كومنتات كتير يا كاريزما😾🥰
--------------------------------------
وبعد عدة دقائق، توقفت عن الصراخ ورفعت عينيها المليئتين بالدموع نحوه، متمتمة بحسرة مختلطة ببكائها الحاد:
_أنا افتكرت كل حاجة، أنا افتكرت!!
أنزل يديه عن كتفيها بذعر بعد قولها، وتراجع خطوة للخلف محاولاً قراءة تعابير وجهها الذابلة، نطق بصوتٍ أجش وهو يشعر بدقات قلبه المضطربة:
_مهرة، أياً كان إللي افتكرتيه لازم تعرفي أن الماضي ملوش مكان في حياتنا دلوقتي!!
ابتسمت بمرارة وانهمرت دموعها ثم تمتمت وهي تشعر بنار تحرق روحها قبل جسدها:
_كله كذب يا سهيل، الماضي هو السبب اللي خلاك تتجوزني، الماضي هو اللي خلاك تحنّ عليا، ما أنا كنت قدامك قبل الحادثة وعمرك ما بصتلي، جيت دلوقتي تبص!
وكأن كلماتها كانت بمثابة خنجر يطعن هو به، طعنة تلو الأخرى، وهو ثابت يتمزق بصمت كأنه يعلم أنه يستحق كل تلك الطعنات منها شخصياً.
هو أحبها منذ أول لحظة وقع نظره عليها، لكن في تلك اللحظات كان الخوف يتملكه من الاعتراف بمشاعره لها، لذلك تراجع، وليته لم يتراجع وقتها، ليته!!
_يلي حصل كنتِ ضحية فيه وملهوش لازمة نتكلم فيه تاني، وحقك جه من عند ربنا من قبل ما يجي من العبد، انسي الماضي وخلينا نكمل في طريقنا إللي اختاره لينا ربنا.
حديثه جعلها تشطاط غضباً بدلاً من تهدئتها، فدفعته بقبضتيها في صدره مستنكرة حديثه:
_ماضي!! الماضي اللي أول ما يعدي على جوازنا سنة أو اتنين أو لحد ما تزهق مني تعايرني بيه!!
صرخت في جملتها الأخيرة وتناثرت دموعها على وجهها كالفيضان:
_ساعتها ضحية دي هتبقى مجرد كلمة أواسي بيها نفسي، صح يا أستاذ سهيل؟!!!!
طالعها مصدوماً من كلماتها الغير صحيحة بتاتاً،
مهرة تراه بتلك الصورة المقيتة بعد كل ما فعله لأجلها.. تراه وحشاً بدلاً من منقذها،
تتوقع أن يعايرها..!
تتوقع!! يالك من غبي، إنها متأكدة من صحة حديثها يا أبله وليس تتوقع!
هي تراك الآن في صورة وحش ينتظر ضعف فريسته لينقض عليها، أو بمعنى أصح، هي تراك حيواناً مثل معتز!!
آهٍ يا مهرة، أنتِ مثل الأم التي تقتل أطفالها بالدعاء عليهما ثم تقول: ماذا فعلت لهما!!
رمقها بنظرة عتاب عميقة، ولكنها لم تهتم واستمرت بدفعه بقبضتيها مغمغمة بكلمات لا تعي لها:
_اتكشفت على حقيقتك، أنت خلاص مش محتاج تعمل الوش الطيب قدامي!
يا له من جرح.. يا له من جرح شديد الخطورة،
تتهمه في جريمة لم يقترفها قط ولن يقترفها!
مجرد التفكير فقط في كلماتها يجعله يتمنى الموت أهون من أن يفعل ما تقوله..
يالها من قاسية القلب..ألم أخبرك يا مهرة أنك معذبتي في الدنيا؟!!
أخذ نفساً عميقاً فنزلت دمعة خائنة من مقلتيه رغماً عنه، ضرب كفيه ببعضهما متحسراً على حالها وحاله، ثم تحرك نحو باب الغرفة متجاهلاً إياها قدر الإمكان حتى لا يفقد صوابه أمامها وينفجر فيها ويخرج ما لم يعجبها.
نظرت إلى ظهره بغيظ فالتفتت حولها، ووقع بصرها على "فاظة" موضوعة على المنضدة، فتحركت تجاهها وحملتها ثم ألقتها بكل قوتها على ظهره،
على الرغم من قوة الضربة، إلا أن الألم الحقيقي كان في قلبه المتخاذل، استدار بجسده ورفع نظره نحوها مكتفياً بصمته الذي يزيد من إشعالها أكثر وهو لا يدرك ذلك
_طلقني.
كأن سوطًا يجلده بعد جملتها، وقلبه يكاد يموت تحسراً بعد قولها، أما روحه فهي ماتت بالفعل.
مرر نظراته عليها من رأسها لأخمص قدميها ثم نظر نحو عينيها مباشرة فوجد بهما الانكسار على الرغم من قوتها الظاهرة أمامه:
_كان على عيني، بس أعمل إيه، قلبي الغبي مهووس بيكِ!!
--------------------------------------
بعد مرور عدة أيام، قفزت عليه كالطفلة التي تقفز على والدها لتلعب معه قليلاً، ويبادلها هو اللعب بشقاوة، ضمها إليه على الرغم من أن النوم يسيطر على جفنيه، هبط على رأسها يقبلها قبلة حانية، فهمست هي بحماس امتزج بابتسامة جميلة جعلت حواسه كلها تنجذب إليها طالبة المزيد من تلك الابتسامات:
_صحي النوم يا جاسم، قوم صلي الظهر يلا، النهاردة فرح حسام أكيد يعني مش هنقضي اليوم نوم!
تثاءب بنعاس ورمقها بطرف عينه، مجيباً إياها بإرهاق:
_ما أنا صاحي أهو!!
مَطَت شفتيها بضيق وانسحبت من حضنه، فجذبها إليه مرة أخرى بحنان أكثر، متمتماً بعينيه مغمضتين:
_إيه رأيك نريح رباعية كده وبعدها نروح!!
_والله ويفوتنا الفرح بقى!!
تسحبت بصعوبة من بين ذراعيه وركضت إلى الخارج، لتجهيز نفسها، فهي إذا تابعته لن تذهب إلى أي مكان، وسيضيع يومها.
نهض هو الآخر بتأفف من فوق الفراش، والتقط هاتفه يتصل بشقيقته، وكالعادة لا تجيب على اتصالاته، فزفر بضيق متمتماً لنفسه:
_هو إيه شهر العسل اللي ميخليش الشخص يرد على المكالمات؟!!
--------------------------------------
زفاف غطى المنطقة بأكملها، ولم يمر أحد دون أن يعرف أنه زفاف "حسام"، خاصة أن والد "حبيبة" يحظى بمحبة أهل الحي بسبب معاملته الطيبة معهم، وقد جاء الجميع ليهنئه بزواج ابنته الوحيدة.
ذهبت "عين" مع الفتيات إلى صالون التجميل الموجود في المنطقة المجاورة، بينما ظل جاسم مع إبراهيم في منزله في أنتظارها.
دلف عادل بخطواتٍ مترددة إلى المنزل، تلفت حوله بارتباك خوفاً أن يرى سعاد ويواجهها وهو ليس مستعداً بعد لذلك، ولكن دوماً ما نخشى منه نجده ينتظرنا على أول باب نفتحه.
وبالفعل، كانت تقف أمامه تنظر إليه بعينين حزينتين، رأى فيهما الدمع للحظة، سمع همسها باسمه الممزوج بين الرفق والحنان، وينازعهما الحزن:
_"عبد الرحمن."
ارتبك في وقفته أمامها فقال بخشونة:
_السلام عليكم.
ابتسمت بتوسع بعد قوله، وهبطت الدموع على وجنتيها بحرارة، وكأن سلامه رد لها روحها المفقودة منذ زمن، ردت عليه برفق، شعر هو به في نبرة صوتها الحانية:
_وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ساد الصمت لثوانٍ، وكانت تلك الثواني بالنسبة لها سنين.
تتأمل إياه مرة، وأخرى تهرب بعيداً خوفاً أن ترى نفسها القديمة فيه، تريد أن تقترب مرة، وأخرى تبعدها رغماً عنها، تبتسم للحظة وتتلاشى ابتسامتها بعدما تدرك أنه حلم ومصيره سينتهي، ويظل الخوف هو الخيط الفاصل بينهما، ولكن تخطى هو خوفه وتكلم:
_أنا عارف إني مقصر وإنك مستنية مني حاجات، بس أنا مش قادر أدهالك غصب عني، وأقل حاجة وهي إنك تسمعي كلمة أمي مني!
أمي!! أقل كلمة، ما هذا الهراء، إنها أغلى كلمة سوف ينطقها، يكفي فقط أنها ستخرج منه هو.
مازال أمامها الكثير لتصل إليه، يكفي أنه خاطبها ولم يهرب مثلها، تنهد بعمق وقال:
_سامحيني، بس أنا مقدرش أقول كلمة أمي غير لست واحدة وهي أمي الحقيقية سوسن هانم، أنتِ هتكوني عمة مراتي بالنسبة ليا، وأنا هاحترم حضرتك لآخر لحظة.
وقفت مقابله وابتسمت ابتسامة باهتة وربتت على كتفه بهدوء وهتفت:
_"وأنا مش طالبة منك غير إنك تسامحني!"
لم يعلق على جملتها وتحاشى النظر نحوها، فادركت هي هروبه من مسامحتها، ففرت دمعة هاربة لهبت وجنتيها مراراً وتكراراً.
غيرت الحديث إلى أخر حتى لا تضغط عليه وتؤذيه دون قصدٍ:
_أنتَ مش هتروح تشوف حسام ولا إيه؟!
أرشدته نحو الغرفة وغادرت بعدها، فوقف يستعد للمواجهة الثانية على التوالي. طرق الباب بتردد فسمع صوته يأذن له بالدخول. امتثل لأمره ودلف للداخل، فالتفتا إليه كل من حسام وشاب آخر. فبلع غصته وهتف بريبة:
_محتاجين مساعدة.
تحدث الشاب باستهزاء وهو يرمق حسام:
_إحنا محتاجين حد يشيل الأخ من قدام المراية وإلا هنقعد هنا للصبح!!
رمق حسام الشاب بضيق وعاود يلتفت نحو المرآة يحاول ربط رابطة العنق، فلاحظ عادل ذلك واقترب منه هامساً بهدوء:
_تحب أساعدك؟!
لم تمر ثانية واحدة قط، واستدار حسام بجسده فوراً بابتسامة بلهاء، فضحك عادل وتناول رابطة العنق.
تمتم الآخر طالباً نصيحة منهما بشأن الزواج:
_طب يا جماعة، مفيش نصيحة كده ولا كده؟!!
أنهى عادل من رابطة العنق ثم ربّت على كتفيه ليطمئنه:
_متقلقش، الجواز كأنه لعبة، بس لعبة مش بنريح فيها أبداً!!
عقد ما بين حاجبيه باستنكار وهتف:
_طب هو ليه أنا حاسس إني مش فاهم!!
مرت ساعة كاملة على تواجدهم في الغرفة محاولين إخراج حسام منها.
لف حول نفسه وهو يرى إنعكاس صورته في المرآة متمتماً بإعجاب طاغٍ:
_شكلي قمور ولا مش قمور؟!!!
طالعه صديقه بإشمئزاز ثم صاح به بغضب:
_يابني بقى متحسسنيش إني قاعد مع العروسة مش العريس!!
_عندك حق، أنا شكلي مش قمور!!!
نبس جملته الأخيرة بتأثر زائف وتحرك نحو المرحاض متخذاً قراره في خلع ملابسه، فجذبه عادل من ملابسه على حين غرة وهتف بقوة امتزجت بصرامته:
_اسمعني بقى، أنت خلاص لعبت ولازم تكمل لعب، فاهم يالا!!
تصنم حسام أمامه محاولاً استيعاب كلماته، فأخذ نفساً طويلاً متشجعاً بحديث شقيقيه الذي لا يفهم معناه حتى الآن:
_أنتَ صح!!!
--------------------------------------
انتهى حفل الزفاف بشكل جميل وعاد الجميع إلى منازلهم. وقفت حبيبة بفستانها الأبيض في زاوية الغرفة بخجل، فاقترب منها حسام بخطوات بطيئة مما زاد من نبض قلبها، توقف أمامها وأزال الوشاح عن رأسها، وعندما رأى ملامح وجهها، صفق بحماس، مما جعلها تشعر بالارتباك وتخطو خطوة إلى الوراء بشكل عفوي، ضحك هو على رد فعلها وهمس ليطمئنها:
_ متخافيش يا عسل، أنا مش بخربش، بس بعرف ألعب، تيجي نلعب؟!!
تلاشت ابتسامتها ونظرت إليه باستغراب، فتابع هو بحماس واضح على وجهه:
_ هنجري ورا بعض، واللي يمسك التاني يديله بوسة!!
بلعت ريقها وتهربت منه بخطواتها للخلف متمتمة:
_ نلعب إيه بس، إحنا كبار.
انقطعت عبارتها بقوله المريب:
_ واحد!!!
تكلمت محاولة مقاطعته:
_ أنا مش فاهمة!!
_ اتنين!!
قال كلمته وهو يرمقها بابتسامة مستفزة متابعاً:
_ تلاتة!!
أنهى جملته الأخيرة وركضت حبيبة بأسرع سرعة لديها في أنحاء الغرفة، فركض هو خلفها يحاول إمساكها، وبعد عدة محاولات استطاع إمساكها، احتضنها من ظهرها وأسند ذقنه على كتفها هامساً بهيام:
_حبيبة القلب، هو ده أنسب مكان ليكِ، حاسس نفسي بحلم إنك في حضني دلوقتي.
_لو حلم كنت صحيت مع أول وقعة خدتها وأنت بتجري ورايا!!
اتسعت حدقتاه بعد قولها وأيضاً تذكر قبلته المديونة هي بها له، فلف حولها ووقف مقابلها واضعاً يديه حول خصره متمتماً بطفولة:
_فين بوستي يا هانم!!
ابتسمت بخبث فقالت وهي تغمز له بطرف عينها:
_البوسة بعشرة جنيه!!
_نعم!!!
لاحظت اعتراضه على ملامحه، وكادت أن تتحرك وتتركه، لكنها تمسك بها وحقق طلبها بينما كان يخرج المبلغ المطلوب ويعطيه لها، انحنت قليلاً وقبلته برفق على وجنتيه، مما جعله يبتسم بشكل واسع وتوردت وجنتاه خجلاً، ثم أخرج من جيبه مبلغًا آخر طالباً المزيد من القبلات الرقيقة مثل تلك التي حصل عليها.
--------------------------------------
في قصر الرازي، وتحديداً في غرفة المكتب، ضرب بكفيه على سطح المكتب صائحاً بغضب يعتريه:
_"بشير لازم يموت قبل ما يفتح بقه، فاهم؟!"
ارتجف جسد المحامي عقب حديث زهران، فازدرد ريقه ناطقاً بتلعثم خوفاً من بطشه:
_أنت قولي عايز إيه وأنا تحت أمرك يا باشا!"
جلس زهران على مقعده واضعاً يده على جبينه يفكر في فكرة شيطانية مثله،
ماذا تفعل يا زهران، ماذا تفعل؟!
أنت الآن على حافة الهاوية، جملة واحدة من بشير تجعلك تقع وأخرى ترفعك، وأنت بيديك أن تختار بينهما.
موت بشير سيرفعه للأعلى وسيجعله في مأمن بعيداً عن أنظار الآخرين، أم حياة بشير ستكلفه حياته.
حياته!! سيحافظ عليها حتى لو على حساب الآخرين، لا يهم، المهم هو.
لا تنسَ أنك في يوم وضعت في موقف كهذا واخترت حياتك، أو بمعنى أصح الثروة كانت هي سبيل نجاتك في ذلك الوقت، والآن موت بشير سيكون هو سبيل نجاتك كما كان في الماضي.
&&~~~~~~~~~~~~~~~~~&&
تألم الرجل العجوز على الفراش بشدة وتكور على نفسه يحاول تحمل آلامه التي تشبه النصل الحاد الذي يغرز في لحمه لتؤلمه حتى الموت.
وعلى ما يبدو أن نهايته اقتربت كثيراً.. كثيراً.
يكاد يراها وهي تقترب منه لتسحب روحه وترسلها للخالق، ولكن السؤال هنا: هل هو جاهز لمقابلته أم لا؟ وكانت الإجابة مخزية لدرجة البكاء.
طالعوه أولاده بريبة رسمت على وجوههم، فانهار هو في البكاء غير قادر على التوقف.
فعل الكثير والكثير من الذنوب، وكان آخرها ظلم ابنته الوحيدة وطردها من المنزل كالمتسولة.
ليته لم يستمع لابنه، ليته لم يستمع له واستمع لنفسه، طالعه ابنه الأوسط بقلق طغى على ملامحه فقال:
_أنتَ كويس يا بابا!!
وزع أنظاره حوله، فاغمض عينيه بحسرة، وفرت الدموع من بينهما تحت أنظار أولاده المستغربة، وازدادت شهقاته، فتحدث وهو يأخذ أنفاسه بصعوبة:
_اطلعوا كلكم ما عدا زهران!!
نظر أولاده لبعضهم بخوف، فامتثلوا لأمره دون مجادلة خوفاً على صحته، وتركوه مع شقيقهم الأكبر.
غادر الجميع الغرفة ولم يبقَ سوى زهران والعجوز الذي على وشك الموت قريباً، جلس زهران على المقعد بجوار الفراش واحتضن كف والده يطمئنه بكلماتٍ كاذبة كما اعتاد:
_هتخف يا بابا إن شاء الله وهتكون صحتك أحسن مننا كلنا.
اختلس الأب نظرة إليه ثم عاود ينظر للأمام بشرود هامساً بألم:
_اسمعني يا زهران، أنتَ دلوقتي الابن الأكبر من بعد صابر الله يرحمه، أنا خلاص بموت ومش قدامي كتير، رجع أختك يا بني هي وجوزها واكتب لهم الشركة، إحنا غلطنا لما طردناهم يا بني ودمرنا حياة إبراهيم، وجه الوقت إننا نصلح غلطنا، رجع أختك واكتب لها القصر والشركة والباقي لك أنتَ وأخواتك!!
هب واقفاً بغضب وكأن بركان يتدفق بداخله، وبالفعل انفجر في والده:
_نرجعها!! أنتَ عايز واحد واطي زي إبراهيم يمسك الشركة والقصر ويتحكم فينا إحنا؟ ده هي غلطت معاه وعايزني أرجعها وتبقى رئيسة علينا هي وجوزها الواطي؟ ما تقولي نشتغل خدامين ليهم!!
_أأخــرس!!
أنهى جملته بسعال حاد وكأن هناك نصلاً ينغرز في صدره حتى الموت:
_أختك مظلومة، زهرة متربية وأنا عارف أنها عمرها ما تخون ثقتنا!!
أدار ظهره له وأخرج سيجارة ووضعها بين شفتيه غير مهتم برائحة الدخان التي تكاد تخنق والده في الخلف:
_وأنتَ مقولتش الكلام ده قبل ما نطردها ليه؟!!
نظر الرجل إلى ظهره العريض وهبطت الدموع الحارة على وجنتيه المجعدتين ثم همس بندمٍ نابع من قلبه المحترق بذنوب الماضي:
_كنت غبي!!!
تنهد زهران تنهيدة حارة، واستدار بجسده واقترب من الفراش ثم ألقى السيجارة أسفل قدمه ودعسها بغضب طغى على ملامحه الجامدة متمتماً بنبرة مغلولة:
_ يبقى تكمل بغبائك لحد ما تموت!!!
تلاشت ملامح الحزن على وجهه بعد قول ابنه وارتسمت علامات الذعر، بينما ابنه وقف كالذئب الذي ينتظر أن يقبض على فريسته ويعذبها بأبشع صورة تراها العين.
رفع الوسادة بجانبه ووضعها على وجهه محاولاً قتله، تلوى جسد الرجل محاولاً دفع يديه عنه، ولكن الآخر استمر في فعلته دون ذرة ندم أو شفقة تظهر في عينيه.
تراخى جسده، وتوقفت أنفاسه، مات الرجل وهو لا يزال يحمل ذنب ابنته الوحيدة على عاتقه!!
وكيف مات؟!! مات مقتولاً، ومن قتله ابنه البكر!
يا له من عار كبير.. قتل على يد أحد أبنائه،
قتل على يد من كان يتتبعه كالأعمى في كل خطواته، لقد تابعه حتى طرد ابنته مع أنه كان يعلم أنها بريئة..
قتل على يد ابنه المفضل..!
قتل على يد ابنه الذي اعتنى به أكثر من أولاده الآخرين.
هذا ليس إنسانًا!! هذا شيطان.. من يقتل والده من دون ذرة ندم واحدة.. أقل ما يستحقه عذاب في الدنيا والآخرة! هذا مخلوق من نار وليس من طين، حتى الشيطان قد يخشى منه أحيانًا.
--------------------------------------
_طب ليه يا باشا وجع القلب ده، ما هو كده كده واخد إعدام.
كان زهران غارقًا في أفكاره الشيطانية، استفاق من شروده على جملة المحامي، فتنهد بضيق وعقب على جملته:
_ما هو لحد ما يتعدم أكون أنا اتعدمت قبله، بشير عارف كل حاجة عني، وفاروق مش مبطل زن عليا وعايز يروح يسأله هو عمل كده ليه، كل اللي في العائلة عينهم عليا حتى ابني!!
تساءل المحامي بحيرة:
_طب هي إيه الحاجات دي يا باشا؟!!
_ميخصكش، المهم تشوف لي اتنين من رجالتنا يخلصوا على بشير وأي حد يقف في طريقنا، راضيه بمبلغ حلو يخليه ينسى إحنا مين!!
أنهى جملته الأخيرة وجلس على مقعده بكبرياء يليق به ثم أردف:
_آه صح لو بشير طلب أي حاجة قبل ما يموت حققوها له، ما أنتَ عارفني قلبي طيب ميحبش الغلط!!
ابتسم الرجل ابتسامة زائفة يجاريه حتى لا يغضب عليه:
_طبعاً يا باشا، هو في حد بأخلاقك وطيبة قلبك، ربنا يكتر من أمثالك يا باشا!!
--------------------------------------
بعد يومين، نفذ عادل وعده مع إستبرق وتقدم لطلب يدها مرة أخرى من حسام أو بمعنى أصح شقيقه الأصغر.
دلف عادل المنزل برفقة عائلته وجلسوا على الأريكة أمام عائلة سعاد.
وضع حسام ساقاً فوق الأخرى أمامهما مما جعل سوسن تتنهد بضيق وتلتفت نحو زوجها بقلة حيلة ثم تعاود التوجه نحو ذلك الفظ.
_عامة يعني إحنا مش هنقبل غير شقة على النيل، وبالنسبة للعفش والأجهزة علينا إحنا!!
لم يعلق كلا من"سوسن" و"شريف" على حديثه خوفاً من أن يغضب ابنهم منهما، فانتظروا ابنهم يتحدث ويبادل الحديث مع ذلك الفظ، ولكنه لم يتكلم.
فالتفتت والدته له ووجدته يتبادل النظرات الرومانسية مع معشوقته، فلوّت فمها بسخط ولكزته في جانب كتفه، فانتبه هو لها أخيراً وتحدث بتلعثم:
_ أيوة طبعاً أنا معاك!!
عقد حسام ما بين حاجبيه ووزع أنظاره بين وجهي «سعاد» و«حبيبة» باستغراب ثم عاود يلتفت نحو عادل:
_ معايا في إيه بالضبط؟!!
زفر شريف ونظر نحو ابنه يفهمه حديث حسام الذي كان هو منشغلاً عنه مع أستبرق الحبيبة:
_حسام كان بيقول إن الشقة علينا والعفش والأجهزة عليه.
تنحنح عادل بحرج وتحدث وعيناه لاتزال معلقة على أستبرق الجالسة بجوار حبيبة:
_ مش عايزك تشيل هم عفش أو شقة أو فرح، أنا وأستبرق اتفقنا إننا هنعيش في الكومباوند بتاعي وهو جاهز في كل حاجة وبالنسبة للفرح قررنا نعمله على البحر!!
_لامواخذة يعني، إنتوا اتفقتوا فين؟!!
أنهى حسام جملته والتفت نحو إستبرق بنظرات حادة تكاد تقتلها، فطأطأت الأخرى برأسها للأسفل تلعن عادل على لذة لسانه.
فتنحنح عادل بقلق وابتلع ريقه مجيباً إياه بابتسامة بلهاء:
_في الحلم!!
لم يستطع أحد كتم ضحكته بعد جملته، أما حسام فطالعه بحدة فتهرب عادل بنظراته بعيداً بريبة. فلاحظت سعاد هذا الجو المشحون وتكلمت:
_طب يلا يا جماعة نسيب العروسة والعريس يتكلموا شوية.
نهض الجميع، وقبل أن ينهض حسام قال بحدة:
_خمس دقائق بس!!
خرج الجميع من الغرفة وتركوا الباب مفتوحاً وجلسوا بالخارج، فجلس حسام على المقعد الذي بجوار الباب المفتوح ولم يمر سوى دقيقة واستقام واقفاً:
_ الخمس دقائق خلصوا!!
هبت سعاد واقفة صارخة فيه بحدة:
_ هو إحنا لحقنا نقعد علشان الخمس دقائق يخلصوا؟؟!
هنا استقامت سوسن واقفة تدعم حديث حسام على الرغم من نظرات زوجها المحذرة لها:
_أستاذ حسام عنده حق، الخمس دقائق خلصت، وأنا أقول إننا لازم نمشي!!
أومأ حسام بإيجاب ودخل الغرفة وسحب عادل من لياقة قميصه، سارت إستبرق خلفهما بتذمر.
طرده إلى الخارج فخرجت سوسن بكبرياء ووقفت بجواره بابتسامة متسعة فتحدث حسام قبل أن يغلق الباب في وجوههم:
_مع السلامة، نشوفكم يوم الفرح إن شاء الله!!
ابتسمت برضا وقلبها يرفرف من السعادة ولكنها لم تظهر ذلك واكتفت بصمتها محاولة احتواء غضب عادل وزوجها.
--------------------------------------
متنسوش تضغطو على الفوت يا سكاكر💘💘💘😘
ده بارت عبارة عن قطعة سكر كدا، بالنسبة للبارت الجاي فجهز شنطة مناديل جمبكم علشان هنعيط كتير 😭😭😭
أنت تقرأ
تضرب ولا تبالي
Romanceالمقدمة: وقفت الأخرى أمامه بجسد مرتجف ثم تأمل هو أرتعابها ورجفتها بعيناهِ، كلما ينظر إليها يشعر بشي لا يعرف ما هو أو بمعنى أصح شيء يجهله _بتبصي لتحت ليه؟! فركت كفيها بتوتر ثم بللت شفتيها مردفه بتلعثم: _هه.. أصل أنا عندي رهاب إجتماعي شل لسانه وت...