الفصل الأوّل
في مزرعة ما بعيدة عن العمران ملك لعائلة العامري محمود العامري الأب الذي ورثها عن والده عبد الرحمن العامري ليورثها لأولاده الثلاث من بعده و قد أشترط أن لا تباع إلا لواحد منهم إذا أراد الأخرين أن يتركاها .. و لذلك لم يرتضي أي منهم تركها و الرحيل فهى كل ما تبقي لهم من عائلتهم كانت هى المنزل الوحيد الذي شبا به و جبلا على صعوبة الحياة في المزرعة منذ الصغر بجانب دراستهم في مراحل حياتهم المختلفة فهى بعيدة عن العمران و لا جيران بجوارهم إلا على بعد ساعات، فجده عندما قرر أن يستقر بحث عن مكان بعيد عن صخب المدينة التي كان ينعت من يعيش بها بالجنون متعجبا من تحملهم للصخب و الضجيج لحياة المدينة بسياراتها و شوارعها المزدحمة، آمر، بجاد، لؤي، الأحفاد الثلاثة الذين تبقوا من عائلة العامري آمر العامري الأخ الأكبر في الخامسة و الثلاثين كان لفترة من حياته خارج البلاد يعمل في أحد الشركات الهندسية لسنوات قبل وفاة والده ليعود على الفور ليستلم مع شقيقيه مسؤولية المزرعة متسلط قاسي الطباع و عنيد لأقصى الحدود لا يستطيع أي من شقيقه أن يخالف له أمر أو يتجاهل كلمة يتفوه بها يمكنه استعمال العنف الجسدي إذا خالفه أي منهم ، بجاد العامري الأخ الأوسط هادئ الطباع لا يجعل غضبه يتحكم به كشقيقه الأكبر في الحادي و الثلاثون درس زراعة لعلمه أنه سيأتي يوم و يستقر في المزرعة مع والده.. لؤي المتهور الطباع و الذي يرتكب الجرم و بعد ذلك يفكر فيما فعله الأخ الأصغر لعائلة العامري درس تجارة ليتخرج منذ عدة أعوام و ها هو يستقر بدوره مع شقيقه أحيانا يمل و يهرب لعدة أيام ليعود و قد استعاد نشاطه و لا يعرف شقيقيه لأين يذهب و إن كان لديهم بعض الشكوك في ما يفعله فوضوي لأقصى الحدود بجانب تهوره في التاسعة و العشرون من عمره .. و لم يستقر اي منهم مع فتاة للأن لحياتهم القاسية التي لا ترضي أحد ممن يتعرفون عليهم
كان بجاد يفرك يديه بتوتر و قد اسدل الليل ستاره على تلك الأراضي الشاسعة المحيطة بذلك المنزل الكبير بجدرانه البيضاء التي غلب الاصفرار على بياضها من مرور الزمن، يقف في طابقه العلوي ينظر من نافذة غرفته الكبيرة على الطراز القديم شاعرا بالقلق فشقيقه قد تأخر اليوم على غير عادته و هو يتفقد الجانب الغربي المتواجد به حظيرة الخيل في المزرعة فجده قد قسم جوانب المزرعة الأربع ليكون في جانبها الغربي حظيرة الخيل بينما في جانبها الشرقي حظيرة الأبقار و أخرى للخراف و الحظيرة في الجنوب للدجاج أما المنزل فهو يحتل الجانب الشمالي من المزرعة، كان آمر يمر كل مساء قبل عودته على المزرعة للتأكد من استقرار الأمور و أن لا ذئب شارد أو كلاب ضالة استقرت بالقرب منهم و أن لا أحد منهم قد أخترق السياج الشائك حول المزرعة.. رفع يده لينظر لساعته بقلق لقد تخطت الساعة العاشرة و آمر لم يعود للأن، و ذلك الأحمق لؤي ليس هنا ليخفف عنه توتره و قلقه، لم يستطع بجاد الصبر أكثر ليخرج من الغرفة متجها للأسفل، خرج من المنزل الكبير و وقف لبعض الوقت حائرا في أن يستقل السيارة أم يذهب سيرا ربما تقابل مع آمر على الطريق، شعر بالقلق ليستقر على أخذ السيارة، قادها بهدوء رغم قلقه و هو يتلفت يمينا و شمالا لعله يجد آمر أمامه.. لم يعرف لأين يتجه لحظيرة الأبقار أم الخيل، حسم أمره و توجه لحظيرة الخيول فهى المكان الأخير الذي يذهب إليه آمر قبل العودة للمنزل ليظل قليلاً مع سر كعادته بعد أن يعيدها وصل للحظيرة ليجد أن المكان هادئ و لا شيء يثير الريبة، أمسك بالمصباح ليضيئه و خرج من السيارة ليهتف بصوت عالي " آمر . هل أنت هنا؟"
لم يجيبه آمر فشعر بالقلق و توجه بحزم للداخل، دفع الباب الثقيل بقوة و دلف على الضوء الخافت للمصباح ، أشعل المولد بجانب الباب ليضئ المكان بأكمله هتف مجدداً " آمر هل أنت هنا"
يعلم أنه ليس هنا فالمكان مظلم هذا يعني أنه لم يأت بعد أو رحل للتو ، وضع يده على المولد ليجد أنه مازال بارد فعلم أن آمر لم يأت بعد، دلف لمكان سر فلم يجدها إذن لم يعد بالفعل، خرج مسرعا و أغلق المولد و توجه للسيارة متمتما " آمر أين أنت أخي "
قاد السيارة لحظيرة الأبقار مسرعا و القلق يعصف به
أنت تقرأ
و إني في هوى خاطفي متيمة
Adventureحكمٌ أطلقه قبل أن تثبت إدانتها.. و لما أراد الطعن به أزفت ساعه رحيلها... تاركةً إياه بين ندمه و بين طفلةٍ ضلّ سعيه إليها.. ليخرّ صريع الحسرة و العجز و نفسه تيأس من خلاصها... ليسوق شقيقه إليه ملاك الرحمة مخطوفةً نائيةً عن دارها.. و لتعدو خلفها رفيقتا...