الفصل الثاني و الأربعون
" صباح الخير أميراتي " انحني ليقبل عنق حلم التي تطعم بيسان التي قالت بتذمر " و أنا بابا "
ضحكت حلم و غمزته فقال آمر مستنكرا " و هل استطيع نسيان أميرتي الصغيرة .. أنتِ لا تظنين بي ذلك "
انحني و قبلها عدة قبلات مشاكسة و بيسان تقهقه بمرح " حسنا يكفي بابا "
جلس بجانبهم على الطاولة قائلاً و هو يتناول بعض الطعام " ماذا سنفعل اليوم قبل عودتنا للمزرعة "
قالت بيسان بحماس " نذهب لرؤية تيتا صفية و جدو محمد و جدو صابر و جدو أحمد "
ضحك آمر و حلم و أجاب والدها بمرح " حبيبتي هكذا سنعود العام المقبل للمزرعة و ليس اليوم "
زمت بيسان شفتيها " ألن نراهم قبل أن نعود "
قالت حلم باسمة " لدي اقتراح يرضي الجميع "
نظرت لآمر قائلة " سأذهب مع بيسان لزيارة تيتا صفية و بابا ينتظرنا لدي جدو صابر ليأخذنا و نسلم على جدو أحمد و نأخذ عمو لؤي و نعود للمنزل أليس هذا حل بسيط و هكذا نكون رأينا الجميع "
صفقت بيسان بحماس " أجل أنه حل بسيط سأذهب لأرتدي ملابسي "
تركتهم و عادت لغرفتهما لترتدي ثوبها .. أمسك آمر بيد حلم يرفعها لشفتيه مقبلا " آسف لليلة أمس "
قبلت وجنته بقوة قائلة " العمر أمامنا حبيبي لا بأس بذلك "
قال آمر باسما " حسنا هيا أذهبي لتستعدي لنعود للمزرعة مبكرا"
و هذا ما فعلاه و هما يودعوا الجميع قبل أن يعودا للمزرعة تاركين بجاد و دانية مع صابر لبعض الوقت بينما استعد جيمس و جيسي للعودة أيضاً و هاتفا آمر و هم في انتظار رحلتهم على وعد باللقاء عندما يعود آمر لهناك..*********※
"أخبره أني مللت من هذا المكان و أريد الخروج من هنا"
قالها فكري بضيق للرجل الذي نقل حديثه لويل الجالس بملل.. قال يجيبه ببرود " أخبره أن المكان يعج بالشرطة إذا كان يريد أن يخاطر بعنقه فليذهب "
ترجم الرجل الحديث لفكري الذي قال بدوره مفكرا " حسنا لا بأس و لكن أخبره أني أريد هاتف و عدة شرائح و رقم أحدهم ليحضره لي "
ترجم الرجل حديثه فسأله ويل بحدة " من هو هذا "
رد فكري بحقد " بل قل من هى "؟؟؟!!!***********※
نهضت تالة تتمطئ بكسل و هى تتثاءب و عيناها تبحث عن أثره في الغرفة .. شعرت بالخيبة عندما لم تجده و لكنها لم تهتم و هى تنهض و تذهب للحمام لتأخذ حمام طويل و هى تسترخي براحة في حوض الاستحمام متذكرة كل ما حدث بينهم ليلة أمس . تنهدت براحة و على شفتيها ابتسامة سعيدة هل حقاً تصالحا بعد ما حدث هل عاد مجدي ليهتم بها و يحبها كما كان يفعل لقد أخبرتها لمساته المشتاقة أمس رغم أنه لم يتفوه بكلمة حب كما كان يفعل من قبل و لكن هذا يكفيها الأن تعلم أنه لم يصفي لها بالكامل و لكنها لن تستسلم الأن لن تهدأ إلى أن تعود علاقته بها كما كانت..
شعرت بلمسات تمر على وجهها لتفتح عيناها لتجده يجلس على حافة الحوض " غفوت دون أن أشعر " قالتها بصوت خافت و هى تريح وجنتها على راحته.. نهض و أمسك بالمنشفة و قال بأمر " أنهضي " ارتعش جسدها لا إراديا من لهجته الجافة فظن أنها تشعر بالبرد فقال بعنف " ألا نهاية لاستهتارك تالة أولاً حادث ثم البقاء دون طعام و الأن الموت بردا "
ترنحت و هى تشعر بالدوار و هى تفكر أن هذا ليس مجدي الذي غفت أمس بين ذراعيه.. " يا إلهي تالة " قالها بفزع و يتلقفها بالمنشفة و يخرجها من الحمام لغرفتهم.. وضعها على الفراش و هو يشد الغطاء يدثرها و يلمس وجنتها الباردة بقلق " بما تشعرين هل أحضر الطبيب "
قالت منتحبة بصوت مرتجف " هل أصبحت عبئ عليك لهذا الحد مجدي لم تعد تتحملني "
زفر مجدي بحرارة و قال معتذرا " أنا آسف تالة و لكن وجهك الشاحب اقلقني لم لا تكفين عن التصرف برعونة من أجلك و ليس من أجل طفلك "
" هل هو طفلي وحدي " سألته بمرارة و قد تأكدت أنه حتى لم يعد يبالي بطفلهم.. قال مجدي بضيق " يا إلهي أنا أفسد كل شيء اليوم بحديثي لم لا تغفين قليلاً لحين أعد لك طعام جيد "
نهضت و هى تمسك بالشرشف " لن أفعل مجدي أنا أريد أن أعلم لم تعاملني هكذا لم تعد تريدني فلتخبرني لأذهب و لا تضغط على نفسك بوجودي حولك "
قال بحدة " اهدئي تالة ما بكِ عدت لسيرتك الأولى إذا كنتِ أنتِ تريدين تركي فلتقولي و لا تلقين باللوم على "
كانت تريد أن تخبره أنها ستموت لو فعل الأن و تركها.. كانت تريد أن تقول أنها لن تستطيع التنفس لو ابتعدت عنه.. كانت تريد أن تقول أنها لم تعد حية منذ تجنبها و أمس فقط شعرت بالحياة و لكنها لم تستطع أن تنطق كل هذا و سبت نفسها بعنف و هى تفكر أنه سيضيع منها هذه المرة فقد فاض به الكيل.. قالت تالة بائسة و هى تشهق بالبكاء " كم مرة أخبرتك أني أحب علاء مجدي "
تنفس بعنف و أغمض عيناه بألم قبل أن يفتحها و يجيب بجمود
" كثيراً تالة كثيراً " ها هى ستعود لعادتها لجرحه و إيلامه..
قالت و هى على حالها من البكاء " و كم مرة قلت أني أحبك مجدي"
ضغط نواجذه و تنفس بعمق رغم أن الكلمة سؤال و لكنها جعلت قلبه يتقافز داخل صدره " لم تفعلي تالة "
مدت راحتها تمسك بساعده برجاء و هى تقول " هل تسمح لي أن أقولها من اليوم و حتى نموت "
اتسعت عيناه بدهشة هل هذه تالة من تتحدث هل تسأله أن يسمح لها أن تقول أنها تحبه.. هل تحبه .. تالة.. حقاً قالت بصوت مخنوق من شدة البكاء " أنا أحبك مجدي أحبك "
كانت نظراته إليها ما بين صدمة و عدم تصديق و شك و حيرة بينما مشاعره ثائرة ما بين هدوء و عواصف تحدث لخافقه الذي ارتبكت دقاته ما بين بطئ و سرعة حتى ما عاد يعلم هل هو يتنفس من الأساس .. " ماذا قلتِ تالة " سألها بعد معاناة لتمالك مشاعره ليخرج صوته ثابتاً.. قالت بصدق " أني أحبك مجدي لم أعرف كيف أوصل مشاعري لك لأستعيد حبك لي و لكني فاشلة كما أنا زوجة سيئة لذلك لم يعد أمامي غير قولها لعلك تصدقني و حينها سأتقبل أي شيء منك لو أردت منى قولها مرارا لتصدق فعلت لو لم يعد جدوى منها أرحتك و ابتعدت و لكن ليس لألقي اللوم عليك كما تقول بل كوني لا أريد غير سعادتك و لو كانت بعيداً عني "
قال بجمود " تقولين تحبيني و تريدين تركي أي اعتراف بالحب هذا.. تحبينني حقاً " أضاف بمرارة و هو ينهض من جانبها " هل تريحين ضميرك قبل أن ترحلي هل توهمين نفسك بأنك أحببتني حقاً تالة و أن سبب إفسادك لزواجنا هو أنك تريدين سعادتي حقاً "
ردت تالة نافية " أقسم لك أني لا أفعل أنا أحبك مجدي و لا أريد تركك بل أريدك أن تحبني كما كنت تفعل "
قال بغضب " و من أخبرك أني توقفت عن حبك تالة "
ردت ببؤس " ابتعادك عني مجدي.. اعطائي ظهرك يوماً بعد يوم عدم الحديث معي.. رفضك للمسي " انهت عبارتها بألم و عيناها تسيل بمرارة.. " كنت أريد أن أخبر أمي و والدتك بالعودة لهنا حتى تعود و تدعي أمامهم اهتمامك بي فلم أعد اتحمل ابتعادك "
كان ينصت بدهشة لحديثها يخشى أن يصدق هذا و يكون حلم فقط و يستيقظ على كابوس.. نهضت بترنح و هى تتمسك بالشرشف لتلتصق بجسده المتصلب " أقسم لك أني أحبك مجدي فقط كنت غبية و قاسية القلب و عنيدة أرجوك سامحني "
سألها بهدوء " و علاء "
اجهشت بالبكاء و أجابت ببؤس معتذرة " أحبه أيضاً ليس بيدي ذلك و لكني أحبك مجدي أقسم لك هل تظن أني امرأة مجنونة "
ابتسم مجدي بحزن و احاط جسدها بحنان " هذا أغرب و أقسي اعتراف بالحب يمكن أن يحصل عليه رجل و لكني محظوظ به تالة و لن أشعر بالغيرة و أنتِ لست مجنونة أنتِ امرأة وفية و صادقة و أنا أحبك كما أنتِ سأطالبك بترديدها كثيراً حتى أجعلك تملين منها "
احاطت جسده بقوة و هى تنشج بالبكاء و كأن عبئ قد أزيح عن كاهلها " أحبك أحبك أحبك كثيراً " ظلت ترددها و هى تخترق أذنه كقرع الطبول استعدادا للحرب الذي تحول لحب الأن بعد هذا الاعتراف
أنت تقرأ
و إني في هوى خاطفي متيمة
مغامرةحكمٌ أطلقه قبل أن تثبت إدانتها.. و لما أراد الطعن به أزفت ساعه رحيلها... تاركةً إياه بين ندمه و بين طفلةٍ ضلّ سعيه إليها.. ليخرّ صريع الحسرة و العجز و نفسه تيأس من خلاصها... ليسوق شقيقه إليه ملاك الرحمة مخطوفةً نائيةً عن دارها.. و لتعدو خلفها رفيقتا...