63

1.4K 131 10
                                    

أنا دايمًا هنا ، علي طول في الشوارع ، هتلاقيني واقف في الأركان أو الشوارع الضلمة بشحت منك حاجة آكلها أو فلوس أجيب بيها أكل
لكن محدش بيديني أكل و لا حد بيديني فلوس أجيب بيها أكل ، كُل اللي باخده نظرات غضب و كلام يوجع زي : " دوّر لك علي شُغل " أو " بطل مُخدرات و إنت تلاقي تاكل "
عمري ما قربت و لا تعاطيت أي نوع من المُخدرات ، و صعب واحد زيي يشتغل ، أصل مين هيشغَل واحد مشرَد في الشوارع ، صعب أروح مُقابلة شُغل بعد ما نمت ليلة في حمام محطة بنزين أو نمت ليلة وسط الكلاب تحت كوبري مهجور
هيّ دي الحياة اللي أنا عايشها أو بمعني أصَح هيّ دي الحياة اللي أنا مُجبر أعيشها
لحَد وقت قريب
.
عيلتي ؟
عيلتي مكانتش عيلة كويسة ، و لا حتي عيلة مقبولة ، نوعًا ما فاكر أمي بشعرها القصير المنكوش و هيّ بتحضرلي الفطار و بتشتم و تلعن و تسب طول الوقت في أي حاجة و في كُل حاجة
مش عشان هيّ إنسانة وحشة ، لا عشان هيّ كانت محتاجة تلوم حد علي القسوة بتاعة الدنيا و أنا في التوقيت كان عندي 6 سنين ، كُنت أصغر من إن أي حد يلومني علي أي حاجة
مكنتش بحب أزعجها و كُنت بحضَر لنفسي الفطار كُل يوم ، 12 يوم مش باكل غير كورن فيليكس و كانت النتيجة إن معدتي وجعتني و تعبت جدًا
فإضطريت أطلب منها تحضرلي حاجة تانية ، شتمتني وسط ما هيّ بتشتم و محاولتش حتي تخبي ده أو تداريه
.
عُمري ما شفت بابا ، لأن ماما كانت بتعتبره من ضمن ماضيها القذر اللي بتحاول تداريه عني ، كلمتني عنه مرة لمّا كان عندي 7 سنين و مش فاكر من كلامها غير جملتين : ( الوغد اللي مبيحبش إلا نفسه ) و ( الوغد اللي مالوش قيمة و لا لازمة )
لمّا كبرت شوية عرفت إن بابا كان مُدمن هيروين زي ماما بالظبط ، و إنه هرب من البيت لمّا قالتله إنها حامل فيّا ، و إنها مشافتوش و لا سِمعت عنه حاجة من يومها ، قالتلي كمان وقتها إنه هرب من غير فلوس و لا أي حاجة
كُنت دايمًا بحلم إنه بيدوّر عليّا في المدينة اللي إستقر فيها ، كنت بحلم إنه ماسك صورتي و بيسأل الناس لو حد فيهم شافني أو سمع عني
و كُل ما كُنت بكبر شوية كُنت بعرف إنه لا بيسأل عليّا و لا بيفكر فيّا
.
لمّا كان عندي 9 سنين ، في يوم ماما إتأخرت علي تحضير الفطار ، دخلت عشان أصحيها لقيتها نايمة علي سريرها مش بتتحرك و شاحبة ، قبل ما ألمسها و لا أقرب منها كُنت عارف إنها ماتت بسبب جُرعة زيادة
كانت معلماني إن لو حصلها حاجة لازم أروح البقال اللي علي ناصية الشارع و أطلب منه أستعمل التليفون و أطلب النجدة ( 911 ) ، بس اللي حصل إني طلبت عربية الإسعاف و مطلبتش النجدة
ليه .. ؟
لمّا بتكون طفل جعان متربي بواسطة مُدمنة هيروين بتتعلم إن الشرطة أشرار و لازم تهرب منهم مهما حصل ... مش تتصل بيهم
عربية الإسعاف وصلت بعد 10 دقايق
.
لمّا شافوا الظروف اللي كُنت عايش فيها و شافوا سوء الوضع و قسوته عليّا كلموا الشرطة ، و قبل ما أفهم إيه اللي بيحصل لقيت نفسي في عربية شُرطة مع إتنين ظُباط و رايحين ناحية القسم !
لمّا وصلنا القسم جابولي بطانية و أكل سُخن و عصير ، كُنت شايف الشفقة في عينيهم و همّا بيسألوني علي كذا حاجة ، في النهاية طلعوا بشر و لهم قلوب و بيعرفوا يتعاطفوا مع غيرهم برغم كُل حاجة
مش زي ما ماما كانت مفهماني
.
بعد سنة تقريبًا كُنت إستقريت في بيت رعاية مؤقت مع أب و أم مؤقتين ، السيد و مدام هابين ، مدام هابين كانت طيبة برغم إنها كانت بتضربني و بتعذبني كُل يوم تقريبًا بس علي الأقل هيّ أطيب من الزمن و من أمي و من السيد هابين اللي تقريبًا كان بيضربني و بيعذبني علي كُل حركة و كُل نفس
ساعات كُنت بشوف مدام هابين بتعيّط بعد ما تضربني ، كانت بتزعل من نفسها لأنها عارفة إني مستحقش القسوة دي منهم ، بس السيد هابين كان بيفرح لمّا بيضربني
.
إستحملت لحد ما بقي عندي 14 سنة ، بعد ليلة طويلة مليانة عذاب و ضرب قررت أهرب ، لميت حاجتي القليلة و بدأت أتسلل بالراحة ، خرجت من الشباك بدون ما حد يحس بيّا ، ركبت أول قطر قابلته ، القطر نزلني في مدينة بعيدة عن مدينتي كيلو أو إتنين ، مشيتهم علي رجليّا لحد ما وصلت للمجمع السكني اللي كُنت ساكن فيه مع ماما
المباني كانت مش هنا ، كُل حاجة متكسرة و مهدومة ، كُل حاجة أنقاض ، قعدت علي الأنقاض شوية لحد ما هديت و إرتحت ، هرجع تاني المدينة التانية
دا اللي أقدر أعمله
.
لفيت في كُل ركن في المدينة ، حفظت كُل شبر فيها ، وقفت أشحت من كُل الناس لحَد ما تعبت ، كان لازم أبقي حذر جدًا لأن لو الشُرطة قبضت عليا هيرجعوني للسيد هابين تاني و ساعتها مش هيرحمني ، الشارع علمني إزاي أختفي لمّا أشوف عربية شرطة و إزاي أقدر أهرب منهم لو شافوني ، قدرت أنجو في الشارع لمدة 4 سنين ، وقتها بقي عندي 18 سنة
و هيّ دي السنة اللي قابلت فيها (سام )
.
في الوقت دا كُنت ساكن تحت كوبري مهجور ، في ليلة كُنت راجع متأخر عشان أنام هناك ، سمعت صوت من ورايا ، 3 رجالة شكلهم مش حلو ماشيين ورايا ، كانوا أكبر مني و أقوي مني ، كانوا ماشيين ناحيتي بسرعة ، إتنين منهم إيديهم في جيوبهم و التالت إيديه تحت الجاكت بتاعه ، بدأت أزود سرعتي
و همّا كمان بدأو يزودوا سُرعتهم ، بعد لحظات كُنت بجري و همّا بيجروا ورايا ، صحتي مكانتش تسمح ليّا إني أهرب منهم ، لقيت بيت مهجور مكسر قريب مني فنطيت من الشباك و إختفيت منهم في ركن ضلمة ، كانت أوضة ضلمة و كُل حاجة حواليّا لونها أسود
مكنتش شايف أي حاجة ، كُنت سامعهم بيدوروا عليّا في باقي الأوض ، بيشتموني و بيضربوا بسكاكينهم علي الحيطة و همّا بيهددوني ، كُنت عاوز أهرب من أي مكان لكن شُفت ضلهم قريب مني ، لو إتحركت هيشوفوني ، كان فيه نور بسيط داخل من الشباك قادر أشوف بيه لمّا عينيّا خدت علي الضلمة
قربوا مني أوي ، كتمت نفسي و غمضت عينيّا
و سمعت صريخ !!
.
واحد منهم كان بيصرخ زي المجنون ، كان بيقول إن فيه حاجة خبطته في رجله بقوة
لحظات صمت ...
صوت عضم بيتكسر بوحشية ...
شُفت جثة واحد منهم بتقع في الأوضة اللي أنا مستخبي فيها ، بعد ثواني الإتنين التانيين دخلوا الأوضة بيحاولوا يهربوا ، الحاجة المُختفية في الظلام قدرت تخطف واحد منهم ، كُل اللي شُفته دراع أسود طويل شبه إيدين البشر بس أطول و أرفع ، مسكته من شعره و شدته بقوة مش طبيعية لبرا الأوضة
صوت عضم بيتكسر بوحشية ...
صوت حاجة بتتقطع ...
الجثة بتاعته إترمت جوا الأوضة مقسومة نصين بمنتهي القسوة و الوحشية ، التالت قدر يهرب بس أنا إتشليت من الخوف ، الإيد اللي شُفتها و الأصوات اللي بسمعها و الوحشية اللي الناس دي ماتت بيها بتقول إن ده مش ممكن يكون بشري ، الإيد إتمدت جوا الأوضة و شدت الجُثة الأولي بمنتهي القوة ، سمعت صوت مضع و طحن ، و بعد شوية الجثة التانية إتسحبت علي مرتين ، و برضه إساتمرت أصوات المضع و الطحن
.
كُنت مُنكمش في رُكن الأوضة مستني دوري ، محاولتش أهرب ، أنا شُفت بعيني اللي حاولوا يهربوا حصل لهم إيه ، كُنت متأكد إني مش هعرف أهرب منه ، لكن بعد شوية الإيد إتمدت تاني و بدأت تُحط الهدوم بتاعتهم أدامي ، هدومهم كانت غرقانة دم و عليها قطع لحم و قطع عضم مطحون بوحشية
سألت بصوت مليان خوف و رعب : " أعمل بيهم إيه ؟ "
الإيد دخلت الأوضة تاني و مسكت الهدوم ، طلعت منها حاجة و حطيتها في إيدي ، الإيد كانت طويلة ، رفيعة بشكل مش طبيعي ، عضم علي جلد ، مفيش لحم و لا عضلات ، مخالبها قوية و شكلها مُخيف ، رمي أدامي محفظتين و سمعت صوت الكائن ده بيجري بسرعة مش طبيعية ، مسكت المحافظ و لقيت جواها فلوس كتير ، شكرته بصوت عالي و خايف : " شُكرًا "
خرجت من الشباك بخوف لكن أول ما لمست الأرض برا لفيت للشباك ، شفت عيون حمرا بتلمع في الضلمة من بعيد ، إبتسمت ناحيتها و قلت بصوت واطي تاني : " شُكرًا "
.
في الأيام اللي بعد كده أخدت قرار أسميه سام ، أيًا نوع الكائن أو المخلوق ده فهو صديقي الوحيد ، سام كان هنا علي طول علشاني ، دايمًا لما بقع في مُشكلة أو حد بيحاول يقتلني أو يسرقني كُنت بستدرجه عند سام و سام كان دايمًا بيتصرف
سام بيحبني عشان بجيبله أكل و أنا بحب سام عشان بيجيبلي المحافظ ، للمرة الأولي في حياتي لقيت شُغل ، أنا بجهز الغدا لسام
لمّا بقابل حد شكله غني بستدرجه بأي طريقة عشان أعرفه علي صديقي
صديقي المُخلص سام
.
.

"حدث بالفعل "قصص رعب حقيقيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن