21

4.6K 157 51
                                    


بارت ١٦٤

وسط صراخ ملاذ اللي ما كانت تقدر تمسك نفسها من البُكاء، غيّث كان طايح بالأرض، والدم حواليه ينزف، منيـف وقف بينهم وصار يصارخ: بعدوا عنه! لا حد يقرب!
وصوته كان مليان خوف وحزن. سهم كان ركضه سريع، ما حس بشيء إلا وهو يشد على باب السيارة اللي كانت واقفة بالخارج ، ويدخلها بسرعه بوسط للحوش حتى ينقذ غيّث.
ملاذ، وملامحها شاحبة، صوت شهقاتها كان يقطع القلب، وهي تشوف غيّث طايح بين الحياة والموت. سهم وكايد ما انتظروا، شالوا غيّث بين أيديهم الثقيلة وحطوه في المقعد الخلفي للسيارة، وهم متوترين يحاولون يلحقون الوقت. العم سراج، حاول يقوم من مكانه بصعوبة، وجسمه كله كان يرجف، وركب السيارة بجنبهم كأنه ما يصدق اللي قاعد يصير.
في هاللحظات، أهالي الديرة بدوا يسمعون صوت الرصاصه اللي اخترقت هدوء الليل، وصارت تساؤلاتهم تتسارع: '' وش صار؟ وين؟" وما كان عندهم جواب إلا إنهم كلهم توجهوا بخوف وقلق لبيت منيـف، اللي صار ساحة للكارثة.
داخل البيت، سلطانة كانت تبكي بحرقة، جسمها كله كان يرتعش من الخوف، والموقف كان أكبر منها، كأن الدنيا ملتفة حولها. مع الصدمة والخوف، تركوا البنات بالبيت، وما كان في أحد منهم يدري وش اللي ممكن يصير عقب.
السيارة انطلقت بسرعة، وكايد كان يحاول يخفف السرعة على المطبات، لكن قلبه كان يدق أسرع من الطريق اللي قدامه.

'في بيت أبو سلمان'
الجو كان هادئ بشكل غريب، لين انكسر الصمت فجأة بصوت قوي سمعته أم سلمان وهي تمسك على قلبها، وتنطق بصوت مليان خوف: بسم الله وش اللي صار؟
شوق، وهي واقفة جنب الدريشة ، نطقت بصوت مليان قلق: الصوت قريب منا، يا يمه.
منار اللي كانت تحاول تبرد أعصابها لكنها ما قدرت تخبي توترها، التفتت بسرعة ونطقت : طيب، قولي لسلمان يروح لهم يشوف وش اللي صاير.
أم منار، اللي كانت جالسة على طرف الكرسي وبيدها جوالها شافت محتوى الرسالة اللي وصلتها ، وجهها صار شاحب من الخوف، ونطقت بصوت مرجوف: يقولون صوت الرصاص كان ببيت منيف...
هنا شوق انقبض قلبها، طلع منها خوف مفاجئ، وركضت بسرعة لبرا تشوف وش اللي صاير. لما وصلت برا، شافت أهالي الديرة مجتمعين وكلهم يرددون نفس الكلام: "غيّث انصاب"، "لا حول ولا قوة إلا بالله."
شوق وقفت مكانها، ارتجفت من الخوف. أفكارها تداخلت، وصار قلبها يثقل من الهم، تحسب إن عيال عمها سوى شي في ولد أخوهم. ما تدري وش تسوي، خطواتها كانت ثقيلة وهي تمشي متوجهة لبيت منيف. لما وصلت، لقت البنات بحالة صعبة، وجو مليان خوف وألم.

بارت ١٦٥

وصلوا المستشفى وهم يركضون ورا النقالة، والعم سراج مو قادر يمشي. سهم توجه للعم سراج ومسَكه من يدينه ونطق : امسك يدي ياجدي.
دخلوا غيّث لغرفة العمليات، وهم بقوا قدام البوابة بقلق وتوتر واضح. مُنيف كان متلثم بشماغه ومتكي على الجدار، وفجأة تذكر البنات. رفع عيونه بهدوء وناظر سهم ونطق بصوت منخفض: البنات لحالهن بالبيت، روح عندهن.
سهم في البداية ما كان يبي يمشي ويترك غيث، قلبه كان خايف يصيب شِي بغيّث وهو مو عنده. ، لكن ما قدر يتجادل مع عمه. هز راسه ومشى وهو يسحب خطواته ببطء. في الزاوية، كايد كان جالس على الكرسي ويحرك رجليه بتوتر وخوف، يحاول يخفف الضغط اللي كان قاتله.
سهم رجع للبيت وعينه تدور على البنات بقلق واضح. تنحنح بخفة ودخل الصالة، لقى البنات جالسات وبجنبهم شوق، الجو كان ثقيل ومليان خوف. سلطانة وقفت ببطء من مكانها، وصوتها كان مبحوح لما ونطقت: غيّث... كيفه؟
سهم رد بهدوء، لكنه كان يخفي قلقه: للآن وهو بغرفة العمليات.
بعدها سهم طلع من الصالة بخطوات مثقلة وتوجه للمجلس، يبي يبتعد شوي ويفكر. سلطانة كانت واقفة مكانها، عيونها متعلقة بشوق، وبصوت منخفض سألَتها: تهقين بيقوم بالسلامة؟
شوق حاولت تكون قوية قدامها ونطقت : إن شاء الله، أملنا بربنا كبير.
ملاذ، اللي كانت ساكتة طول الوقت، قامت ببطء ومشت وهي ترجف. دخلت غرفتها بسرعة، ما قدرت تتحمل أكثر، وارتمت على السرير. انفجرت في بكاء عالي، شهقاتها تملأ المكان وكأنها تحاول تطلع كل اللي داخلها.
سلطانة كانت تبي تلحق ملاذ وتواسيها، لكنها وقفت مكانها لما شوق مسكت يدها برفق ونطقت بهدوء: اتركيها، خليها تبكي وتفضفض، بتكون بخير بعد شوي.
سلطانة رجعت وجلست على الكرسي، دموعها كانت تنزل بهدوء، تمسحها بكفها وهي تحاول ما تنهار. شوق جلست جنبها وناظرتها بحنية ونطقت بصوت طيب: لا تخافين، كل شي بيمر بسهوله بإذن الله.
لكن سلطانة ما قدرت تمسك نفسها أكثر، وانهارت في بكاء: كلّه بسببي، لو ما قلت لهم يكلمون أبوها، ما كان صار شي... أنا السبب!
شوق قربت منها وحضنتها بحنان، تمسح على ظهرها برفق وهي تقول: يا روح قلبي، لا تلومين نفسك، كل شي مكتوب من ربي، وإحنا ما نقدر نغير القدر. ارتاحي، الأمور بتتصلح إن شاء الله.

أجمعينا يا شوارع المحبه لاخر لقاناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن