76

1.3K 128 3
                                    

الموضوع بيبدأ بإنك بتسمع صوت خطواتها و هيّ بتعرُج ، ساعتها بتعرف إنها وراك ، كعب حذائها الشمال إتكسر و هي ماشية فبتعرُج بسببه ، لمّا بتقرب منك بتهمس لك بصوت واطي : " سـاعدني "
لو مرديتش عليها بتكمِّل : " سـاعدني .. أرجوك "
إوعي ساعتها تلتفت و تبص لها ، لو عملت كدا هتسيطر عليك
متحاولش تهرب ، هتقدر تحصلَك ، و المرة دي هتسبب لك إصابة بالغة
علي الأقل الأساطير بتقول كدا !
كُل بلدة صُغيّرة فيها أسطورة بيتناقلها الناس بينهم و بين بعض ، الكُل عارفها و الكُل بيقسم إنها صحيحة و بيستشهد بإنه يعرف واحد يعرف حد يعرف حد شافها و سمعها
أسـطورة البلدة بتاعتنا كانت المرأة العرجاء
الأسطورة بتقول إنها كانت مُدرسـة في مدرسة إبتدائية ، كانت شابة و جميلة لكنها للأسـف كانت ضحية جريمة قتل بشـعة ، كانت مسافرة في وقت متأخر بالليل بدون ما تعرف إن فيه حد بيراقبها و بيتتبعها ، و قبل ما تُدرك دا كان هاجمها و سحبها لواحدة من المزراع المجهولة علي جانب الطريق ، كسَر كعب رجلها و قطع الكاحل بالسكين بتاعه
الصُبح لقوا جُثتها مضروبة بعنف ، مطعونة عدد كبير من الطعنات ، القاتل مقتلهاش بشكل مُباشـر ، سابها تموت من النزيف علي جانب الطريق ، لمّا لقوها مكانوش يقدروا يعملوا سوى حاجة واحدة بس و هي البحث عن القاتل
حتي الآن مازال القاتل مجهول و روح المرأة العرجاء مش هترتاح قبل ما يتم القبض عليه
.
عُمري ما صدقت القصة دي لأني مشيت عند المكان اللي وقعت فيه الجريمة ألف مرة و مفيش ولا مرة شُفت حاجة غريبة أو مُخيفة ، لحَد ما في يوم ستيف صديقي قالي أثناء فترة الفُسـحة في المدرسة : " المرأة العرجاء حقيقية .. أنا كُنت ماشي من كام يوم بالليل علي الطريق و شُـفتها بنفسي ! "
إبتسمت و أنا بقوله : " طبقًا للأسـطورة لو شُفتها هتموتك "
بان عليه الإرتباك و هو بيقول : " قصدي يعني إني سـمعت صوتها بس ملفيتش وشي و شُـفتها "
إبتسمت بسُـخرية أكبر و أنا بقوله : " و لمّا إنت سمعتها إزاي عرفت تهرب منها من غير ما تؤذيك ؟ "
قال بغضب : " قُلت لها الكلمات اللي بتبعدها عني يا غبي "
ضحكت و أنا بقوله : " كلماتها الأخيرة اللي طبقًا للأسطورة بتبعدها عن الشخص لو هاجمته .. كلماتها الأخيرة اللي إحنا عرفناها رغم إننا معرفناش القاتل و لا كُنا جنبها و هي بتموت !!"
