34

1.7K 161 9
                                    

عايشـين أنا و أمي لوحدنا من يوم وفاة بابا في حادثة سـيارة ، لكن مش دا اللي جاي أحكيلكُم عنه ، جاي أحكيلكُم عن تصرُف غريب ماما بتعملُه
مش عارف ليه ؟ .. بس ماما بتقفِل القبو بإسـتمرار
في البداية كُنت مُعتقد إن دا المكان اللي هي بتهرب فيه عشـان تخرج مشـاعرها بدون ما حد يحكُم عليها ، بتصرخ .. بتعيّط .. بتكتئب ، فاهمين قصدي ؟
كُل ليلة في الساعة 12 ليلًا بالظبط بتدخُل القبو و تقفل علي نفسها جوا و تفضل جوا شوية
في البداية مكُنتش بسأل أي أسئلة رغم غرابة الموضوع ، بس هي حرة طالما مش بتعمِل حاجة تؤذيني أو تؤذيها ، لكن لمّا الموضوع إستمَر لفترة طويلة .. كان لازم أسأل !
.
لمّا سألت والدتي صوتها إتغيّر و إتملي غضب ، ملامحها بقت قاسية و هي بتقول : " كام مرة لازم أقولك .. ملكش دعوة إيه اللي بيحصل جوا .. و كمان مش مسموح لك تدخُل جوا "
سكتت شوية و هي بتحاوِل تتمالك أعصابها و تتظاهر بالهدوء قبل ما تقول : " جون يا حبيبي .. فيه حاجات المفروض إنت متعرفهاش .. و متشوفهاش .. و تحت .. في القبو المقفول دا .. واحد من الحاجات دي "
إتنفست بهدوء و أنا بقولها بلُطف : " ماما ، كُل اللي بتقوليه كلام كويس بس برضه .. أنا مش فاهم ليه المفروض منزلش القبو ؟ ، دا مُجرد أوضة في البيت زيها زي أي أوضة يعني ، إيه يعني الحاجة المُختلفة فيه عن باقي البيت ؟ ، إيه الحاجة اللي تحت إنتي مش عاوزاني أشوفها ؟ ، إيه الحاجة السيئة جدًا الموجودة تحت لدرجة إنك مش عاوزاني أشوفها ؟ ، سر .. خلقتي سر كبير مالوش أي لازمة ، بتتصرفي زي المجنونة بالظبط ، من يوم ما بابا مات و تصرفاتك بقت غريبة و بتميل للجنون ، عاوزة رأيي ؟ "
كانت بتتأملني بغضب بدون ما ترُد ، قررت أكمِّل كلامي : " إنتي محتاجة مُساعدة .. محتاجة تروحي لطبيب نفسي ، بس قبل ما تروحي لازم أدخُل القبو و أشوف في إيه جوا ، و خدي بالك .. هدخله سواء برضاكي أو غصب عنك ، بقالك خمس سنين كُل يوم تنزلي تحت بالساعات في نفس الميعاد ، أنا لازم أعرف بتعملي إيه تحت "
.
ملامحها بدأت تلين .. بدأت تتحول من الغضب للحُزن بالتدريج و هي بتقول : "  جون .. أنا أمك و لازم تحترمني أكتر من كدا .. لازم تحترمني و تحترم خصوصيتي .. و لازم تسمَع كلامي ! .. لو أمك قالت إنك مش هينفع تنزل القبو يبقي الموضوع مُنتهي .. مش هتنزل القبو .. سامعني يا جون ؟ "
مرديتش عليها فكملت كلامها : " جون .. لازم تعرف إني بحبك .. اللي أنا مخبياه عليك طول الخمس سنين اللعينة اللي فاتت كُنت مخبياه عليك عشان أحميك .. إنت إبني الوحيد .. و اللي تحت في القبو دا إنت لسّه مش جاهز عشان تشوفه "
الغضب كان أقوي من إني أتحمله ، صرخت فيها : " فعلًا .. فعلًا أنا لسّه مش جاهز ، طيب بلاش أشوفه طالما مش جاهز .. قوليلي فيه إيه تحت .. و عشان تبقي عارفة .. أدامك حل من الإتنين .. هتقوليلي إيه اللي تحت .. أو هكتشف دا بنفسي "
الدموع بدأت تتجمع في عينيها ، ملامحها إتملت بالحُزن ، بصت علي الأرض و دموعها بتسيل من عينيها ، فضلت كدا لمُدة دقايق قبل ما ترفع راسها و هي بتمسح دموعها و بتقول : " ماشي يا جون .. هقولك إيه اللي تحت "
.
حضنتها فدفنت راسها في صدري و فضلت تعيّط شوية ، إحترمت حزنها و إلتزمت الصمت تمامًا
بصتلي لمّا خلصت عياط و قالت : " جون .. تعرف إن فيك حاجات كتير بتفكرني بوالدك ؟ "
بصت للسقف كأنها بتمنع دموعها تنزل للمرة التانية ، بصتلي في عينيا بتحدي ، عينيها كان فيها حُزن و جنون ، بدأت تتكلِّم : " والدك ..... والدك كان كُل حاجة في حياتي ... بس كان خاين ... خانني .... بس أنا كُنت حريصة إنه يفضل معايا .... معايا لوحدي .... و للأبد "
سألتها و أنا مش فاهم حاجة : " تقصدي إيه ؟ "
إبتسمت إبتسامة غريبة أول مرة أشوفها في حياتي ، ضحكت بجنون و ه بتقول : " مفيش حادثة حصلت .. أنا لفقت الحادثة دي و ضحكت عليكم كُلكم .. كان لازم أكون حريصة و أحافظ علي والدك للأبد .. عاوز تعرف والدك فين يا جون ؟ ... والدك تحت ... في القبو .. أو بمعني أصح جُثته تحت بياكلها الفئران و بتتغذي عليها العناكب "
سكتت شوية و قالت : " لسّه باقي شوية من جُثته المُتعفنة تحت .. هتلاقيه تحت لو عاوز تشوفه .. و لو عاوز تقعد معاه ... هتلاقي هيكله العظمي و هدومه المُتآكلة .. بس أنا كُنت عند وعدي معاه .. هيفضل معايا طول العُمر "
فتحت باب القبو و زقتني جوا وسط الظلام ، ريحة العفن هاجمتني ، حاولت أفتح الباب لكن سمعت القفل بيقفل و هي بتقول بشر : " إنت كمان .. إنت كمان هتفضل معايا العُمر كله .. للأبد يا جون .. للأبد "
.
.

"حدث بالفعل "قصص رعب حقيقيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن