قبل عقد القرآن بيومين... بغداد الحبيبة
صوت تسمعه متباعد وخيالات مزعجة تراها فوق رأسها.. ثم هدوء جديد فتغرق مره اخرى دون ازعاج في سباتها العميق.. تطفو على غمامه غريبة مخدرة لجميع حواسها...
حتى مر الوقت وشعرت بيد حازمه قوية تبعد غطائها عنها.. فتتنهد بملل وهي تقول بين الوعي واللاوعي
- نعساانه بعدني... و تعود و تغرق بنوم لذيذ فتسمع صوت ايمان صارخا
- والله العظيم إذا ما تگومين هسه اسحبج سحب للماي و ما يهمني لابسه ملابس لو نازعه...حلاااااا.. فتتململ حلا في سريرها وهي تشعر ان اجفانها ملتصقه تماما فتمتد يدها بخدر لذيذ تدلك عينيها وهي تطلق تنهدا رقيقا تهمس بصوت مبحوح
- اوه صوتج.. صوتج ايمان .. فترد ايمان بنزق وهي تسحب غطاء حلا ولا تبالي بعريها
- فهميني شمسوية بنفسج؟ ساعات اگعدج و قبلها كسروا الباب عليج و انتي بعالم ثاني...گوووومي ...فتفتح حلا عينيها اخيرا وهي ترمق ايمان الواقفه امامها بملامح متجهمة غاضبة تماما.. تعود و تغمض لوهلة فيصلها صوت ايمان مهددا
- و تالي؟
- شبيج..هيجي يگعدون النايم؟
- تدرين الساعة شگد؟ گومي لا اطلع قهر الدنيا بيج.. خالة متخربطة من وراج و اخوج فارس كم مرة راد يشيلج يدخلج جوه الماي .. ولج ساعات يگعدون بيج وانتي ماكو .... گومي راسي يوجعني من وراج .. فتنقلب حلا على جانبها وهي تسحب غطائها .. تهمس بلا مبالاة
- عادي فتقاطعها ايمان وهي تخلع حجابها و سترتها الرسمية بسرعة غير مبالايه وتسحب غطاء حلا مره اخرى تقول بصوت حازم وهي تمد يدها لها
- گومي فضيني.. هسه قريب صلاة العشى... الج قريب العشرين ساعه نايمه.. ثم تسحب كف حلا فتتوجع حلا وهي تستقيم اخيرا في جلوسها... تقول في وجوم
- انطيني شي استر نفسي بي.. فتتحرك ايمان متجهه نحو حمام الغرفة تجذب مأزر الحمام تقذف حلا به قائلة بحزم لا يفارق صوتها..وقد تبينت حلا نبرة عاتبة غاضبه ايضا في صوتها
- لبسي بين ما اجهز حمامج.. تومىء حلا بصمت وهي تشعر بالخدر لا زال يقيدها .. تنهض ببطىء شديد و ترنح فتمسك رأسها في هوان وهي تشعر بالدوار لثواني ... و موجة غثيان تصاعدت تكاد تخطف انفاسها..فيصلها صوت ايمان محايدا
- اخذي حمام وخلي الباب مفتوح حلا... فترفع حلا حاجبيها بسخرية وهي تقول بوضوح ساخر
- صار ماما
- وسم.... حتى الضرب ما يشفي غليلي بيج على الرعب الي عيشتيني بي... فلا تتلقى جوابا سوى هزة رأس ساخرة من حلا التي توجهت ببطىء لحمامهابعد وقت
تقف قرب طاولة الزينة تراقب صديقتها وقد فاحت رائحة القهوة في الغرفة.. ترى حلا امامها قد سحبت ثوبا اسود قطني طويل ارتدته دون قطع اخرى وقد سحبت المنشفه من الاسفل.. فأنسدل الثوب طويلا ناعما يبرز انوثتها رغم نحافتها ... تهز ايمان رأسها حيرة فحلا متغيرة تماما... تشعر بها لا مباليه باي شيء حولها..... تعود و تنظر اليها... حتى صمتها و جمود ملامحها مثير لقلقها.. تراها الان ترفع شعرها بأهمال بكعكة كئيبة ابرزت جمال وجهها... وجنتها مرتفعة الان بسبب ضعفها وفقدان وزنها... وعينيها باتت متسعه اكثر رغم سحبتها و رفعتها.. انفها رقيق دقيق بارنبة معقوفه مرتفعه قليلا.. تقترب منها حلا باسمه وهي تقول ببرود
- اول مرة تشوفيني؟
- اول مرة اشوفج بلا حيا... ولج تبدلين گدامي؟ فتضحك حلا برقة وهي تتناول كوب القهوة الداكن ترتشف منه جرعة كبيرة وقد صدمتها قوة ومرارة الطعم.. فتقول متذمرة
- شگد مخلية لخاطر الله.. هسه معدتي تأذيني فترد ايمان بشماته
- حيل و عساج ازيد.. شماخذه حتى هيجي نايمه؟ حلا شتفقنا؟ فلا يصلها اي رد منها عدى نظرات متحاشية استفزتها فعادت تكرر وهي تقترب تمسك كوع حلا
- احجي وياج اني؟ شنو ماخذه لان نومج مو طبيعي.. ربج جنت ماره لهنا علمود اسلم كم شغلة دازتهن امي لخالة والا الله يعلم شجان صار. تصمت قليلا وهي ترى حلا صامته.. فتردف بنبرة عاتبة
- خالة كم مرة اجتج و اخوانج هم.. فارس متحلف بيج لان اتفقنا المهدىء تتركي فتقاطعها حلا ببرود وهي تضع كوبها و تسحب هاتفها المغلق
- مالهم علاقه بيه.. اني حره و بكيفي .. بعدين نسيتوا اني صيدلانية و اعرف شاخذ؟ جسمي ما متعود على هالنوع لذلك فتقاطعها ايمان بحدة
- يعني ماخذه؟ و نوع ثاني؟ فتزفر حلا بملل وهي تفتح هاتفها و تضغط كلمة السر.. تنظر ايمان اليها بعجز محتار متألم... صاحبتها تدمر نفسها ببطىء و قبل ان تضيف شيئا اخر.. انهالت ارتجاجات على هاتف صاحبتها بشكل متواصل مزعج.. و كانت ملامح حلا مغلقه وهي تتابع الشاشة الصغيرة وقد ابتلعت ريقها وهي تزم شفتيها ببعض التوتر... فلم تملك ايمان سوى السوأل بفضول
- شبيج؟ شنو هالاشعارت الخبصتنه.. تكتم بقية كلامها وهي ترى برودة ملامح حلا وعدم اهتمامها.. تضع الهاتف على طاولة الزينة وقد قلبته على وجهه.. فوصلت الرسالة واضحة لايمان بعدم التدخل.. الا ان ايمان لم تستطع الصمت اكثر.. حلا صديقة طفولة وصبا... اختا لم تنجبها امها.. انما صهرتها الايام معها بحلوها و مرها..
- حلا فهميني شنو الي يصير وياج؟خليني اساعدج.. شنو رأيج تشتغلين ...فتحي صيدلية ..هذا مو كان حلمج؟؟ او كملي دراسة.. انتي مو طموحج ماستر؟ مو كنتي تحلمين بالدكتوراة؟ تعود و تتأمل حلا بحنان مرهف.. تقترب اكثر وهي ترى نظرات حلا الهادئه الباردة.. فتكمل وهي تتلمس ذراع حلا تقول بلين ورقة
- حلا.. الموت مكتوب علينا..اذا مو اليوم..باجر.. لا تخلين الفقد يدخلج بدوامة ماراح تطلعين منها.. دائما اكو باجر.. و بعد الليل يجي صباح.. ما عرفتج ضعيفه... فتبتلع حلا ريقها وتبقى على صمتها.. لتكمل ايمان بخفوت مراعي جدا
- احجيلي و فضفضي.. فهميني شنو يصير وياج.. كلامج قاسي ويه الكل.. غرفتج هذي ما تطلعين منها.. اكلج معدوم فتهمس لها حلا بارتعاش
- اني ما مرتاحه.. ثم ترفع انظارا باكية متألمه لايمان و تكمل وهي ترفع كفا مرتعشا لصدرها
- هنا اكو شي يوجعني..حيل يوجعني ايمان.. غصة ما تطلع ولا تروح مني.. تحرمني ليلي..و تفسد عليه متعة نهاري.. تحكمني مثل حلقه تضيق و تضيق..حد ما تگطع نفسي .. تبكي ببكاء رقيق وتكمل بهمس مبحوح خافت جدا..
-اني اريد اخوتي.. اريد ابوية.. ادفع عمري كله بس ترجع دقيقة وحده وياهم.. ادري غلط ادري جنون بس اني ما اگدر اكمل.. اكو شي توقف عندي.. فقدت متعة كولشي.. حزن يا ايمان.... حزن هنا و كأبة هنا.. قالتها وهي تشير على قلبها و صدرها.. فتبكي ايمان معها.. تحاول جذبها اليها الا ان حلا ترفض وهي تقول برجاء
- سمعيني بس لان اني هم تعبت... تلوموني ليش انام؟؟ كولشي حولي مختلف... مختلف واني احس بوحشة... الشي الوحيد المريح الي هو النوم.. انام و ما احس بشي بعد.. و وداعتج حتى النوم معاندني.. عدوي مايريد راحتي.. تصمت بتعب وهي تضع ظاهر كفها على انفها تهدىء نفسها..كانت اترف من ان تتحمل ثقل الفقد..
أرق من ان تتحمل وحشية مخالبه القاسية التي تنهش روحها ببشاعة.. فتشوه كل جميل زاهي.. تحوله الى رمد... تشعر ان الدنيا لم تنصفها.. والدها حييب قلبها رحل عنها باكرا.. باكرا جدا. و يرق قلب ايمان كثيرا لهذه الحزينة الشاكية امامها .. تقول مواسية
- تردين نراجع طبيبه نفسيه.. فترفع حلا نظرات عاتبه موجوعه وتضحك بتعب باكي
- اني!
- انتي مثقفه و تعرفين. احيانا نحتاج طبيب نفسي يساعدنا حتى نتخطى و نتجاوز عن امر نفسي يتعبنا وانتي ياحلا تعبانه و متعبه الي حولج.. فتهمس حلا مقاطعه
- اريد ناري تطفى.. تدرين شنو أصعب شي عندي؟ فتصمت ايمان وهي تنظر في عينيها دون ان تحيد.. تشعر جيدا بما تقوله حلا.. فتكمل حلا بهمس حار و مشاعر واضحة
- أصعب شي من اشوف كتال ابوية و اخوتي بعده يمشي على رجليه.. بعده القصاص مو يمه ولا راح يناله.. أصعب شي من اتخيل القتلهم ياكل و يشرب و يعيش حياته و هو سلبني عزاز روحي.. اخذ اعز ما عندي بدنياتي... و مع الأسف محد يحس بناري.. فتقاطعها ايمان بتصميم
- لا تگولين هيجي.. اخوانج لازمين جمره بيدهم.. لا تتوقعين الامر سهل عليهم.. خالة فقدت زوج و اولاد و قبلهم اولاد ثنين .. حلا الدنيا ما تدور عليج بس.. حبيبتي فدوة اروحلج انتبهي لغيرج .. تدرين خالة اليوم تخربطت من خوفها عليج .. و كالت بصريح العبارة انتي تحتاجين طبيب نفسي و كلنا وياها.. فتضحك حلا بسخرية وهي تقول
- يعني سويتوني مجنونه؟؟ ليش اني شسويت؟
- شنو دا تاخذين؟؟ سألت ايمان بوضوح مباشر.. فتصمت حلا وهي تتشاغل بطاولة الزينة..تعلم انها ربما دخلت مرحلة الخطر لكنها تتحكم بنفسها جيدا.. .. فتكرر ايمان سوالها
- جاوبيني حلا؟ بينا اتفاق و اخوانج بوقتها حجو وياج و اتفقنا بلا أدوية.. و اني شكد حجيت بوقتها و اتفقنا اضرارها اكثر من نفعها خاصة وانتي جسمج تعود على العادي هسه لازم تصعدين اعلى بالمهدىء و اساسا ماله داعي.. حلا والله ماله داعي.. ياعمري شغلي روحج... تدرين شلون؟ تعالي ويايه اوديج لملجأ ايتام اني اروحله تطوعي... تعالي ويايه و شوفي شلون راح ترتاحين نفسيا.... حلا .... المؤمن قلبه مطمئن... انتي ليش هالشكل صايرة؟ عمو احمد لو عايش ...يرضى بوضعج هذا؟ فتزفر حلا بتعب وهي تدلك جبينها و بداية صداع تشعر به.. تمتد يد ايمان اليها ترفع وجهها الجميل حتى في حزنه... و تنظر الى عينيها الذابلة الغائمة... تكمل بشيء من الشفقة و الكثير من العطف
- الله الله بأمج حلا... خافي الله بيها لان خالتي تعبانه.. تردين تخسريها؟ و تبقين بحسرتها؟تبقى حلا للحظات تنظر إلى ايمان.. كأنها تود قول شيء ما.. تعترف بشيء ما.. الا انها فضلت الصمت لتقول بعد وقت وهي تتحرك مبتعده عن ايمان تحمل بيدها كوب قهوتها المر
- امي ما تسمعلي...تخاف احجي حجاية و أثير حمية اخواني..ماتدري لو بح صوتي ماراح يسمعوني... كلمة امي هي التمشي.... بنظر الكل هي الصح.. و اني محراك شر بالموضوع... تتنهد حلا وهي تجلس على سريرها تكمل بتعب وهي تمدد ساقيها امامها
- روحي ايمان..الوقت تأخر عليج حبيبتي.. لا يظل بالج.. اني بخير و امي شوية و اطلع اشوفها
- لا تعانديها و كوني لينة حلا.. الله يخليج شنو تحجي الله يحفظها..گولي صار و تم.. فتومىء حلا برأسها على مضض.. تعلم ان والدتها ستسمعها كلاما قاسيا مؤلما.. ولا تلومها.. تعلم هي نفسها انها باتت تتخطى الحدود بحقدها و قبح نفسها.. لذلك اقدمت على تلك الخطوة امس.. ليحمل ذاك المتغطرس قليلا من حملها... ليتذوق من كأس مرارتها.. اخيه هارب؟ لا بأس.. سيكون هو البديل المرضي لها حتى حين..
أنت تقرأ
ثَأري..فَغُفْراَنَك
Fiksi Sejarahالتقى بها في منام...غزالا شارد هجع في احضانه و استكان...ثم كان لقاء الواقع امرا آخر .. جذوة اتقدت من نظرة فكان العشق الفريد ..نوعا لا يتكرر في العمر سوى ..مرة .....فارادها هو بقوة ..حد السعي..الا انها كانت بعيدة..كبعد الخيال عن الواقع...خطان..لا ي...