إرتبك للمرة التانية و هو بيقول : " إحنا عرفناهم عشان القاتل حكاهم لناس و الناس حكوها لناس تانيين و هكذا لحَد ما الناس كُلها عرفت كلماتها الأخيرة "
سخرت منه : " و طبعًا القاتل هو اللي قالنا إن روح المرأة العرجاء لمّا تظهر لنا لو قُلنا لها كلماتها الأخيرة مش هتؤذينا "
ستيفي تجهم و بان علي ملامحه الغضب لأنه من الناس اللي مؤمنين بالخوارق و الماورائيات بشكل كبير ، فكَّر شوية و قال : " هي مكانتش كلماتها الأخيرة .. هي كانت محاولة إستنجاد بوالدتها و لمّا حد بيفكرها بوالدتها بتحزن و تتشتت و تسيبلك فرصة تهرب "
مكانش عندي إستعداد أدخل معاه في جدال مالوش لازمة أو أهمية ، و رغم إننا صُغيرين و عندنا 15 سنة بس إلا إن وقتي كان أهم من إني أضيعه في نقاش زي دا
لكن ستيف مكانش هيخلي الموضوع يعدي بسهولة ، قال بحماس : " هي روحها بتظهر لأنها حاسّـة بالغضب عشان لسّـه القاتل حُر طليق ، روحها لسّـه مستنية ظهور العدالة عشان ترتاح "
حاولت أسكته : " ستيف أرجـــ .... "
قاطعني و هو بيكمِّل بنفس الحماس : " و كمان هيّ بتطارد الناس اللي مش مصدقين بوجودها "
هزيت راسي و أنا بحاول أتجنب النقاش ، ستيف كمِّل بحماس يُحسـد عليه : " تحب نروح هناك و أوريك بنفسـك ؟ "
قلتله : " لا طبعًا متبقاش غبي "
" إنت كدا كدا مش مؤمن بوجودها .. خايف تروح هناك ليه ؟ "
" مش خايف يا غبي بس أنا رحت هناك ألف مرة و محصليش حاجة "
" عُمرك مشيت هناك بالليل ؟؟ "
" لا يا ستيف .. بس يعني إيه اللي هيحصل ؟ "
" هيحصل إن روحها بتبقي موجودة بالليل بس "
" إنت غبي جدًا علي فكرة "
" ميعادنا النهاردة و اللي مش هييجي يبقي جبان "
و أنا مهما حصل مش هسمح لمعتوه زي ستيف يقول عليّا غبي ، و إتفقنا نتقابل الساعة 7 مساءً
.
و إتقابلنا الساعة 7 بعد غروب الشمس ، قلت لبابا و ماما إننا هنروح السينما لكن في الحقيقة أنا و ستيف كُنا رايحين المزرعة المهجورة اللي ماتت فيها المرأة العرجاء ، بابا قالي إني لازم أرجع كمان ساعتين بالظبط و إلا هتعاقب عشان كدا كان لازم نتحرك بسُرعة ، بدأن نسوق العجل بسُرعة لحَد ما وصلنا للطريق المهجور و بدأ الظلام يسيطر علي كُل حاجة موجودة حوالينا
ستيفي شاورلي علي بقعة داكنة علي جانب الطريق و قالي : " شايف الدم .. دا المكان اللي ماتت فيه "
وقفنا بعيد شوية عن المكان ، لمحت حاجة زي ظل خافت بيتحرك في الظلام ، ستيف بصلي و ضحك و هو بيسألني بتحدي : " خايف ؟ "
جاوبته بكًل صدق : " لا "
مكُنتش خايف لكني كُنت متوتر من وجودنا في مكان مُظلم و مهجور بالشكل دا في وقت زي دا بالليل ، إبتسم و هو بيقول : " خليك فاكر .. لو لفيت وشك هتؤذيك .. لو جريت هتحصلَك و هتخلي الموضوع أسوأ .. لو سمعتها أو حسيت بوجودها أقف مكانك .. غمض عينيك .. قول الكلمات الأخيرة .. و إهرب "
ستيف كان بيتكلم بمُنتهي الجدية و بصراحة أنا كُنت حاسس بقلق و توتر ، نزلنا من علي العجل و سبناه علي الأرض ، ستيف بصلي و سألني : " جاهز ؟ "
رديت بتوتر : " خلينا نخلَّص و نروّح .. مش عايز أتأخر "
مشينا لحَد بركة الدم الجافة و أنا بتنفس بصعوبة ، قلبي بيدق و جسمي بيترعش بدون سبب مُميز واضح ، الموضوع كان بسيط ، وقفنا جنب بركة الدماء الجافة و أنا بحاول أتغلب علي خوفي ، الجو كان هادي جدًا ، كُنت علي وشك أقول لستيف : " مش قلتلك ؟ "
لمّا لاحظت حاجة غريبة جدًا ، الهدوء كان مُبالغ فيه بطريقة مش طبيعية ، المفروض أي مزرعة بيبقي فيها حشرات لكن الحشرات هنا كانت صامتة تمامًا ، صامتة بشكل مش طبيعي ، مفيش أي صوت غير صوت تنفسنا و صوت دقات قلوبنا بس !
كُنت علي وشك أسأل ستيف عن الظاهرة الغريبة دي لكن الحقيقة خوفي كان أكبر من إني أهتم بحاجة زي كدا دلوقتي ، المُشكلة كانت في الصوت اللي سمعته من ورانا ، زي ما يكون حد بيمشي .. لا حد بيعرج علي الأرض !!
صوت خطوات المرأة العرجاء !
.
جسمي كله كان بيترعش بقوة إنتم مش متخيلينها
مسكت إيد ستيف بقوة و أنا ببصله بطرف عيني ، كان بيعيّط من شدة الخوف و هو بيترعش ، من ورانا بدأنا نسمع صوت بكاء واحدة ست ، من وسط دموعها قالت بصوت مُخيف : " سـاعدوني ! "
ستيف قال بصوت مليان خوف : " دي .. دي جايالنا "
صوت خطواتها العرجاء كان بيقرب لينا ببطء مُخيف ، صوتها تاني بتقول من وسط دموعها : " أرجـوكم .. أنا مُصـابة و جريحة .. سـاعدوني "
ستيف قالي بخوف : " قُلتلك إنها هتطاردنا بسببك .. بسبب إنك مش مصدق وجودها "
مكُنتش عارف أتصرف ، سألته بخوف : " هنعمل إيه دلوقتي ؟ "
قلبي كان بيقولي إجري .. إهرب ، لكن عقلي قالي إني لو هربت الموضوع هيبقي أسوأ لو حصلتني ، كررت كلامها من وسط دموعها : " أرجـوك .. لف وشك و بُصـلي "
ستيف مسك إيدي بقوة لدرجة إنه غرس ضوافره في إيدي و هو بيقول : " قول الكلمات .. لازم تقول الكلمات بسُرعة "
الكلمات .. الكلمات .. أنا عارفهم بس الخوف منسيني كُل حاجة .. عاوز أتكلم .. أصرخ .. أقول لكن الخوف شاللني تمامًا !
الأسطورة قالت علي صوتها و صوت خطواتها ، قالوا علي إنها هتكلمنا ، لكن محدش قالنا عن رائحة العفن اللي ملت المكان ، رائحة العفن اللي كانت بتخنقني تمامًا ، بدأت تصرخ بغضب و وحشية : " سـاعدوني "
سمعت صوت ستيف بصعوبة بسبب صوت صراخها المُخيف و هو بيقول : " قول الكلمات "
الكلمات .. لازم أقول الكلمات
لازم أقول كلماتها الأخيرة اللي قالتها للقاتل و هي بتستنجد بأمها ، بمجرد ما أفكرها بأمها هتتشتت و تسيبلي فرصة أهرب ، عليت صوتي و أنا بقول بصوت مليان خوف : " أرجـوكي .. ماما مستنياني "
صوت الخطوات توقف تمامًا ، بعد ثواني صوت الحشرات رجع و سمعت كلب بينبح ، الحياة رجعت طبيعية مرة تانية ، جرينا للعجل بتاعنا و جرينا بأقصي سُرعة ناحية البيت
مكنتش بعتقد بوجود المرأة العرجاء و كُنت بقول إنها أسطورة
دلوقت أنا مؤمن تمامًا بوجودها و بإنها حقيقية !!
.
.
.

"حدث بالفعل "قصص رعب حقيقيهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن