الـفـصـل الـثـالـث و الـسـتـون

7.2K 393 268
                                    

صباح الخيرات عليكم جميعا..اعتذار بسبب تأخر الفصل لكن عند التدقيق اكتشفت ثلاث مشاهد مختفية ولا اخفيكم سرا الازمة النفسية الي دخلت بيها..

فصل اليوم هادىء جدا ..تمهيدي للنقلة القادمة لجميع الثنائيات..بين السطور كالعادة يوجد الكثير لذلك هو فصل مهما بلغ هدوئه و رتابته.. يبقى فصل يحتوي حتى على بداية ظهور شخصيات و نسيت ان احيا...

ما ممكن اختزل حدث و اعبر وقت لان شخصيا اشوف هذا امر بالغ الركاكه..لذلك نسير بهدوء متزن نحو النهاية

قراءة ممتعة و نبذل الجهد ان شاء الله يكون لقائنا قريب جدا..

*******************************

(أراك عصيَّ الدمع..شيمتك الصبر)

الهدوء يلف المكان بشكل مزعج مبالغا به.. و الممر الملتمع بأرضيته الرخامية فارغ بأنارة خفيفة جدا توزعت على ابواب غرف المرضى المتباعدة.... فيثير في النفس انقباضة و رغبة في الهروب خارج جدران هذا المكان الساكن الموحش في مثل هذا الوقت من المساء...

جميع ابواب الغرف في الممر الطويل مغلقة او مواربة ... الزيارات ممنوعة في مثل هذا الوقت ..فالساعة تجاوزت السابعة مساء.. و قد قدمت وجبة العشاء الساخنة منذ ساعة تقريبا..فالحياة هنا تمر رتيبة لا تخطأ مواعيدها على الغالبية.. النهار يحمل متابعة طبية..بين فحوصات و اشعات سينية مهمة.. و المساء يحمل النوم و الاسترخاء حيث يكونا امرا واجبا..

وفي الغرفة الواسعة الانيقة التي يرقد فيها قيس كان الوضع مختلفا قليلا... فالانارة نوعا ما خفيفة و قد فتحت النافذة على مصراعيها مرحبة بنسمات الربيع العليلة التي تحمل رائحة الخزامي المزروعة قصدا في حديقة المشفى بشكل مكثف اضافة الى ازهار الليلك غنية الرائحة والتي عبق عطرها هذه الليلة بشكل ملحوظ ..فالليلة مقمرة...ربيعية بامتياز.. و على سريره جلس قيس مسنود الظهر تحيط به الوسائد من الجانبين.. يرتدي زي المشفى بقميصه الابيض القطني و قد غطى جسده بشرشف ابيض خفيف... يضع امامه جهازه المحمول و قد ارتدى نظارة طبية بات يستخدمها مؤخرا.. يدون شيئا ما بهدوء و سكينة يرافقه صوت التلفاز الخفيض المعلق امامه يبث احدى الافلام الاجنبية الحديثة.. ليقاطع جوه المعتاد طرقات خفيفة و دخول الدكتور حازم بصحبة احدى الممرضات.. فيبتسم قيس وتبقى اصابعة ساكنة فوق لوح جهازة المحمول منتظرا دخول طبيبه المختص اكثر... فيبادر الدكتور حازم باسما بلهجته العراقية الواضحة
- مساء الخير...حبيت امرك قبل ما اروح
فيومىء قيس برأسه باسما بهدوء و يسترخي في مكانه اكثر قائلا
- مساك الله بالخير و السرور دكتور...جنت منتظرك.. فيبتسم حازم برزانه و يشير للممرضة المساعدة باسما قائلا بلغة اخرى
- قومي بعملك ثم ينظر لقيس متفحصا يسأله بعد وقتا من الصمت
- قررت؟ فينظر اليه قيس متأملا..وقد سلم ذراعه للمرضة كي تقيس ضغطه الذي بدأ في الاعتلا منذ فترة..
- احتاج معلومات اكثر دكتور..اجابه بهدوء.. فيومىء حازم برأسه بتفهم و يتأمل حركة الممرضة الروتينية حول قيس منتظرا انتهائها.. حتى غادرتهم باسمة تدفع عربتها الخاصة..عندها جلس حازم بهدوء على الكرسي مقابل قيس.. ملامح وجهه تحمل وسامة شرقية ...صلبة حازمة وله من اسمه كل النصيب.. ردائه الابيض ابرز تناسق جسده الذي يميل للنحافة رغم اتساع صدره.. شعره اسود ناعم خالطه بعض الشيب فزاده وقارا و اتزانا واضح..نظراته حادة يقظة تنم عن الذكاء و الكثير من التحكم اضافة الى انها خاوية..باردة..لاحرارة فيها.
- قريت تقرير اليوم... و تريد رأيي قيس؟؟....تحتاج للي گتلك عليه..فيرد عليه قيس بنبرة هادئة متزنة تماما
- و انه ما عندي مانع..احتاج افهم بس دكتور.. ما اسلم نفسي دون ما افتهم.. حسب ما وصلني ما متفقين بينكم كأطباء اختصاص!
- انته واثق مني لو لا؟ تساءل حازم بثقة... و رفع قيس عندها انظاره الهادئة اليه ليجيب بعد وقتا من الصمت
- وين الخلاف بينكم..احتاج اعرف حتى احدد؟
يسترخي حازم في مكانه و يراقب بهدوء شديد اصابع كفه ليقول بعد وقت
- اطرح الثقة بيه قيس ولا تسأل.. اني اختلف عن الاطباء هنا... بعض الامور ينظرولها بشكل طبيعي و عادي بحكم طبيعتهم و بيئتهم و اني افهمك.. ما اريد بعد كم سنة تفقد مقدرتك على الانجاب ولا اريد يصير عندك خلل او عجز.. فيطلق قيس صوتا ما ساخرا و يبعد بحركة نزقه شعره الذي استطال قليلا الى الخلف..ثم يطلق تنهيدة متعبة و يرمق حازم باسما بنظرة غريبة مبهمة فيقدر حازم كل ما يمر به تماما
- گاعد بمكاني دكتور...اي تحسن تتوقع اشوفه؟؟.لو ما تقره تقريري عدل؟
- مؤقت..قاطعة حازم بثقة ليكمل بعد برهه
- الي تمر بي مؤقت.. لذلك تصميمي تبقى تحت الاشراف و تبقى تحت رعايتي قيس رغم انته خلصت تقريبا...بس ثق بيه العملية هذي اني واثق منها.. عصب بسيط قيس بس يلعب دور ما تتصوره انطيني مجالي لان هذا ملعبي....
يبقى قيس يراقب ملامح حازم الثابته.. فيهز رأسه ماطا لشفتيه بعدم اهتمام
-اكو ضرر اكبر من وضعي هذا دكتور؟؟
- راح تمشي قيس اخذها مني.. جسمك متعاون تماما بس اصبر.. بالطب نگول هنا الاصابة قبلت العصب قبلة.. راويتك الصور سابقا و انته بنفسك شفت القرب...اقل من شعره و هذا كله اله اضرار.. الداعمات الي طلبتهن وصلن و بشكل متقن ما تتصوره... عمليتك هذي مو بس اني مسؤول عنها.. ثنين من الاطباء المخضرمين هنا مشرفين ويايه.. و حتى ترتاح.. تقريرك دزيناه لاكبر مستشفى متخصص بهذا النوع من العمليات.. ما وصلنا اي تعليق سلبي بالعكس.. التوقيت مهم قيس و اني اشوف هسه انسب وقت.. بعدها لازم راحة تامة و نبدي نوع ثاني من التمارين..
- تعبت من العمليات دكتور قالها قيس بأقرار و قد اطرف بنظرة نحو كفية و عقدة تكونت بين حاجبيه ...
- وعد هذي الاخيرة.. اسمع مني..مكانك مو كرسي قيس.. قالها حازم باقناع تام وقد تقدم بجسده ناحية قيس..
-ما اوعدك خلال سنة تگوم تركض..بس هالعملية نتيجتها مضمونه و كلما تمر فترة و تبقى على النشاط الي اني راسمه كلشي راح يرجع لمكانه.. ياخذ وقت صحيح بس واثق تماما راح تتخطى الي تعاني منه هسه.. و انته رجل مؤمن و الايمان هو سر النجاة و انته ادرى اكيد
- المطلوب مني؟
- موافقة..صبر..مثابرة.. و.. فيقاطعة قيس بنبرة باردة و قد بدأ بأبعاد الطاولة المتحركة من امامه
- المؤشرات بعدها مثل ماهي؟
يصمت حازم وقتا ثم يومىء برأسه
- لا تفكر...التفكير يأثر قيس.. اترك الموضوع الى الان ما واضح شي
- العملية تأثر بهذا الجانب؟ يسأل بألحاح لا يتخلى عنه
- مية بالمية.. نجاتك معجزة قيس و ارجع و اگول انته شفت بنفسك الصور و المعجزة بأيمان مطلق مني دائما تكون كاملة..تتعب ..تتألم هسه بس يقين هي مرحلة و تعدي
فيومىء قيس برضا.. و يتنهد حازم يشد على كف قيس الساكن
-راح اسجل موافقتك و باجر ان شاء الله امرلك ويه طبيب متخصص ثاني..حضر نفسك باقرب وقت قيس...يجوز اقل من اسبوع لان كلشي جاهز ان شاء الله... فيومىء قيس مرة اخرى بتفهم.. و احساسا بليدا بات يلازمة..يومه مثل الامس مثل الغد..لا جديد..رفيقه الصمت.. والمؤنس الوحيد الان..عمله...الذي يغرق فيه رغم بعد المسافة بينه و بين الوطن..الا ان هذا ما يسليه فعليا في الوقت الراهن...ينتشله من واقع مرير وجد نفسه فيه فجأة.. هو الصاخب المتحرك دوما..يرى نفسه بين ليلة و ضحاها عليلا..يحتاج لمساعدة في ادق تفاصيله اليومية..

ثَأري..فَغُفْراَنَكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن