31

2.6K 160 7
                                    

قيادة السيارة في الريف المُظلم بولاية كنتاكي في مُنتصف الليل وسط الظلام كان أكتر حاجة مُرعبة قابلتها في حياتي ، أي حد منكُم ساق في الريف بالليل قبل كدا فاهم أكيد أنا أقصُد إيه ، مفيش نور إطلاقًا ، حتي نور القمر و النجوم بيتم حجبه بواسطة السُحُب و الغيوم الكثيفة ، ظلام دامس
المنطقة دي لها تاريخ مُرعب ، تاريخ مُرعب و مليانة طاقة سلبية مُخيفة ، أول ما تدخُل المكان دا بتحس بالخوف
الطريق مش مُمهد بشكل كافي و مش جاهز للقيادة ، و قُليّل جدًا لو قدرت تشوف سيارة واحدة بالليل في المكان دا ، طريق خالي مكسّر وسط الظلام في منطقة نائية مُرعبة ، مفيش أدامك غير حل واحد .. تدعي ربنا بكُل قوتك إن عربيتك متعطلش هنا
و خليك عارف إن مش المنطقة بس اللي مُرعبة ، بالعكس .. السُكّان كمان مُرعبين و حادّين في تعاملهم مع الغُرباء ، مش هتتبسط أبدًا لو قابلت واحد منهم و هو شايل سلاحه و حاسس بالغضب لأنك بتنتهك حُرمة مُمتلكاته
المنطقة دي معروفة وسط الناس بإسم " الريف السيء " ، والدتي دايمًا بتطلب مني أتجنب الطريق دا أثناء السفر ، مفيش حد مننا مسمعش حكايات أو أساطير عن اللي بيحصل علي الطريق دا
قصص عن ناس إتسرقت علي الطريق دا ، إتخطفوا ، إتضربوا ، إتقتلوا
قصص عن أشباح بتطارد السيارات
قصص عن أضواء غريبة بتظهر وسط الحقول
قصص عن عائلات بتطارد السائقين بأسلحة
قصص عن قُطّاع طُرق
ناس بتختفي بدون أي أثر
عشان كدا بقولكم دا طريق مُرعب جدًا و منصحش حد بالقيادة عليه
.
علي طول بتجنب القيادة علي الطريق دا و بلجأ للقيادة علي طُرق تانية حتي لو الطريق التاني أطوّل و هياخد وقت أكتر ، لكن المرة دي صحيت من النوم في مُنتصف الليل علي رسالة من والدتي بتقولي فيها إن والدي إتنقل للمُستشفي و إن حالته خطيرة ، مكانش فيه وقت إني أتجنب الطريق دا و آخد طريق أطول بساعتين ، كان لازم أسوق عربيتي من خلال " الريف السيء "
دعيت ربنا إن ميحصلش أي حاجة و الموضوع يعدي علي خير ، هسوق عربيتي بسُرعة و مش هلتفت لأي حاجة ، مش هقف لأي سبب من الأسباب ، لكن رغم كدا قلبي كان بيقولي إن الموضوع مش هيعدي علي خير ، إحساسي بيقولي إن من الأفضل أستني لحَد الشمس ما تشرق لكن هل صحة بابا هتحتمل الإنتظار ؟
وصلت مُنتصف الطريق تقريبًا لكن الأمور بعد كدا بدأت تتغيّر للأسوأ
.
و كأن الظلام لوحده مش كافي ، ظلام دامس حتي مصابيح السيارة مش قادرة تخترقه ، مفيش أي علامات علي الطريق أو لوحات إرشادية ، غصب عني بدأت أبطأ شوية من سُرعة السيارة ، الظلام مُرعب و مش شايف حاجة و خطر جدًا أمشي علي سُرعة عالية ، مُمكن أخبط سيارة تانية أو أخبط حد واقف علي الطريق
القلق علي والدي كان بياكُل قلبي ، لكن رغم كدا إحساس الخوف كان أقوي منه ، أنا خايف من الطريق دا .. خايف فعلًا
الراديو مش عايز يشتغل لسبب غير معلوم ، كُنت بسوق في صمت ، لكن مش قادر أمنع إحساسين
إحساس الخوف ... إحساس إن فيه حاجة غلط هتحصل
.
عارفين إحساس إنك مُراقب
بدأت أحِس بيه لمّا لمحت ضوء ساطع وسط الحقول ، دام لثواني زي فلاش الكاميرا ، سمعت صوت عربية ماشية ورايا لكن لمّا بصيت في المراية ملقيتش أي أثر لأي عربية ، هديت السرعة جدًا و قلبي بيدُق بخوف
بعد حوالي نُص ساعة لمحت طفل صُغيّر واقف علي جانب الطريق ، لابس تيشيرت أصفر .. شورت أزرق ، بس كان حافي مش لابس حذاء ، الموضوع خوفني منه
قربت منه و أنا مهدي السُرعة جدًا ، قلبي بيدق بسُرعة و الدم ناشف في عروقي ، طفل صُغيّر بيعمل إيه وسط الظلام في طريق مُخيف زي دا ، شكله أقل من عشر سنوات
قفلت الأبواب كويس جدًا و نزلت جُزء صُغيّر من الزجاج ، وقفت جنبه و سألته لو كان بخير ؟ ، مردش عليّا ، كان بيتأملني بخوف ، بدأ يعيّط بخوف مش طبيعي  ، جري ناحية السيارة و بدأ يخبط عليها و يحُط إيديه علي الزجاج و هو بيتكلم بسُرعة من شدة الخوف ، كان بيصرُخ بجُمل غريبة زي : " كانوا بيصطادوني ! "
أو : " هيخلوا الوحش ياكلني ! "
و : " هُمّا بيراقبونا دلوقتي من وسط الظلام ! "
.
إحساس الخوف اللي حاسس بيه في اللحظة دي كان أقوي من إني أقاومه أو أحتمله ، صرخت بخوف و توتر ، قفلت الشباك بسُرعة ، كان بيخبّط بإيديه علي الشباك بيحاوِل يكسره ، ضوء الفلاش اللي من وسط الحقول إتكرر مرة تانية ، المرة دي كان أقوي و أوضح ، الطفل كمان لاحظه و بدأ يصرُخ بخوف و رعب ، دوّرت العربية و بعدت بيها و انا بترعش من الخوف
أنا مكسوف أكمِّل كلامي معاكم ، لكن أنا كُنت خايف ، كُنت مرعوب ، لو وقفت للولد كان مُمكن أموت
في المراية لمحتهم بيخرجوا من وسط الحقول ، 3 رجال لابسين عبايات سوداء و ماسكان شكلها مُخيف ، إتنين منهم جروا ورا السيارة لكني كُنت أسرع منهم و التالت مسك الولد بقسوة ، زودت سُرعة السيارة و هربت من المكان دا زي المجنون
موقفتش و لا هديت السُرعة إلا في أقرب قسم شُرطة ، قابلت إتنين ضُباط ، حكيت لهم كُل اللي حصل ، لمّا خلصت شكروني و قالولي إنهم فعلًا بيدوروا علي الطفل دا ، و بدأوا يحكولي
الصُبح الولد دا كان في مُخيّم مع أصدقائه و بيلعبوا أستغماية ، دخل يختبئ وسط الغابات و إختفي تمامًا بدون أي أثر غير حذائه اللي لقوه في مكان بعيد شوية عن مكان إختفائه ، قالولي إن ملابس الطفل دا كانت تيشيرت أصفر و شورت أزرق
.
إتحركوا معايا بسُرعة عشان أوريهم المكان اللي شُفت فيه الطفل ، 6 عربيات شُرطة و 12 ظابط و إتنين عُملاء فيدراليين ، إستأذنتهم بعد ما وصلتهم و قُلتلهم إني مُضطر أمشي عشان أشوف بابا في المُستشفي
ماما و بابا قالولي إني إتصرفت صح و إني مش جبان و لا حاجة
لكن أنا عارف إني جبان لأني مسمحتش للولد يدخل السيارة و أنقذت حياته ، أنا سبته للناس المُرعبين دول ، لكن أنا كُنت خايف و مرعوب
الحاجة الغريبة إن الشُرطة قالولي إنهم ملقوش أي أثر للولد و إختفي و مازال مفقود حتي الآن !
.
.
.

"حدث بالفعل "قصص رعب حقيقيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن