الفصل الثالث و العشرون
كان يقف أمامه بارتباك غير مرتاح لهذا التحقيق المتكرر كلما جد شيء . قال آمر بهدوء و هو يتفحص الرجل كالصقر الذي يستعد للانقضاض على أرنب مذعور .. " هل تقول أنها لم تعود لهنا منذ ذلك الوقت الذي سأل به لؤي . "
قال الرجل بتحفظ " لا سيدي لم تعود . حسنا لقد علمت من يستطيع أن يرشدنا لمكان سكنها سيدي و كنت سأتأكد منه و بعدها كنت سأخبرك عنها "
اعتدل آمر على المقعد بتحفز " حسنا . من هو هذا . أخبرني و لؤي سيذهب ليجلبه لهنا و نسأله "
رد الحارس بضيق " ربما لا يخبرني لا أريد أن أجبره على البوح بشيء ضد إرادته نحن لا نفعل ذلك هنا "
قال آمر بعنف " أسمع أيها الرجل . من نتحدث عنها هنا هى ابنتي التي أريد أن أعرف مكان وجودها و أنت تخبرني أنك لن تجبر أحد للبوح بمكان الخادمة التي تركت زوجتي المنزل لها . "
زم الرجل شفتيه بضيق . فقال لؤي بهدوء " أسمع أيها السيد . نحن لا نريد إيذاء أحد كما تظن أنت . نحن فقط نريد أن نعرف مكان ابنتنا . أنت ترى والدها مريض هذا الوقت و لا يستطيع البحث بنفسه و أنا غريب هنا و لا أعرف أين أبحث أو من أسأل . لو ظننت أننا نريد إيذاء الخادمة فأنت مخطيء . لذلك لا تقلق "
عم الصمت قليلاً قبل أن يقول الرجل باستسلام " حسنا سأطلب منه المجيء و رؤيتكم و لتتحدثا معه بأنفسكم "
أومأ آمر بصمت فقال لؤي شاكرا و هو يوصل الرجل للباب و يكمل الحديث معه لبعض الوقت قبل أن يعود لآمر قائلاً " هل تظن أنه لا يريد البوح بمكانها و سيخبرها أولا قبل أن يأتي بمن يدعي معرفته مكانها . "
قال آمر بهدوء" ربما . و ربما كما يقول و هو بالفعل لا يعرف طريقها . حسنا سنعرف عندما يأتي من يتحدث عنه "
قال لؤي بحماسة " حسنا ما رأيك أن نخرج قليلاً لتنشق بعض الهواء و تناول الطعام في الخارج "
رد آمر بهدوء " حسنا .ساعدني لتبديل ملابسي أولا "
كان آمر يداوم على العلاج الفيزيائي بإصرار و بدأت حالته في التحسن و لكن ليس لدرجة الوقوف أو السير . طمئنه الطبيب و أن حالته في تحسن و أنه سيعود للسير قريباً إذا داوم على العلاج هكذا . كان بجاد يحادثهم كل يوم تقريباً ليطمئن عليهم و إذا كانا قد وجدا أي معلومة توصلهم لبيسان . و أستمر آمر في البحث في الشقة عن أي دليل بمساعدة لؤي حتى ما تركا أي جزء في الشقة لم يبحثا فيه . و لكن دون جدوى . كان القادم هو أملهم الوحيد للعثور على مكان بيسان في الوقت الحالي . حتى أتى الحارس ليبلغهم أنه يريد رؤيتهم ..*****★******
تفضلي بالجلوس سيدة هالة " قالتها آمنة لهالة التي جاءت لترى مجدي في منزلها . قال مجدي بتوتر " اليوم كنت سأتي لرؤيتك أمي "
قالت هالة بسخرية " ماذا مجدي ألم تكن تريد أن آتي لهنا "
قالت آمنة بصدق " لم تقولين هذا سيدة هالة البيت بيتك تأتين أي وقت "
قالت هالة بجدية " و لهذا أتيت للحديث معكم سيدة آمنة أنتِ و ابنتك "
قبضت تالة راحتها و نهضت قائلة ببرود " سأعد لكم القهوة "
قال هالة بحزم " لا أريد أجلسي يا زوجة ولدي لقد جئت من أجل الحديث معك مخصوص "
