المكان هو كما كان منذ سنوات لم يتغير فيه شئ غير ما استجد عليه من متغيرات نتيجة لما مر به صاحب المكان ... تلك الغرفة المظلمة والتي لا تحتوي غير سرير واحد قديم لا تظهر معالمه من كثرة الاتربة التي تغطيه ... بجواره كوميدينو قديم الشكل وشباكين مغلقين وستائرهما مستدلة عليهما وترابيزة صغيرة في وسط الغرفة عليها طفاية سجائر ممتلئة الي اخرها ... وبجوارها كرسي من النوع الهزاز والذي يظهر فقط راس الجالس عليه ...
كان كالذي دفن نفسه وخرج من قبره مرة اخري ... فشعره الطويل الظاهر عليه بعض علامات الكبر وقد اكتسي لونه باللون الابيض من كثرة الاتربه ودخان السجائر المعبق للغرفة بالاضافة الي عدم الاعتناء به ... وذقنه الغير حليقه والتي تدل من شكلها الغير منتظم وطولها الي ان هذا الشخص لم يخرج من وراء تلك الجدران الاربعة منذ سنوات ليست بكثيرة
كان كما هو معتاد يوميا جالسا علي كرسيه وهو يدخن سيجاره ليستمع الي نفس الحوار الذي يسمعه يوميا منمن هم خارج جدران غرفته والذي اصبح من الثوابت اليومية له علي مدار سنتين منذ ان قرر ان ينعم بالراحة ويعتزل مجتمعه ...
كانت كما هي يوميا تتحدث مع امها في غرفتها وهي تنعي حالها معها
..... : مش معقولة اللي هو عامله دا يا ماما ... كفاية عليه وعلينا احنا كمان ... يا ريته يرحمنا ويرحم نفسه من اللي هو عامله دا ...
بينكي: اسكتي لحسن يسمعك ...
....... : يسمعني يا ريته يسمعني ... انا عايزاه يسمعني ويخرج من السجن اللي حابس نفسه فيه دا ... ايه ما زهقش اذا كنا احنا زهقنا
بينكي : مليكة مش ممكن عصبيتك دي يا بنتي ... هدي نفسك مش كدا ... اخوكي مش مستحمل
مليكة : اهدا ايه بس يا ماما ... دا حتي الرحمة حلوة وهو لا بيرحم ولا عايز يرحم ... بقالوا سنتين ... سامعة سنتين وهو حابس نفسه وما بنشوفهوش غير لما يدخل الحمام وبس ...
بينكي : ما هو معذور برضو يعني اللي شافه مش قليل ...
مليكة : عارفة والله عارفة ... عارفة ان اللي حصله مفيش بني ادم عاقل يتحمله بس هو راجلنا يا ماما والمفروض كان فكر فينا قبل ما يحبس نفسه كدا ويتحمل مش كدا ...
بينكي : بس اللي هو عرفه عن مراته وعنه هو شخصيا يقتل ... يموت ... دا احنا المفروض نحمد ربنا انه لسة معانا ومفكرش يعمل في نفسه حاجة وحشة ...
مليكة : معانا ... معانا فين ... هو فين اللي معانا دا ... وهو فاقل باب الاوضة دي عليه وما يعرفش عننا حاجة ... هو معانا جوا بس هل هو عارف احنا عايشين ازاي والا بنعمل ايه ... دي حتي الشركة ما بيسالش عليها ولا عارف ايه اللي بيجرا فيها ... يا ماما الشركة بتتنهب وبتتسرق وخلاص هتروح منه ...