الفصل الثاني و العشرون
نظر إليه الطبيب بضيق و هو عاكف أمام غرفة أخيه فبعد أن أغلق الهاتف مع بجاد توجه لعاملة الاستقبال ليسأل عن غرفة أخيه التي أخبرته عن مكانها و لكنه مُنع من الدخول إليه طالبين منه المغادرة و لكنه رفض بعناد . قال له الطبيب و هو يلاحظ ملامح الإرهاق على وجهه فمنذ أمس و هو منتظر مع شقيقه و لوقت خروجه من الجراحة لم يرحل و ها هو الطبيب رحل و عاد و أتى ليطمئن عليه و هو على حاله .. " لماذا لم تذهب لمنزلك لتنال قسطا من الراحة ؟بماذا أفادك بقاؤك منتظرا دون جدوى "
رد لؤي بهدوء " ليس دون جدوى أنا مطمئن بقربي من أخي و هو كذلك ،هل ستراه الآن ؟ هل أستطيع أنا أيضاً رؤيته ؟ " أضاف بتساؤل .. رد الطبيب بهدوء فالجدال مع عنيد مثله لن يجدي
" نعم سأعاينه الآن لأطمئن عن حالته أما أنت لا أظن أنك تستطيع رؤيته اليوم إذا أردت البقاء هنا على راحتك أما إذا أردت الذهاب و النوم قليلاً لا مانع لحين يستفيق أخوك "
رد لؤي بإصرار " سأغفو حتى ينهض أخي و أطمئن عليه شكراً لك سيدي يمكنك رؤيته و طمأنتي أرجوك "
دلف الطبيب و ترك لؤي منتظرا ، توجه لفراش آمر لمعاينته و خلفه دلفت ممرضة لمساعدته، هتف الطبيب بدهشة " يا إلهي أنت مستيقظ،متى أفقت و كيف ؟ لقد حرصنا على استيقاظك في الغد حتى تستريح "
كان آمر يشعر بشتى أنواع الألم الجسدي و النفسي و لكنه لم يقل غير "أين أخي أريد رؤيته"
قال الطبيب بهدوء " سيد آمر لقد استيقظت أمس أثناء العملية فاضطررنا لزيادة جرعة المنوم مرة أخرى و بعد أن أفقت بعد العملية طلبت منك أن تستريح و أعطيناك منوم مرة أخرى لتحظى ببعض الراحة لا أعرف بعد كل ذلك كيف أجدك مستيقظا الآن ؟ "
قال آمر بصوت متألم نافذ " أريد لؤي أرجوك "
رد الطبيب بضيق " إذا استمرت حالتك النفسية السيئة لن تشفى سريعاً سيد آمر ، كان من الأفضل لك تأجيل الجراحة لقد أخبرت أخاك بهذا و لكنه لم يقتنع "
لولا أنه يشعر بالعجز في كل أنحاء جسده و يشعر أنه مقيد في السرير ما أنصت إليه و نهض وحده و لو زحفا .. حتى صدره يحرقه و يريد فركه بيده و لا يستطيع .. سعل بقوة حتى كادت روحه تزهق من شدة الألم فاقترب الطبيب منه قائلاً باهتمام
" اهدأ هذا تأثير المخدر سيزول بعد فترة قصيرة "
" أريد رؤية لؤي أرجوك عليّ أن أتحدث معه في أمر ضروري و هام " طلب برجاء لعله يستجيب
قال الطبيب باستسلام ليريحه فيبدو أن هناك ما يؤرقه و بشدة " حسنا ستراه هو أيضاً لم يرحل و ظل هنا حتى عندما أخبرته أنك لن تستيقظ قبل يومين .. الآن اسمح لنعاينك أولا و بعدها تراه " أضاف و هو يقوم بمعاينته للاطمئنان عليه .***********★
كانت تجلس في نفس الغرفة في المخفر منتظرةً أن يحضر نبيل المجرمين مرة أخرى لتتعرف عليه من جديد . لم تكن هذه المرة خائفة أو مرتعبة أو يحرقها ماضي ما كان بل كان يسكنها الغضب و الحقد و الذي كانت تؤججهم داخلها و هى تجبر عقلها على تذكر ما فعله بها، ما قاله لها و ما سخر به و هو ينتهكها بتلك الفظاظة و الوحشية .. كان مجدي يراقب ملامحها الجامدة لا يعرف ما يدور داخلها غير الغضب الذي يظنها تشعر به الآن . و لكن هل هي من القوة لتتحمل المواجهة معه مرة أخرى ؟ لا يعرف كل ما يعرفه أنه سيكون بجانبها إذا وافقت أو لم توافق . فتح الباب و دلف نبيل و خلفه فكري و عابد و شريف و آخرين و خلفهم شرطيان بالزي الملكي ربما لمنع حدوث أي مشكلة من المجرمين .. وقفت تالة ما إن دلف فكري و انتظرت ليقف بجانب الآخرين كما قال لهم نبيل ،نهض مجدي بدوره متحفزا لا يعرف السبب كأنه يشعر بالخطر يحيق بها و عليه أن يحميها . سأل نبيل بحزم " سيدة تالة هل يمكنك التعرف على قاتل زوجك ؟ "
توتر مجدي و اقترب منها ليدعمها فقد كانت ترتجف ربما من الغضب رغم أن نبيل يبدو لم ينتبه لارتجافها فهو لم يعلق هل هو فقط من ينتبه لكل ما يحدث معها .. وقفت أمام فكري تنظر إليه بغضب و قبضتها قابضة بقوة ربما لا تريد أن تلكمه لتتسخ من لمسه . تشوهات وجهه بدت أبشع مع النظرة الساخرة في عينيه كأنه يعلم أنها تعرفت عليه و لن يفلت من العقاب فلم يعد يأبه بما يحدث بعد ذلك .. "قتلت زوجي بدم بارد أمامي " قالت بحرقة رمقها فكري بجمود و قد تصلبت عضلات كتفيه و اشتد ساعداه و قبضته تكورت بجانبه ،عادت لتكرر بحرقة أشد " قتلت زوجي بدم بارد أمامي " صرخت بغضب " قتلته أمامي" كأنها تسأله لماذا فعلت ذلك.. ارتجف قلب مجدي و صراخها يتعالى مكررة بحرقة و ألم
" قتلته أمامي " رفعت يدها لتهبط على وجهه بغضب ليجدها مجدي تنفجر كالاعصار و لتهبط عليه بقبضتها على وجهه مجدداً ،هم نبيل أن يوقفها فأمسك به مجدي يمنعه تاركا إياها تخرج كل غضبها عليه ، تضربه و تخمشه حتى سالت الدماء من وجهه ، رفع يده ليمسك بيدها بعنف " أيتها الساقطة هل ظننت أني سأتركك تفعلين ما تريدين بي ؟ليتني نلتك وقتها فلم تكوني واقفةً أمامي الآن " ما إن أمسك بها حتى ترك مجدي نبيل و انقض عليه بعد أن خلص تالة من قبضته قائلاً " هل تجرؤ على لمس زوجتي بيديك القذرة أقسم أن أقطعها لك " هبط على وجهه باللكمات حتى سالت الدماء من أنفه و فمه و دفعه تجاه الحائط بعنف و ركبته تضرب في معدته مرارا و بهياج كأنه أحد العناصر القتالية في أحد الألعاب الالكترونية .. صرخ به نبيل و هو يشده بقوة من على فكري " توقف مجدي لا تتعدى القانون أنت أيضاً " زمجر مجدي بغضب " اتركني نبيل أُري هذا الحقير المعتدي مكانته .. "
قال فكري و هو يمسح فمه بيده ناظرا لتالة التي تقف ترتجف بوجه شاحب " يبدو أن العاهرة وجدت غرا آخر يمتلكها و تدعي الحزن على زوجها القديم أمامه أيضاً يا للوقاحة "
ترك نبيل مجدي و قال بهدوء " إنه لك "
نظر مجدي لتالة " تقدمي لا تخشي شيئاً أنا بجانبك "
خرجت شهقة بكاء متألمة و هى تتقدم بقدمين مرتجفتين لتقف أمام فكري " قتلت زوجي بدم بارد أمامي أيها الوغد الحقير سأقتلك" ظلت تضربه بيدها و قدميها كالاعصار و هى تعاود لتخمشه في وجهه و تصرخ بغضب " قتلت زوجي يا لعين قتلت زوجي علاء ..عـــــــــــــــلاء " كانت تناجيه بألم و عذاب حتى انهارت على الأرض بعد أن فقدت كل طاقتها بعد أن أبرحت فكري ضربا و الذي غرق وجهه بالدماء حتى ما عادت ملامحه ظاهرة منها و من قبضة زوجها تقدم منها مجدي ليمسك بجسدها المنهار يساعدها على النهوض قائلاً برفق " لنعود للمنزل حبيبتي ستكونين بخير منذ الآن "
نهضت تالة مستسلمة و دموعها الصامتة تحرق قلبه عليها و هو يشعر بألمها داخل قلبه هو.. هل حقا ستكون بخير منذ الآن لا تظن ذلك.
أنت تقرأ
و إني في هوى خاطفي متيمة
Adventureحكمٌ أطلقه قبل أن تثبت إدانتها.. و لما أراد الطعن به أزفت ساعه رحيلها... تاركةً إياه بين ندمه و بين طفلةٍ ضلّ سعيه إليها.. ليخرّ صريع الحسرة و العجز و نفسه تيأس من خلاصها... ليسوق شقيقه إليه ملاك الرحمة مخطوفةً نائيةً عن دارها.. و لتعدو خلفها رفيقتا...