تباهي مازالت معلّقة نظرها بـ اقبال بصدمة، عاجزه انها تستوعب كلامها.. وش الي خلاها تقول كذا؟ وش هي شايفه؟
مازالت اقبال منزله راسها وهي تمسك عبرتها ما تبغى تبكي ولا تبغى تتكلم .. هي ما تدري كيف أنفجرت بهذا الشكل لكن تعبت وهي تكتّم هالأمور بداخلها من سنيييين
تباهي أقتربت منها بصمت وهي تحضنها بهدوء ، مقررة تسألها وتستفسر عن الموضوع بعدين لمن تهدا اقبال وتروّق لأنها تدري أن الشيء الي تحتاجه الحين هو حضن و طبطبة
أنفتح باب السطح بدفاشه ودخلت من وراه تذكارالي نطت وهي تجلس بينهم ووراها جمايل المعصبه : ما جيتي تحتمين الا بهالرخوم اطلعي اطلعي والله لا اكسره فوق راسك
تباهي بانزعاج دفت اختها : خير وش مسويه انتي بعد !
تذكار ناظرت وجه اقبال ذهول : وش فيك انتي!!!
عقدت جمايل حواجبها وهي تقرب منهم: اقبال؟ وش فيك تصيحين!
اقبال ابتسمت بهدوء: مافيني شيء
ناظرو تباهي الي اشرت لهم يسكتون وفعلًا سكتو مثل ما طلبت ، جلست جمايل جنب اقبال من اليسار وهي تحتضنها من جنب مثل ما مسويه تباهي الي كانت حاضنتها من اليمين بينما تذكار مسكت يدينها وهي تلعب فيها و أنظارهم تعلّقت بالسماء يعدون نجومها ويتأملون غيومها يتمنون المطر ينزل .. وكانت عادتهم من هم صغار اذا ضاق احد فيهم يلتمون حوله بهدوء
مسكّت تذكار جوالها وأرسلت لـ رسن يجيبون الشاهي والمكسرات في السطح
مامرت دقايق الا دخلت رسن بالشاهي واشعار وراها بالمكسرات
رسن باستغراب: وش فيكم
جمايل: مافينا شي بس كنا نخمّن بينزل مطر او لا
رسن بتكشيره: والله بزعل لو ما يجي مطر يارب يجي كفايه حنتي كلها نجي هنا عشان المطر
اشعار وهي تتجه لجلستهم الي بالسطح: قومو عن البلاط البارد و تعالو بالجلسه يعني دافعين عليها دم قلوبنا عشان يجلسون فيها راسل ووهاج بس ؟
قامو البنات وهم يجلسون بالجلسة و رسن طلعت جوالها تصور
وقفت فوق الكرسي وهي تميل ظهرها وتقلب كاميرا الجوال
تذكار: بس بس انكسر ظهرك ما يسوى عليك هالصوره
اشعار بسخريه: اخر شي تطلع خايسه وتجي تطلبني اعطيها تصويري
رسن بتبويز جلست: من زين تصويرك عاد وبعدين مالك شغل انتي الثانيه ظهري ولا ظهرك الي بينكسر؟
تذكار كشت عليها: الشرهه على الي يحاتيك مالت
اقبال ناظرت تذكار: وش سويتي بالعود ؟
تذكار بتنهيده: لا تذكريني تكفين .. مدري شبسوي يا ليل صدق
جمايل وهي تاخذ الشاهي بضحكه : كم زمزمية شاهي شربنا اليوم بالله !
اشعار : اي والله من قمنا وحنا نقحن من هالشاهي وجدي ماقصر يبينا نقوم من اربع الفجر مدري شلون بننام عاد
رسن : اي نوم يا حبيبتي ؟ السهره صباحي
جمايل بحماس: ايه خلونا نواصل ونسوي الفطور ونفطر ونعين من الله خير همن ننام
تباهي بشهقه خفيفه وهي تتحسس قطرات المطر الخفيفه على يدها: مطررر!!
فزو البنات بفرحه وهم يوقفون و يمدون يدينهم مستقبلين المطر الي كل ماله زخاته تثقّل ،
رسن بحماس وهي تهز تذكار الي جنبها صرخت: امطرررتتت تذكار امطررتتت!!
صارو يدورون تحت المطر بوناسه وهم ينطون ويرقصون باستهبال و يدينهم ما زالت ممدوده وهم يتحسسون ماء المطر الي غرّقهم تمامًا .. وكأن المطر غسّل همومهم .. وأزاح أحزانهم من صدورهم .. والأحمال الي تثقّل كتوفهم ،
دخل رائد وهو متلطم من المطر : بنت انتي وهي انزلو بسرعه المطر كل ماله يقوّى انزلو لا يمرضكم
ناظرو رسن وتذكار بعض وهم يبتسمون بمكر قبل ما يركضون له وهم يسحبونه بوسطهم
رائد بضحكه وهو يحضن تذكار بيد ورسن بيد: بس بس خلاص غرقت وجزمتي الجديده أختربت
جمايل وهو ترجّف من البرد شاركته الضحك: احد يجيه المطر ضيف ويرده ؟
رائد بقلق وهو يناظر أشكالهم: خلاص بس ادخلو شوفو كيف تغرقتو ويدينكم ثلج يلا قدامي أشوف بتمرضون والله!
