وكأن يوجد جمرة من النار داخل قلبها، لم تنجح في أي شيء، لقد فشلت في تكوين عائلة، وفشلت من جعل أحد يحبها، وفشلت في إبقاء الجميع حولعا، فشلت بكل شيء وبجدارة.
فمنذ عودتها من المقهى وهي تنظر للأمام بشرودٍ غير واعية إلى التي تحاول التحدث معها وجعلها الإندماج رفقتها.
تنهدت "ملك" بحزنٍ على حالتها ومن ثم رفعت يدها لتضمها إليها بعناقٍ طويل حتى شعرت بإهتزاز جسدها وصوت شهقات صدرت منها.
نبست "ملك" بنبرةٍ مختنقة وهي تربت عليها:
_ يا هداية علشان خاطري وخاطرك بلاش تعملي في نفسك كدا، إدي لنفسك فرصة تهدي يا بنتي حرام عليكِ نفسك دي هتتحاسبي عليها، إدوا لنفسكم فرصة تصلحوا اللي بيحصل وبعدين لما يرجع اقعدوا اتفاهموا.رفعت "هداية" رأسها بأعينٍ ذابلة تجيبها بضعفٍ:
_ لو رجع يا ملك، وحتى لو رجع هيكون نساني خلاص وشاف حياته وهقعد أعاني زي كل مرة من أفعالي، سفيان اللي حسيته فعلًا عاوزني أبقى كويسة بيعمل أي حاجة علشان يضحكني بس، وأنا زي المتخلفة أتخليت عن كل دا، مش عارفة كان عقلي فين وأنا بعمل كدا.ردت عليها "ملك" وهب تكاد أن تبكي عليها:
_ يا هداية كفاية بجد والله كدا، احنا مابنعلمش الغيب والعياذ بالله اصبري واحتسبي دا عند الله واعتبريه بلاء ربنا بيختبر صبرك بيه فقومي صلي يلا.أومأت لها "هداية" على مضضٍ وهي تتجه نحو غرفتها تقف بين يدي الله تشكي له عن همها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان قد أستقر هناك بعدما تأقلم مع طاقم العمل بالمشفى الجديدة ووجد الجميع بعمله بتواضعٍ كما حدث في عمله السابق.
دلف إلى الغرفة المخصصة بالعناية المركزة يتابع أحوال المرضى وقد أبتسم لزملائه كتحيةٍ لهم.
وقف أمام المريض وهو يجد طبيبة أخرى تفحصه بعمليةٍ ليتساءل بإستفسارٍ:
_ إيه الوضع يا دكتور سُمية.رفعت الطبيبة بصرها نحوه، فأبتسمت بخفةٍ وهي تزيل السماعة الطبية تجيبه بتوضيحٍ:
_ في تحسن الحمدلله بس لسة عاوز متابعة.أومأ لها "سفيان" وهو يفحصه أيضًا بتركيزٍ ومن ثم أبتعد وهو يخلع القفازات الطبية مردفًا:
_ هنحتاج نزود المتابعة عليه علشان نتطمن أكتر إنه ماحصلش مضاعفات، عن إذنك.أومأت له الطبيبة وهي تنظر إليه يغادر من الغرفة وعلى شفتيها إبتسامةٍ حالمية لم يدرك لها فهو قد أتى هنا حتى يعمل ويشغل باله عن التفكير بها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعدما أنتهت من صلاتها كانت "ملك" قد قامت بتحضير الغداء لتطعمها نظرًا لأنها لم تتناول شيئًا منذ الصباح.
ظلت تمضغ الطعام داخل فمها وعقلها شاردًا به فحاولت إيجاد حلًا حتى يعودان لبعضهما ولكن قد توقف العقل عن العمل ليسنح له البعض من الراحة.
قاطع تناولهما الطعام صوت رنين جرس الباب فنظرت "ملك" لها بتساؤلٍ:
_ مين اللي بيرن دا؟ أنتِ مستنية حد؟نفت "هداية" برأسها وهي تجيبها بتعجبٍ أثناء وقوفها متوجهةً نحو الباب:
_ لاء مش عارفة مين اللي هيجيلنا أصلًا.ذهبا الفتاتان معًا وقامت "هداية" بفتح الباب ليظهر رجل طويل البنيان يقف أمامهما بشموخٍ بحِلته السوداء وخصلات شعره المزيج بين الأبيض والأسود نظرًا لدلوفه عقده الخامس وخلفه رجلان من رجال الحراسة.
دققت "هداية" بملامحه حتى أتسعت مقلتيها بشدةٍ ترمقه بعدم تصديق، بينما هو أزال نظارة الشمس خاصته من على عينيه لتظهر عيناه التي تشابه عينان "هداية" وأردف بنبرة عادية تخلو من الحنان:
_ إزيك يا هداية؟نطقت "هداية" بعدم تصديق وقد خرجت الكلمات منها يشبه بهمس ضعيف:
_ ب.. بابا!!!#مُدَاوِي_هَزِيمَتِي
YOU ARE READING
مُدَاوِي هَزِيمَتِي "قيد التعديل"
Romanceمداوي جروحي وسط تلك الحروب، مداوي هزيمتي وسط تلك الإنتصارات، أرى في عينيك نظرة الإصرار والعزيمة مثل الجندي الذي يحارب لأجل وطنه أرى بأنني بمثابة وطنٍ غالٍ وأنتَ تحارب لأجله بعزم ما بكَ حتى ترى أعلامه ترفرف بحريةٍ فها انا قلبي يرفرف مثل العلم عندما أ...