36 & وإني في هوى خاطفي متيمة& صابرين شعبان

4.8K 235 20
                                    

الفصل السادس و الثلاثون
في ساحة السجن انتشر المساجين يتريضون و يسيرون بهدوء يتحدثون بملل شاكرين هذه الفسحة من الوقت التي ينالونها كلما رضى عنهم أمر السجن لحسن سيرهم و سلوكهم داخل الزنازين.. كانت عين أحدهم على ذلك المشوه المفتول العضلات الجالس يتحدث مع اثنان و يبدو عليهم الغضب.. تقدم منهم ليقف على مقربة عندما سمع شجارهم الحاد.. " كل هذا بسبب فسقك أيها الوغد هو من أوقعنا في ورطة الأن.. "
هذا ما قاله شريف الذي يشعر بالغضب بعد أشهر داخل السجن دون حتى اصدار  أحكام عليهم و المحامي الخاص بهم يماطل و يطلب تأجيل لإيجاد أدلة زائفة لبراءتهم.. أما فكري فقد نال نصيبه من هذا و مؤكد سننال حكما شديدا لقتله علاء.. و لكن الأن و قد اقتربت ساعة القصاص يبحث كل منهم عن الخلاص و إلقاء تهمته على الأخرين.. " لم تغضبون و ما ستقضونه هو عدة سنوات بينما أنا ينتظرني حبل المشنقة بسبب تلك الفاسقة .. "
قال عابد بحدة " حسنا لم لا تخرجنا من هذا و تخبرهم أننا ليس لنا ذنب.. ربما ساعدناك على الخلاص من هذه الورطة "
لوى فكري شفتيه بسخرية " حقاً تريدون مساعدتي.. فلتنسوا ذلك عليا و على اعدائي سيسقط المعبد على رؤوسنا جميعا و ليس وحدي "
قال شريف بغضب و هو يلكمه بعنف " يا لك من حقير كنا نعلم أنك وغد مختل "
قال عابد و هو يبعدهما عن بعضهما .. " لا تفتعلا شجارا فيكون نصيبنا الحجز الانفرادي و تعرفونه "
ابتعدا عنه و عابد يمسك بذراع شريف ليحادثه جانباً.. التفت فكري لينظر لذلك المراقب الذي ابتسم ببرود و قال بصوت خافت جزل
" عندي صفقة معك ستخرجك من هنا و تربحك بعض المال ما رأيك نتحدث بعيداً عن الأعين "

**************★
" أنت بخير الأن "
سأل صابر آمر في اليوم التالي عندما ذهب لرؤيته ليعلم هل سيخرج أم سيظل.. قال آمر بهدوء " أنا بخير سأخرج اليوم و أعود للمزرعة.. هل عادت بيسان للمنزل مع حلم "
قال باسما " عادت معها و  حددت موعد مع جديها يرونها به مؤقتاً و هو كل أسبوعين ستظل معهم يوم و ليلة لحين تعتادهم و يريدون الحديث معك بهذا الشأن المرة المقبلة .. هذا ما أخبرتني به حلم عندما أعادت بيسان "
ارتسم الحزن على وجهه " ألم تريد أن تأتي و تراني "
رد صابر " هل ترى أن هناك داعي لهذا إذا كان كل منكم أختار طريقه أنت لم تخبرها بمشاعرك مما جعلها تفكر أنك لا تهتم بها و هى ارتبطت بشخص أخر لقاءكم لن يزيدكم إلا ألما "
أشاح آمر بوجهه ينظر لباب الغرفة بشرود صامت.. كل منا أختار طريقه.. نعم بالطبع لم تأتي و تغضب والدها برؤيته.. " حسنا معك حق "
قال صابر  بصبر و جدية  فها هو يعود و يستسلم مجدداً  هذا الرجل  بالفعل  عنيد  " لم لا تتنازل قليلاً عن كبريائك و تتحدث معها "
رد بمرارة " عن ماذا.. لقد أصبحت لأخر بالفعل كما تقول أنت و أيام و تصبح زوجة " كان حقاً يشعر بثقل في قلبه في نطق الكلمة و لكنها حقيقة حلم ستصبح حلم أخر بالنسبة له و ستتحول لكابوس بتركه و الزواج بأخر بل حياته..  هل حقاً يستحق كل هذا الألم لم فعله بسيرين..
كان صابر يعلم أنه خطأ بالفعل لو حادثها و لكن الخطبة ليست كما تبدو و غير هذا مشاعرهم تجاه بعضهما ليس من العدل أن يتجاهلونها و يظلمون أشخاصا أخرين معهم كهادي أو غيره .. قال صابر بهدوء " حسنا سأذهب لأرى الطبيب لنعلم إذا كنت تخرج الأن أم في نهاية اليوم " عليه أن يتحدث مع أحمد بشكل جاد
خرج صابر ليجد حلم في الخارج تشعر بالتردد في الدخول.. ابتسم بحنان واقترب منها يلمس رأسها بحنان " العناد و الكبرياء لن يوصل صاحبه إلا لطريق معتم و لا بصيص أمل للسعادة.. خمس دقائق و عودي للمنزل و تحدثي مع والدك بكل صراحة من أجلك أنت و ليس أحد أخر "
تركها و ذهب فأخذت نفس عميق و طرقت الباب بهدوء و دخلت دون إذن.. قالت بهدوء و هى تجده مازال جالسا في الفراش " كيف حالك "
هدئ آمر تنفسه حتى لا تلحظ اضطرابه و تأثره بحضورها " أتيتِ " خرجت مختنقة كأنه لا يصدق وجودها و ممتن نفس الوقت
قالت بتوتر " أتيت لنكمل ذلك الحديث عندما جئت لعملي ذلك اليوم.. أريد أن أعلم ماذا عنيت بهذا الاعتراف و الرحيل ببساطة  "
قال بمرارة " يوم جاء خطيبك ليعيدك للمنزل "
ردت بلامبالاة " نعم يوم جاء هادي ليأخذني للمنزل و شكرتني أنت بكل برود لاعتنائي بك "
قال بسخرية " أسف كان يجب أن أشكرك بحرارة أكثر "
ردت بغيظ " نعم كان عليك فعل ذلك "
قال بسخرية  " كتقبيل رأسك مثلاً.. أم تقبيل يدك "
سألته بهدوء لامبالي ظاهريا  تخفي خفقان قلبها من شدة الاثارة و أنها أتت لتجري مع آمر مثل هذا الحديث.. " و هل كنت ستفعل ذلك و لو كنت أريده "
صمت آمر و تفحص وجهها المحتقن غير مصدق هدوئها  و سألها بحزم " هل أتيتِ لاطمئنان على كممرضة أم حبيبة " قالها و انتهى
خفق قلبها بقوة و لم تتحرك خطوة لا تجاهه و لا لتبتعد بعد هذا السؤال الصريح " أنت لا تنتظر أن أجيب هكذا سؤال وقح " قالتها بصوت مرتجف مضطرب و قد تسارع تنفسها لتأكيده أنه يعلم بحبها له .. رد آمر بحزم " بل أريد جواب له "
سألت بغضب " جواب ماذا آمر "
قال بصرامة " هل تحبينني حلم "
قالت بمرارة ساخرة " و ما الجواب الذي تريده آمر لا أظن من حقك أن أجيب و فرصة الجواب ضاعت من كلانا  ..  أنت أضعتها " أضافت باتهام
"هل هذا يعني أنك ستستمرين في هذه الزيجة لتعاقبيني على تأخري  في الحديث " سألها بغضب..  كان لا يصدق أنه يجري هذا الحديث معها.. و لكن لا يستطيع إلا أن يتفوه بكل ما تجيش به نفسه ليس ثانياً لن يترك عناده يجعله يخسر حبيبته للمرة الثانية كما قال بجاد .. نعم حلم حبيبته و لن يتهرب من هذا مرة أخرى.. قالت بغضب ثائرة " هل تظن أني سأترك هادي بعد موافقتي آمر  .. لا تظن هذا "
هب من الفراش و لم يفكر كثيرا إذا كان سيستطيع الوقوف أم لا و لكن و لله الحمد تحملته ساقيه و وقف أمامها منتصبا و سألها " لم أتيت لسؤالي عما تفوهت به إذن.. أليس كونك تريدين التأكد منه "
قالت بارتباك " بل لأطمئن عليك.. و قد فعلت سأذهب الأن و قد تأكدت أنك بخير "
أمسك بيدها يمنعها الرحيل و هو يقول بقسوة " أنتِ كاذبة سيئة حلم لم لا تعترفين فقط أنك تحبيني كما أفعل أنا. قوليها حلم و أريحينني  "
قالت بسخرية " هل تظن أني صدقتك آمر لقد أتيت لأعرف ما تريد الوصل إليه بهكذا اعتراف "
أمسك بذراعها الأخر و قربها منه و هو ينظر في عيناها اللامعة بالدموع  و التي تهدد بالسقوط " و لكني أقول الصدق أنا أحبك حلم و أريد الزواج بكِ  هذا كل ما أريده  أقسم  لكِ "
دفعته في صدره بعنف و هى تصرخ في وجهه " اللعنة عليك آمر لم تقول هذا الأن بعد فوات الأوان.. هل تريد أن تفقدني عقلي  "
عاد ليمسك بها بين ذراعيه " لا أقسم لكِ فقط أردت أن أعلم أنك تقبلين بي مع بيسان و لكنك لم تتفوهي بكلمة خشيت التحدث معكِ فترفضين عندها كنت سأموت قهراً "
ردت غاضبة" أنت كاذب كاذب آمر لم تحبني كما تدعي و إلا ما تركتني لأخر بعد تركي لوسام لقد أعطيتك فرصة فأضعتها و أنا لا أصدقك برغبتك بطلبي  "
" أرجوكِ لا تقولي هذا حلم كنت فقط أريد أن أعلم إن كنت تقبلين بي صدقيني  كنت أريد مجرد كلمة اشارة منكِ تخبرني بقبولك  " قالها ببؤس غير سامحا لها بالابتعاد عن ذراعيه
ردت باكية بيأس " أشاره ماذا يا أحمق التي تنتظرها هل ظننت أني سأتي و أخبرك أن تأتي لتتزوجني أنت مجنون "
رد برجاء " حسنا ليس هكذا و لكن أعلم أنك توافقين بي و ببيسان"
دفعته ليبتعد و هى تبكي بحرقة و تقول بقهر " حسنا لم يعد يجدي نفعا الأن آمر بعد أيام سيعقد أبي قراني أنا لا أستطيع الرفض أو فصم الخطبة مرة أخرى "
تشبث بها بقوة و استند بجبينه على جبينها و قال برجاء  " لا تقولي هذا أرجوكِ حلم سأخبر أبيكِ أني أريد الزواج بكِ و أنك لا تحبين ذلك الرجل فقط قولي نعم و أنا سأذهب إليه الأن  لأخبره حبيبتي أرجوكِ لا تفعلي بنا هذا   "
" تخبرني بماذا " هبط السؤال على رأسهم كالصاعقة لتنتفض حلم و هى تبتعد عن آمر الذي تشبث بيدها و لم يسمح لها بالابتعاد و لكنها شدت يدها بقوة ليتركها على مضض و خيبة  و هو ينظر لأحمد الواقف ينظر إليهم بغضب  بجانب صابر الهادئ  الملامح.. قال آمر بهدوء و قوة..
" سيد أحمد لقد كنت أخبر حلم للتو أني سأذهب إليك لأخبرك  عنا "
قال أحمد بحدة " تخبرني بماذا سيد آمر.. هذا أولا.. ثانياً كيف تتجرأ و تمسك بابنتي بهذه الوقاحة "
تنفس آمر بقوة و أجاب " سأجيبك عن أولاً و هو سيجيب ثانياً "
زم صابر شفتيه بقوة حتى لا تخرج ضحكته فتثير جنون الغاضب الحانق بجانبه " تفضل أجب أنا أنتظر " قالها أحمد بحدة
قال آمر و هو ينظر لحلم الباكية و وجهها يحتقن من شدة   الخجل لرؤية والدها لها في هذا الوضع.. " أنا أحب حلم و أريد الزواج بها  و هى أيضاً تحبني "
عقد أحمد حاجبيه بغضب هذا الرجل أثبت أنه بالفعل غبي كبير و وقح أيضاً.. هل يظن أن باعترافه هذا مسموح له بضم ابنته كما راها تلك الوقحة الغبية أقسم أن أكسر رأسها.. التفت إليها ينظر إليها  بخيبة  فهطلت دموعها بغزارة و هى تخفي وجهها تنشج بخفوت غير قادرة على رؤية عيناه المعاتبة  " ابنتي مرتبطة و سيكون عقد القران  غداً و ليس بعد أسبوع أنت مدعو سيد آمر "
تنحنح صابر و لكنه لم يتحدث فقال أحمد مؤكدا ببرود  عند رؤية صدمته  "  لا أقبل لابنتي من يأتي من النافذة و قد أتاني رجل من الباب فهو مرحب به  و مقبول  "
" سيدي أرجوك فلتفكر قليلاً.. أنا سأفعل كل ما تطلبه و لكن أرجوك لا تجبرها على هذا الزواج و أنت تعلم أنها لا تحبه "
كان آمر يكاد يصرخ من شدة الغضب و هو يلوم نفسه على حماقته ماذا ظن من الرجل و هو يخبره بكل وقاحة أنه يحبها و هى تحبه
رد أحمد ببرود " ابنتي قبلت بالرجل بالفعل و عليها تقبل خيارها لم يغصبها أحد "
سمع صوتها المخنوق المترجي " بابا أرجوك لنتحدث قليلاً في الأمر آمر لم يقصد ما قاله هو فقط يخبرك... "
رد أحمد مقاطعا ببرود " لا شيء يقصده السيد آمر  لقد طلب و أنا رفضت و أنت هيا أمامي لتتجهزي لعقد القران هادي منتظر  "
التفت لآمر قائلاً بسخرية " أرى أنك بخير الأن.. حمد لله على سلامتك سيد آمر لا تنس أن تأتي للعرس إذا كنت هنا  "
أمسك بيد حلم و شدها خارجا بغضب تحت نظرات آمر المصعوقة المصدومة و قد خسر للمرة الثانية.. تهالك على الفراش ببؤس فقال صابر بهدوء " أنت لن تستسلم صحيح "
رفع رأسه ينظر إليه ببؤس "أنا مجرد خاسر عمي لا أظن أنه لدي شيء من الحظ لأبدل خسارتي بربح أبداً .. أنا خاسر فاشل فقط"
أضاف بحدة و هو يضرب الفراش بعنف.. اقترب صابر و ربت على كتفه و قال بهدوء " هيا للمنزل و كل شيء يحل "
نهض آمر مفكرا ببؤس أنه لا شيء سيحل و حياته ستظل كما هى معقدة بائسة...

و إني في هوى خاطفي متيمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن