37

1.8K 153 6
                                    

أنا مُدرِس للمرحلة الإبتدائية في مدرسة في قرية صُغيرة جنب مدينة تاكوما بولاية واشنطن ، في الحصص الفاضية بناخد الطلبة لفناء المدرسة عشان يلعبوا و يجروا و يمارسوا شوية أنشطة ، الدُنيا كانت بتمطّر إمبارح ، عشان كدا الفناء كُله برك مياه صُغيرة ، الأطفال كانوا في مُنتهي السعادة ، جروا ورا بعض حوالين البرك و هُمّا بيضحكوا ، بيرشوا المياه علي بعض و يغرقوا هدوم بعض بالمياه الراكدة
بعد حوالي دقيقتين و كعادة الأطفال سمعت بنت بتعيّط ، بصيت و لقيتها لي لي ، صوفي كانت واقفة جنبها و بتقيمها من علي الأرض ، لي لي وقعت علي الأرض و هي بتجري و جرحت ركبتها جرح بسيط ، رحتلها و بدأت أهديها ، نضفت ركبتها بمنديل و شُفت الجرح ، جرح بسيط جدًا ، مش محتاج كُل العياط دا
إبتسمت و أنا بقولها : " متقلقيش يا لي لي .. إنتي بخير .. هنروح مكتب المُمرضة عشان تنضف الجرح و هتبقي كويسة جدًا بعد كدا "
بصيت لصوفي و قلتلها : " مُمكن تسنديها لحَد مكتب المُمرضة ؟ "
صوفي كانت لطيفة : " حاضر يا أستاذ شميدت "
مسكت إيد لي لي و بدأوا يمشوا ناحية مكتب المُمرضة اللي موجود في آخر الممر ، قررت أراقبهم لحَد ما يوصلوا عشان أتطمن عليهم
.
سامع صوت باقي الأطفال بيضحكوا و بيلعبوا ورايا ، مركز كُل إنتباهي علي البنتين عشان أتطمن إنهم وصلوا بأمان لمكتب المُمرضة
سمعت واحد منهم بيصرُخ : " إبعدوا عن رجل البرك "
و بعدين صوت مجموعة من الأطفال بيصرخوا بغضب ، مش محتاج وقت و لا مجهود عشان أعرف مين اللي ضايقهم ، صوته مُميز جدًا .. كايدن اللعين !
سمعت صوت حد بيرُش مياه علي الباقيين من البرك و هُمّا بيصرخوا بغضب
من غير ما أبصله و أنا لسّه مركز مع البنتين اللي تقريبًا وصلوا المكتب صرخت فيه : " كايدن ! .. مترشش مياه علي زمايلك "
جادلتي بيأس : " بس أنا لو مرشيتش عليهم مياه ، رجل البرك هيقدر يمسكهم و يؤذيهم "
سمعته بيرش باقي زمايله بالمياه و هُمّا بيبعدوا عنه بغضب
إتطمنت إن البنات وصلوا مكتب المُمرضة و لفيت عشان أواجهه ، بصيت له بغضب ، قلتله : " كايدن .. إحنا مش إتكلمنا في الموضوع دا قبل كدا ؟ "
بص للأرض بخجل و هو بيقول : " آه "
سألته : " و إتفقنا علي إيه ؟ "
قال بصوت واطي : " مرشش مياه علي حد عشان محدش يتضايق مني "
بغضب سألته : " و إنت بتعمل إيه دلوقتي ؟ "
قالي : " برش عليهم مياه "
بصيتله بغضب ، حاول يبرر موقفه ، قالي : " بس أنا بعمِّل كدا عشان أحميهم من رجل البرك "
.
رغم غضبي منه لكني بصراحة إبتسمت ، كايدن خياله واسع ، و دي حاجة دايمًا كانت بتبهرني بيه ، رغم صِغَر سنه إلا إنه خياله واسع جدًا ، صحيح فكرة الوحش اللي بيسكن البرك الراكدة و مستني يشد ضحاياه جواها و يخفيهم فكرة طفولية أوي و سوداوية أوي لكنها فكرة جديدة و مُبهرة
نزلت علي ركبي أدامه ، حطيت إيديا علي كتفه و أنا بقوله : " كايدن .. إوعدني تكون ولد مؤدب و مُطيع و تبطَّل ترُش مياه علي أصدقائك .. مُمكن ؟ "
كان باصص للأرض بخجل ، وراه لمحت ٣ أطفال بيتوجهوا لواحدة من البرك الراكدة ، بركة كبيرة و عميقة شوية ، بيتحركوا بآلية و ملامحهم جامدة معليهاش أي تعبيرات ، عينيهم بتتطلع للفراغ كأنهم سرحانين ، دي مش علامة جيدة .. أبدًا !!
سبت كايدن قبل ما يرد عليّا و مشيت ناحيتهم ، ندهت عليهم و بصوت كله قلق سألتهم : " إنتم كويسين يا أولاد ؟ "
لمحت حركة خافتة من تحت سطح المياه ، واحد من الأولاد شهق بخوف لكنه كان مُستمر في التقدُم
كايدن صرخ من ورايا بغضب : " لا "
جري بسُرعة و قفز عشان يوصل للبركة قبلهم ، و هو بينزل في مُنتصف البركة تمامًا صرخ : " إبعد عنهم يا رجل البرك ! "
راقبته و هو بيغطس في مياه البركة بشكل مُخيف .. لكن المُخيف أكتر إنه مظهرش مرة تانية !
.
المياه جت عليا و علي الأولاد اللي يبدو إنهم رجعوا لوعيهم مرة تانية و صرخوا بخوف و هُمّا بيبعدوا عن البركة ، بعد لحظات ملابس كايدن ظهرت علي سطح البركة لكن كايدن كان لسّه مالوش أثر !
صرخت و أنا بخرج الهدوم : " كايدن إنت فين ؟ "
إستعديت عشان أنزل البركة أبحث عنه لكن إتصدمت لمّا إكتشفت إن البركة عُمقها سنتيمترات فقط !!
كايدن مالوش أي أثر !
.
صراخ الأطفال بخوف
حيرة المُدرسين و رعبهم
صوت سارينة الشرطة اللي وصلوا بعد ما إتصلنا بالنجدة
رجال الشُرطة واقفين حوالين البركة بيسمعوا شهادتي و شهادة الأطفال عن اللي حصل
واحد منهم بيحط رجله في البركة عشان يتأكد من عُمقها بشك
.
إستجوبوني بقسوة ، إستجوبوا الأطفال ، حكينا نفس الموضوع ، سابوني أروّح بعد ما إتأكدوا إن ماليش علاقة بإختفاء كايدن ، رحلات البحث إستمرت لمُدة أسبوع ، المدرسة مقفولة و الدراسة توقفت فيها
.
عارفين إيه أكتر حاجة مخوفاني ؟
بركة المياه الراكدة اللي ظهرت بدون سبب تحت بيتي ، البركة اللي سطحها راكد مبيتحركش حتي لو رميت جواها طوبة ، البركة اللي الطوب مش بيظهر فيها بعد ما يترمي ، البركة اللي لمّا إستجمعت شجاعتي و بصيت فيها ، خيالي كان عينيه بتلمع و بيبتسم إبتسامة شريرة ، حسيت إن وعيي بيروح مني كأني بحلم لكن حركة خافتة من تحت المياه خلتني بعدت
أنا خايف من رجل البرك !
.
.

"حدث بالفعل "قصص رعب حقيقيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن