الفصل الرابع و العشرون
طرق لؤي الباب منتظرا أن يأذن له آمر الذي قال بهدوء " تعالى لؤي أنا مستيقظ"
دلف لؤي و جلس بجانبه على الفراش قائلاً بمرح مصطنع " ظننت أنك بوقوفك و سيرك اليوم لن تجلس أبدا بل و لن تظل في المنزل "
ابتسم آمر بهدوء " و هل ظننت أني سأركض في الطريق و الصراخ فرحا أيها الثور "
ابتسم لؤي " و لم لا أخي ألست فرحا ببداية شفاءك "
أومأ آمر موافقا " نعم بالطبع فرح .. و كثيرا .. و لكن ليس من أجلي . بل من أجعل بيسان . حتى أستطيع البحث عنها .. "
قال لؤي بحزن خائب " و أنا أخي ألم أفيد بشيء . ليتني مكثت أنا في المزرعة و جاء بجاد معك مؤكد كان سيتصرف بشكل أفضل"
قال آمر باسما " و من قال أنك لم تفيدني من يراقب بنيامين منذ شهر مضى ليعرف عن تلك المرأة . أليس أنت .. من يساعدني في جلسات إضافية دون علم الطبيب أليس أنت من يقضي حاجتنا هنا و يهتم بكل شيء أليس أنت كل هذا و لا تفعل شيء "
تنهد لؤي براحة " حسنا و لكن لم تختفي في غرفتك بين الوقت و الآخر و تدعي النوم. آمر أنا أعرف أنك تريد البقاء وحدك و لكن ما السبب.. ما هذا الذي يضايقك هلا أخبرتني "
زفر آمر بحرارة " لا لشيء لؤي فقط أحتاج أحياناً التفكير بهدوء فيما سأفعل لأجد بيسان.. أنا قلق أخي أخشى أن لا أجدها و أفقدها لا أوفي وعدي لسيرين بعودتها إلينا و أخشى أن أفقد ابنتي في بلد غريب تنشأ بعادات و دين أخر و هوية أخرى الأمر صعب علي أنا عقلي يحترق من التفكير في هذا و الأيام و الشهور تمر منذ مجيئنا و لا جديد تنتابني الهواجس أني لن أجدها فأموت رعبا من التفكير في هذا "
يعلم لؤي كم هذه المعاناة التي يمر بها أخيه منذ علم بوفاة زوجته و وجود ابنته أليس هو أيضاً يشعر بنفس الشعور و القلق أن لا يجد ابنة شقيقه و يفقد فرد من عائلتهم ضعيف يحتاج لحمايتهم و اهتمامهم.. و لكن ماذا يفعل و الرجل كأنه بات أكثر حرصا منذ سؤالهم عن كريستينا تلك.. و مع هذا هو لن يستسلم و يعلم أن أخيه لن يستسلم و من الجيد أنه لم يتأثر بهذا نفسيا و تأخر شفاءه بل كان دافع له ليشفى سريعاً.. و ها هو قد وقف أخيراً على ساقيه و بدأ في السير حتى لو كان مستندا على ذلك العكاز و لكنه سارَ.. قال لؤي بحزم " إن شاء الله سنجدها آمر.. اليوم سأذهب لمراقبة هذا الرجل ليلاً ربما هو حريص في النهار و لكن في الليل لا أظن أنه سيظن أن أحد يراقبه و هو في منزله ليلاً أليس كذلك "
أومأ آمر برأسه " حسنا و لكن كن حريصا أن لا يراك ربما هو أكثر حرصا مما نظن نحن لقد بت أشك أنه يعلم بالفعل أننا نراقبه لذلك لم يعد يرى تلك المرأة.. "
نهض لؤي قائلاً بحزم " حسنا و لكني لن أتركه أو أبتعد لحين نجد بيسان.. "
أضاف بحماس ليخرج شقيقه من حالة البؤس هذه قليلاً " حسنا.. لم لا نخرج معا قليلا قبل ذهابي لتسير في مكان أوسع من الشقة ما رأيك "
ابتسم آمر بهدوء " لأبدل ملابسي "************★
ابتسمت تالة بهدوء و هى تضع الطبق أمام هالة التي تجلس بجانب والدتها و تثرثر بينما والدتها تنصت باهتمام. و هذا السيد يراقبها و هى تتحرك ذهابا و إيابا لتضع الطعام الذي باتت تعده بيدها منذ جاءت والدته لتظل معهم لبعض الوقت و لكنه لم يلبث أن جاء بوالدتها أيضاً كأنه كان يشعر أنها ستحتاج لبعض العون المعنوي من والدتها أو ربما الحماية من هجوم والدته عليها و الذي للتعجب لم يحدث منذ جاءت غير بعض الأحاديث الملتوية التي تخبرها بها عن زواجهم الغريب بالنسبة لها ... كانت قد انتقلت لغرفته و تركت غرفتها لوالدتها بينما مكثت والدته في الغرفة التي بجانب غرفتهم.. حتى شعرت أنها ستختنق إن لم تعود لمنزلها قريباً.. فهى تظل واضعة على شفتيها ابتسامة هادئة طوال الوقت. هذا غير الحديث معه برقة و الاهتمام به أمامهم و منادته عزيزي أيضاً و هذا يجعلها تضطرب كثيراً. و هو يزيد من اضطرابها هذا و هو يعاملها بحب و يسمعها كلمات التحبب أمامهم مما يجعلها تغتاظ و تريد ضربة.. قال مجدي يقطع أفكارها " حبيبتي.. يكفي هذا أجلسي لتتناولين طعامك و إذا أحتاج أحد منا شيء أنا سأجلبه فقد تعبت اليوم لتعدين كل هذا الطعام "
مطت تالة شفتيها في ابتسامة فاترة و قالت بتحفظ " لا بأس فقد انتهيت بالفعل.. "
جلست تالة و قالت لهالة بهدوء " هل تريدين أن أضع لك بعض الحساء أمي " نعم يا للسخرية فهى تناديها أمي الآن بناء على طلبها
ردت هالة بلامبالاة " لا يا عزيزتي شكراً لكِ.. هل أهتممت بوالدتك و وضعتِ ما تحبه لها رجاء "
قالت آمنة بحرارة " لا أحد يزعج نفسه من أجلي تعودت تناول ما يوضع أمامي و لا أهتم "
قالت هالة بنزق " لا.. بل ستطلبين ما تحبينه. تالة طاهية ماهرة بالفعل ممن تعلمت الطهو يا ترى "
ردت آمنة بغرور مصطنع " ممن تظنين مني بالطبع.. هل تظنين كوني عمياء لا أستطيع الطهو "
ردت هالة ضاحكة بخفة " اها فعلاً و الدليل كوب الشاي "
ضحكت آمنة بمرح " يا إلهي يا إمرأة أليس هذا دليل كوني أحفظ أماكن الأشياء "
ردت هالة بخفة " نعم بالطبع.. "
قال مجدي باسما لهذه العلاقة الهادئة بين المرأتين و التي أشعرته بالراحة فهن على غير توقعه كونتا صداقة.. ربما كون والدته لها سنوات وحيدة ليس في حياتها غيره و شقيقته و لذلك أخرجتها آمنة من روتين حياتها اليومية .. " هلا تناولتما طعام زوجتي و هو ساخن حتى لا تطلبا منها تسخينه مجدداً أيتها المدللتان الكبيرتان "
ضحك المرأتين و قالت آمنة " أنظرى هذا يخشى على تعب زوجته"
رد مجدي بصدق " بالطبع ماذا تظنين غير ذلك.. هيا أمي خالتي تناولا الطعام حتى نخرج جميعاً لمكان سيعجبكما "
سألته هالة بتعجب " نخرج لأين "
قال مجدي بحماس " لقد أحضرت تذاكر للسينما فيلم التاسعة ما رأيكم أليست سهرة جميلة معا إذا قمنا بها "
أشاحت آمنة بيدها رافضة " لا.. أنا لا أحب الذهاب لهذه الأماكن فتأخذ تالة و هالة معك "
ردت هالة رافضة بدورها " لا.. أنا أيضاً لست في مزاج للخروج فلتذهب و تالة و أنا سأظل مع آمنة الثرثرة معها أفضل من ثرثرة إناس أخرون لا أعرفهم خلف شاشة عملاقة مملة.. "
تدخلت تالة و قالت رافضة " حسنا. أنا أيضاً لا أريد الذهاب "
لا تريد أن تظل معه في مكان مظلم لساعات يكفي ما تعانيه معه هنا و هى مجبرة على النوم بجانبه و الحديث معه كل يوم.. قالتآمنة بحزم " بل ستذهبين معه. لا أعرف ما الذي يبقيكم في المنزل يوم بعد أخر ألم تملا "
قالت هالة بسخرية " يبدو أنهم يخشون تركنا معا لنتشاجر و تقتل إحدانا الأخرى "
ضحكت آمنة " لا تخافا لن نقتل بعضنا فقط أذهبا "
قال مجدي بهدوء و هو ينظر في ساعته.. " حسنا إذاكان هكذا فلنستعد عزيزتي حتى لا نتأخر.. و لا تقلقي أمي و خالتي سيرفعون الأطباق بعد العشاء "
كانت تريد أن ترفض أن تسبه و لكنها لم تستطع فماذا تفعل به و هو يستغل الوضع لصالحه بينما هى لا تفعل شيء غير الخنوع و الموافقة بطاعة حتى لا تعكر صفو العلاقة بين والدتها و والدته.. لذلك نهضت مستسلمة لتستعد ..
أنت تقرأ
و إني في هوى خاطفي متيمة
Adventureحكمٌ أطلقه قبل أن تثبت إدانتها.. و لما أراد الطعن به أزفت ساعه رحيلها... تاركةً إياه بين ندمه و بين طفلةٍ ضلّ سعيه إليها.. ليخرّ صريع الحسرة و العجز و نفسه تيأس من خلاصها... ليسوق شقيقه إليه ملاك الرحمة مخطوفةً نائيةً عن دارها.. و لتعدو خلفها رفيقتا...