خيمة سهـاج/
رباح بغضب : وهذول مو ناوين يخلونك بحالك ابد ! وش العقوبه ذي يا دين الله عليهم
بهاج ابتسم بسخريه : هذاك عصبت وهم ما يمتون لك بأي صلة اجل انا وش اقول؟ خلها على ربك بس
رباح تنهد : طيب طريقة حلك غلط .. كيف بتروح و تسوي كل شيء بدون ما تستشير وهاج و جمايل ؟ تراهم معاك بالسالفه و تمسّهم مثل ما تمسك وهاج ما بيكون راضي أبدًا وهو يشوفك حاطه على الرف كذا! انت بكذا ما بتخسر اشعار و بس بتخسر وهاج وجمايل معهم !
بهاج بنرفزه : رباح لا تصدعني انت الثاني ليش ولا واحد فيكم راضي يفهمني ؟ اروح ارميهم بالنار بيديني؟ انت تحسبني مصدق ان بس هذي السالفه ؟ انا اكثر من يعرف عماني و يعرف خباثتهم محد عاش نارهم كثري .. لكن انا راضي والله العظيم راضي اني انقط بالنار وادعس قلبي وارمي افراحي واحلامي وراي الا انه يمس جمايل ووهاج شيء منهم ! ما ابيهم يفكرون ولا يشيلون هم شي ابي وهاج يكمل دراسته ويركز عليها وجمايل تركز على انها تدور لها وظيفه وبس ما ابي اي شي يشغل بالهم ابيهم يعيشون مرتاحين ومبسوطين هذا اقل شي اقدمه لهم كأخ كبير ما قدر يحميهم في الماضي ولا يحمي حلال ابوه ووصيته
رباح بجديه : بهاج انت مالك ذنب بشيء عشان تحمّل نفسك المسؤولية بهذا الشكل ! كنت مراهق ما تدري عن شيء توك طالع من عزا ابوك و جدك .. استعملو سلطتهم عليك بشكل شنيع وش ذنبك وقتها علمني عشان تأذي نفسك بالشكل ذا؟
بهاج : ووش ذنب اخواني عشان أحمّلهم حمول عماني ومصايبهم ؟
رباح دعك جبينه بتعب من بهاج : انت ليش مو راضي تقتنع و تترك عنادك و تمسكك بالأفكار هذي؟
بهاج : قفل السالفه يا رباح مالي بضيقة الصدر اكثر
رباح بحده : وبتقفل الموضوع و تاكل هوا وانت ساكت وتتهرب من الحلول الي ممكن تحل لك السالفه و تعيش بحزنك ونوقفك ذكريات الماضي والناس من حولك في سعي دؤوب ! ما يصير تبني مستقبلك على ماضيك يا بهاج
بهاج بعصبيه : يعني انا راضي بهالعيشه وراضي باللي يصير؟ انت ما تدري وش احس فيه من عشر سنين للحين .. محد فيكم يدري بالنيران الي تشعل صدري محد يدري بالنوم الي يجافي عيوني محد يدري بالليالي الي اقضيها وانا واقف عند باب بيتنا خايف يطبون علينا فجاه ويأذون اهلي محد يدري بكم يوم كذبت ان شغلي بالديره مو برا عشان ابقى في نفس مكان اهلي واتطمن عليهم محد يدري بكم مره لحقت وهاج للجامعه عشان اتاكد انه وصل بخير ومحد قرب منه انتم منتم مستوعبين هم مين ولا انتم مستوعبين وش انا فيه لذلك يرحم امكم ولا واحد فيكم يكلمني بهالموضوع لان ما راح نطلع بنتيجه الا اني اذيكم بالكلام ما ابيك انت التالي يا رباح
رباح تفاجئ من إنفعال بهاج و كلامه بهذا الشكل ووقف بسرعه وهو يشوف بهاج يبي يطلع وسحبه : والله ما تطلع خلاص والله اني اسف ولا بكلمك بالموضوع ولا بقول لك شي لكن لا تطلع وانت ضايق
بهاج حاول يفلت يدينه من رباح بضيق : رباح ماني ضايق ابعد عني خلني اشوف دربي
رباح سحبه اكثر وهو يحضنه بهدوء و ما نطّق بأي حرف مما خلا بهاج تلقائيًا يهدأ وهو يزم شفايفه بصعوبه ما يبي عبرته تطلع وهو يحس بإنه تعب وكثير الى ماله نهايه .. ما زال يذكّر تهديداتهم لأبوه قبل وفاته و كيف بإحدى الأيام طلع من المدرسه بدري ورجع للبيت ولقاهم بالفناء الخلفي يضربون أبوه .. شاف كيف امه كانت تبكي على حال ابوه و كيف كان يوصلها الضرب هي بعد .. هو شاف بعيونه الثنتين كيف دفو جدته من الدرج بكرسيها المتحرك .. هو شاف و عرف كثير أشياء عنهم محد يعرّف فيها تخلي جسده يرجّف من الرعب وقت يتخيل مجرد تخيل إنهم بيسوون لأهله زي كذا! هو تخلى عن كل شيء حتى البيت الي يضّم كل ذكرياته مع أبوه بس عشان يبعد عنهم و يبعّد اهله عنهم بشتى الطُرق .. ماهو مستوعب إنهم رجعو هالمره ويحس بقلبه ينقبض بكل ثانيه من الخوف والرعب على اهله
-
المـى/
نزلت من الدرج وهي تتمدد وتبعد شعرها المنثور على وجهها بعشوائية، شافت أبوها جالس لحاله بشرود في نص الصاله وناظرت ساعتها بإستغراب وهي تقترب منه
المى : يبه غريبه انت هالوقت بالبيت
فاهد الي كان من قلقه وتوتره حالته النفسيه سيئه جدًا و أغلب وقته معصب
ناظرها بحده : ليه انسه المى بتمنعيني من بيتي ولا بتحطين لي اوقات متى اكون فيه ومتى لا؟
المى بذهول : يبه وش فيك علي تدري أني ما أقصد ابد! بس مستغربه لأنك بالعاده تكون يوم الجمعه ببيت جدي
فاهد مسح على وجهه بجمود : ما فيني شيء روحي شوفي لي امك وينها
تقشعر جسد المى من نبرة ابوها و نظراته .. اول مره بحياتها كلها تشوفه يتعامل معاها بهذا الشكل ! لفت بسرعه وهي تمسك دموعها لا تطيح ابوها كان هو امانها و ملاذها الوحيد بالدنيا كيف بتتحمل قسوته هذي وهي متعوده على لينه ؟
راحت غرفتها بسرعه وهي تقفل الباب وتستند عليه بغصه .. معقوله حتى الاباء يتغيرون؟ نزلت راسها وهي تحاول تمسح دموعها وتقنع نفسها بإنها "دراما" لكنها مو قادرة تنسى أبدًا نبرة ابوها ونظرته! هي ما عندها بالدنيا هذي الا هو وأمها لذلك فكرة تعلقها فيهم كانت تفوق الخيّال و على قوتها الي تهد جبال الا إنها عند ابوها وامها تتبخر تمامًا و كلمه وحده منهم قادره إنها تقلب حالها فوق تحت
بدت ترجّف يدينها وهي تقاوّم دموعها ورغبتها في تدمير كل شيء حولها وغمضت بقوه وهي تحس بإن حالتها إنتكست!
خفق قلبها بقوه وهي تحط يدها عليه : لا ياربي لا مو بعد ما تخطيت مو بعد كل هالسنين
-
لمحـات من الماضي/
سهاج بضحك عالي : رعيدان خلاص والله تعبت وانا الاحقك طيب انا باخذها اليوم انثبر
رعد وقف وهو يناظره بترقّب : اكيد ؟ يعني ما راح تغدّر بي إذا رجعت ؟ تراي تعبان صدق والله
سهاج هز راسه بتسليك: ايه ايه معليك تعال انت بس
زفر رعد براحه وهو يدلك راسه : زين يا رجال ريحتني والله إني مصدع لأبعد درجه ولا لي قدره
سهاج ناظره بشك : انت وش فيك هالأيام مو طبيعي وضعك صاير شاحب وناحل وتعبان!
رعد ابتسم بوهقه : يتهيألك ما فيني شيء تعب طبيعي
اومئ سهاج بدون رد و دخلو المطار لين وقفو قدام الطياره .. لف سهاج بسرعه على رعد و هو يركض طالع : اسف بس دامك مافيك شيء امسك الرحله انت عندي أشغاال
التفت رعد بتفاجئ على سهاج الي كان يركض بسرعه ما خلا حتى فرصه له يتكلم و طلع من المدار
رعد تنهد بضيق : ياربي!
فرك يدينه ببعض بتوتر وهو يحس بالتعب و الثقل الي اثقل كاهـله .. رجّف قلبه وهو يشوف إنه بيركب الطياره خلاص .. توكل على الله وهو ياخذ نفس عميق و يدعي ربه بداخله ،
بينما سهاج الي طلع ضحك بصخب على ملامح وجه رعد وهو يردف : ماعليه لمن تدري وش كنت بسوي بتحضني
طلع وهو يكلم العامل ويكمل تجهيز الحفله الكبيره الي سواها لرعد بمناسبة ترقيته ، كانت حفله كبيره بكل ما تعنيه الكلمه لدرجة إنه تكلّف كثير و نص معاشاته الي مجمعها طارت عليها كانت بأكبر قاعات الرياض و عازم نص البشريه وهو محذرهم ما يجيبون طاري لرعد
كان يبي يحتفل فيه بشكل يخلي كل الدنيا تدري بفخره برعد الي حقق الإنجاز هذا بعد ما عانى كثير بحياته .. كان فقير و يتيم ماله اي احد بالدنيا كان يشتغل مليون دوام جزئي مع دراسته بس عشان يقدر يعيل نفسه ويكمل دراسة الطيران ، ما كان عنده أحد يفرح فيه الا سهـاج الي صار صديقه بأيام الدراسه و كان زميل السكن معه و صارو اكثر من اخوان
ما مرت ساعـات الا و أنتشر خبر سقوط الطائرة المُتجهة من الرياض إلى الشرقية بسبب عدم قدرة الطيّار رعـد على التحكم بِها نتيجةٍ لمرض السرطان الي كان مُنتشر بجسده .. أفقده الوعي و قبلها القدرة على التحكم و التركيز بقيادة الطائـرة، و توفى بِها ! كانت أول رحلة له بعد الترقية وأخر رحلة له بحياته كلها .. و نهاية حياته أيضًا
تدمّر سهاج كليًا بعد هذا الخبر .. إستقال من الطيران و رجع إلى الديره مُجددًا وهو كان يجيها بس اوقات العطّل والويكند و حبّس نفسه تمامًا وعزل نفسه .. حمّل نفسه مسؤولية إنه السبب وكان يردد دائمًا إنه لو اخذ الرحله بدلًا عن رعد ما كان توفى .. لو إنه كان صديق جيد كفاية ليلاحظ بإن صديقه و اخوه والي ساكن معاه لأكثر من خمس سنين ماكلين شاربين مع بعض كان مريض بالسرطـان! لام نفسه كثير و كثير و عايش شهور بوسط تأنيب الضمير والعتّب والحزن والصدمه النفسيه الي صابته وألجمته..
-
غمّض بقوه سامح لدمعته تنزل قبل يمسحها بخشونه ، رمى الصوره بجنبه وهو يسند راسه بهّم .. كم جاهد عشان يطلع من حالته هذيك و كم عانى .. كيف بسهوله رمى بهاج كلماته هذيك و خلاه يرجع لها بكل بساطه؟
هو الحين يبكي من فقد رعد ولا يبكي من خيبته ببهاج ؟ ماعاد هو عارف دموعه تلحّق على إيش ولا إيش !
صمّت جواله الي كان يرّن بلا توقف .. مره رباح و مره خالد و مؤخرًا نياف و بهاج ! لكنه ما كان فايق أبدًا لأي شيء لدرجة إنه صلى لحاله بالبيت ، قفل عيونه بإنزعاج مره ثانيه و هو يسمع صوت الطق على الباب و تنهد وهو متأكد إنه احداهم الى ان سمع صوت نياف الي يصارخ عشان يفتح الباب
نياف شمّر أكمامه وهو يدف رباح : ابعد انت شوي
رباح بإستفهام : وين بتروح؟ كفايه بهاج الي ما جا وقعد بالخيمه لحاله وانا الي ابتلشت ما ادري اشوف ذا ولا اشوف ذا
نياف تجاهله وإتجه إلى دريشة غرفة سهاج و هو يرمى عليها الحصى وبصراخ نسبيًا : ترا لو ما طلعت باخذ العجرا الكبيره حقت ابو فهيد سرقتها مع صلاة الفجر وبكسر دريشتك بها
ابتسم سهاج لا شعوريًا وهو يدري بإن نياف يكذّب و إنه حتى ما كان يعرف عنه بالفجر و مامعاه ولا شيء بس عشان يخليه يضحك او يفتح له .. تنهد وهو يفرك جبينه بإنزعاج يدري بإن نياف بينشب له لدرجة عادي جدًا ينام عند دريشته حتى !
" الأصدقاء ؟ آوه الأصدقاء!
((بوسعهم أن يكونوا الجرح الأعظم أو الضمادة الأحن))."
-
إنتهـى.
"مادققته إملائيًا أعذروني"