-
~المستشفى
هز راسه بأسى يرجع خطوته للخلف ، يسند ظهره على الجدار ورفع يدّه يخلل اصابعه بشعره بضيّق شديد ، هو ما انكسر ظهره بموت عبدالله كثر ما انكسر وقت هي فقدت الوعي بين أحضانه ، كان بتشتت عظيم لحد ماوصل الأسعاف وبدل ماينقلون جثه عبدالله بس ... صاروا ينقلون ودّ معاه ود اللي ماقدرت تسيطر على نفسها أبدًا وأنهارت أنهيار يكسر الظهر ، رفع راسه ناحيه الباب اللي أنفتح وخرجت من الدكتوره السعودية واللي تقدمت ناحيته من شافت وقوفه والخوف اللي واضح بملامحه بشكل شديد ، وهي هنا عرفت بأنه زوج هالمريضه ، تقدمت ناحيته ووقفت مُقابل له وتمتمت بتزفيره ؛ إنت زوجها؟ صح ؟
هز راسه بـ إيه وتنهدت هي تلمس جبينها دليّل صداعها الشديد ؛ زوجتك والبيبي بحاله خطره ، وبندخل غرفة العمليات خلال نصف ساعه ، وبما أنك الزوج أنت قدامك خيارين مستعد تسمعهم؟
كان ودّه يرفض ودّه يقول ماعاد فيني طاقه أسمع ولا عاد فيني قوه أتحمل لكنه شدّ على قبضه يدّه وبرزت عروقه عشان ينطق بهالكلمه ؛ إيه
بلعت هي ريقها لثواني وهي مو أول مره تكون بهالموقف وبكل مره يكون الموضوع أصعب من قبله ؛ خيارك الأول إن الطفل يموت ، والثاني واللي ما أنصح فيه إنك تترك الطفل فيها
كانت تشوف تعقيده حواجبه والغضب اللي وضح بملامحه ، والصدمة اللي ظهرت بملامحه وقت هي نطقت بكلامها ، تلونت ملامحه بشكل كبير وشد على إسنانه يبرز فكه من هالحركة ، بصعوبه قدرت تنطق ثاني خيار بصعوبه قدرت تخرج حروفها ؛ لكن لو بقى الطفل فيها ماراح تطلع من المستشفى و ..... ولما يجي وقت ولادتها راح نكون مخيرين بين حياتها وحياته
أخذ نفس عميّق وجثى على الأرض يغطي ملامحه بكفينه ، كان مثل الكسير ، مثل اللي لقاء خبر وفاة أهله كلهم وبوقت واحد ؛ يالله عوّنك يالله ... لاينهد ظهري فيهم يالله..
عقد حواجبه لوهله يرفع نظره من حس بيدّ على كتفه ، وسرعان ماتنهد بقوه يطلق العنان لدموعه ، يُجهش بكي بشكل وتّر عبدالرحمٰن ، اللي جاء مثل المجنون من إتصل فيه سعود ، كان صوته غريـب صوت اللي بمُصيبه وخايف منها وهو فعلًا بمصيبه ، كان صوته يرتجف يرتجف بشكل كبير بشكل وتّر عبدالرحمٰن اللي كان يقضي يومه بالشركة مثل أي يوم لحد ماوصله إتصال سعود ، كان كلامه إشبه بهالمس والجمود وهو يعرف سعود وقت يكون بهالوضع يعرف بإن فيه مصيبه صارت ، وفعلًا صدق قوله من ناداه سعود عنده للمُستشفى
أخذ نفسّ عميّق وانحنى يجلس جنب سعود ، يربت على كتفه يواسيه بهالطريقه وتنهد من حال سعود ومن إنه بهاللحظة يبكي وهو يعرف بإنه مايبكي إلا من الشديد القوي
وماكان به حيّل يسأله وش به وهو يعرف سبب وجوده هنا والأكيد إنه يخصها هي ولذلك ماوده يسمع أبد ، كان منظره يشيّب الراس ، كيف إنه كان شديد باس ويوضح من جسمه ومن شكلة ومن عرض إكتافه بإنه قوي ومايهاب شيء حتى الموت مايهابه لكن منظره الحين؟ منظر مختلف منظر الطفل اللي لأول مره يجرب الفقد وفقد أهله بالذات ، ظل على حالة لدقائق طويلة دقائق او ساعات مايعرف لكن اللي يعرفه بإن دموعه جفت وداخله يبكي وينزف حتى ؛ يبه يخيروني بينها وبين ولدي اللي باقي ماشاف الحياة يبه هي طاحت وهدت ظهري وراها ، أنهد ظهري وظهرها يبه ! يبه عبدالله راح راح بحضنها يبه ! كيف بتصبر بدون دنياه؟ كيف بتكمل باقي حياتها يايبه تكفى علمني عطني دواء لها عطني لو سعره حياتي مايغلى عليها ! مايغلى لو أبيع حياتي وأشتريه ولا يضيق لها خاطر لو لثواني لو ثوانــييّ
هو مالحق يستوعب الصدمة الأولى عشان يستوعب صدمة وفاة عبدالله ماستوعب كلامه ومن أستوعبه عدل جلوسه وسند ظهره للجدار ولسانه يردد كلمة وحده ولا غيرها من هول دهشته ؛ لا حول ولا قوة إلا بالله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
-
~ بعد ساعتيّن
كان سيّب المُستشفى مزحوم ، من آل سائد ومن آل سيّف بنات ورجال كلهم كانو موجودين وحالهم ماهو حال أبد ، الضيّق يوضح من عيونهم ومن ملامحهم ، ولا أحد عنده طاقه يتحمل الآخر ، كان أيهم بداخل غُرفة ودّ ، ينتظرها تصحى مع سعود ، كان هو واقف قريّب من الباب ، وسعود كان عند سريرها متكتف وإنظاره ما إنزاحت عنها أبدًا ، كيف كانت نايمه بسلام وبدون أي حركة ، هو حسم أمره وأخذ قراره ووافق على العملية وافق على موت ولده ولا تموت هي ، صار لها ربع ساعه من خرجت من العمليه ، هو قرر ونفذ بسرعه وقبّل تصحى لأنه يعرفها وشديد المعرفه يعرف بأنها من سابع المستحيلات توافق على هالعملية ولذلك قرر بدونها ؛ يالله هونها يالله
كان أكثر شيء مخوفه وأصعب شيء بالنسبه له هو كيف بيقول لها ؟ كيف بيكون ردها كيف بتتحمل فقدها لأكثر عزيزين؟ كيف بيتحمل قلبها ؟؟، كان براسه خُطط كثيرة وأشياء كثيرة ، تخصه وتخصها وولدهم ، لكنه راح وترك كل خططه تروح معاه ، فز قلبّه من لمحها تحركت ، وتقدم ناحيتها بعجل من شافها تحاول تقوم ، ورجعها لنفس وضعيتها ؛ إرتاحي إرتاحي لا تتحركين
عقدت حواجبها لثواني تستوعب اللي صار ؛ بابا بابا ماراح ؟ كنت أحلم صح؟
أخذ نفسّ عميّق يحاول يهدى بهالطريقة وهو يعرف بإنه بيفشل تمامًا ، ماكان قادر يجاوب كلامها لا برفض ولا بموافقة ورجف قلبّه تمامًا من أرتفعت يدّها تغطي عيونها تغطي دموعها عنّه ، هو ماعاد به حمّل يشوفها بهالشكل ولا عاد عنده قوة يصبر ويصبرها معاه ، هو فقد ولدّه ويخاف يفقدها معاه يخاف تروح من يدّه ، هي صبرت وصبرت على شدايد الدنيّا معاه ، صبرت على قساوة زمانها وعلى ألم فراق ناسها وأهلها ، هي جربت ألفين شعور بعمر الواحد والعشرين ، جربت كل إنواع الفقد ولا زالت تصبر وتحتسب الأجر وتعيش حياتها طبيعي ، لكنها الحين بس عرفت إن لصبرها سبب إن صبرها لشخص وهالشخص راح وكيف بتصبر من جديد وصبرها تركها؟ صار وقت تودع أقرب الناس لها صار وقت تستعد لفراقه وهي ماعادت عندها طاقة تتحمّل شيء ، حتى دموعها الحين ماعادت تتحملها ، يقسى عليها كل شيء من دونه حتى الليّن يقسى ، وتحشرج صوتها من إعتصار قلبها تنطق ؛ أيهم... ويــنه؟
رجف قلبّه وأنتفض بمكانه من سمع صوت شِهقاتها ورجع ينتفض قلبّه من جديد لما نادت أسمه ، وعجل خطوته لها يبعد الستاره اللي كانت تفصل بينهم وجلس جنبها على سريرها يمسك يدّها اليمين اللي كان بوسطها إبرة المُغذي ؛ لبيّه ياهدب عيني سمّي ..
عجزت حروفها تنطق ، هي نادته خوّف عليه خوّف إنها تفقد شخصٍ جديد ، لكنهم صاروا جنبها صاروا عندها وما عادت بتخاف ، وتمتمت بتحشرج ؛ خليك قريّب خليك قريّب مني لا تروح لا تخليني لاتخلوني!
هز راسه بالايجاب يشدّ يدها ينحني قريّب منها ؛ سمّي ولا لك والي ماني مبعد عندك هذاني ..
-
~بالخارج
كانت جالسة على أحد الكراسي وبحضنها سُلطان ، ماكانت قادره تستوعب الخبّر أبدًا من وصلها وماوقفت دموعها من ساعتها لحد الآن ، تعرف بإن ودّ بتكون بأسوأ حالاتها ومتأكدة حتى وودّها تروح لها لكن سببيّن يمنعونها ، أولهم إن سعود وأيهم عندها من ساعه خروجها من غُرفة العمليات ، وثانيها هي تخاف ماتكون قوية قدّامها تخاف تخونها قوتها قدّامها ولذلك هي ماشافتها أبد ، رفعت راسها للي جلسّ جنبها واللي كان يجبّر روحه على الإبتسام ؛ لا تخافين عليها ودّ قوية وتعرفينها إنتِ
هزت راسها بالنفي وسندت راسها على كتفه تخبي دموعها عنهم ؛ ماهي قوية لو عمّي مو موجود ماهي قوية وهو غايب عن عينها ليّث هي ماتتحمل ماتتحمّل بعده أنا أعرفها أعرف ودّ ماتقوى بعدة كيف فراقه ؟؟
بلع ريقه لثواني يشوف اللي جت تاخذ سُلطان وتراجعت للخلف ورفع هو يدّه يربت على ظهرها ؛ قويها إنتِ قويها بنفسك وهي ماهي لحالها شوفي كلنا هِنا لجل عينها وزوجها وأخوها مايتركونها مايتركونها
هزت راسها بالنفي ؛ إنت شفت وجه زوجها وأخوها وقت هي كانت بغرفة العمليات شفت ضعفهم قدامها هي بالذات شفت إنهيارهم وقت هي طلعت من غُرفة العمليات شفتهم بنفسك شفت الدموع اللي تغطي عيونهم؟ شفت كيف يتوارون عن الأنظار ويمسحون الدمعة قبل تهز رجولتهم؟ شفت ملامحهم ؟ أدور الراحه بين ملامحهم مالقيتها مالقيتها ياليث ولا بلقاها وهي بهالحال ، خوفي الأكبر عليها هي هي اللي فقدت وفقدت وللحين تفقد للحين تجرب هالشعور ، من حزنها من حزنها صار عندها نزيّف ومات ولدّها مات قبّل تشوفه آخ ياليّث آخ ياوجع قلبّي عليها الله يصبرها الله يقويها ياارب لاترد لي رجاء يارب
-
كانت إنظارها عليه من وقت ماجاء ولا وقفت تناظره ولاتعرف سبب نظراتها ليه ، لكنها لأول مره تتشوّق شوّف أحد لهالدرجة ، هي وقت شافته راح عند تالا وجلس عندها ووقت شافت دموع سُلطان وحركته اللي تضايق تالا تقدمت عندهم تاخذ سُلطان من يدّها ورجعت لمكانها إنظارها عليهم على دموعهم كلهم عليها وعلى عبدالله ، لفت بنظرها بعدها لعُدي ومُحمد اللي جالسين جنب بعض لأول مره يجلسون بهالشكل قدّامها هي ، لأول مره مايكون فيه نارّ حقد تظهر منهم ، لأول مره تصفى قلوبهم بهالشكل ، تحرقهم نار ودّ تحرقهم دموعها وهم باقي ماشافوها تحرقهم شفقتهم عليها وعلى حالها اللي متأكدين إنه منهم من طيشهم ومن غلط ماضيهم اللي صار يلاحق ودّ يلاحق أكثر شخص بريئ وأكثر شخص مايستحق هالعيشه ، خسارتهم بتكون أقل بكثيــــر لو وافقوا على زواجهم من أول لو وافقوا حُبهم وما أنهوهم بهالشكل وهم بعاد عنهم بعاد عن باقي أهلهم ؛ غلط الماضي صار يحرق اللي مالهم ذنبّ
تنهد عُدي لثواني يشدّ عكازة ؛ أدري أدري مايحتاج تذكرني مايحتاج وأنا أتعذب كل يوم مايحتاج ترجع تعيد وتكرر مايحتاج!!!
كان غاضب غاضب بشكل جدًا كبير ولا هو متحمل أحد ينتظر موته وفقط ماعاد طاقته تكفيه هو أستهلك كل الطاقه اللي يحتاجها أي إنسان أستهلكها بأكملها وينتظر موته على أحر من الجمر
إبتسم مُحمد بسخرية ؛ أنا ماني زعلان غير على ولد حفيدي ولدّك الله يرحمة وش نسوي ؟ هذي الحياة موت وحياة وكلنا بنمر هالطريق
عض شفايفه بغضب يستند على عكازه عشان يقدر يقوم ؛ عسى موتك يسبق الزمّن ويمرك بهاللحظة!!!
كان يرتجف لغضبه يرتجف بشكل كبيّر ، بصعوبة قدّرت رجوله توصّله للمصعد بصعوبة تحامّل وجعه ، خاطره يروح لعبدالله وخاطرة يشوفه لكن ماله قدّرة ولا عنده طاقه تحمّل عشان يشوفه أبد أو حتى يشارك بدفنه تحت التراب
-
~ الليّل غُرفة ودّ
كانت تمثّل النوم ، مالها خلق ولا عندها طاقة تسمع تعازيهم ولا عندها طاقه تكلمّ أحد فيهم ، هي لحد الآن ماتعرف عن ولدّها ولا لها قدرة تسألهم ، هي تحس بالنقص لكنها تظنه بقلبها تظنه بسبب أبوها ، وماتدري ماتدري إنها فقدت روحين بنفس اليوم ، بلعت ريقها لثواني من سمعت صوّت إنفتاح الباب ، و تقدمت تالا بعدها بخطوات حذره خوف من إنها تزعجها ، سرعان ما زفّرت لثواني من شافتها نايمه وتقدمت تجلّس على الكنبة خلفها بينمّا ودّ تلقيها ظهرها ، ماكانت قادرة ترفع عينها لها ماكانت قادرة تشوف حالها أبد وظلت بمكانها هادية وتنتظر ودّ تصحى فقط .
-
~ عند سعود بـ أحدى زوايا المُستشفى
خرج من المُستشفى بكبرة خرج يرتجي النفس ، يحس بأختناق كبيّر ولا له دواء ، تنهد يسحب باكيت الدخان من جيّبه ، هو ترك الدُخان له مُدة ماهي بسيطة ، لكنه رجع له رجع للسمّ ، رجع يشترية ، و سحبّ سيجارته يحرق أخرها ويحرق قلبّه معاها ، هو يصبر على كل مُصيبه إلا دموعها مايصبّر عليها ولا يتحمّلها أبد ، نفثّ الدُخان يرفع نظره للسماء وداخله يدعي بدعاوي كثيرة تضمها معه ، تنهد لثواني طويـلة ، من حسّ بوجود شخص آخر معاه شخص ودّه يشاركة علّته وفعلًا صدّق قوله من لف بنظره ليمينه ومن شاف زوّل شخص يتقدم ناحيته ، رفع يدّه يتحسس جبينة ورجع نظرة للمدى فقط وبدون أي حركة منه وأي حرف ، وقف جنبه بنفس وضعيته ورفع بعدها أصبعينه الوسطى والسبابة يلمّح له بأنه يبغى سيجارة بين أصبعينه ذول ، وفعلًا أخرج البكت لأن السيجارة اللي معه مابقى الا أخرها وثبت وحده بين شفايفه والثانيه بأصابع أيهم يحرق طرفهم ، ويشكلون غيمة من الدخان حولهم ؛ ودّ تحتاجنا تحتاج أشخاص قويين حولها ماتحتاج أضعاف النفس اللي يزيدون همها هم .. فاهمني سعود؟
هز راسه بالايجاب ينفث دخانه ، وكمّل أيهم بقوله ؛ سعود ودّ تحتاج تبعد عن الناس كلهم تحتاج مكان جديد وحياة جديدة وأنا أعرف أنك قادر أبيك تسافر بها لأي مكان خارج السعودية كلّها ، مكان يريّح بالها بعيّد كل البعد عن ذكرى خالي وعن الرياض وعن كل من يذكرها به فهمتني سعود؟
هز راسه بـ طيب يرمي السيجارة ويطفيها برجله وتوجه بعدها لداخل المُستشفى بدون ماينطق بالحرف ، و زفّر أيهم بغضب ينحني وياخذ الباقي من السيجارة حقت سعود واللي كانت مرميه على الأرض يتوجها بها للزبالة -يكرم القارئ-
-
~بداخل المُستشفى غُرفة ودّ
تنهدت تالا لثواني توقف من على الكنبة وتوجهت لودّ توقف قريّب من راسها ، وتكتفت تنطق بعتب ؛ تمثلين النوم؟ ماتبغيني؟
عضت شفتها بغضب لانها ماتحركت ، هي عرفت بإنها صاحيه وإنها تمّثل النوم من أنفاسها اللي كانت مُضطربه وكأنها تبكي ، وتحاول تكتم شهقاتها ، وفعلًا صدّق إحساسها وهذا اللي قاعد يصير ، مدّت يدها تبعد اللحاف عن وجهها ، وأخذت نفسّ عميّق من شافت ملامحها ومن شافت دموعها اللي تغرق خدّها والمخدّه تحتها ؛ إلى متى ودّ؟ إلى متى بتبكين بهالشكل ؟ كنتي بتبكين تحت اللحاف طوّل ما أنا هنا؟ من متى تخفى علي دموعك ؟ من متى تخبين عني دموعك؟
تنهدت لثواني تتحسس جبينها ، ومن تذكرت تحذيرات أيهم لها قبل تدخل عند ودّ ، كان سعود خارج الغرفة وتبعه هو ولما كان بيطّلع تفاجأ بوجودها قدّام الباب ، بلع ريقه بربكة يتحسس أسفل عنقه ونزل نظره بعدها يتمتم بهدوء ؛ إنتبهي عليها وإنتبهي تقولين شيء عن الطفل خليك طبيعية
هزت راسها بالايجاب وتراجعت للخلف تسمح له يعدي وفعلًا تبع هو سعود الغاضب ، رجعت بذكراها تناظر ودّ اللي لازالت دموعها تنزل ؛ تدرين إني موجودة عندك بكل وقت وبكل فرصة وبكل يوم ، تبغين تبكين تحت المخدة تكتمين علي الحين؟ ماراح أمنعك من البكى والله أبكي بكيفك بس لاتكتمين أنفاسك تحت اللحاف أظهري دموعك ماهي عيب تراها ماهي عيّب !!!
عضت شفتها تحاول تمنع رجفّتهم تحاول توقف رغبتها بالُبكاء بدون فايده وأجهشت بكي ، تتمدد على ظهرها وتغطي عيونها بكفها ، هي وقت بكت بهالشكل جرّت تالا معها جرّتها لبحر من الدموع اللي مابتوقف لساعات وساعات ، وفعلًا هذا اللي حصّل ، صارت ودّ تحاول توقف دموع تالا بدال مايكون العكس ...
-
~ عصّر اليوم الثاني ، بيّت عُدي
كان يضج بالثيّاب البيّض ، كلّ المجلس مليّان من كل زواية ، وأجواء وكآبة العزاء موجودة ، كان يصبّ القهوة للرجال مع غيث ، سرعان ما عقد حواجبه لوهله من شاف اليدّ اللي أنمدت للدله اللي بيدّه ، ولف راسه لهالشخص ينطق بإستغراب ؛ وش بك؟
جبّر أيهم نفسه على الإبتسام وتمتم بعدها بهمس ؛ عطني الدله وروح لودّ تراها بغرفتها لحالها
هز راسه بالايجاب وأعطاه الدله والفناجيل وخرج من بيت عُدي بكبرة ، هي كانت عند الحريّم ولذلك هو جاء لمجلس الرِجال ولأنه يعرف أنه ماراح يرتاح بأرضه وقف يصبّ القهوة يحرق كفّه بحرارة الدلة ، يمضي الوقت لين هي تصير لحالها ، ولما صارت لحالها ترك كل شيء وتبعها، دخل البيّت اللي كان فاضي تمامًا حتى من ترف وماري اللي راحوا يساعدون ببيّت عُدي ، و راح لغُرفتها ولا ناظر حوله أبد ، زفر لثواني من صار قدّام بابها ومدّ يده بعدها لمقبض الباب يفتحه بشويش خوف من إنه يزعجها لو كانت نايمه ، دخّل بهدوء وكانت الغرفة باردة تمامًا ، ومُظلمه مايخرج منها أي نور ، ترك الباب مفتوح يسمح للنور الخاص بالصالة بالدخول لـ غرفتها ، وتوجه لسريرها ، ووقف يتأمل ملامحها لثواني طويــلة ، وأبتسم بعدها يتوجه للجهة المُقابلة لها يتمدد جنبها ، هي تحركت وقت حست فيه ولفت تناظر جنبها وهدى كونها من كان هو ، بينما عض هو شِفته لثواني من حس بأنه أزعجها ؛ أزعجتك؟
هزت راسها بالنفي وقربت منه تسند راسها على صدره ، هي أمس اللي عرفت عن ولدّها ، وعن بُعده عنها ومن ساعتها مانطقت بالحرف ، بالرغم من مُحاولات الجميّع معها وبالرغم من مُحاولاتهم الكثيرة عشان تتكلم إلا إنها ماتكلمت ولا نطقت بالحرف ، بصعوبة قدرت توقف على رجولها ، بصعوبة قدرت تركب السيارة وتسلك كل هالطريّق الطويّل عشان توصل لبيتها ، هي ماشاورت أحد بخصوص حضورها لعزاء عبدالله وحضرت بدون ماتاخذ برايهم ، تعازيهم وكلامهم ومواساتهم ماكانت ترد عليها أبد ، وكانت تالا وترف هم اللي مُستلمين هالمُهمة ، ويردون عنها ، ووقت حست بالأختناق خرجت من البيت ودخلت غُرفتها ، تنام بسريرها وبذات المكان اللي ودعت عبدالله فيه ، هي تظن إنها بتتبعه لو نامت بنفس السرير ولو كانت الغرفة بذات برودها ذاك ، لكن كل ظنونها ماصارت ، هي لشدّة إرهاقها وتفكيرها غفت بدون ماتحس على نفسها ، وأول ماحست بـ الباب ينفتح صحت فيه ، لكنها ماتحركت من مكانها أبدًا ، كانت عبارة عن رماد ، كانت عبارة عن شُعله قبّل ، كانت مثل اللهيب أي مكان تحضره تحييه وتدفيّه لكنها الحين صارت رمااد ، جسدّ بلا روح وبِلا إحساس
-
~ ثالث أيام العزاء
كانت جالسة بصدر المجلس وجنب بدرية اللي ماكانت تبكي ولا ذرفت الدمعة من ساعة ماوصلها الخبر ، ماتعرف وش القوة اللي جاتها عشان تتحمّل خبر مثل هذا ، لفت بنظرها لودّ الجالسة جنبها وأنظارها كانت للفراغ وبدون حراك تمتمت بهمّس لها ؛ ودّ عيني روحي إرتاحي تعبتي واجد إنتِ
ماكانت تحس أو تسمع اللي حولها كانت حاضرة بجسدها فقط ، ووقت بدرية نزلت يدّها على فخذ ودّ هي إنتبهت ولفت لها ، سرعان مابتسمت بدرية لأن الواضح من ملامحها إنها ماسمعت شيء من اللي قالته ولذلك عادت تكرار جُملتها من جديد ، وهزت ودّ راسها بالايجاب ووقفت تلبس عبايتها وتخرج للخارج وابيت عبدالله بالذات..
-
~ بنفس المكان لكن بزاوية ثانية
جلست تولين على الكنبه بتزفيرة وتمتمت بعدها بضيّق ؛ ياروحي عليها ودّ مهلوكة مهلوكة وجهها وجسمها مو نفسه قبل ، حتى لما أحد يكلمها ماترد عليه وماتدري هو وش يقول حتى
تنهدت وجدّ لثواني ترجع ظهرها للخلف ، مو عاجبها أبدًا الوضع مو عاجبها إن اللي صار مع ملأ وخديجة رجع يتكرر مو عاجبها أي شيء يخص هالعائله بكبرها ، و زفرّت لتين لثواني تجمّع كفوفها بحجرها ؛ ماتنلام البنت يعني بالنهاية خالها هو اللي كبرها ورباها أبوها يصير !
هزت تالا راسها بتأييد ؛ لا هي ولا أنا وولا أحد من العايله يشوفه خال لها تعودنا عليه أبُ لها ، والحين هي فقدت أبوها وولدها ، أدعولها تكفون بنات
إبتسمت غصب من سمعتهم يرددون ويهمسون بدعوات كثيرة لها
؛ سمعت أنهم بيروحون اليوم لأوروبا
كانت هذّي الجُملة اللي نطقت فيها لدّن ، هي سمعت هالحكي وقت كانت تشربّ مويا بالمطبخ ، سمعت أيهم وقت كلّم ماري تجهز أغراض ودّ ، وأبتسمت تالا تهز راسها بالايجاب ؛ يسوون خير أحسن شيء لنفسيتها
هزت رولا راسها بالايجاب وتمتمت بفضول قاتّل؛ وين بيروحون يعني؟ بيطولون بالسفرة؟
ميّلت تالا شفايفها بعدم معرفه ، وتمتمت تولين بعدها بقولها ؛ إحساسي يقول بيطولون يارب ودّ ترتاح نفسيتها هناك خصوصًا إنها بتبعد عن أي شيء يذكرها فيه
كانت إنظارها على تولين من وقت ماهي تكلمّت ووقت أنهت كلامها هي اردفت بهدوء ؛ الله يصبرها يارب ، هي تعرف عن السفرة هذي؟
رفعت تالا إكتافها بعدم معرفة ؛ ماتكلمت من ساعة ماطلعنا من المستشفى حروفها ماتخرّج منها أبدًا حالها ماهو حال والله
-
~ سيارة سعود ، الليّل
كانت جالسة بالمقعد الأمامي تنتظر سعود يشيل الشنط عشان يمشون ، وكانت إنظارها على الشارع تناظر الشجر المزروع على الرصيّف ، تناظر شبابيك البيّوت حولها وتناظر إعمدة النور الموجودة بكل زاوية ، فتحت الشبّاك تستشعر نسمات الهوى الباردة تلفح على ووجها ، بالرغم من برودة الجو إلا إنها ماحست به أبدًا ، شدّت على قبضة يدّها من سمعت صوت الباب ينفتح ومن ركب هو يقفل الباب ويربط حزام الأمان ؛ تأخرت عليك صح؟ آسف .
كان يسولف معها كثيـــر بالرغم من إنها ماكانت تتجاوب معاه أبدًا ولا كانت تعطيه أي ردة فعل ، فقط ساكته حتى نظراتها له كانت غريبة وباردة برودة عظيــمة ، أبتسم لها لثواني يرجع نظره للطريّق ويحرك السيارة ؛ بنروح الليلة عند أمي والصباح رحلتنا
ماردت عليه أبد ولا أعارت موضوعه إهتمام ، لكنه كمّل ؛ بتكملين دراستك هناك بتعيشين معي لأطول مدّة ، وماني تاركك ولا ثانية بنشب لك حتى بالجامعة توافقين؟
أنهى جُملته بسؤال ولف بنظره لها ينتظر جوابها لكنها ماجاوبته أبد وظلت ساكته وأنظارها على الطريق ، مرّت دقائق طويـلة كان يعتريها الصمت ماكان عارف وش يقول أبد ولا كان عارف كيف يفتح معها موضوع ، وإبتسم لثواني من شاف مطعم موجود بطريقة ؛ ودّ جعتي؟ فيه مطعم سباقتي لو تبغين ؟
أخذت نفسّ عميّق ولفت له ، تناظر عيونه لثواني وأبتسم هو من ظنها بتتكلم ، لكنها أكتفت بأنها تهز راسها بالنفي وترجع نظرها للطريق ، هي ماتعرف ليه الطريّق صار طويّل طويّل جدًا ، ماهو نفسه أول نصف ساعة بالكثير ويوصلون لكن الحين؟ صار الطريق طويّل وهالشيء بدا يزعجها بشكل كبير..
-
~ بيّت عبدالرحمٰن
كانت سلمى تتجهز لها مُدة ، وما إرتاحت ولا ثانية ، جهزت أكل وأصناف كثيرة للعشاء ، جهزت مكان مُختلف عن مكانهم دايم ، وهالمكان كان بحديقة بيتهم الخارجية ، جنب الورد ، كان مكان شاعريّ جدًا ، وبسيّط بقد شاعريته مثلها يوصفها تمامًا تحب وتعشق البساطة ، كانت طاوله خشبيّه ودائرية، مكونه من خمس كراسي يتوزعون حولها ، ويزينها شموع وفازة بداخلها كان وردّ باللون الأزرق ، أبتسمت لثواني ترجع خطوة للخلف وتناظر المكان لآخر مره ، صار نفس ماهي تبغى وأحسن بعد ، توجهت للداخل من سمعت صوت سيارة سعود ، كانو عبدالرحمٰن وتولين بالصالة ، ووقت هي دخلت مرّتهم تناديهم يجون يستقبلونهم وفعلًا وقفوا ثلاثتهم يستقبلونهم ، دخل سعودّ وبيسارة كان شنطتها الصغيره واللي فيها اللوازم عشان تقضي هالليلة هنا، ويمينه كان ماسك فيها يدّها ، وعينه مانزلت عنها أبد ، قفل الباب وراه ورفع نظره بعدها للي تقدمت ناحيتهم ترحّب وتهليّ فيهم ، أبتسم لثواني يناظرها ويناظر أبوه وتولين المُبتسمين خلفها ؛ الله يبارك فيك يمّه الله يبارك فيك
أبتسمت هي تتقدم ناحية ودّ ، تحتضنها لثواني وبعدت بعدها تناظر ملامحها بالرغم من تغيرها الشديد إلا أنها مابيّنت ولا وضحت إستغرابها من ملامحها أبد ؛ نورتي دنياي ياودّ نورتيني
بصعوبة كبيرة قدرت تجبّر عضلات وجهها على الأبتسام كانت تشدّ على عبايتها لشدّة ربكتها بهاللحظه، وتمتمت سلمى بإبتسامة ماغابت أبد ؛ ادخلي ادخلي داخل ، جوعانين الحين يمه تبغين تاكلين الحين؟
هزت راسها بالنفي ، وأبتسمت سلمى ؛ مايصير كل ماقلنا شيء عييتي ، تعالي شوفي إنا وش مجهزة لك ، متأكده بتنفتح شهيتك وقت تشوفين !!
كانت تشوف مُحاولاتها بأخراجها من حزنها وممنونه هي لهالشيء لكنها تحس بضيّاع كبيّر تحس بأن مافيه أحد قادر يشيّل حزنها غير ربّ العالمين ، خرجت معها للحديقة بينما عبدالرحمٰن وسعود ظلوا بالمجلس يتكلمون بخصوصها هي وبخصوص السفر وحياتهم بالخارج واللي مايعرفون مُدتها أبد ، جلس سعود على الكنبه المُنفرده الموجوده بالصاله وجلس عبدالرحمٰن على أقرب كنبه منه ؛ إذا أحتجت شيء لا تتردد ، وأذا أحتجتنا جنبك علمني
هز راسه بـ الايجاب يشبك أصابعه ببعض وينزل نظره للأسفل ؛ يبّه بصدقك القول هالمرة .... أنا.. خايف
كان مذهول تمامًا منه ، مذهول بأنه أعترف بخوفه وهو بعادته وقت يخاف يخاف بداخله ولا يعترف لأحد ، ووضح على ملامحه الأصغاء الشديد ، يركز بكل حرف يقوله ، أنظاره ما أنزاحت عنه أبد كيف كان منحني ظهرة ، وكيف كان يفرك يدّه من ربكته ، وكيف كان صوته يرجف ، وكيف كانت عروقه تبرز ؛ خايف عليها خايف تتعب ولا اقدر أسوي شيء خايف أبقى مكتوف اليدين ، خايف من ضعفي قدّامها خايف من دموعها يايبه
رفع يدّه يربت على كتفه ، وأنظاره ما إنزاحت عنه أبد ؛ ربك معك ومعها ياسعود ربك أقرب مني ومنك لها أدعِ لها وأقرأ عليها ، رتّل القرآن عليها ، ولا تتركها لحالها ، ترى الفراغ هو أول الضياع ، لو بقت لحالها بتفكر به بتفكر وإنت ماودك أن ذا الشيء يصير
هز راسه بالايجاب وأبتسم لثواني يرفع نظره له يثبت نظره وسط عينه لثواني ، وكان بينطق لو ماداهمه صوت تولين اللي كانت واقفه قدّام الباب الخارجي الخاص بالحديقه واللي كانت تصرخ بأساميهم تناديهم على العشاء
-
"عطوة حقه لايصير بينا زعل أعوذ بالله من زعل شوق 🤍"
أنت تقرأ
ياوش بقى بعطيك مني ولا جاك ماباقيٍ الا روحي احيا بها لك
Puisiانستقرام rwiloq لا أُبيح أقتِباسها أبدًا