة وأكون اتجوزت عين.
قهقه زهران ساخراً من هذا الأبله الذي يقف أمامه:
_ونسيت حاجة كمان يا جاسم يا بني إنك متقدرش تاخد أي حاجة إلا لما تكمل ستة شهور جواز.. وأنتَ أصلاً لسه مكملتش نص يوم حتى جواز!!!
صاح جاسم بغضب امتزج بصدمته:
_أنتَ كذاب..
ابتسم ابتسامة جانبية واولاه ظهره واقترب من أحد الرفوف وانتشل إحدى الأوراق من داخلها، ثم ألقاها في وجهه:
_لو مش مصدق شوف الورق!
انحنى جاسم بجنون والتقط الأوراق من على الأرض وبدأ يقرأ فيها مثل المجنون لا يصدق أن ما خطط له منذ زمن..
الآن يلتقط بقاياه دون أن يتحقق!!
رفع رأسه لوالده وعينيهما تقابلت لأول مرة منذ سنين
منذ أن كان طفلاً صغيراً،
احمرت عيناهِ وظهر فيها كره الشديد له وكأن في لحظة مرت جميع ذكرياته المُرة مع والده:
_أنت مستحيل تكون أبويا!!
انحنى زهران بجذعه للأمام وابتسم باستهزاء مرير عندما جالت جملته الأخيرة بخاطره:     
_ومين قالك إني عايزك تكون ابني!!!

يتبع..
--------------------------------------
متنسوش تضغطو على الفوت يا سكاكر 💘



تضرب ولا تباليحيث تعيش القصص. اكتشف الآن