عادت تالة للجلوس و سألت آمنة بتوتر " ماذا هناك سيدة هالة هل فعلت تالة شيء ضايقك "
تدخل مجدي بمرح مصطنع " ماذا فعلت خالتي تالة لم تفعل بالتأكيد "
رمقت هالة مجدي بحنق و قالت بحدة " بل فعلت و أنت أصمت لحين أنهي حديثي و بعدها دافع عن زوجتك كما تريد لن يمنعك أحد "
قالت تالة بحدة " لا أحتاج أحد للدفاع عني سيدتي و أنا بالفعل لم أفعل شيء . و هل أراكِ لأفعل ما يضايقك "
ردت هالة ساخرة " زيدي سببا أخر سيدة آمنة لأفعال ابنتك . ها هى تخبرك أنها لا تأتي و تراني . أولا تزوجت ولدي في منزلكم و تركت منزله تسكنه الشياطين . ظننت أن ولدي سيتزوج و يكون له منزل و عائلة و لكن ما حدث هو أنها تركت بيته خربا بدلاً من تعميره "
سألت آمنة بهدوء " ماذا تعنين بحديثك سيدة هالة أسفة و لكن أوضحي أكثر لأعرف ما تشكين منه بالضبط "
نظرت لتالة الصامتة بوجه غاضب و مجدي الجالس بحرج . يشعر بالضيق من حديث والدته و لكنه ربما هذه المرة معها حق .. قالت هالة ببرود " اسمعيني سيدة آمنة . عندما تزوج مجدي هنا لم أوافق . أنا لم أربيه ليصير رجلاً ليسير خلف أوامر زوجته . لقد صمت فقط رفقاً بحالتها ذلك الوقت و أنها ستكون بخير معك لحين تمر أزمتها و لكن الوقت يمر و أنا أرى ولدي هنا مستسلم للأمر . ما أريده هو أن يعود ولدي لمنزله سيدة آمنة إذا أردتِ العيش معهم في منزلهم مرحب بكِ و لكن أن يعيش هو هنا و الجميع يقول يمكث في منزل والدة زوجته أسفة لن أقبل بهذا الوضع و أنتِ لا يرضيك أن يتحدث أحد من عائلتك بسوء عن ولدي و هذا ما سيفعلونه و هو يمكث معك هنا سيظنون أنه ليس رجلاً كفاية ليتحمل مسؤولية زوجة و بيت لذلك يظل في منزلها هى "
صمتت آمنة و قد تفهمت ما تشير إليه هالة . هى أيضاً وافقت على ذلك كون تالة كانت منهارة وقت علمت عن قاتل علاء و لكن يبدو أنها بالفعل يجب أن تبدأ حياتها بعيداً عنها ليكون لها منزلها و تتخطى الماضي . هما الاثنان يظنونها كونها عمياء لا ترى الجفاء بينهم و صد ابنتها لزوجها و الذي بدوره مستسلم و لم يحاول فرض نفسه عليها حتى لا يزيد وضعها سواءا . لا يعلم أن استسلامه هذا لن يأتي مع ابنتها بنتيجة . لذلك جيد جدا أن هالة أيضاً لا يعجبها هذا الحال . قالت آمنة بهدوء " حسنا سيدة هالة معك حق . لذلك أنا لا أريد لمجدي أن يفهم أني أطرده من المنزل و لكن حقاً بني عليكم الذهاب لمنزلكم و بدأ حياتكم هناك و تعميره و جلب الكثير من الاحفاد لنا أليس كذلك سيدة هالة "
تنهدت هالة براحة لموافقتها على حديثها " حسنا أنتِ لا تمانعين إذن "
ردت تالة بعصبية " ألا ترون أنكم تتحدثون عن حياتي أنا . و أنا لا أريد أن أترك منزلي للذهاب لمكان .. "
قال مجدي بهدوء " أنا لا أمانع أن تأتي خالتي معنا للمنزل حبيبتي"
قالت آمنة بهدوء " لا بني أنا هنا في منزلي و على تالة أن تعلم أن هذا لم يعد منزلها و عليها البدء بإنشاء منزلها و عائلتها "
قالت تالة بعصبية " لقد وافقت على الزواج شرط أن نبقى ... "
قاطعتها والدتها ببرود " و قد تزوجت و لك منزل فأذهبي إليه . لم أعد أحبذ بقاؤك هنا . لولا قدوم هالة لطلبت منكم ذلك بالفعل جيد أن هناك من يؤيدني في رائي "
قالت تالة باكية " و لكني لا أريد تركك "
ردت آمنة بهدوء " أنا لست صغيرة و لست وحيدة كما تظنين لدي عائلتي و التي ستعود لرؤيتي فور علمهم بذهابك "
سألتها بحرقة " و هل كنت من يمنعهم عنكِ "
ردت آمنة بقسوة " بل أفعالك يا ابنتي . فلتذهبي أريد العودة أنا أيضاً لحضن عائلتي و أنتِ تمنعيني عن ذلك بالفعل .. و الأن مجدي بني جهزا نفسيكما للذهاب اليوم "
نهضت تالة باكية بحرقة فقالت هالة بضيق " لم يكن عليكِ قول هذا الحديث القاسي لها . "
ابتسمت آمنة بهدوء " أنها حمقاء ستبكي قليلاً و ستنسى بعد ذلك و ستعود لتراني أنها تغار من أي أحد يأخذ اهتمامي عنها لذلك لا تريد تركي "
نهض مجدي قائلا " ساراها و أعود "
ردت هالة أمرة " أذهب و طيب خاطرها "
بعد ذهابه قالت آمنة بهدوء " أنا أعرف أنك ترفضين ابنتي كزوجة لولدك كونها سبق لها الزواج لن أطلب منكِ أن تحبيها أو تعامليها جيداً و لكن كل ما أرجوه منكِ أن لا تقسي قلب زوجها عليها . عديها كابنتك و ما لا ترضيه لها لا ترضية لتالة . ابنتي قلبها طيب رغم مظاهر القسوة التي تظهر بها و إذا أردتِ أن تزوجيه أخرى من أختيارك و لم يسبق لها الزواج و وافق هو لا تؤذوا ابنتي بأجبارها على البقاء إذا لم تكن تريد ذلك "
لا تعرف هالة لم قلبها ألمها و هى تستمع لهذا الحديث شعرت حقاً بعجز المرأة أمامها التي ينضح حديثها يأسا و خوفاً لمصير ابنتها هل تظنها حقاً ستفعل ذلك و تُقلب قلب ابنها على زوجته . هل تظنها ستفعل كالحموات الذين يدعون كذباً على زوجات أبناءهم ظلما فقط
ليحولون حياتهم جحيم .. " أنتِ لا تظنين أني أنزل لهذا الدرك "
قالتها هالة بشك لآمنة الجالسة بهدوء .. ابتسمت آمنة براحة " لا .. لا أظن ذلك " قالتها نافية و قد اطمئنت أن المرأة بالفعل رغم قساوتها لن تتبع هذه الأساليب الملتوية مع ابنتها . قالت هالة بحنق
" حسنا طمئنتني حقاً و لكن هذا ليس معناه أني يمكن أن أخفي أي تصرف خاطيء عن مجدي يبدر من ابنتك "
قالت آمنة بهدوء. " لا بأس يمكنك فعل ذلك إذا اخطئت بالفعل "
سألت هالة بلامبالاة " حسنا هل سنحتسي الشاي الأن أم سأذهب كما حضرت "
نهضت آمنة بمرح " حسنا هيا قوديني للمطبخ و أنا سأشير لأماكن الأشياء لتعديه بيدك أنتِ "
نهضت هالة باسمة بمرح " جيد أن مجدي سيعود لمنزله و إلا كلما أتيت أعددت الشاي لنفسي "
ضحكت آمنة قائلة " ها هى ستحدث جلبة من أجل كوب شاي "
و كأن المرأتين قد عقداً هدنة بينهما تاركين الولدين خارج علاقتهما ببعضهما البعض ...
أنت تقرأ
و إني في هوى خاطفي متيمة
Phiêu lưuحكمٌ أطلقه قبل أن تثبت إدانتها.. و لما أراد الطعن به أزفت ساعه رحيلها... تاركةً إياه بين ندمه و بين طفلةٍ ضلّ سعيه إليها.. ليخرّ صريع الحسرة و العجز و نفسه تيأس من خلاصها... ليسوق شقيقه إليه ملاك الرحمة مخطوفةً نائيةً عن دارها.. و لتعدو خلفها رفيقتا...