نزلو البنات مع رائد وهم يتراكضون بهواش على من بتتروش أول ، الا وحده منهم طلعت وهي مبتسمه بشقاوه من شافت ان محد منتبه لها وهي تطلع بهدوء لمزرعة جدها وهي تبي تجلس تحت المطر أكثر وتحس إنها ما أرتوّت منه ابببد هي مو بس تحب المطر الا تعشقه
-
بنفس البيـت، تحـت تحديدًا غرفة الضيوف/
ناظر جده ومهنا الي كانو غارقين بالنوم من ساعات طويله وتنهد بعجّز .. مو قادر ينسى أحداث هاليوم و مخيلته تكرر عليه الأحداث وكأنها شريط قديم أخترب ويعيد تكرار الأحداث .. و فوقها ليلة مطر! ما يحب المطر و يقشعّر من صوته ومن ملمّس ماء المطر لا صار على جسده لكن هالأيام المطر يطّق عليهم بتواصل
وقف بعد ما انهى جميع محاولاته في إنه يوقف تفكير او ينام وقرر يطلع يمشي ويجلس بدكة مزرعة مهنا الي أعطاه الآمان انه يروح لها بأي وقت ،
طلع وهو يمشي بشرود والتفكير ماخذ منه حيّز و جسمه يتقشعّر و يرتجف كل ما طاحت عليه قطرات المطر لكنه فضّل إنه ينشغل بها على إنه ينشغل بأفكاره المُميتة!
وسع عيونه بتعجّب من شاف طيف قدامه وتعوذ من الشيطان وهو يسمي برعب .. هو متأكد إنه شاف انسان يمشي قدامه متأكد !!!
تقدم بخطواته بحذر وهو يسمي بكل خطوه لين يشوف وش هالشيء الي مر من قدامه بهالسرعه العجيبه، لكن توقفت أقدامه و توقّف الكون كله به وهو يشوف الشعر الأسود بسواد مُعتّم وكأنه ليل من شدة سواده .. كان يتموّج معها بكل حركه ، الطول الفارع و الضحكه الي حّس بإن الكون كله وقف عندها ، كانت مغمضه بقوه وهي مبتسمة وفارده يدينها تحت المطر وتغني بصوت مرتجف وهي مستمتعه به مو منتبهه للشخص الي وراها أبدًا
كان يناظرها بعيون متسعّة بتعجّب ، هو ما يدري يسرح في شعرها المتناثر ولا بمبسمها .. هو تمنى المطر ما يوقف بهاللحظه أبببد ، لأول مرّة جلده ما يتقشعر من المطر لأول مره ينسى نفسه تحت المطر ، كانت أول مره يكمّل دقيقة تحت المطر .. وكانت هالدقيقه بمثابة عُمره الكامل
وعى على نفسه ويهز راسه يستغفر ربه لا شعوريًا بصوت عالي خلى الي قدامه تفز بفزع وهي تشهق بقوه
إبتعّد نياف بخطوات مسرعه وهو مغمض بقوه ويجبّر أقدامه على المشي..
"تركضينَ تحتَ المطر،
بتلكَ الطّريقَة الّتي تجعلُ المارَّة
وسائقِي السَّيارات،
يُصدّقونَ أنَّهُ من أجلكِ يَهطل".
-
خيمة سهـاج/
وقف بهاج بغضب: هالموضوع إنتهى .. ولا أشوف احد مكلمني به و وهاج لا يدري باللي حاصل ابد!
سهاج وقف قدامه بغضب مشابه لغضبه: ماهو بكيفك تنهي الموضوع وهو توه مبتدي .. ووهاج بيعرف به غصب لأن مثل ما أنت ولد خلف هو بعد ولده ، لا ترمي نفسك بالنار وانت تدري انها بتحرقك لا تقدم تضحيات على حساب نفسك وتحسب انك البطل لمن تسويها وانك سويت الصح وإنحّل كل شيء وانت بالواقع ماتكون حليت اي شيء الا زدت الطين بلّه ولا الى متى وانت بتعامل وهاج كأنه طفل وانت تحميه؟ الى متى وانت ساذج وتتنازل قدام اعمامك و
قاطعه بهاج بصراخ: اقطع يا سهاج اقطع مالك دخل بالموضوع ، لا تسوي إنك الحين الي بتفزع و انت الي تعرف كل شيء و انت الي بتحل كل شيء و أنت المستشار .. أظنك صدقت نفسك بزياده إنك المسؤول عننا ! شوف نفسك وحالك قبل تشوفنا ، معلّق حياتك بهالديره من سنين وقاطع مستقبلك وهدمت احلامك وكل شيء يخصّك عشان حدث مر عليه الزمان وعفى وجاي تنصح وتحل؟
وقف رباح بينهم بذهول وهو يدفهم عن بعض: انتم صاحين ولا انهبلتو؟
اخذ سهاج نفس عميق وطلع من دون ما يقول حرف واحد وكأن كلامه سهام أصابت الهدّف لكن هو ما توقع ان الرامي بيكون بهاج
مشى تحت المطر وهو باليالله يمشي الخطوه من كثر الخيبه الي توسطّت أعماق قلبه ، كان يحّس بخذلان شديد و كمل مشي تحت المطر وهو وحيد ومو مهتم بإنه تغرّق
بينما بهاج جلس وهو يزفر ويشد على شعره بقهر ، رباح ما تكلم وهو يسحّب نفسه بهدوء تارك المكان
ناظر بهاج المكان حوله بفراغ .. ليلة مُمطرة، أفكار قاتلة، وحدة موحشة، حيرة مُميتة .. وش بقى ؟
تنهد بضيق وهو يحط الغتره على وجهه وينسدح غمض عيونه وهو يتمنى انه ينام فعلًا و ينتهي هاليوم إلى هنا لأنه ما عاد يحتمّل
كان الخميس فرحة أسبوعه وضحكة وجهه من يقبلون خواله و تقبّل محبوبة قلبه ، من يجتمّع اخر الليل بالخيمة مع العيال ويقضون ليلهم مابين قصيد وبين شاهي .. كيف صار خميسه هالمره كئيب ؟
-
إنتهـى.